رئيسيةتقارير السياراتتقارير النفطسياراتنفط

الطلب على البنزين.. 5 عوامل تحدد مستقبل وقود سيارات الاحتراق الداخلي

تنبّأت وكالة الطاقة الدولية بأن الطلب على البنزين -وقود السيارات الخفيفة- قد وصل إلى ذروته، بالتزامن مع الوعود والتنبؤات بإعلان شركات صناعة السيارات العالمية التحول التدريجي نحو السيارات الكهربائية.

وأشارت الوكالة إلى أن الطلب على البنزين -وقود سيارات الاحتراق الداخلي- لن ينمو لمستويات ما قبل جائحة كورونا، مدفوعًا بالتوجه القوي في السياسات الحكومية والتطور التكنولوجي للبدائل.

وفي حال صَحت التنبؤات؛ فهذا مؤشر خطير لما قد يبدو عليه مستقبل الطلب على النفط، بتوقف النمو على أهم مقوماته الرئيسة؛ إذ يشكل الطلب على البنزين نحو ربع حجم الطلب على النفط تقريبًا، وهو ما قد ينتشر إلى بقية مشتقات النفط.

وتسوق الوكالة جملة من المسوغات وراء صوابية تنبؤاتها كزيادة كفاءة محركات الاحتراق الداخلي والسيارة التقليدية بشكل عام، والانخفاض المتصاعد للتكلفة الكلية للسيارات التي تعمل بالبطارية الكهربائية ودعم ترقيتها من صانعي القرار باعتباره حلًا مساهمًا في كبح التغير المناخي.

ومن بين العوامل تباطؤ الطلب على شراء السيارات الجديدة بشكل عام بين الجيل الجديد من المستهلكين، وكذلك تغير عادات المستهلكين في الترحال للعمل والتسوق والترفيه، وهو الأثر الذي يمكن أن تكون تركته جائحة كورونا في العمل عن بُعد والتسوق الإلكتروني والترفيه المنزلي.

افتراضات غير واقعية

الملاحظ أن جملة المسوغات التي قدمتها وكالة الطاقة الدولية هي افتراضات لا يمكن إثبات صحتها بالقطع، وكذلك لا يمكن تجاهلها، في الوقت نفسه، إلا أن التأكيد الجازم على استحواذ السيارات التي تعمل بالبطارية الكهربائية على نصيب كبير من حصة السيارات التقليدية، قد لا يكون مُبررًا، خصوصًا مع ارتفاع تكلفتها حاليًا لارتفاع أسعار المعادن الداخلة في صناعتها كالليثيوم والنيكل.

للوصول لصورة أوضح حول مستقبل الطلب على البنزين -وقود السيارات الخفيفة-، لا بد من مناقشة الأسباب المذكورة؛ فهي بلا شك القوى المثبطة لنمو الطلب، وفي التقرير التالي نستعرض بالتفاصيل الأسباب الـ5 التي يمكن أن تؤدي دورًا رئيسًا في خفض الطلب على البنزين.

صناعة السياراتزيادة كفاءة استهلاك السيارات الخفيفة

يبدو أن هذه الأنظمة ستمضي قدمًا في تخفيض استهلاك كمية الوقود لكل وحدة مسافة؛ فمن المتوقع أن يُطلب من صانعي السيارات زيادة متوسط كفاءة الوقود بنسبة تتراوح بين 1.5 و3% سنويًا من عام 2021 إلى 2030.

وستؤدي زيادة معايير كفاءة استهلاك الوقود إلى فرض تكاليف أكثر على كل من المنتجين والمستهلكين، وستقلل بلا شك كمية الوقود المستهلكة على المستوى الوطني، على حساب زيادة أسعار المركبات المبيعة.

هذه الإجراءات من المتوقع أن تقرب الوقت الذي قد تحقق فيه السيارة الكهربائية التكلفة التعادلية، في سياق متصل، ستكون لهذه السياسة تبعات على رفاهية المجتمع.

