الغاز الحيوي في باكستان.. ثروة يهددها سوء الاستغلال
مي مجدي
بات تحويل النفايات إلى طاقة متجددة هدفًا للدول النامية، وعلى رأسها باكستان، التي تمتلك إمكانات هائلة لم تُستغل بعد لإنتاج الغاز الحيوي.
فمنذ السبعينيات، حاولت إسلام أباد إنتاج الغاز الحيوي، لكنها لم تنجح؛ بسبب افتقار التقنيات سهلة الاستخدام، وجهل المجتمعات.
وساعد تطور التقنيات الحديثة في هاضم الغاز الحيوي -وخاصة الهاضم ذا قبة- في تطوير مصانع عالية الكفاءة ومجدية اقتصاديًا، فضلًا عن كونها صديقة للبيئة وسهلة الاستخدام.
وما يميز تقنية الهاضم ذي قبة، أنه يجري تطويرها وتشغيلها باستخدام مواد ومعدّات البناء الأصلية، وأثبتت نجاحًا في الصين والعديد من البلدان الأخرى، بما في ذلك باكستان، لإنتاج الغاز الحيوي باستخدام روث الماشية والكتلة الحيوية.
إمكانات هائلة
تُعدّ باكستان خامس أكبر دولة منتجة للماشية والألبان، ويمكنها تسخير هذه الإمكانات لضمان أمن الطاقة.
فبدءًا من عام 2020، بلغت أعداد الجاموس في باكستان قرابة 42.4 مليونًا، و51.5 مليون رأس ماشية، و5.6 مليون حمار، و78.2 مليون ماعز، و31.2 مليون رأس من الأغنام.
بينما بلغ إجمالي مصانع الغاز الحيوي في البلاد نحو 5 آلاف و357 مصنعًا، وتُقدّر إمكانات هذا المصدر بنحو 16 مليون متر مكعب يوميًا، و5 مليارات و840 مليون متر مكعب سنويًا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الكتلة الحيوية بأنواعها المختلفة من نفايات الدواجن والنفايات القابلة للتحلل الحيوي ومخلفات الصرف الصحي، توفر إمكانات هائلة لإنتاج الغاز الحيوي، حسب تقرير نشرته صحيفة إكسبريس تريبيون الباكستانية.
ثروة صديقة للبيئة
يُعدّ إنتاج الطاقة اللامركزية من الغاز الحيوي باستخدام روث الحيوانات مستدامًا، لا سيما أنه مُجدٍ اقتصاديًا ومقبول اجتماعيًا، إلى جانب كونه صديقًا للبيئة.
ويمكن للأسرة الريفية، التي تمتلك نحو 3 أو 4 من رؤوس الماشية، أن تنتج غازًا حيويًا كافيًا لاحتياجاتها اليومية من الطاقة، إلى جانب إنتاج السماد العضوي المتحلل بصفته مصدرًا غنيًا لخصوبة التربة.
وفي مقدرة باكستان أن تطوّر بسهولة هذه التقنيات البسيطة وسهلة الاستخدام على المستوى المحلي والتجاري لضمان أمن الطاقة.
وبمجرد تحقيق ذلك، من الممكن أن يصبح مصدرًا رئيسًا لتوفير الدخل في المناطق الريفية والزراعة العضوية، فضلًا عن الحصول على أرصدة الكربون بموجب آلية التنمية النظيفة (سي دي إم)، إذ إن الهضم اللاهوائي للنفايات القابلة للتحلل الحيوي مؤهل لكسب أرصدة الكربون.
كما سيسهم في السيطرة على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وهو التزام أساس بموجب اتفاقية باريس للمناخ وتعهدات تغير المناخ.
الغازات الدفيئة
رغم أن هذه المصادر غير المستغلة ضخمة ومفيدة لأمن الطاقة، فإن الإمكانات والموارد اللازمة لتسخير هذه المصادر محدودة.
فالتحلل الهوائي للمواد العضوية في مقالب القمامة ومياه الصرف الصحي وروث الحيوانات وجميع أنواع الكتلة الحيوية، تُطلق غازات الدفيئة؛ من بينها الميثان.
ومن المعروف أن غاز الميثان يضرّ البيئة، لكنه مصدر مهم للطاقة عند التقاطه، ويمكن استخدامه بسهولة من خلال عملية التخمر اللاهوائي، وهي عملية تحلل المواد العضوية في غياب الأكسجين.
وخلال الاجتماع الأخير لمؤتمر الأطراف للمناخ "كوب 26"، الذي عُقد في غلاسكو العام الماضي، أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى "التعهد العالمي للميثان".
وتضمّن قرار كوب 26 دعوة الأطراف للبحث في اتخاذ إجراءات للحدّ من الغازات الدفيئة بحلول 2030، ومن بينها الميثان.
ووقّعت 100 دولة -بما في ذلك باكستان- على التعهد، والالتزام بخفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030 عالميًا، مقارنة بمستويات 2020.
وتوفر هذه المبادرة فرصة عظيمة للبلدان النامية لتطوير آليات التنفيذ الوطنية المناسبة لها، وضمان بيئة مواتية لاستغلال هذه المصادر المستدامة.
تحفيز مصادر الطاقة النظيفة
مع ذلك، لم تحرز وزارة تغير المناخ في باكستان أو الجهات المانحة الرئيسة أيّ تقدّم منذ اعتماد تعهّد الميثان في كوب 26.
لذلك، من المنطقي أن تتعامل وزارة تغير المناخ مع هذه المبادرة على المستويات كافة، من خلال تحديد الجهات المعنية على مستوى الإدارات الاتحادية والإقليمية، والعمل مع الجهات المعنية في القطاع العامّ والخاص والمجتمع المدني من خلال ورش العمل والندوات التوعوية والتحفيزية؛ للتوصل إلى صياغة للسياسات والإستراتيجيات وخطط العمل.
بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التواصل مع المانحين بإسلام أباد في إطار متابعة تعهّد كوب 26 المتعلق بالميثان، الذي يهدف لإنشاء صندوق وتطوير إستراتيجيات تدفّق الموارد، وفقًا لمعايير العملية الميدانية.
ويمكن لباكستان الاستفادة من هذه الموارد؛ نظرًا لكونها طرفًا غير مُدرج في المرفق الأول لاتفاقية الأمم المتحددة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس.
وتستطيع ذلك من خلال الوفاء بالالتزام العالمي بموجب الاتفاقية، والمساعدة في تمويل التنمية الريفية بوساطة تطوير البنية التحتية لهضم الغاز الحيوي، وتوفير الدخل وفرص العمل، وتنمية المهارات، وتعزيز الثروة الحيوانية والتنمية الزراعية، إلى جانب المساواة في توفير طاقة نظيفة وآمنة، وحماية البيئة، وتحسين الصحة والنظافة.
في الوقت نفسه، يمكن استبدال الخشب بالغاز الحيوي؛ كونه مصدرًا نظيفًا للطاقة.
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تخفض تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط خلال 2022
- الطلب على النفط.. أوبك تتوقع ذروة جديدة رغم خفض التقديرات (إنفوغرافيك)
- خدعة موسكو لتصدير النفط الروسي وتجنب العقوبات.. نصفه يمر عبر قناة السويس (خريطة)