مشروعات الغاز الطبيعي المسال في أستراليا ستعاني اقتصاديًا بعد 2030 (تحليل)
إذا أوفى العالم بالتزاماته المناخية
أحمد بدر
حذّر مستثمرون كبار من أن أعمال التطوير المتعلقة بتصدير الغاز الطبيعي المسال في أستراليا سوف تواجه أزمة اقتصادية بعد عام 2030، إذا أوفى العالم بالتزاماته المتعلقة بمكافحة تغير المناخ.
ووفقًا لتحليل حديث، فإن صادرات الغاز الطبيعي المسال في أستراليا يمكن أن تنخفض بشكل طفيف هذا العقد، قبل أن تنخفض بشكل حادّ إلى أقلّ من 20% من المستويات الحالية بحلول عام 2050، إذا حاول العالم الحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، وهو الأمر المتفق عليه في اتفاق غلاسكو، حسبما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية.
وشكّك التحليل، الذي أجرته مجموعة "إنفستور جروب أون كليميت تشينج" -وهي هيئة تمثّل مستثمرين يديرون أكثر من 33 تريليون دولار في الأصول العالمية- في جدوى 8 أعمال تطوير رئيسة للوقود الأحفوري لم تبدأ بعد في الإنتاج، ومن المقرر أن تستمر حتى عام 2050.
المشروعات المهددة
تشمل قائمة مشروعات الغاز الطبيعي المسال التي تحدث عنها التقرير، مشروع شركة وودسايد "سكاربوروغ" الذي تبلغ تكلفته 16 مليار دولار في غرب أستراليا.
يالإضافة إلى خطة "أوريجين إنرجي" لبدء الاستخراج في حوض "بيتالو" في الإقليم الشمالي لأستراليا، ومشروع شركة سانتوس لتطوير حقل الغاز الأخضر "نارابري" في نيو ساوث ويلز.
وصدر التحليل قبل وقت قصير من تقديم شركتي وودسايد وسانتوس خططهما المناخية للمساهمين للموافقة عليها في الاجتماعات العامة السنوية القادمة.
وباستخدام النمذجة، بتكليف من مستشاري الطاقة في شركة "وود ماكنزي" العالمية، وجد المستثمرون أن الطلب على صادرات الغاز الطبيعي المسال، من المرجح أن ينخفض بسرعة أكبر من استخدام الغاز المحلي، إذ يُباع نحو 3 أرباع الغاز المستخرج في أستراليا في الخارج.
ووجد التحليل أن المشروعات الجديدة يمكن أن تواجه تحديات اقتصادية، في ظل سيناريوهات مختلفة يدفع العالم باتجاهها للحدّ من ارتفاع حرارة الأرض بنسبة 1.5 درجة مئوية.
وأشار إلى أنه من المرجح أن يتوخى المستثمرون الحذر بشأن دعم المزيد من النفقات الرأسمالية، خاصة بالنسبة للمشروعات التي كان من المقرر أن تمتد إلى ما بعد أربعينيات القرن، وتواجه خطرًا أكبر بأن تصبح أصولًا عالقة.
المستثمرون قلقون
قالت الرئيسة التنفيذية لمجموعة "إنفستور جروب أون كليميت تشينج"، ريبيكا ميكولا رايت، إن المستثمرين سيشعرون بالقلق من أن النمذجة تشير إلى أن تطورات الغاز الجديدة ستواجه مجموعة من المخاطر المعقدة والمترابطة.
وأضافت: "يرغب المستثمرون في فهم كيفية قيام شركات الغاز الطبيعي المسال في أستراليا بتقييم المخاطر المرتبطة بالمشروعات الجديدة، لا سيما مخاطر انخفاض الطلب المتسارع مع تحول العالم إلى مصادر الطاقة المتجددة لتحقيق الحياد الكربوني".
وتابعت: "نحتاج إلى أن نكون جزءًا من مستقبل خالٍ من الانبعاثات الصفرية، من خلال تبنّي تحول فعال ومعقول اقتصاديًا، ويفضل مصادر الطاقة المتجددة على الوقود الأحفوري".
