بعد توقعات زيادة الطلب.. هل ينتصر الفحم في معركة الحياد الكربوني؟ (تقرير)
أحمد بدر
"التخلص التدريجي.. أم التقليل التدريجي".. سؤال دارت حوله عشرات النقاشات في أروقة الدبلوماسية حول العالم، فبين مؤيدين لوقف استخدام الفحم تدريجيًا، وبين مؤيدي تقليص العمل به فقط، وقف صنّاع القرار في قمة المناخ "كوب 26" مترددين، قبل حسم الاختيار الثاني، بضغط من الهند والصين، ورغم ذلك، ما زالت صناعة الفحم تزدهر.
ومع أن القرار اتفق حوله كثير من قادة دول العالم خلال قمة المناخ في غلاسكو، لم تتوانَ المنظمة العامة للأمم المتحدة عن إعلان أن استخدام الفحم أسفر عن دخول "أقذر الغازات" المنبعثة في التاريخ.
ورجّح تقرير دولي أن يتطور الطلب على الفحم بنسبة 3%، خلال المدة من 2019 إلى 2024، ليصل إلى 8031 مليون طن.
- محطات الفحم.. أزمة الطاقة تدفع أوروبا لغض الطرف عن التحديات المناخية
- أسعار الفحم العالمية تسجل مستويات قياسية وسط مخاوف نقص الإمدادات
وبحسب الرئيس السابق لشركة السلع العملاقة جلينكور بي إل سي، إيفان جلاسنبيرغ، فإنه رغم مخاطر استخدام الفحم على المستوى البيئي، يبدو الجميع متعافين سياسيًا، نظرًا لأن صناعة الفحم حول العالم تزدهر، حسبما نقلت وكالة بلومبرغ الأميركية.
قفزة في قيمة الفحم
بالنظر إلى سوق الفحم حول العالم، قفزت القيمة المعيارية للفحم الحراري في آسيا الأسبوع الماضي إلى 244 دولارًا تقريبًا للطن المتري، وهي ثاني أعلى قيمة على الإطلاق.
هذه القفزة عدّتها الوكالة الأميركية جنونًا سوقيًا، نجمَ عن حظر التصدير من قبل المنتج الرئيس إندونيسيا، حيث جرى تداول شحنة صغيرة واحدة في الأسبوع الأخير فوق 300 دولار للطن، وعدّها كثيرون أغلى صفقة فحم في التاريح على الإطلاق.
وضرب التقرير مثالًا بشركة جلينكور، التي تعدّ أكبر مصدر للفحم الحراري المنقول بحرًا في العالم، والتي ارتفعت أسهمها لأعلى مستوى في 10 سنوات، إذ يتوقع التجّار أن تحقق المزيد من الأموال، مع مواصلة الطلب ارتفاعه.
ويتزامن ارتفاع الطلب مع تقييد العرض، نتيجة محاولة المتداولين المؤسسيين، بقيادة شركة بلاك روك، إرضاء كل عمّال المناجم للتوقف عن البحث والتنقيب عن مناجم جديدة.
ولكن –حسب التقرير- الأمر الجيد لشركة جلينكور والمتعصبين للفحم يعدّ كارثيًا لكوكب الأرض، فالسلعة التي يعملون فيها هي الغاز الأكثر كثافة في انبعاثات الكربون في العالم، وكل توجّه نحو خفض الانبعاثات الكربونية عالميًا بحلول 2050، مرتبط حتمًا بالتخلص من الفحم، ولكن العكس يحدث الآن، رغم أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تتزايد.
خطأ في التقدير
قال تقرير لوكالة الطاقة الدولية، إن العالم أحرق أكبر كمية من الفحم على الإطلاق، خلال الـ12 شهرًا الماضية، لإنتاج الكهرباء، بجانب استخدام الفحم في صناعات المعادن والأسمنت.
ولفتت الوكالة إلى خطأ تقديري لتقرير في 2013-2014، توقّع أن الطلب على الفحم بلغ ذروته، وسيبدأ سريعًا في الانخفاض، إذ تتوقع الوكالة الدولية أن يستمر الارتفاع في الطلب على الفحم بعد انتهاء الـ12 شهرًا.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يزداد الطلب الإضافي على الفحم خلال عامي 2023 و2023، ليصل إلى أعلى مستوياته في كل مرة.
