إعادة تدوير البطاريات.. هل تحل أزمة نقص المعادن العالمية بحلول 2030 (تقرير)
توفر 180 ألف طن وعائدات تصل إلى 51 مليار دولار
هبة مصطفى
قد تُصبح إعادة تدوير البطاريات هي الإجابة عن تساؤل "كيف يتغلب العالم على نقص المعادن؟"؛ إذ يهدد النقص في إمدادات الليثيوم والكوبالت -الذي بدأت ملامحه تظهر في الآونة الحالية ومن المتوقع زيادته بصورة أكبر- طموحات نمو صناعة السيارات الكهربائية.
وتحمل خطط التحول وانتقال الطاقة العالمية بين طياتها ركيزة أساسية تعتمد في خفض الانبعاثات؛ وهي اعتماد النقل الكهربائي والسيارات الكهربائية، لكن تلك الخطط باتت وشيكة الاصطدام بنقص المعادن الأساسية اللازمة لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.
من هذا المنطلق، سلّط تقرير صادر عن شركة "آي دي تيك إكس" لأبحاث التقنيات الحديثة -ومقرها المملكة المتحدة- الضوء على دور إعادة تدوير البطاريات في تعويض نقص المعادن خاصة الليثيوم والكوبالت.
وتتجه التوقعات إلى تحقيق سوق إعادة تدوير البطاريات انتعاشة على مدار العقدين المقبلين حتى عام 2042؛ إذ قدر التقرير إمكان إعادة تدوير 12 مليون طن من بطاريات الليثيوم أيون بعائدات تصل إلى 51 مليار دولار مقابل قيمة المعادن المهمة المستردة عبر إعادة التدوير.
إعادة تدوير البطاريات وانتشار السيارات الكهربائية
رغم أن إعادة تدوير البطاريات ليست حلًا سحريًا لتعويض نقص المعادن ومواجهة تحديات صناعة بطاريات الليثيوم أيون؛ التي تؤدي دورًا حيويًا في تطور ونمو انتشار السيارات الكهربائية؛ فإنها قد تكون أداة ضمن أدوات الاقتصاد الدائري للصناعة.
ويُقصد بالاقتصاد الدائري بصورة عامة استخدام المواد والمكونات المتاحة سواء خلال عملية الإنتاج أو الاستهلاك، وإعادة إصلاحها وتجديدها لاستخدامها أقصى مدة متاحة.
وبذلك تُسهم إعادة تدوير البطاريات -بصورة جزئية- في خفض معدلات نقص المعادن (خاصة الليثيوم والكوبالت)، وكذلك يمكن لتلك الخطوة تلافي الآثار السلبية لإنتاج بطاريات الليثيوم أيون من جديد.
وقدَّر تقرير "آي دي تيك إكس" أنه بحلول عام 2030، يمكن أن تلبي عمليات إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون ما يزيد على 6% من الطلب العالمي على الليثيوم، وما يزيد على 8% من الطلب على الكوبالت.
وتشير تلك النسب إلى أنه بحلول 2030 قد توفر إعادة تدوير البطاريات (خاصة بطارية الليثيوم أيون) ما يزيد على 180 ألف طن من (الليثيوم، والكوبالت، والنيكل، والمنغنيز)، كما توقع التقرير نمو تلك التوقعات إلى 10 أضعاف بحلول عام 2042.
- بطاريات أيونات الليثيوم.. إعادة استعمالها يقلل الأثر الكربوني 17% (دراسة)
- مع طفرة السيارات الكهربائية.. العالم بحاجة لاستثمارات ضخمة في بطاريات الليثيوم
خطوة جيدة للكوبالت.. ولكن!
رجّح معدو تقرير "آي دي تيك إكس" أنه بتوفير إعادة تدوير البطاريات بعض المعادن الأساسية مثل "الكوبالت" تجب إعادة النظر في حجم كثافته خلال تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية وخفضها، وأرجعوا ذلك إلى أنه بإعادة تدوير البطاريات تزداد نسبة الكوبالت المُعاد تدويره لاستخدامات تصنيع البطاريات.
ونظرًا لأن الطلب على الكوبالت لتصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية يفوق الطلب عليه في تصنيع البطاريات؛ فإن ذلك يتطلب خفض كثافته في تصنيع البطاريات؛ حتى لا يحقق الكوبالت المعاد تدويره خصيصًا لتلك الصناعة فائضًا، وفق صحيفة ماينينغ.
