التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

الزئبق السام.. دراسة تطالب بوقف حرق الغابات وإزالتها

التسمم يسجل أعلى مستوياته عالميًا ويهدد الطيور والبشر والبيئة

هبة مصطفى

رغم تعدد الدعوات المطالبة بوقف حرق الغابات وإزالتها، الأمر الذي يعود بفوائد مناخية عديدة ناقشتها المؤتمرات العالمية، أهمّها كبح انتشار الزئبق السامّ، تبرز اليوم أهمية أكبر لهذه الدعوات، تتعلق بإنقاذ حياة البشر والطيور والنباتات والبيئة بالكامل.

وتواجه الطيور في منطقة غابات الأمازون المطيرة البيروفية خطر الانقراض؛ بسبب زيادة مستويات الزئبق في غلافها الجوي، بينما يتعرض السكان الأصليون في المنطقة وعمّال المناجم لتسمّم الهواء والماء.

وسجلت سماء غابات الأمازون المطيرة في بيرو أعلى المستويات العالمية في احتوائها على ميثيل الزئبق -أشد أنواع الزئبق سُميّة- ووقع قاطنو المناطق المحيطة بتلك الغابات بين شقّي الرحى، بعد ظهور نتائج دراسة أثبتت احتواء الغلاف الجوي لتلك المنطقة على أعلى مستويات التلوث بميثيل الزئبق السامّ.

وأشارت أصابع الاتهام إلى التعدين غير القانوني للذهب، لإطلاقه انبعاثات تحمل الزئبق السامّ لدى عمليات إنتاجه بطرق غير مُعتمدة.

نتائج سامة

كشفت دراسة حديثة أن الغلاف الجوي لناطق قديمة النمو في غابات الأمازون المطيرة البيروفية احتوى على أعلى المستويات العالمية للتلوث بميثيل الزئبق السامّ.

وأكد الباحثون -في الدراسة التي نُشرت بمجلة نيتشر كوميونيكيشنز- أن التعدين غير القانوني للذهب يقف وراء نشر سموم الزئبق في غابات الأمازون، استنادًا إلى نتائج أول قياس للرواسب الأرضية لميثيل الزئبق بالغلاف الجوي للمنطقة.

الغابات والزئبق السام

ويحرق العمّال -الذين يعملون بشكل غير قانوني في مجال تعدين الذهب- الحبيبات الناجمة عن عملية فصل جزيئات الذهب بعيدًا عن الترسبات النهرية باستخدام الزئبق، ما يساعد على نشره في الغلاف الجوي.

وكلما ارتفعت درجة الحرق، ساعدت تلك الخطوة في فصل الذهب بصورة أسرع، وينطلق الزئبق نحو الغلاف الجوي في أدخنة كثيفة، وفي بعض الأحيان عقب هطول الأمطار يمتزج دخان الزئبق بالتربة أو أوراق وأنسجة نباتات الغابة.

وأوضح الباحثون في محطة لوس أميغوس البيولوجية أن جانبًا واحدًا من غابة الأمازون البيروفية سجّل أعلى مستويات الزئبق على الإطلاق، بما يفوق مستويات المناطق الصناعية.

كما احتوت أنظمة طيور الجانب ذاته على مستويات الزئبق السامّ بما يعادل 12 ضعف الطيور بالمناطق الأخرى.

كيف أُنجزت الدراسة؟

شرحت كبيرة الباحثين في الدراسة، جاكلين غيرسون، أن الدراسة اختبرت عينات من الهواء وأوراق الغابات المتناثرة والتربة، وكذلك بعض الأوراق الخضراء من قمم الأشجار.

وأوضحت أن الباحثين انتقوا عيناتهم من 4 أنواع من المناطق: المناطق المكسوة بالغابات، المناطق المزالة غاباتها، ومناطق قريبة من تعدين الذهب، ومناطق بعيدة عنه.

ووقع اختيار الباحثين على 4 مناطق للمقارنة بين مكونات الغلاف الجوي؛ منطقتين ينطبق عليهما شرطا (مناطق غابات وقريبة من مناطق التعدين)، بالإضافة إلى محطة لوس أميغوس البيولوجية، والرابعة غابة قديمة النمو لم تُمارَس أيّ أنشطة فيها من قبل.