طموح التخلص من الفحم
الفجوة بين طموح العالم للتخلص من الفحم وواقعية نظام الطاقة الخاص به لم تكن أوسع من ذلك، إذ تعدّ الصين سببًا رئيسًا وراء ارتفاع الطلب بشكل كبير خلال 12 شهرًا الماضية.
وتواصل بكين اتخاذ الإجراءات نفسها في 2022 في مواجهة نقص الطاقة الكهربائية، إذ أمرت عمّال مناجم الفحم المملوكة للدولة في أواخر 2021 بزيادة جهودهم لتفادي انقطاع التيار الكهربائي، وكانت النتيجة أن العملاقة الآسيوية استخرجت فحمًا إضافيًا أكثر من أيّ وقت مضى في نوفمبر/تشرين الثاني، وديسمبر/كانون الأول.
ولكن بكين لم تكن وحدها، فالولايات المتحدة بدورها تشهد محاولات للحفاظ على تجارة وصناعة الفحم، أبرزها جهود يبذلها السناتور جو مانشين.
كما تغضّ الحكومات في أوروبا –حتى المهتمة بالبيئة منها- البصر عن حرق الفحم لتوليد الكهرباء، عندما يتعذّر توليدها من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، خاصة أن البنزين النقي أصبح مكلفًا للغاية.
وأحرقت المملكة المتحدة يوم الإثنين الماضي أكبر كمية من الفحم خلال عام كامل، للمساعدة في الحفاظ على إضاءة البلد، في ظل أزمة كهرباء تضرب البلاد.
ويمكن أن تأخذ ألمانيا الاتجاه نفسه، إذا مضت قدمًا في طريقها نحو إغلاق محطاتها للطاقة النووية، لاسيما أن بعض صناعاتها تعتمد على الكهرباء التي يجب توليدها من الطاقة النووية بدلًا من الفحم.
تطوّر الطلب خلال سنوات
تشير المقدمات، حسب تقرير لشبكة "إنرجي ورلد"، إلى أن الطلب على الفحم من المرجح أن يتطور بنسبة 3%، خلال المدة من 2019 إلى 2024، ليصل إلى 8031 مليون طن.
وباستخدام أرقام وكالة الطاقة الدولية، يرغب العالم في خفض الطلب على الفحم بنسبة تزيد عن 20% من 2019 إلى 2024، ليكون في مسار مناسب مع هدف الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050.
وبحسب التقرير، يقول المتفائلون، إن الفحم سيتخلى عن حصّته في سوق توليد الكهرباء الدولية، إذ إن مصادر الطاقة مثل طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية تستحوذ على كمية أكبر، وهذا يبدو حقيقيًا في 2022.
ومن المرجح أن يمثّل الفحم نحو 36% من صناعة الطاقة الكهربائية في العالم، انخفاضًا من 40% فقط في السنوات القليلة الماضية، ولكن رغم ذلك لن تستفيد البيئة كثيرًا، حسب وكالة الطاقة الدولية.
وشدد التقرير على أنه يجب على العالم التوقف عن الجدل حول ما إذا كان يجب التخلص التدريجي والتخفيض التدريجي للفحم، ولكن بدلًا من ذلك يجب منح اهتمام متزايد لإنهاء الأزمة التي رفعت الطلب على الفحم، وتغيير هذا الوضع كليًا.
اقرأ أيضًا..
- تجارة الهيدروجين.. السعودية تسعى لتكون لاعبًا رئيسًا عبر الأمونيا الزرقاء
- نورد ستريم 2.. تعقيدات "إدارية" في ألمانيا تواجه تشغيل خط الغاز الروسي
- السيارات الهيدروجينية.. مقارنة بين هيونداي نيكسو وتويوتا ميراي
If you are going for finest contents like
I do, just pay a quick visit this web site all the time for
the reason that it provides quality contents, thanks