حوكمة الأهداف المناخية في شرق أفريقيا.. البنوك "حجر الزاوية"
هبة مصطفى
لم يعد الحديث عن الأهداف المناخية في أروقة المؤتمرات الدولية والصالونات السياسية كافيًا لتنفيذها على أرض الواقع؛ إذ تحتاج للوائح تنظيمية وقوانين تدعم انتشارها.
ولبدء تحقيق مردود فعلي لتلك الأهداف المناخية، صار تحوّلها من مجرد مسؤولية أخلاقية إلى مطلب قانوني أمرًا مهمًا وحتميًا.
ويبرز في مرحلة تحوّل الأهداف المناخية إلى لوائح وقوانين مُلزمة، دور المصارف والبنوك التي تعكف على تمويل المشروعات وتقديم القروض والمنح والضمانات المالية اللازمة لدعم الشركات والحكومات، ما يتطلب تعزيز حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية في عملياتها.
لماذا البنوك؟
ترتفع الأصوات المنادية بتحقيق الأهداف المناخية بصورة أكبر في الدول الأفريقية التي تتمتع بإمكانات متجددة هائلة، إلّا أنها -رغم ذلك- متأخرة بعض الشيء عن ركب الدول الأخرى التي بدأت خطوات فعلية نحو دعم مكافحة التغير المناخي.
وتمثّل البنوك حجر الزاوية خلال تطبيق الأهداف المناخية، وذلك بتعزيز حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية خلال عمليات التمويل والقروض والتسهيلات الائتمانية للمشروعات.
ويوفر دمج حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية في الهيئات -وخاصة البنوك- تحقيق تأثير فعلي لتلك الأهداف المناخية، وخفض الآثار السلبية للمشروعات في المحيط الاجتماعي.
واتفق مشاركون في ندوة برعاية شركة "كيه بي إم جي"، التي تعدّ ضمن أكبر 4 شركات محاسبة بالعالم، عقدتها عبر تقنية التواصل المرئي، على أن بنوك شرق أفريقيا يتعين عليها بدء تطبيق حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية لتحقيق الأهداف المناخية.
-
التغير المناخي.. أفريقيا تدفع فاتورة انبعاثات الدول المتقدمة (تقرير)
-
البنك الدولي يطلق إستراتيجية تغير المناخ للشرق الأوسط وشمال أفريقيا
بنوك شرق أفريقيا
بدأت عدّة بنوك في شرق أفريقيا بتطبيق حوكمة الأهداف المناخية والقضايا البيئية والاجتماعية، إذ أصدر البنك المركزي في كينيا -في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي- توجيهاته للبنوك التجارية بدمج اعتبارات مخاطر تغير المناخ المالية في تدابير الحوكمة.
وشمل توجيه البنك المركزي الكيني للبنوك التجارية في البلاد، تحديد سبيل واضح لرصد مخاطر تغير المناخ، خاصة المخاطر المالية، وإعداد استراتيجية لخفض تلك المخاطر.
واتفق موقف البنك المركزي في كينيا مع موقف بورصة الأوراق المالية لنيروبي (العاصمة الكينية) التي أعدّت دليلًا يساعد الشركات في جمع بيانات حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية وتحليلها ورصدها.
من كينيا إلى رواندا -الواقعة شرق أفريقيا أيضًا-، دعا البنك الوطني البنوك المحلية لإعداد تقرير شامل لتوضيح العلاقة بين أدائها المالي وتأثيرها الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، بموجب القانون رقم 28 لعام 2019، وهو الأمر الذي تبحثه بنوك أوغندا أيضًا.
وسبق أن انضمّت بورصة دار السلام التنزانية إلى مبادرة التداول المستدام في بورصات الأوراق المالية التابعة للأمم المتحدة عام 2016، والتي تهدف لضبط أداء حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية للشركات المُدرجة، لدعم الأهداف المناخية، وفق صحيفة ذي إيست أفريكان.
الأهداف المناخية أم المخاطرة المالية؟
رغم اتفاق الخبراء على أهمية تطبيق حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية والأهداف المناخية في بنوك شرق أفريقيا، واتخاذ بعض البنوك خطوات فعلية بإصدار توجيهاتها حول هذا الشأن، فإن هناك تخوفًا من المخاطر المالية.
إذ ما زالت مخاوف تأثّر الأداء المالي وانخفاضه حال تطبيق توجهات حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية تسيطر على 40% من رؤساء الشركات بشرق أفريقيا، حسبما أظهر استطلاع رأي أجراه الرئيس التنفيذي لشركة "كيه بي إم جي".
وحذّر الرئيس التنفيذي لرابطة المصرفيين الكينيين، هابيل أولاكا، من أن الفشل في تنفيذ برامج حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية قد يعزز المخاطر المالية على البنوك، مشيرًا إلى عدم قدرة المؤسسات المتأثرة سلبًا من تغير المناخ على الوفاء بتعهداتها المالية.
وأكدت المديرة المساعدة لشؤون المناخ والطاقة المتجددة والمرونة بالشركة الفرعية لمؤسسة "كيه بي إم جي" في شرق أفريقيا، تريسي لين، أن حوكمة الأهداف المناخية والقضايا البيئية والاجتماعية لم تعد مجرد خطوة إجرائية، لكن هناك أبعادًا مهمة حول المخاطرة المالية.
ورغم مخاوف المخاطرة المالية، فإن رئيس الخدمات المصرفية بالشركة، جوزيف كاريوكي، لفت في المقابل إلى أن البنوك التي تتأخر عن تطبيق حوكمة القضايا البيئية والاجتماعية في عملياتها ستواجه صعوبة في الوصول لرأس المال؛ نظرًا لأن غالبية المستثمرين يراعون الاعتبارات المناخية في مشروعاتهم.
اقرأ أيضًا..
- ارتفاع أسعار النفط والغاز يجذب المستثمرين لشراء ديون شركات الطاقة الأميركية
- خلافات مالية تهدد صفقة توتال الضخمة في العراق
- بايدن يبطل إجراءات إدارة ترمب ليصوغ سياساته في مجال البيئة والطاقة