وتباينت نتائج تلك العينات، إذ انخفضت مستويات الزئبق السامّ في للمناطق التي أزيلت الغابات منها (سواء كانت قريبة من مناطق التعدين أم لا)، والتي تعرضت للزئبق فقط من خلال الأمطار.

لكن الوضع كان مختلفًا في المناطق المكسوة بالغابات، إذ انتشر الزئبق على أوراق أشجارها وداخلها.

واتّسمت معدلات انتشار الزئبق السامّ بالقرب من متوسط المستويات العالمية في 4 مناطق ذات أشجار هزيلة، (منطقتين قرب مناطق التعدين و2 بعيدتين عن تلك المناطق).

تعدين البيتكوين - الذهب

مظلة الغابات

قالت جاكلين غيرسون، إن الغلاف الجوي لغابات الأمازون قديمة النمو في بيرو اجتذب كميات ضخمة من الزئبق السامّ، مقارنة بأيّ نظام بيئي آخر في العالم خضع للدراسة من قبل.

واعتمدت غيرسون والباحثون في قياس نتائج عيناتهم بمناطق الغابات على معيار مساحة أوراق النباتات، الذي يشير إلى مدى كثافة تعرّضها لتغطية "المظلة"، وفق صحيفة مينينغ.

وتمثّل "المظلة" لعلوم البيئة والنباتات والغابات، تجمع النباتات أو المحاصيل ذات الرؤوس معًا في وضع بعيد عن التربة أو الأرض.

وأدى الاعتماد على هذا المعيار إلى التوصل لمعادلة طردية واضحة، وهي أن كمية الزئبق مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمدى كثافة المظلة، تزيد كلما زادت، وتحتفظ تلك المظلة بجزيئات الزئبق الناجمة عن عمليات الحرق خلال خطوات التعدين غير القانوني للذهب.

ضحايا الزئبق

اختبر باحثو الدراسة عينة من ريش 3 أنواع من الطيور المغردة بمحطات قريبة من أنشطة التعدين غير القانوني الذهب وأخرى بعيدة، لرصد حجم ومدى انتشار الزئبق السامّ داخل مظلة الغابة.

واحتوى ريش الطيور في محطة لوس أميغوس البيولوجية -القريبة من غابات الأمازون المطيرة في بيرو- على 12 ضعفًا من تركيز الزئبق في مثيلاتها الموجودة بمحطة بعيدة.

الغابات والزئبق السام

وتُهدد تلك النسب الكبيرة لتركيزات الزئبق في ريش الطيور بخطر الانقراض، إذ تؤثّر في تكاثر هذه الطيور بنسبة أقلّ بـ30% من المعدلات الطبيعية.

واستبعد القائمون على الدراسة أن يكون حظر عمليات التعدين غير القانوني للذهب حلًا لحماية الغلاف الجوي والنباتات والطيور والبشر من أخطار الزئبق السامّ، إذ تُمثّل أعمال التعدين مصدرًا لعيش عدد كبير من العمّال.

ما الحلّ؟

أكد الباحثون أن التخلص من التعدين ليس هدفًا، لافتين إلى أن الدراسة سعت للتأكيد على أن مدى انتشار الزئبق السامّ يتخطى تلويثه للمياه بصورة مباشرة، ويمتد للغلاف الجوي والهواء والطيور وغذاء النباتات والبشر أيضًا.

ودعا الباحثون المجتمعات المحلية إلى البحث عن سبل مستدامة لكسب عمال التعدين عيشهم، بالتوازي مع طرح خطط تهدف إلى حماية النظام البيئي ومجتمعات سكان تلك المناطق من التعرض لمخاطر التسمم سواء بالهواء أو الماء أو الغذاء.

وشددت الباحثة المشاركة في الدراسة، إيميلي برنهارد، على أهمية عدم حرق الغابات أو إزالتها، في محاولة لتحجيم انتشار الزئبق المعبأ بها، والذي تمتصه وتحتجزه المظلات في الغلاف الجوي.

وأشارت إلى أن فائدة الغابات تبرز في التقاط غالبية الزئبق، وكبح انتشاره في الغلاف الجوي.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق