تحول الطاقة.. هل تقف حقوق الإنسان حائلًا أمام مكافحة التغير المناخي؟
انتقادات لعمليات انتزاع الأراضي وانتهاكات عمالية
نوار صبح
تواجه عملية التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة ومكافحة التغير المناخي تحديات عديدة من حيث جدواها وممارساتها، وتندرج الادّعاءات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان التي تتراوح بين الاستيلاء على الأراضي وانتهاكات حقوق العمّال في إطار التحديات التي تهدد تحول الطاقة.
وعلى الرغم من أن نشر الطاقة النظيفة يُعدّ جزءًا مهمًا من جهود معالجة أزمة التغير المناخي العالمية، فإن هناك مخاوف متزايدة من أن بعض مشروعات الطاقة المتجددة تفشل في دمج حقوق الإنسان بسياستها؛ ما قد يهدد تحول الطاقة بالكامل، وفقًا لتقرير موقع "إنرجي مونيتور".
وقد أدت معارضة المزارعين واحتجاجات السكان المحليين والنزاعات معهم بشأن تعويضات الأراضي، في عام 2016، إلى إلغاء مشروع مزرعة الرياح "كينانغوب" في كينيا بقيمة 144 مليون دولار، بعد عدّة سنوات من التوقف، وجعلت من الصعب على العمّال بناء مزرعة الرياح.
وقالت مديرة برنامج الموارد الطبيعية وحقوق الإنسان في مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان (بي إتش آر آر سي) في المملكة المتحدة، جيسي كاتو، إن مشروع مزرعة الرياح "كينانغوب" واجه إجراءات قانونية لمدة 3 إلى 4 سنوات، وكادت تؤدي إلى إفلاس الشركة.
وأضافت أن سلاسل إمداد الطاقة المتجددة بحاجة إلى تبنّي سياسة احترام حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن أزمة المناخ تمثّل أكبر تهديد لحقوق الإنسان حاليًا، وقد تعوق تحول الطاقة.
ادّعاءات متواصلة
جمع مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان بي إتش آر آر سي أكثر من 200 ادّعاء يتعلق بحقوق الإنسان وتحول الطاقة، كلها مرتبطة بمشروعات الطاقة المتجددة في السنوات الـ11 الماضية، 44% منها مرتبطة بطاقة الرياح أو الطاقة الشمسية.
وكانت معظم الادّعاءات المتبقية مرتبطة بالطاقة الكهرومائية، أكبر مصدر للطاقة المتجددة في العالم.
ولا يُعدّ مشروع مزرعة الرياح "كينانغوب" في كينيا مشروع الطاقة المتجددة الوحيد الذي شهد تعطلًا بسبب النزاعات مع المجتمعات المحلية.
فقد قضت المحكمة العليا في كينيا مؤخرًا بأن مشروعًا آخر لطاقة الرياح في بحيرة توركانا قد استولى على أرض قَبَلية دون اتّباع الإجراءات القانونية، مما يمنحه عامًا واحدًا حتى تُنظَّم العملية، وبعد ذلك ستُعاد سندات الملكية إلى القبيلة.
في المكسيك، رفع السكان المحليون وجماعات حقوق الإنسان، في عام 2020، دعوى قضائية للمطالبة بتعليق مشروع مزرعة الرياح "غونا سيكارو" التابع لشركة كهرباء فرنسا (إي دي إف) المخطط بناؤها على أراضي قبيلة السكان الأصليين "يونيون هيدالغو".
يأتي ذلك على الرغم من أن محكمة مدنية فرنسية رفضت الطلب مؤخرًا، جزئيًا لأسباب إجرائية.
وشهد مشروع طاقة الرياح "يوليكا ديل سور" الضخم على ساحل المحيط الهادئ في المكسيك احتجاجات واسعة النطاق، وتواجه مزرعة الرياح "غواجيرا 1" في كولومبيا مشكلات مماثلة.
انتقادات للطاقة المتجددة
وُجِّهَت انتقادات إلى محطات الطاقة الشمسية، مثل "مزرعة نويفا إكسكالا" للطاقة الشمسية في إنجي ومنتزه يوكاتان للطاقة الشمسية في جينكوسولار، وكلاهما في المكسيك.
وطالت الاتهامات صناعة الطاقة الشمسية في إسرائيل جراء الإسهام في تهجير الفلسطينيين.
وقالت مديرة برنامج الموارد الطبيعية وحقوق الإنسان في مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان (بي إتش آر آر سي)، جيسي كاتو، إن طاقة الرياح والطاقة الشمسية متساوية من حيث التأثيرات المجتمعية.
وأضافت أنه مع نمو قطاع الطاقة المتجددة، تلقّى مركز موارد الأعمال وحقوق الإنسان اتصالات من المجتمعات ومجموعات الخطوط الأمامية للحصول على المساعدة في التعامل مع الشركات.
