بريطانيا تعتزم التوسع في مشروعات الرياح والطاقة المتجددة
للتحرر من سيطرة الغزو الروسي
أمل نبيل
دفعت الحرب الروسية الأوكرانية دول العالم لإعادة التفكير في التحول نحو استخدام المصادر المتجددة لإنتاج الكهرباء باعتبارها ضرورة مُلحة وليست رفاهية، وتعد بريطانيا واحدة من تلك الدول التي أدركت أهمية تحفيز إنتاج الطاقة المتجددة في البلاد، خاصًة طاقة الرياح.
وأعلن وزير قطاع الأعمال البريطاني كواسي كوارتنغ "أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التوسع الهائل في إنشاء مزارع الرياح؛ لأسباب تتعلق بالأمن القومي".
وفي عام 2015، أصدرت الحكومة البريطانية قرارًا بمنع إنشاء مزارع الرياح الجديدة.
وتدرس الحكومة إجراء تغييرات جذرية على قوانين التخطيط من أجل تحسين استقلال الطاقة في بريطانيا.
ويخطط رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، للكشف عن إستراتيجية جديدة وجذرية للطاقة خلال أسبوعين من الآن، من شأنها أن تعزز من قدرة المملكة المتحدة على تلبية احتياجاتها من الكهرباء من مزيج من المصادر المتجددة والطاقة النووية.
ودفعت الحرب الروسية على أوكرانيا أسعار الوقود لمستويات قياسية، وكشفت عن مدى اعتماد الدول على الإمدادات الخارجية.
وتخطت أسعار النفط حاجز 126 دولارًا للبرميل، خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى سعري منذ عام 2008 قبل أن تقلص من مكاسبها في نهاية الأسبوع.
تحرير بريطانيا من الاعتماد على واردات النفط والغاز
تُثير الحاجة البريطانية إلى إنشاء مزارع برية وبحرية للرياح، الجدل داخل حزب المحافظين، حيث يُنَاقش الموضوع داخل أروقة الحكومة باعتبارها مسألة أمنية وليست مجرد وسيلة لمكافحة تغير المناخ.
ومن المتوقع أن تكون المصادر المتجددة، مثل طاقتي الرياح والشمس، جزءًا من الإستراتيجية الجديدة للحكومة، والتي تهدف إلى تحرير بريطانيا من الاعتماد على واردات النفط والغاز، وحماية المنازل والشركات من آثار التقلبات الشديدة في أسواق الطاقة العالمية.
وتشهد أسعار الكهرباء في بريطانيا زيادة جديدة في أبريل/نيسان المقبل تقدر بنحو 54%.
وقال وزير الأعمال والطاقة البريطاني، كواسي كوارتنغ، في تغريدة على تويتر، الأسبوع الماضي: "لم يعد الأمر يتعلق بمحاربة التغير المناخي، أو تحقيق الحياد الكربوني".
وأضاف أن "ضمان استقلال الطاقة النظيفة في المملكة المتحدة قضية أمن قومي؛ يمكن لبوتين تحديد سعر الغاز، لكنه لا يستطيع التحكم مباشرة في أسعار الطاقة المتجددة والنووية التي ننتجها في المملكة المتحدة".
وتهدف المملكة المتحدة إلى خفض استخدام الغاز في توليد الكهرباء إلى 65% بحلول عام 2035، و100% بحلول عام 2050.
رفع الحظر على التكسير الهيدروليكي للغاز
في حين يرغب بعض أعضاء حزب المحافظين بالبرلمان في رفع الحظر المفروض على التكسير الهيدروليكي للغاز الصخري؛ للحد من الواردات؛ استبعدت مصادر من مجلس الوزراء البريطاني حدوث هذا الأمر على المدى القصير، حتى يُتَأكد من سلامة الأمر.
وتعتزم بريطانيا إغلاق آبار الغاز الصخري بالخرسانة بحلول 30 يونيو/حزيران المقبل.
ويؤيد أغلبية وزراء الحكومة عمليات التوسع في إنتاج الطاقة المتجددة والطاقة النووية، وأعلنت بريطانيا التوقف تدريجيًا عن استيراد النفط من روسيا بنهاية العام الجاري.
وتستورد المملكة المتحدة 8% من النفط و4% من الغاز من روسيا، بينما تعتمد دول الاتحاد الأوروبي على تأمين 40% من احتياجاتها من الغاز و27% من النفط من روسيا.