انخفاض نمو مبيعات السيارات الخفيفة

يبدو أن الانخفاض في مبيعات السيارات يعتمد بشكل كبير على العوامل الأساسية، مثل نمو الدخل وأسعار النفط الحقيقية، وعادة ما يتحرك النشاط الاقتصادي في صناعة السيارات في صف واحد مع دورة الاقتصاد الكلي، وقد يتغير ذلك عندما تتغير تفضيلات المرشحين لامتلاك السيارات، أو ضعف تمويل امتلاك السيارات.

فمثلًا، كان الانكماش في صناعة السيارات في أواخر عام 2008 عميقًا ومتزامنًا للغاية مع الانكماش الاقتصادي الحاصل؛ إذ يضعف ارتفاع تكلفة الائتمان القدرة على الحصول على قروض السيارات بشروط ميسورة؛ ما يُسهِم في تأجيل عمليات الشراء.

بالإضافة إلى ذلك؛ فإن تزايد متوسط عمر المركبات الذي لوحظ مؤخرًا ربما فضلت السنوات الأخيرة هذا السلوك، كما قد يكون تزايد عدم اليقين المحيط بالتطورات الاقتصادية بالمستقبل وراء تشجيع المستهلكين على تأجيل مشتريات السيارات.

ومن المرجح أن تتباين الاتجاهات المستقبلية في مبيعات السيارات بين الدول بشكل كبير. في البلدان المتقدمة، من المرجح أن يكون نصيب الفرد من ملكية السيارات قد وصل لمرحلة قريبة من التشبع.

أما في الاقتصاديات الصاعدة؛ فإن هناك مجموعة من العوامل كانخفاض نصيب الفرد الحالي من ملكية السيارة ومرونة دخل عالية ودخل يرتفع بسرعة؛ ما يعني أن مستويات مبيعات السيارات في الصين، مثلًا، ستتزايد بسرعة كبيرة، إلا أن ما هو حادث منذ 2018 هو انخفاض في المبيعات؛ وهو ما قد يُفسر بطبيعة الطبقة المتوسطة في الصين.

في جانب العرض، وعلى المدى المتوسط، سيواجه مصنعو السيارات تفضيلات استهلاكية مستجدة ومتباينة إلى حد كبير بين دول العالم، ولا بد من مسايرتها للبقاء، كانخفاض المبيعات، وبزوغ السيارات الكهربائية، وسياسات كفاءة استهلاك الوقود المؤثرة في الربحية الحدية وربحية خدمة ما بعد البيع، ما قد يتسبب في إضعاف تنافسية صناعة السيارات العالمية، وهو ما سيترك أثرًا سلبيًا في كمية المعروض واضطرابات في أسواق السيارات، وهذا ليس بالأمر الإيجابي للطلب على وقود السيارات الخفيفة.

السيارات الكهربائية
شحن السيارات الكهربائية - أرشيفية

انخفاض تكلفة السيارات الكهربائية

قدرة السيارة الكهربائية على الاختراق الكامل لأسواق مبيعات السيارات الخفيفة، من المتوقع أن تؤثر في الطلب على البنزين، فحاليًا، الطلب على السيارات الكهربائية مدفوع من قِبل فئة مشترين صغيرة ومتميزة عن جمهور المشترين؛ فهم يريدون سيارات ذات كفاءة في استهلاك الوقود وعالية الأداء ومنخفضة الانبعاثات.

وتدفع الحكومات أيضًا بالمزيد من الطلب عليها من خلال اللوائح التي تشجع مركبات الوقود البديل؛ حيث الاختبار الأكبر سيكون عندما ينتقل الطلب إلى جمهور المستهلكين العام، وتزال اللوائح الحكومية الداعمة ذات التكلفة الباهظة على الميزانيات الحكومية.

