مشروعات النفط في أوغندا.. طموحات تطوير الصناعة مكبلة بقيود الانبعاثات
الرئيس موسيفيني: أهمية قطاع النفط ستظل مستمرة
هبة مصطفى
هل تستطيع مشروعات النفط في أوغندا الصمود أمام الأهداف المناخية العالمية؟ تساؤل يطرح نفسه في حين تكافح الدولة الواقعة شرق أفريقيا للتوسع في الصناعة بشتّى السبل.
إذ تتوسع الحكومة الأوغندية في خطط إنتاج النفط، بتوقيع اتفاقات مشروعات استكشاف وإنتاج من حقول نفطية وتطوير مصفاة تكرير في البلاد، في الوقت الذي تجنح به غالبية دول العالم بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وتُركّز على مشروعات الطاقة النظيفة الخالية من الانبعاثات.
وبينما تهدف أوغندا إلى بدء تصدير النفط الخام، لم تُفصح عن خططها لإدارة الكربون الناتج عن المشروعات النفطية، إذ إن الميزة الدولية الذي تسعى كامبالا للحصول عليها عبر التصدير تُلزمها بمراعاة توجّه غالبية الدول والشركات -المهتمة بصناعة النفط- نحو الحياد الكربوني.
خفض انبعاثات النفط
ترتبط طموحات التوسع بمجال النفط في أوغندا بمدى نجاحها في جذب استثمارات أجنبية، إذ يُعدّ التمويل وإمكانات التقنيات أبرز التحديات أمام غالبية الدول الأفريقية، ومنها أوغندا.
ولفتح المجال أمام المشروعات مع الشركات الأجنبية، تحتاج أوغندا لإعلان إستراتيجيتها لخفض انبعاثات قطاع النفط، إذ تسعى غالبية الشركات العالمية للالتزام بخطط مشروعات منخفضة الكربون تماشيا مع التعهدات المناخية الدولية.
وبينما لم تتحول تلك الشركات بالكامل إلى الطاقة النظيفة والمتجددة، ولأن صناعة النفط ما زالت تمثّل ركيزة أساسية لغالبية الدول والشركات الكبرى، بات الحلّ المرحلي الأقرب هو إحداث توازن بين تطوير الوقود الأحفوري وبين كيفية التعامل مع الانبعاثات المسبّبة لغازات الاحتباس الحراري.
ويتعين على حكومة أوغندا وضع وإعلان خطط إداراتها لكربون قطاع النفط، حتى تتمكن من حجز مقعد ناجح لها في سوق النفط الدولية.
وتُشكّل انبعاثات الكربون الأوغندية نسبة قدرها 0.01% فقط من الانبعاثات العالمية، غير أن التوقعات تُشير لارتفاع تلك النسبة مع تنفيذ خطط ومشروعات التطوير.
وحاولت الحكومة مؤخرًا طمأنة المنظمات البيئية باتّباعها عدّة تدابير لخفض انبعاثات مشروعات النفط في أوغندا، كالتخلّي عن حرق الغاز خلال عمليات الاستكشاف، والاعتماد عليه في توليد الكهرباء أو تحويله لغاز النفط المسال.
وأشار المدير التنفيذي لهيئة النفط الأوغندية، إرنست روبوندو، إلى نيّة الحكومة الاستفادة من الطاقة الشمسية في حقول النفط دون الإفصاح عن أيّ تفاصيل.
موقف رسمي "معاند"
رغم أن غالبية شركات النفط العالمية إمّا تُدير خطط للتعامل مع الانبعاثات الكربونية لمشروعاتها، أو تفتح مجالًا لمشروعات الطاقة المتجددة، فإن أوغندا -على الصعيد الرسمي- تسبح عكس هذا التيار.
إذ استبعد الرئيس الأوغندي، يويري موسيفيني، تأثير التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة في قطاع النفط ببلاده، مشيرًا إلى أن الأهمية التي يكتسبها قطاع النفط العالمي ستظل مستمرة.
وقال، إن المخاوف من تأثير تحرك العالم تجاه الطاقة النظيفة بإنتاج مشروعات النفط في أوغندا ليست في محلها، مشيرًا إلى أن هناك استخدامات عديدة للنفط بخلاف مشتقات وقود السيارات، وفق ما نقلت عنه صحيفة أول أفريكا.
