خبيران لـ"الطاقة": بئر ترسيم أكبر اكتشاف نفطي للجزائر في 15 عامًا
عماد الدين شريف - الجزائر
أعادت بئر ترسيم -التي أعلنت شركة النفط الجزائرية سوناطراك اكتشافها، أول أمس الثلاثاء (29 مارس/آذار)- تأكيد ضرورة مواصلة البحث عن رُقع جديدة لاستكشاف النفط والغاز، وعدم الاكتفاء بتطوير الحقول القائمة.
ويُعيد اكتشاف بئر ترسيم غرب عقلة الناصر-2 -الذي يُعد الأكبر في 15 عامًا- خريطة احتياطيات النفط والغاز الجزائرية، التي لم تشهد تطورًا خلال السنوات الماضية.
وتضمّن الكشف النفطي الجديد لشركة "سوناطراك"، شمال حقل حاسي مسعود، احتياطيات تُقدَّر بنحو 961 مليون برميل، ومنح تقييم الإنتاج -الذي أُجري بشكل رئيس على الطبقات الترياسية في البئر الجديدة- نفطًا وغازًا مصاحبًا بمعدلات تدفّق قدرها 5 آلاف و94 برميل نفط يوميًا، وقرابة 185 ألف متر مكعب يوميًا من الغاز.
وقال مسؤولان سابقان -في تصريحات إلى "الطاقة"- إنّ الكشف النفطي الجديد من شأنه أن يُنهي السنوات "العجاف" في مجال التنقيب عن النفط والغاز، التي دفعت شركات النفط العالمية إلى العزوف عن المشاركة في المناقصات الدولية المفتوحة في السنوات الماضية، على الرغم من المحفزات والامتيازات التي تُوّجت بتعديل قانون المحروقات، لتكييفه مع معطيات مرحلة جديدة.
حوض ضخم للمحروقات
اعتبر وزير الطاقة السابق، عبدالمجيد عطار، اكتشاف بئر ترسيم غرب عقلة الناصر-2، أحد الاكتشافات المهمة التي سترفع الإنتاج الوطني الموجه لتأمين احتياجات الطلب المحلي المتزايد من النفط والغاز، وكذلك زيادة الصادرات للخارج.
وأوضح أن البئر المكتشفة قدمت نتائج إيجابية، إذ إنها ضاعفت الاحتياطيات الموجودة في الحقل، حسب الأرقام الرسمية التي أعلنها مجمع سوناطراك.
وقدّرت شركة سوناطراك الكميات المحتواة من النفط الخام المؤكد والمحتمل -قبل حفر بئر ترسيم غرب عقلة الناصر-2- بـ546 مليون برميل، مشيرةً إلى أن النتائج الإيجابية لهذه البئر سمحت بإعادة تقييم أحجام الاحتياطي، لترتفع إلى 961 مليون برميل.
حوض حاسي مسعود
قال الوزير السابق -في تصريحه إلى "الطاقة"- إن البئر الجديدة موجودة في منطقة حاسي مسعود بولاية ورقلة، المعروفة بحجم مخزونها من الموارد الطاقوية الباطنية، ما يمنح شركة سوناطراك إمكان تطويرها واستغلالها وفقًا لمخططها.
وأشار إلى أن هذه النتائج مرهونة -أيضًا- بما عبر عنه بمتوسط استغلال آبار النفط المقدرة بـ30%، مشددًا على أن الاكتشاف الجديد ينبئ باحتمال كبير لاكتشاف آبار أخرى في المنطقة.
وأشار المسؤول السابق عن قطاع الطاقة في الجزائر إلى وجود محاولات سابقة لم تُتوّج بنتائج إيجابية سوى مؤشرات نظرية على وجود النفط في المنطقة، إلا أن الاكتشاف الأخير في بئر ترسيم ترجم الدراسات السابقة بنتائج ملموسة في شكل مخزون نفطي قابل للقياس والاستغلال.
