حقول النفط البرية.. أصول بتروبراس المتعثرة تفتح شهية المستثمرين على جني الأرباح
بعد تخلي الشركة البرازيلية عن احتكار السوق
نوار صبح
مع توجه شركة النفط الوطنية البرازيلية "بتروبراس" إلى التخلي عن احتكار السوق، يبدي المستثمرون اهتمامًا متجددًا بالمشروعات النفطية البديلة مثل حقول النفط البرية البرازيلية.
ويمكن لمجموعة جديدة من الشركات المستقلة جني الكثير من الأموال من أصول النفط والغاز الناضجة على المدى القصير، إذا أتاحت القواعد التنظيمية الفرصة لذلك، حتى في ظل سعي العالم للوصول إلى مستقبل محايد كربونيًا.
يأتي ذلك في وقت يتجه فيه خام برنت نحو 100 دولار للبرميل، وتشهد سوق النفط فترة من التقلبات الهيكلية وسط نقص الاستثمار في الاستكشاف والإنتاج وعدم اليقين بشأن الطلب على المدى الطويل، حسبما نشر موقع "إنرجي مونيتور".
تحذيرات من ارتفاع الأسعار
حذّر مركز أبحاث مبادرة "كاربون تراكر" البيئية -ومقرّه العاصمة البريطانية لندن- من أن اندفاع سعر النفط نحو 3 أرقام يمثل "فخًا للأصول المتعثرة" في حالة انخفاض الطلب بسرعة في ثلاثينيات القرن الحالي.
وأشار إلى أن المستثمرين قد يهدرون 500 مليار دولار، إذا أدى ارتفاع سعر النفط إلى موجة من الاستثمار الأولي في مشروعات النفط طويلة الدورة، التي أصبحت غير مجدية اقتصاديًا قبل استئناف استثمارها.
ويرى مركز أبحاث مبادرة "كاربون تراكر" أن الشركات تتجنّب الانخراط في مشروعات طويلة المدى وعالية التكلفة، وتركز، بدلاً من ذلك، على المشروعات ذات الدورة القصيرة التي يمكنها زيادة الإنتاج بسرعة لتلبية الطلب المرتفع على المدى القصير.
حقول النفط البرية
خلال العقد الماضي، انخفض إنتاج شركة النفط الوطنية في البرازيل "بتروبراس" من حقول النفط البرية من 187 ألف برميل من النفط يوميًا في عام 2010 إلى 96 ألفًا في عام 2020، ثم انخفض.
وبدلاً من ذلك، تركز "بتروبراس" على الفرص الوفيرة في المناطق البحرية البرازيلية، التي تتفوّق على حقول النفط البرية الصغيرة.
بالإضافة إلى ذلك، أدى انسحاب "بتروبراس" الإستراتيجي من قطاع حفول النفط البرية إلى ظهور موجة جديدة من الشركات المستقلة المكرسة لاكتساب وتنشيط الأصول الناضجة مع ترك الحياة الإنتاجية فيها.
وتشمل هذه الشركات "آر 3 بتروليوم" و"بترو ريكونكافو" و"بترو ريو" و"بترو-فيكتوري إنرجي"، من بين شركات أخرى.
وقال مدير شركة "غينايس إنرجي"، التي كُلِّفَت مؤخرًا مستشارًا ماليًا حصريًا لشركة "بترو-فيكتوري إنرجي"، بن لِيْث: إن إنتاج حقول النفط البرية البرازيلية انخفض بسبب نقص الاستثمار.
وأضاف أنه تنتشر في البرازيل آبار قديمة حُفِرَت منذ 30 أو 40 عامًا باستخدام بيانات زلزالية ثنائية الأبعاد غير متطورة تنتج عشرات أو مئات البراميل يوميًا فقط.
وأوضح أنه يمكن زيادة إنتاج حقول النفط البرية الصغيرة إلى حدّ كبير من خلال أعمال الصيانة البسيطة، التي يمكن أن توفر تدفقات نقدية إيجابية وعائدًا على الاستثمار في غضون أسابيع أو أشهر، بدلاً من السنوات العديدة المعتادة في مجموعات حقول الاستكشاف والإنتاج الكبيرة.