وسيختلف منحنى اعتماد المركبات الكهربائية إلى حد ما حسب السوق، اعتمادًا على التكلفة الإجمالية للملكية، والذي يعكس عوامل مثل سعر السيارة والدعم وتكاليف الشحن الكهربائي وتفضيلات المشترين.

انتشار كل من المشاركة في ملكية السيارات، والمشاركة في الترحال، وكذلك انتشار المركبات ذاتية القيادة، سيعزز انتشار السيارات الهجينة والمركبات الكهربائية؛ لذلك ستكون هناك اختلافات في وتيرة التغيير، اعتمادًا على الإجراءات التنظيمية، واعتماد المستهلك للمركبات ذاتية القيادة ومشاركة السيارات، واقتصاديات مصادر الوقود المختلفة.

ليس المهم اختراق السيارة الكهربائية بحد ذاته، ولكن الأكثر أهمية معرفة كيف ستتم الكهربة واستبدال سيارات الوقود الخفيفة سواءً بكهربة جزئية أو كلية للمركبات؛ فهنالك طرق أخرى مختلفة للكهربة، كسيارة البطارية الكهربائية الهجينة التي يعمل فيها محرك الاحتراق الداخلي باعتباره مساعدًا لعمل البطارية الكهربائية، وكذلك السيارة الهيدروجينية، وسيارة محرك الاحتراق الداخلي الهجينة التي يساعد فيها المحرك الكهربائي في تنظيم المحرك الحراري؛ لذلك فإن الطلب على البنزين سيتأثر إجمالًا بالكهربة، سواء كانت جزئية أو كلية.

أوبكتغير سلوكيات الترحال

من العوامل المؤثرة في الطلب على البنزين مستقبلًا، تغير تفضيلات تملك السيارة والترحال؛ فغالبًا ما تتكون سلوكيات الترحال اليومية بالتأشير الاجتماعي ومدى ثبات السلوكيات المعتادة لدى الفرد.

وتوظف السلوكيات المعتادة باعتبارها ميسرًا مرجعيًا لاتخاذ القرارات المتكررة، بينما يوظف النشاط الفكري لاتخاذ قرارات أقل اعتيادية؛ لذلك فاختيار وسيلة الترحال غالبًا ما يكون رهينة السلوكيات المعتادة، وتغييرها ليس سهلًا، ومن ذلك امتلاك السيارة.

يعد امتلاك منزل في مكان ما والحصول على دخل مرتفع مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بتكرار الترحال أكثر من عادات القيادة؛ فمدى امتلاك المنازل في الضواحي سيعزز بلا شك امتلاك السيارة وتكرار الترحال، ويقلل الرغبة في استخدام وسائل النقل العام ومشاركة كل من الملكية والترحال؛ فالبلاد التي ترتفع فيها نسبة سكن المواطنين والمقيمين خارج المراكز الحضرية سيصعب إقناعهم بعدم امتلاك السيارة.

ويتشارك أفراد الطبقة الوسطى في الدول المتقدمة في مجموعة من التطلعات والقدرة على امتلاك منزل وسيارة، والقدرة على إرسال أبنائهم إلى الجامعة وتحقيق الأمن الصحي والتقاعد المعقول، أما الطبقة المتوسطة المتكونة حديثًا في الدول الصاعدة، كالصين؛ فهي أقل ميلًا لامتلاك سيارة؛ لأسباب كثيرة، منها أن امتلاك سيارة ليس متأصلًا في هذه المجتمعات، كما أن متوسط الدخل لهذه الطبقة حتى الآن لا يُقاس بالدول المتقدمة، كما أن الضواحي لم تنتشر بشكل كبير؛ فلا يزال متوسط الدخل أقل بكثير؛ لذلك تميل هذه الطبقة إلى استخدام النقل العام والمشاركة في القيادة والترحال.

من جهة أخرى؛ فإن امتلاك سيارة أصبح أقل جاذبية للأجيال الجديدة؛ حيث تشير البيانات في البلاد المتقدمة إلى أن جيل الألفية واللاحقة أقل حماسًا لاقتناء السيارة، وهو ما تشير إليه بيانات رخص القيادة وملكية المركبات في الدول المتقدمة.