وأكد موسيفيني أنه تمّت دراسة أوضاع السوق، وتبين أن الحاجة لأسواق النفط ستظل مستمرة، خاصة أن استخداماته الأخرى أكثر استدامة عن الوقود.
واتفقت معه السكرتيرة الدائمة لوزارة الطاقة الأوغندية، بولين إيرين باتيب، مؤكدة أن بلادها تملك القدرة على تحقيق مكاسب من قطاعها النفطي لمدة تتجاوز 40 عامًا.
وأضافت أن استخدامات النفط تتسع لأكثر من مجرد وصفه وقودًا للسيارات فقط، إذ يُستخدم في صناعة البتروكيماويات لإنتاج البوليستر والمطاط الصناعي المستخدم في تصنيع الإطارات.
مشروعات النفط في أوغندا
اكتسبت مشروعات النفط في أوغندا زخمًا كبيرًا المدة الماضية، فقبل أيام توصّلت الحكومة ومثيلتها التنزانية (ممثّلتين في شركات النفط الوطنية بهما) لاتفاق استثمار نهائي مع شركتي توتال إنرجي الفرنسية وسينوك الصينية.
ويشمل الاتفاق -الذي تقارب استثماراته 10 مليارات دولار أميركي- تطوير مشروع بحيرة ألبرت الضخم الذي يضم مرحلتين، إنتاج النفط من حقلي تيلينغا وكينغفيشر اللذين تديرهما الشركتان الفرنسية والصينية في أوغندا، ثم نقل الإنتاج من أوغندا إلى تنزانيا عبر خط أنابيب شرق أفريقيا إيكوب.
وتعتزم الشركات المسؤولة عن المشروع ضخّ أول إنتاج من الآبار الأوغندية، والمقدّر بما يقارب 1.4 مليار برميل، بحلول عام 2025.
وجاء إعلان اتفاق المشروع وبدء الإنتاج من الحقلين الأوغنديين بالتزامن مع إعلان وزيرة الطاقة والتنمية المعدنية الأوغندية، روث نانكابيروا، تطوير مصفاة بقدرة معالجة تصل إلى 60 ألف برميل يوميًا.
- بحيرة ألبرت الأفريقية.. مشروع نفطي ضخم في أوغندا وتنزانيا
- أوغندا تعلن تطورات مشروع خط أنابيب شرق أفريقيا إيكوب
تأثير بيئي واجتماعي
بدأت جرّافات التربة الأوغندية أعمال الحفر التمهيدية لبناء محطة تابعة لتوتال إنرجي لمعالجة إنتاج حقل كينغفيشر، الواقع على بعد 100 كيلومتر من بحيرة ألبرت، وتصفية شوائب النفط الخام وفصله عن الغاز.
وشهدت المنطقة المحيطة بأعمال حفر محطة المعالجة ثار الأتربة والغبار الكثيف، بعد تجريف مساحة تصل إلى 740 فدانًا كانت تُستخدم قبل ذلك في أعمال الرعي.
وإضافة إلى تجريف أرض الرعي، تأثّر 600 شخص من قاطني تلك المنطقة بتخصيص تلك الأراضي للمشروع، بينما يمتد التأثير الإجمالي للمشروع بشقّيه (سواء الآبار ومحطات المعالجة الأوغندية، أم النقل عبر خط الأنابيب التنزاني) إلى 4 آلاف من السكان.
بدورها، أكدت توتال إنرجي أن 60% من السكان المتضررين حصلوا على تعويضات كاملة عن فقدانهم لأراضيهم ومنازلهم، لكن بعض السكان تضرروا بصورة أكبر، ونُقِلوا أكثر من مرة خلال مراحل تطور المشروع.
وتحفّظت مجموعة تضم ما يزيد عن 50 منظمة غير حكومية (من أوغندا والكونغو) على المشروع، لافتة إلى أنه كان يُفضل تخصيص تلك الاستثمارات لصناعات كثر إخضرارًا ونظافة، بدلًا من زيادة تأثيرات تغير المناخ بفعل المشروعات النفطية.
