تغير المناخ والاحتباس الحراري يغيران ملامح جنوب أفريقيا (صور)
وأفريقيا الضحية الأولى رغم انخفاض انبعاثاتها
هبة مصطفى
بات تغير المناخ والاحتباس الحراري شبحيْن يهددان القارة السمراء، بعدما واجهت جنوب أفريقيا خلال النصف الأول من الشهر الجاري أمطارًا غزيرة وفيضانات غير معتادة دفعت نحو تغيير ملامح مدن عدة في البلاد.
وعقب تهدُّم المنازل ووفاة المئات وتشريد الآلاف تزيد المخاوف من مواجهة جنوب أفريقيا كارثة صحية وتفشي الأوبئة، خاصة أن عددًا لا بأس به من سكان الدول الأفريقية يعانون مشكلات في توافر الخدمات والمرافق الرئيسة.
وتواصل العاصفة -التي ضربت البلاد الشهر الجاري- حالة التطرف المناخي التي تعانيها بعض دول القارة الأفريقية منذ بداية العام.
عاصفة ديربان
على حين غفلة ودون سابق إنذار من الهيئات المعنية، فاجأت الفيضانات والأمطار الغزيرة مدينة ديربان، خلال الشهر الجاري، وقضت على عائلات بأكملها وأسهمت في تشريد الآلاف وفقدانهم منازلهم.
وتُشير التقديرات الأولية إلى أن 48 ساعة من الأمطار المتواصلة -التي قُدرت بما يعادل أمطار عام كامل- كانت وراء قتل 450 شخصًا حتى الآن، في حين ما زالت جهات الإنقاذ تواصل رصد حجم الضحايا الحقيقي، وكذلك حجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للطرق والكباري.
ويعاني عشرات الآلاف في ديربان -عقب العاصفة- نقص المياه، كما أنهم مهددون بتفشي الأمراض المعدية.
وكان فقراء المساكن البدائية من قاطني المناطق المُنحدرة أصحاب الضرر الأكبر ضمن تلك الكارثة، إذ تندر -وربما تنعدم- شبكات تصريف المياه في تلك المناطق.
ولم تكن عاصفة ديربان الأخيرة وحدها إحدى دلالات تغير المناخ والاحتباس الحراري في القارة السمراء، إذ واجهت دول جنوب الشرق الأفريقي خلال شهر ونصف الشهر فقط منذ بداية العام الجاري 3 أعاصير استوائية وعاصفتين.
- الفيضانات تمنع وصول الكوبالت من الكونغو الديمقراطية إلى جنوب أفريقيا
- التغير المناخي.. أفريقيا تدفع فاتورة انبعاثات الدول المتقدمة (تقرير)
تغير المناخ والاحتباس الحراري.. المتهمان
الإشارة إلى تغير المناخ والاحتباس الحراري -باعتبارهما وراء تلك الكوارث البيئية والبشرية والصحية المتلاحقة بالقارة السمراء منذ مطلع العام- لم تأتِ من فراغ.
فخبراء الطقس والأرصاد الجوية أبدوا دهشتهم من عاصفة ديربان المفاجئة، واعتبروا أنها جاءت لتثبت تأثير تغير المناخ والاحتباس الحراري المتنامي بالقارة السمراء.
وتعاني منطقة الساحل وبعض مناطق شرق أفريقيا الجفاف، في حين أصبحت العواصف القوية ضيفًا جديدًا في الساحل الجنوب الشرقي للقارة، وفق صحيفة "الغارديان".
وأكدت الشبكة العالمية للطقس -التي تضم علماء المناخ من المملكة المتحدة وفرنسا وهولندا وأميركا وسويسرا الهند- أن تغير المناخ والاحتباس الحراري سببا هطولًا غزيرًا بمعدلات أكبر من المعتاد للأمطار على الساحل الجنوبي الشرقي في أفريقيا.
وعددت الشبكة آثار تغير المناخ والاحتباس الحراري في القارة السمراء، وكان أبرزها عاصفة "آنا" الاستوائية التي استمرت نحو 5 أيام على مدغشقر ومالاوي وموزمبيق من 20 إلى 25 يناير/كانون الثاني الماضي.
ولم تكد مدغشقر تستفيق من تبعات العاصفة "آنا" إلا ولحقها إعصار "باتسيراي" مطلع فبراير/شباط، ثم عاصفة "دوماكو" وإعصارا "إمناتي" و"غومبي".
وعقب دراسة طبيعة الأمطار خلال تلك العواصف والأعاصير، توصلت شبكة علماء المناخ أن زيادة معدل الأمطار إلى حد الفيضانات نتيجة متوقعة لمظاهر تغير المناخ والاحتباس الحراري.
كيف تعاملت جنوب أفريقيا؟
حمّل الرئيس الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، تغير المناخ والاحتباس الحراري بمعدلات خطيرة، مسؤولية تداعيات "كارثة" عاصفة ديربان الأخيرة، حسب وصفه.
وأشار رامافوزا -خلال زيارته المناطق المُتضررة- إلى أن إرجاء التدابير اللازمة لمواجهة تغير المناخ والاحتباس الحراري أصبح أمرًا غير مقبول.
من جانب آخر، أكدت هيئة الأرصاد أن "تطرف" مظاهر تغير المناخ والاحتباس الحراري أصبحت أشد حدة في أنحاء العالم كافة، متوقعة تزايد المظاهر الكارثية من أمطار غزيرة وعواصف وفيضانات وأعاصير وغيرها، إلا أنها أشارت إلى ضعف القدرة الأفريقية على مواجهة تلك المظاهر.
واتفق معها المدير التنفيذي لمجموعة القدرة الأفريقية على مواجهة المخاطر، إبراهيم شيخ ديونغ، معتبرًا أن المظاهر المتطرفة لتغير المناخ والاحتباس الحراري في أفريقيا منذ بداية العام الجاري هي مجرد بداية للمعاناة، رغم أن القارة السمراء ضمن المناطق الأقل تلوثًا بالعالم.
وبالنظر إلى الشأن الداخلي في جنوب أفريقيا، قد تدفع عاصفة ديربان الأخيرة نحو اشتعال أحداث سياسية في البلاد، خاصة بسبب نقص المياه بين السكان الذين اضطروا إلى ترك منازلهم وأغراضهم هربًا من الفيضانات المُدمرة.
ولجأ البعض إلى التظاهر للتنديد بالمعدلات المحدودة المُقدمة من سلطة جنوب أفريقيا، واستخدمت الشرطة الغازات المُسيلة للدموع للسيطرة على الموقف وتفريق المحتشدين.
وبالتزامن مع معاناة المشردين من فقدان منازلهم وذويهم وكذلك نقص الخدمات، كان ما يعادل نصف مخزون المياه التابع للحكومة (100 خزان) غير صالح للشرب.
اقرأ أيضًا..
- خط أنابيب دروجبا.. أبرز المعلومات عن أطول خطوط أنابيب للنفط عالميًا
- هل تحظر أوروبا واردات النفط الروسية مع تراجع الإنتاج العالمي؟ (مقال)
- قطاع النفط في ليبيا يخسر 4 ملايين برميل بسبب الصراعات خلال أسبوع