وبيَّنت أن الشكاوى تشمل الاستيلاء على الأراضي والمياه، وانتهاك حقوق الشعوب الأصلية، والحرمان من حقوق العمّال.
وأشارت مديرة برنامج تحالف المستثمرين لحقوق الإنسان، أنيتا دوريت، إلى أن قطاع الطاقة المتجددة يواجه المشكلات التي تواجهها شركات الوقود الأحفوري من حيث الاستيلاء على الأراضي وضمان حصولها على الموافقة الحرة والمسبقة من المجتمعات.
وأكدت أنه لا يمكن اتخاذ قرارات للتحول إلى مجال الطاقة المتجددة دون فهم موقف المتضررين منه.
وقال مدير شركة استشارات الحوكمة "سي آند إم إنترناشونال"، المستشار في شركة المحاماة "كورويل آند مورينغ"، نيكولاس دايموند، إن أحد الدروس المهمة المستفادة من شركات الوقود الأحفوري هو الحاجة إلى التدقيق عن كثب في شركاء سلسلة التوريد والبائعين والعملاء.
وحذّر دايموند من أن الفشل في بناء الشراكات الصحيحة بشأن بعض التزامات ومعايير حقوق الإنسان في قطاع الطاقة المتجددة يمكن أن يعرقل التقدم الذي تسعى الشركات تحقيقه بشأن معالجة أزمة التغير المناخي.
تحديات سلسلة التوريد
نتيجة زيادة التركيز على المصادر الأخلاقية، من المرجح أن يجد مورّدو الطاقة المتجددة سلسلة التوريد بأكملها لديهم تخضع لرقابة متزايدة من العلامات التجارية التي تواجه المستهلك، والتي تشتري الكهرباء التي يولِّدونها.
ووجدت شركة السيارات الكهربائية تيسلا، العام الماضي، أن المجتمعات الأصلية تحثّها على عدم الحصول على النيكل من شركة "نورنيكل" الروسية، نظرًا لتأثيرها في البيئة وسبل العيش.
في المقابل، وثّق تقرير أصدرته جامعة شيفيلد هالام في يوركشاير بالمملكة المتحدة العام الماضي الارتباطات بين إنتاج البولي سيليكون الذي يدخل بتصنيع الألواح الشمسية في منطقة شينجيانغ أويغور في الصين والعمل القسري، وفقًا لما نشره موقع "إنرجي مونيتوؤر".
وكشف التقرير عن ارتباط العمل القسري في منطقة الأويغور بسلسلة التوريد بأكملها، ووصوله إلى الأسواق الدولية.
ويرى بعض المحللين أن هذه المواقف يمكن أن تضع الشركات في موقف صعب، بحيث تصبح عالقة بين حماية سلاسل التوريد لديها والمخاطر المتعلقة بالسمعة والفشل في الوقوف ضد انتهاكات حقوق الإنسان.
في يناير/كانون الثاني الماضي، أرسلت شركة برتوكولات الشبكات "إنتل" الأميركية رسالة إلى المورّدين، ونُشرت في موقعها الإلكتروني، تطلب من مورّديها مقاطعة منتجات أو عمالة منطقة شينجيانغ في الصين.
احترام حقوق الإنسان
وفقًا لتقرير مؤسسة "وورلد بنشماركينغ ألاينس"، تُعدّ شركة "إيبردرولا" الإسبانية مثالًا جيدًا في اتّباع سياسة تقييمات الأثر البيئي لما قبل البناء ودراسة الأثر الاجتماعي وتحليل التأثيرات المحتملة في حقوق الإنسان.
بدورها، تُعيِّن شركة الطاقة الإسكتلندية "إس إس إي" موظفي اتصال لجميع مشروعاتها الكبرى، يتولّون مسؤولية الإبلاغ عن تجاوز المتطلبات القانونية، ويقومون بالتشاور والمشاركة في المشروعات الجديدة، وإنشاء مجموعات اتصال مجتمعية تستمر طوال مدة تنفيذ المشروع.
ويعطي برنامج الطاقة النظيفة للسكان الأصليين -غير الربحي- في كندا، الأولوية لدعم كهربة المجتمعات الريفية المحلية التي تعتمد غالبًا على مولدات الديزل.
وقالت مديرة برنامج تحالف المستثمرين لحقوق الإنسان، أنيتا دوريت، إن اهتمام المستثمرين بحقوق الإنسان قد ازداد خلال تفشّي وباء كوفيد-19، إذ انصبّ التركيز على الفجوات ونقاط الضعف في العقد الاجتماعي وحقوق العمّال وتأثيرها لدى الناس.
اقرأ أيضًا..
- إنتاج النفط في أوبك يرتفع 64 ألف برميل يوميًا خلال يناير
- لوسيد تتفوق على مرسيدس.. منافسة شرسة للهيمنة على سوق السيارات الكهربائية
- أكر بي بي النرويجية تخطط لحفر 13 بئرًا استكشافية في 2022