تخلٍّ غير عادل
دافعت الرئيسة التنفيذية لشركة النفط الأوغندية، بروسكوفيا نابانجا، عن المشروع، مشيرة إلى أن الاستثمارات ستتضاعف حتى يصل عائد كل دولار أُنفِق إلى 10 أمثاله.
ووصفت دعوة الدول الغنية للتخلي عن الاستثمارات النفطية بأنها "غير عادلة" لأوغندا التي تملك موارد تسعى للاستفادة منها، لافتة إلى أن أفريقيا تعاني من "فقر الطاقة"، حسبما نقل الموقع الإلكتروني لقناة بي بي سي عنها.
وأضافت نابانجا أن بلادها تستخدم حطب الخشب لتوليد الوقود، وتفقد 120 ألف هكتار من الغابات سنويًا لتحقيق ذلك؛ لذا من غير الطبيعي الحديث عن انتقال الطاقة في ظل ضعف الإمكانات الرئيسة للمعيشة.
وتعهدت في الوقت ذاته ببذل جهود لخفض الأثر البيئي الناجم عن مشروع بحيرة ألبرت وحقوله النفطية، خاصة أنه يتركز في منطقة بيئية مهمة.
تحديات ومعوقات
بخلاف عدم امتلاكها خططًا لإدارة انبعاثات قطاع النفط، تواجه أوغندا -التي تقارب احتياطياتها 5.6 مليار برميل- تحديات تعوق تطوّر الصناعة، أبرزها المعارضات البيئية لنشطاء، خاصة لمشروع خط أنابيب النفط لشرق أفريقيا "إيكوب" المشترك مع تنزانيا.
ويستند النشطاء في معارضتهم إلى أضرار القطاع بمصادر المياه في البلدتين، بالإضافة إلى تسبّبه في إخلاء مناطق سكنية بالكامل.
وهناك جانب آخر من معوقات مشروعات النفط في أوغندا يتمثل في مواجهة تطوير مصفاة تبلغ طاقة معالجتها 60 ألف برميل يوميًا عدّة تأخيرات، وفق صحيفة أويل برايس.
إذ تقدَّم ائتلاف الشركات الدولية المعنية بتطوير المصفاة وتشغيلها، ألبرتين غرابن، بالتصميمات الهندسية -أواخر العام الماضي- إلى هيئة النفط الأوغندية، فيما لم تُقدّم دراسات تقييم الأثر البيئي والاجتماعي حتى الآن، رغم بدئها قبل عامين.
شهد تطوير تلك المصفاة جدلًا منذ سنوات، غير أنها حظيت بالموافقات الحكومية مؤخرًا، وأُسنِدَت مهمة التطوير للمُطور الأجنبي ألبرتين غرابن.
النمو الأفريقي
رغم المخاوف من حجم انبعاثات مشروعات النفط في أوغندا، فإن تطوّر الصناعة بها يعزز دور الدول الأفريقية تجاه سوق النفط العالمية، خاصة أن غالبية الدول الأوروبية والأميركية تتجه نحو مسار البدائل المتجددة.
ويدفع ذلك شركات النفط العالمية للتوجّه باستثماراتها نحو دول القارّة السمراء التي ما زال انتقال الطاقة بها متأخرًا بعض الشيء، مقارنة بغيرها، وتُعزز احتياطيات أفريقيا غير المستغلة بصورة جيدة حتى الآن، وضعف التقنيات المحلية من جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة وأن تكلفة التطوير في القارّة منخفضة بنسبة كبيرة.
وترى بلدان أفريقية عدّة أن المدة الحالية بمثابة "فرصة" لازدهارها وتعويض فاقد الإنتاج الذي قد يسبّبه التوجه نحو المشروعات المتجددة في ظل زيادة الطلب، بينما -في المقابل- تميل وكالة الطاقة الدولية إلى التخلص من الوقود الأحفوري بصفته حلًا لمواجهة الانبعاثات وغازات الاحتباس الحراري.
اقرأ أيضًا..
- شركة شل: مستعدون للمساعدة في إمداد أوروبا بالغاز الطبيعي
- جحيم في البحر.. انفجار سفينة نفط في نيجيريا (فيديو وصور)
- أدنوك تعلن أول اكتشاف للغاز في المربعات البحرية بأبوظبي