واستبعد التقرير -الذي حمل عنوان "سوق إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون من عام 2022 حتى 2024- النظريات الداعمة لتلبية الكوبالت المعاد تدويره الطلب بنسبة 15% بحلول عام 2030؛ نظرًا لصعوبة تطبيق إعادة التدوير على بطاريات الإلكترونيات الاستهلاكية.
وتوقع التقرير زيادة معدلات النقص في الكوبالت بداية من منتصف العقد الجاري حتى نهايته، وكذلك الليثيوم وبعض المعادن الأخرى؛ ما يدعو للتركيز من الآن على إعادة تدوير البطاريات، خاصة بطاريات الليثيوم أيون، وفق ريسايكلينغ توداي.
وأكد أن المعادن المُنتجة من إعادة تدوير البطاريات لا يمكنها وحدها تلبية الطلب على المعادن الأساسية المطلوبة لتعزيز صناعة السيارات الكهربائية وبطاريات تخزين الكهرباء، لكنها تُسهم في خفض معدلات النقص التي تؤثر في سلاسل التوريد.
بطاريات الليثيوم أيون
تلعب بطاريات الليثيوم أيون دورًا مهمًا في صناعات عدة؛ من ضمنها صناعة السيارات الكهربائية، وبطاريات تخزين الكهرباء، بالإضافة إلى تصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية.
وبالنظر لتلك الأهمية، تعمل تقنية إعادة تدوير البطاريات على استرداد قيمة معادنها وتوفير عائدات إضافية وضمان تطبيق سلاسل التوريد لنظريات الاقتصاد الدائري وحمايتها من تقلب أسعار السوق.
وبالفعل -ومنذ العام الماضي- بدأت شركات عدة الاتجاه إلى جمع نفايات بطاريات الليثيوم أيون لإعادة تدويرها، واقترح تقرير "آي دي تيك إكس" بناء شبكة متكاملة لجمع بطاريات السيارات الكهربائية، باعتبارها النوع القابل لإعادة التدوير وليس بطاريات الإلكترونيات الاستهلاكية.
ويؤدي انتشار السيارات الكهربائية -ولو بصورة طفيفة- على مدار العقد الماضي إلى بدء بلوغ بطارياتها عمرها الافتراضي بحلول العقد المقبل؛ ما يمهّد الطريق لازدهار إعادة تدوير البطاريات خلال تلك المدة بعد جمع البطاريات التي توشك على بلوغ عمرها الافتراضي.
وبنمو صناعة إعادة تدوير البطاريات، يمكن الانتقال لمرحلة أقوى بالاستفادة من البطاريات منتهية الصلاحية، لكنها مرحلة تتطلب تقنيات أكبر وأدق، وكذلك تكلفة أضخم.
تحديات إعادة التدوير
تواجه سوق إعادة تدوير البطاريات تحديات عدة، تبدأ من طريقة جمع البطاريات المتهالكة بصورة صحيحة عبر إنشاء الشبكة المقترحة لتجنب ارتفاع تكلفة إعادة التدوير، وتوافر آليات المعالجة لتلك البطاريات بعد جمعها.
التحدي الثاني -والمهم أيضًا- أمام إعادة تدوير البطاريات هو الافتقار لتصميم يتجنب ارتفاع تكلفة تفكيك وفرز البطاريات المتهالكة بعد جمعها واستغراقها وقتًا كبيرًا، وفق الموقع الإلكتروني لشركة "آي دي تيك إكس" مُعدة التقرير.
ويشكل تصميم السيارات الكهربائية المتباين من طراز لآخر، ومن شركة لأخرى، تحديًا ثالثًا أمام ازدهار تلك السوق؛ فعلى سبيل المثال تحتاج بطاريات السيارات الكهربائية ذات الجهد العالي إلى جهد مضاعف ووقت إضافي حتى تتم عملية التفكيك الآمن للبطاريات.
أما التحدي الرابع فيتمثل في الحاجة إلى تكثيف استخراج المكونات ذات درجة نقاء عالية بكفاءة أعلى، لتحقيق تعادل في عملية إعادة التدوير بين السعر مقابل القدرة الكهربائية.
اقرأ أيضًا..
- طموح صادرات الطاقة الروسية يصطدم بأهداف الصين المناخية (تقرير)
- مدينة عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بأكثر من 2.5 مليون طن سنويًا
- كم تنتج الجزائر من النفط يوميا؟