ووفقًا للتحليل، تتحول النمذجة إلى افتراض مفاده أن الحكومات والمستثمرين سيعجّلون بسياسات المناخ المنصوص عليها في اتفاقية باريس عام 2015 ومؤتمر كوب26 في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وكانت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، قد قالت الأسبوع الماضي، إن الهدف العالمي بالحدّ من ارتفاع درجة حرارة الأرض بنسبة 1.5 درجة مئوية، لم يعد في المتناول.
الغاز في أستراليا
نمت صناعة تصدير الغاز الطبيعي المسال في أستراليا بشكل كبير، من قاعدة صغيرة خلال العقد الماضي، إذ تجاوزت المبيعات 50 مليار دولار العام الماضي.
ويُنتج الغاز الطبيعي المسال نحو نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الفحم، على الرغم من أن الدراسات وجدت أن تأثيره في المناخ أكبر من ذلك؛ بسبب تسرّب الميثان -وهو غاز دفيئة قصير العمر، ولكنه شديد الفعالية- خلال الاستخراج والنقل .
لكن جماعات الضغط في صناعة الغاز، وهي الاتحاد الأسترالي لإنتاج النفط واستكشافه، تجادل بأن الطلب على الوقود سيظل قويًا مع خفض العالم للانبعاثات، بسبب زيادة احتجاز الكربون وتخزينه.
إذ خصصت الحكومة الأسترالية أكثر من 4 مليارات دولار لتطوير التقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه تحت الأرض، لكن هذه الاستثمارات لم تثبت جدواها اقتصاديًا على نطاق واسع.
وقال رئيس الاتحاد المنتهية ولايته أندرو ماكونفيل، إن الغاز الطبيعي المسال سيظل جزءًا من مزيج الطاقة الأنظف في المستقبل، بديلً أنظف يكمل العديد من المسارات إلى "صفر انبعاثات" بحلول عام 2050.
وتحظى صناعة الغاز بدعم قوي من حكومة موريسون، التي خصصت ما يقرب من مليار دولار من الدعم العام بجزء مما تسمّيه "الاسترداد باستخدام الغاز"، كما إنه لم يعارض التوسع في صناعة الغاز.
انبعاثات الغاز
في التحليل الحديث، استشهد المستثمرون بتقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وجد أن استخدام الغاز أسهم في مستويات خطيرة من الانبعاثات، وأنّ تلوث الكربون العالمي سيصل إلى ذروته بحلول عام 2025، ويجب خفضه للنصف تقريبًا بحلول عام 2030.
وأخذ التحليل في الاعتبار تأثير 8 تطوير مقترحة من قبل شركات الطاقة "وود سايد" و"سانتوس" وأوريجين إنرجي و"أويل سيرش"، من المقرر أن تبدأ الإنتاج قبل نهاية العقد الحالي.
واعتمادًا على المسار المتّبع لمحاولة الحدّ من ارتفاع حرارة الأرص بنسبة 1.5 درجة مئوية، وفقًا للتحليل، أصبح على أستراليا تسريع خطواتها نحو مشروعات التخزين طويل الأمد لدعم الطاقة المتجددة، خاصة أن الاستخدام المحلي للغاز سينخفض، إمّا بنسبة 50%، أو 13%، بحلول عام 2050.
ولكن التحليل وجد أن صادرات الغاز الطبيعي المسال ستنخفض بشكل كبير بعد عام 2030، سواء اتخذ العالم مسارًا متسارعًا أو متدرجًا لخفض الانبعاثات.
اقرأ أيضًا..
- الحمادي: محطات براكة النووية تدعم الابتكار والحياد الكربوني
- بعد غرق سفينة محملة بالوقود.. جهود تونسية لمنع كارثة بيئية
- استخدامات متعددة.. كيف يؤدي معدن الزنك دورًا مهمًا في تحول الطاقة؟