وقال عبدالمجيد عطار إن البئر المكتشفة مهمة للإنتاج الوطني، على الرغم من كون إنتاجها المقرر متواضعًا بالمقارنة مع آبار الحقول النفطية في الصحراء، على اعتبار أنّ انتاجها الحقيقي سيكون في حدود 546 برميلًا، وبالتالي فهو يعادل نحو 25 برميلًا في الساعة، أما الآبار السابقة في الصحراء على غرار "حاسي مسعود" فهي تنتج آلاف البراميل في كل ساعة، إلا أنها تُعد نتيجة إيجابية جدًا في مجال البحث -التنقيب والاستكشاف- وتمنح للشركات المستثمرة في المجال فرصة حقيقية لاكتشاف حقول ضخمة في المستقبل.
إنجار لم يتحقق منذ سنوات
من جانبه، قال مدير الاستكشافات السابق في شركة سوناطراك، سعيد بغول، إن الجزائر لم تحقق اكتشافًا مماثلًا منذ نحو 15 سنة بهذا الحجم، من منطلق أنّ إمكانات البئر تبلغ 961 مليون برميل، حسب التقديرات الأولية.
وأضاف: "الاحتياطيات المعلنة تجعل البئر بمثابة اكتشاف مهم جدًا في الحقول النفطية الجزائرية عقب فترة طويلة من الركود في هذا المجال"، مشيرًا إلى إسهام البئر الجديدة في تغطية الطلب المحلي من الطاقة ورفع حجم الصادرات الوطنية نحو الأسواق الخارجية.
وأكد المسؤوال السابق في سوناطراك، إلى "الطاقة"، أنّه من السابق لأوانه الجزم بالحجم الحقيقي لبئر ترسيم غرب عقلة الناصر-2، إذ لا بد من ترك المزيد من الوقت للتقنيين والمهندسين بتقدير المخزون الحقيقي، والمخزونات المسترجعة من الحقل الموجود في أبعاد البئر.
تداعيات الكشف النفطي
عن تداعيات هذا الاكتشاف على آفاق الشراكات مع الشركات الأجنبية، وتحفيز المتعاملين المتخصصين في المجال للوجود بقوة في الحقول النفطية الجزائرية، قال سعيد بغول إنّ الاكتشاف الجديد موجود على مستوى حوض "بركين"، وهي منطقة معروفة بمخزونها من الموارد الطاقوية، وعلى هذا الأساس فإنّ هذا الأمر سيؤكد المؤكّد لا غير، على خلاف لو كان اكتشاف هذا النوع من الآبار النفطية والغازية وُجد في محيط مناطق لا تزال مكتشفة من قِبل الشركات النفطية العالمية على مدار سنوات وجودها في مختلف أنشطة قطاع الطاقة في الجزائر.
وأوضح الخبير الجزائري أنّ التجربة أثبتت أنّ الشركات الأجنبية المستثمرة في قطاع المحروقات في الجزائر عادة ما تختار المشروعات المضمونة، كونها تبتعد عن "المغامرة" في تحمل تكاليف وأعباء مالية كبيرة، في برامج استثمارية غير مأمونة العواقب، لا سيما في مجال التنقيب والاستكشاف.
وقال: "هذا الأمر هو الذي أدّى إلى العزوف عن التوجه إلى استكشاف المحروقات في المياه الإقليمية للجزائر، رغم أنّ هذا المجال فتح أمام الاستثمارات الأجنبية منذ العديد من السنوات، وكرسته بنود قانون المحروقات الجديد، كونه يحمل ثناياها، حسب رؤية الشركات الطاقوية الأجنبية نتائج غير مؤكدة، باعتبار أنه لا توجد أي تجارب سابقة لاستغلاله في السابق.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
- الغاز المسال.. الجزائر والمغرب والسعودية ضمن 6 دول تنتظر طفرة (تقرير)
- مسؤول يكشف عن تطورات تصدير الغاز النيجيري لأوروبا.. المغرب أو الجزائر
- تسعير النفط والغاز بين الدولار واليوان والروبل (مقال)
- صادرات النفط الإيراني تقفز 40% منذ أغسطس 2021
شيء الزامي على شركة سوناطراك ديمومة البحث والتنقيب عن المحروقات حتى تحافظ على ألا قل على مستوى الانتاج لأن الطاقة الانتاجية لحقول النفط في تناقص وهذا أمر طبيعي جدا.