وتعاني هذه الأجيال صعوبة الحصول على مستوى دخل مقارنةً بالأجيال السابقة؛ لذلك فهي تميل إلى استخدام النقل العام والمشاركة في القيادة والترحال.

أضف إلى ذلك كيف جعل الازدحام المروري في المدن من القيادة أقل متعة، وكذلك عقلية الجيل الجديدة المتعاطفة بشكل أكبر مع القضايا البيئية.

زحام السيارات يعرقل أهداف السيارات الكهربائية - انبعاثات قطاع النقل
زحام السيارات - أرشيفية

ضرائب الكربون

وأخيرًا، سيتأثر الطلب على البنزين بضرائب الكربون؛ حيث إن لضرائب الكربون تأثيرًا بعيد المدى في قرار المشترين عند امتلاك السيارات ذات الاحتراق الداخلي، أو تقليل الترحال.

من بين الأهداف التي توصل إليها اتفاق باريس للمناخ أن يُحَدد سعر الكربون المؤثر والذي يهدف إلى مواءمة التكاليف التي يدفعها مستخدمو الكربون مع تكلفة الفرصة الاجتماعية الحقيقية لاستخدام الكربون.

من خلال زيادة الطلب النسبي على مصادر الطاقة النظيفة، سيساعد سعر الكربون أيضًا على مواءمة عائد السوق إلى ابتكارات الطاقة النظيفة مع عائدها الاجتماعي؛ ما يحفز على التطور التكنولوجي في الطاقة النظيفة.

ما حدث -حتى الآن- هو وضع كثير من الدول من خلال الإسهام الوطني المحدد الخاص بها سعرًا محليًا للكربون، ولكن دون تنسيق مشترك بشأن سعر عالمي موحد له؛ ما أثر في تنافسية هذه الدول بالسلب.

من جهة أخرى، ستكون لتسعير الكربون العالمي الموحد -إن تم- آثار كبيرة في إعادة توزيع الثروة، تتجاوز الجهد لكبح التغير المناخي، عبر الدول المختلفة وكذلك ضمن اقتصاداتها.

ومن المهم ملاحظة أن ضريبة الكربون إذا نُفِّذَت على الفور وبمعدل ضريبة متسارع بشكل كبير؛ فقد تنتج ظاهرة "المفارقة الخضراء".

وتنشأ المفارقة الخضراء نتيجة للطبيعة الديناميكية لاستجابة منتجي النفط لتزايد سعر الكربون والذي سينعكس -على المدى البعيد- على الطلب على النفط.

الخلاصة

يمكن الاستنتاج بأن الطلب على النفط سيكون تحت ضغط هائل مع نهاية العقد الحالي، ويحتاج المنتجون إلى الاستعداد لهذا الاحتمال بتسريع الابتكار التكنولوجي في الهيدروجين الأزرق من النفط.

كما يجب على المنتجين إعادة تقييم سيناريوهات السوق الخاصة بهم، ومراجعة برامج الاستثمار الحالية، وتقييم جزء من محفظتهم التي قد تمثل احتياطيات عالقة.

وفي موازاة ذلك، يجب أن يستعد اللاعبون لخفض التكاليف لزيادة المرونة في مواجهة بيئة طويلة الأجل للنفط منخفضة السعر.

وفي قضية كبح تغير المناخ، يجب ألا تكون ذروة الطلب على النفط مسألة مُسَلَّمًا بها، وقد لا يكون التقرير دقيقًا بدرجة تبعث في التشكيك في مصداقيته، إلا أنه موجه لصانعي القرار في الدول الأعضاء لتأكيد جدية بداية الاستغناء عن النفط، واستبدال السيارات الكهربائية بدلًا من سيارات الاحتراق الداخلي؛ لأسباب ظاهرها يتعلق بكبح التغير المناخي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق