النفط الروسي يتعرض لأكبر نكسة عقب الحرب الأوكرانية (تقرير)
دينا قدري
يواجه النفط الروسي -محور الاقتصاد في البلاد- ضربة قوية بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية؛ إذ تخفض المصافي والآبار الإنتاج، كما تمتلئ مرافق التخزين والأنابيب.
وتعتمد الدرجة التي يتأثر بها إنتاج النفط في روسيا على قدرة موسكو نحو إيجاد مشترين جدد في آسيا، مع ابتعاد العملاء الأميركيين وبحث الكثيرين في أوروبا عن أماكن بديلة للإمدادات، حسبما أفاد تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال".
وصرّحت وكالة الطاقة الدولية بأنه لا توجد بادرة حتى الآن على أن الصين تتسابق لاستيراد البراميل التي طالما تجنّبها مشترو النفط الروسي.
ومن شأن الانخفاض المستمر أن يقوض المحرك الرئيس للنمو الروسي تمامًا، إذ تُفرض العقوبات لدفع الاقتصاد إلى ركود عميق.
"نكسة" النفط الروسي
شدد التقرير على أن الخسائر حتى الآن متواضعة، وتواصل الصناعة عمومًا توليد كميات كبيرة من الإيرادات إلى موسكو.
إلا أن تجارًا ومحللين يقولون إن مشكلات نقل الخام من الأرض إلى المستخدمين النهائيين من المرجح أن تزداد في الأشهر المقبلة.
وفي أحدث مؤشر على وجود مشكلات في المستقبل، توقعت وكالة الطاقة الدولية يوم الأربعاء أنه سيجري إغلاق ما يقرب من 3 ملايين برميل يوميًا من الإنتاج الروسي بدءًا من مايو/أيار.
وسيؤدي ذلك إلى خفض الإنتاج إلى أقل من 9 ملايين برميل يوميًا، وهي نكسة أكبر مما توقعه محللون آخرون، بحسب التقرير.
فمع وجود عدد أقل من الأماكن التي يذهبون إليها لبيع نفطهم الخام، يخفّض المنتجون الروس إنتاجهم.
إذ صرّحت المؤسسة المشاركة لشركة إنرجي أسبكتس، أمريتا سين، بأن إنتاج الخام والمكثفات انخفض إلى 10.5 مليون برميل يوميًا.
وهذا أقل من 11.1 مليون برميل يوميًا قبل غزو أوكرانيا في 24 فبراير/شباط، ومقارنةً بالطلب العالمي على النفط البالغ نحو 100 مليون برميل يوميًا.
وفي حالة استمرارها حتى أبريل/نيسان، فإن الخسائر الحالية ستعيد إنتاج النفط الروسي إلى مستويات يوليو/تموز 2021، قبل سلسلة من زيادات الإنتاج من قبل تحالف أوبك+ المصممة لتلبية الطلب مع تعافيه من جائحة كورونا، وفقًا لـ لامبرت إنرجي أدفايزوري.
أزمة مصافي التكرير الروسية
أشار تقرير وول ستريت جورنال إلى أن تشغيل المصافي في روسيا أصبح بوتيرة أبطأ، لأنها غير قادرة على العثور على عدد كافٍ من المشترين للديزل والبنزين وغيرهما من المنتجات.
وقال رئيس أبحاث النفط في إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس، ريتشارد جوسويك، إن نحو 1.7 مليون برميل يوميًا من إنتاج المصافي كانت خارج نطاق العمل في الأسبوع المنتهي في 8 أبريل/نيسان.
هذه سعة أكبر بنسبة 70% في وضع عدم الاتصال مقارنةً بمستويات فترات التوقف المعتادة خلال موسم الصيانة في الربيع.
وكتب الرئيس التنفيذي لشركة لوك أويل، فاغيت ألكبيروف، إلى نائب رئيس الوزراء، ألكسندر نوفاك، في أواخر مارس/آذار، لإخباره أن المخزونات كانت تفيض بالنفط، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة كوميرسانت الروسية.
وطالب رئيس ثاني أكبر شركة نفط روسية بإعادة توجيه زيت الوقود لمحطات الكهرباء لتجنب إغلاق المصافي، بحسب التقرير.
انخفاض الطلب ليس التحدي الوحيد!
يقول محللون إنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت صناعة الطاقة الروسية ستعاني أضرارًا دائمة.
إذ أوضح التقرير أن هناك مؤشرات على أن البلاد تتكيّف بسرعة مع الطلب المفقود في الغرب، بإرسال المزيد من شحنات النفط الخام إلى تركيا والهند، من بين دول أخرى.
ومع ذلك، فإن انخفاض الطلب على النفط الروسي من الشركات الغربية يُضاف إلى تحدٍ منفصل للشركات العملاقة روسنفط وغازبروم ومنافساتهما الصغريات: الوصول إلى التمويل والآلات وقطع الغيار.
إلا أن التقرير أشار إلى أنه يُمكن تصنيع أبسط المكونات محليًا أو الحصول عليها من الصين.
وقال شخص مطلع على صناعة النفط الروسية، إن بعض المحفزات وأجهزة الاستشعار المستخدمة في المصافي تصنعها -إلى حد كبير- شركات أميركية وأوروبية، ما يثير مخاوف بشأن عدم القدرة على الوصول إليها لمواصلة تشغيل المصافي.
نفاد المساحات في مرافق التخزين
شدد التقرير -أيضًا- على أن الصعوبات في صناعة التكرير تنعكس من خلال صناعة الطاقة، وتؤثر في قدرة روسيا على إنتاج النفط الخام الأسود الكثيف الذي لم تجرِ معالجته ليصبح وقودًا صالحًا للاستخدام، حسبما أكد التقرير.
يقول تجار ومحللون إن مساحة تخزين النفط تتقلص على ما يبدو في شبكة خطوط أنابيب ترانسنفط المملوكة للدولة مع انخفاض تدفقات الخام إلى المصافي، إلا أنه من الصعب قياس كمية النفط الخام المتبقية في الشبكة.
قال جوسويك إن العديد من صهاريج التخزين في روسيا لها أسقف ثابتة أو مغطاة أو تحت الأرض، لذا لا تستطيع الأقمار الصناعية تقدير النفط بداخلها من خلال تتبع ارتفاع السقف.
التداعيات على سوق النفط العالمية
سيكون لانخفاض صناعة التكرير الروسية تداعيات كبيرة على سوق النفط العالمية، إذ كانت روسيا -قبل الحرب- ثالث أكبر منتج للنفط بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.
كما كانت أكبر مصدر في العالم، إذ تشحن 5 ملايين برميل من النفط الخام والمكثفات يوميًا، إلى جانب 2.9 مليون يوميًا من المنتجات المكررة، خاصةً الديزل.
وتعتمد أوروبا خصوصًا على الديزل الروسي الذي ارتفعت أسعاره بعد الحرب، وهو ما دفع الحكومات في المملكة المتحدة وفرنسا وأماكن أخرى إلى خفض ضرائب المبيعات على وقود الطرق، تجنبًا لزيادة الضغوط الحالية على المستهلكين والشركات.
ومن جانبها، وافقت الولايات المتحدة وحلفاؤها على الإفراج عن أكثر من 100 مليون برميل من الاحتياطيات الحكومية، لخفض أسعار الطاقة المتزايدة.
وجرى تداول خام برنت عند 105.09 دولارًا للبرميل يوم الأربعاء، بانخفاض 6.7% عن الشهر السابق.
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تخفض تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال 2022
- ناقلات الغاز.. أرقام عن أسطول قطر المؤجر لنقل إمداداتها للسوق العالمية (إنفوغرافيك)
- أفضل أنواع الألواح الشمسية للاستخدام المنزلي.. الشركات والأسعار
- بطاريات السيارات الكهربائية.. الليثيوم يثير قلق الصين أكثر من النيكل