وقالت مصادر: "إن التغييرات في قواعد التخطيط التي ستسهل من بناء مزارع الرياح، من المُرجَّح أن تُعلَن باعتبارها جزءًا من الإستراتيجية الجديدة للطاقة"، حسب صحيفة الغارديان.
وتوقف بناء محطات الرياح في المملكة المتحدة منذ عهد رئيس الوزراء السابق، ديفيد كاميرون، الذي وضع لوائح مشددة لبناء مزارع الرياح.
ودفعت الحرب الروسية الأوكرانية العديدَ من الدول إلى تسريع عملية التحول نحو الطاقة الخضراء النظيفة؛ حيث أعلنت الحكومة الألمانية حزمة إضافية بقيمة 30 مليار يورو (32.74 مليار دولار أميركي) لدعم خطة الانتقال النظيف للطاقة في البلاد.
ووصف وزير المالية الألماني، كريستيان ليندنر، مصادر الطاقة المتجددة بأنها "طاقات الحرية" التي يمكنها أن تدعم استقلال الطاقة في ألمانيا.
الطاقة مسألة أمن قومي
قال وزير الطاقة في حكومة الظل المعارضة، إد ميليباند: "إن حزب العمال دعا إلى سباق وطني عاجل لبناء مستقبل نظيف وأخضر وآمن باستخدام مصادر الطاقة المتجددة".
وأضاف أن "أمن الطاقة مسألة أمن قومي، والذي يمكن تحقيقه عن طريق إنتاج الطاقة المحلية الأرخص والأكثر أمانًا".
وفي عام 2020، أنتجت مصادر الطاقة المتجددة 43% من الكهرباء في بريطانيا، في حين استحوذت مصادر الوقود الأحفوري من النفط والغاز والفحم على 40% من إنتاج الكهرباء، وأنتجت الطاقة النووية السعة المتبقية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، أعلن بوريس جونسون أن إنتاج الكهرباء في بريطانيا سيعتمد اعتمادًا كليًا على مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2035، والخطة الآن هي تنفيذ ذلك الهدف قبل الموعد المحدد.
ويتزايد دعم إنشاء مزارع الرياح في بريطانيا على الرغم من معارضة العديد من نواب حزب المحافظين في البرلمان.
وتستهدف بريطانيا مضاعفة استخدام طاقة الرياح في البلاد 4 مرات خلال 10 سنوات من الآن.
وقال عضو البرلمان عن حزب المحافظين عن دائرة ثيرسك ومالتون، كيفين هولينراك: "منع نظام التخطيط في البلاد إنشاء مشروعات جديدة لمزارع الرياح خلال السنوات الـ5 الماضية، على الرغم من كونها أرخص مصدر متجدد لتوليد الكهرباء".
وأضاف أن "إصلاح هذه القواعد سيُحفز الاستثمار في الطاقة النظيفة المنتجة محليًا، ويسرع عملية الانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري باهظ الثمن".
وقال مدير شبكة المحافظ البيئية، وهو منتدى مستقل لأعضاء حزب المحافظين الذين يدعمون الحياد الكربوني، سام هول: "إن تبسيط الموافقات واللوائح التخطيطية سيُسهِم في إطلاق مزيد من مشروعات الرياح والطاقة الشمسية التي تُسهِم في إنتاج طاقة محلية نظيفة ورخيصة".
"حان الوقت الآن لتسريع عملية الانتقال نحو الحياد الكربوني، والتخلص من الوقود الأحفوري"، بحسب هول.
موضوعات متعلقة..
- مع أزمة الطاقة في أوروبا.. بريطانيا قد تلجأ إلى التكسير الهيدروليكي
- بريطانيا تعلن وقف استيراد النفط الروسي بحلول نهاية 2022
- تأخُّر انتشار الحافلات عديمة الانبعاثات يثير أزمة في بريطانيا
اقرأ أيضًا..
- تنقلان النفط الإيراني منذ 2020.. أميركا تصادر سفينتين تهربتا من العقوبات
- هل يتأثر قطاع الطاقة في اليابان بالعقوبات ضد موسكو؟ برلماني يجيب
- مراكز سعودية وقطرية ومصرية تنافس ميناء الفجيرة لتقديم وقود السفن