وأكّد أن الآبار وحقول النفط البرية الصغيرة تكفي لتحقيق عوائد كبيرة، لأن تكاليف التشغيل منخفضة، ولا توجد رسوم حكومية كبيرة على عقود تقاسُم الإنتاج "بي إس سي"، وأن الأمر يتطلب ملكية ثابتة في نطاق 5-10%، بالإضافة إلى ضرائب دخل الشركات البرازيلية بنسبة 25%.
وأردف قائلًا إن قدرًا كبيرًا من مناطق الامتياز الواعدة غير المستكشفة تقع في المناطق المجاورة للآبار القديمة، ما يوفر فرص تنمية سهلة وقصيرة الأجل وقليلة المخاطر ومنخفضة رأس المال.
وألمح أن النطاق الصغير للفرصة الاستثمارية يعني الشركات الكبيرة في قطاع النفط البرازيلي مثل بي بي أو شل أو إكوينور لا تتنافس على مناطق الامتياز في حقول النفط البرية.
وبيّن أن الآبار التي تُحفر عموديًا في الموارد التقليدية تعني أن إعادة التطوير أقل تكلفة من النفط الصخري، الذي يتطلب التكسير.
حقول استكشاف الغاز
يتيح تراجع شركة النفط الوطنية البرازيلية "بتروبراس"، مصحوبًا بزخم إلغاء القيود، فرصًا عديدة في مجال استكشاف الغاز الطبيعي وإنتاجه.
في المقابل، تسنّ الحكومة البرازيلية تشريعات لكسر احتكار مؤسسة النفط الوطنية لتوزيع الغاز، الأمر الذي عرقل إيصال الغاز إلى السوق في غياب البنية التحتية واسعة النطاق لخطوط الأنابيب.
وقال مدير شركة "غينايس إنرجي"، بن لِيْث: إنه تعذَّر إشراك شركة "بتروبراس" في إنشاء البنية التحتية للغاز الطبيعي، وستتاح هذه الفرصة بفضل قانون الغاز الجديد.
وأضاف أن تحقيق الدخل من أصول الغاز المتعثرة سيصبح سهلًا بموجب القواعد الجديدة؛ على سبيل المثال، عن طريق إمدادات الأنابيب إلى المستخدمين الصناعيين القريبين أو استخدامه لتوليد الكهرباء التي ترتبط بشبكة التوزيع المحلية.
وبيّن أن مواقع حقول النفط البرية التي تحتوي على كميات كبيرة من الغاز في رأس البئر ستجد طريقها إلى السوق قريبًا، مشيرًا إلى أن تنفيس الغاز الطبيعي أو حرقه بدلًا من بيعه سيتحول إلى مصدر دخل إضافي.
تضخم أسعار الأصول
على الرغم من الفرص الجديدة في مجال النفط والغاز البري، لا تزال حالة الاستثمار محفوفة بالضبابية وعدم اليقين.
وتمثّل سياسة كسر الاحتكار في البرازيل، خاصة نظام الملكية السخي الذي يحفز الاستثمار الداخلي، السمة المميزة للرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، الذي يواجه معركة شاقة لإعادة انتخابه.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الرئيس البرازيلي السابق لويز إيناسيو "لولا" دا سيلفا قد يعود إلى منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ويعني ذلك مراجعة الشروط التنظيمية الملائمة للمستثمرين التي تفضل الاستثمار الأولي.
ويعتمد المشغلون المحليون، في بعض الحالات، على المزيد من التخفيضات في رسوم الامتياز عند تجديد الترخيص، لكن هذا خارج عن إرادتهم ويخضع لمخاطر سياسية.
وبدورها، تضاعفت الأسهم في شركة "آر 3 بتروليوم" منذ أن ظهرت الشركة لأول مرة في البورصة البرازيلية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
ويرى بعض المحللين أنه حتى لو استعادت البرازيل معدل إنتاج حقول النفط البرية لعام 2010 البالغ 225 ألف برميل يوميًا، فإنها ستظل تمثل أقل من 0.3% من إنتاج النفط العالمي، ومن المتوقع أن يرتفع بأكثر من 6 ملايين برميل يوميًا ليتجاوز 100 مليون برميل يوميًا في عام 2022.
اقرأ أيضًا..
- مسؤول أميركي يكشف تطورات جديدة في ملف توصيل الغاز المصري إلى لبنان
- %39 تراجعًا في أرباح فيستاس الدنماركية لصناعة توربينات الرياح
- أسهم الطاقة تتفوق على البورصة الأميركية لأول مرة منذ عامين