التقاريرتقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

بدعم روسي.. محطة روبور للطاقة النووية في بنغلاديش تخرج للنور

لتعزيز مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد

نوار صبح

في 10 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021، شهدت محطة روبور للطاقة النووية في بنغلاديش تركيب أول وحدة من وعاء ضغط للمفاعل.

ومن المرتقب أن توفر محطة روبور، التي تُشيَّد بمساعدة مالية وتقنية من روسيا، إمدادات وفيرة من الكهرباء باستخدام التكنولوجيا النووية، ما يعزز مسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.

جدير بالذكر أنه رغم كون مشروع محطة بروبور للطاقة النووية أكبر مشروع في الدولة من الناحية المالية فقط، لا بدّ من مراعاة الصعوبات التقنية والتكنولوجية التي واكبت تنفيذ المشروع، حسبما نشر موقع شبكة "تي بي إس نيوز" البنغالية مؤخرًا.

مسيرة بناء المحطة

في حين يجسّد تنفيذ مشروع محطة روبور للطاقة النووية حلمًا لطالما اعتزت به بنغلاديش، فقد مثّلت العقبات التقنية والمالية، والوضع الجيوسياسي، تحديًا كبيرًا أمام تنفيذه.

واتُّخِذت المبادرة الأولى لتنفيذ المشروع في عام 1961، وتمّ شراء نحو 260 فدانًا من الأرض لمنطقة المشروع و 32 فدانًا للمنطقة السكنية في قرية روبور بمقاطعة بابنا، شمال غرب بنغلاديش.

خلال ذلك الوقت، طوّرت السلطات البنغالية الأرض، وشيّدت مكاتب ودور استراحة ومحطات كهربائية فرعية، كما استكملت جزئيًا أعمال بناء 72 وحدة سكنية.

محطة روبور
مشروع محطة روبور للطاقة النووية

ودُرسَت الجوانب المالية والفنية لإنشاء محطة للطاقة النووية من خلال دراسات الجدوى المختلفة، ووافقت حكومة باكستان آنذاك على بناء محطات طاقة نووية بقدرة 70 ميغاواط و140 ميغاواط و 200 ميغاواط في أعوام 1963 و 1966 و 1969 على التوالي.

وتمّ بناء محطة طاقة بقدرة 200 ميغاواط من فئة مفاعل الماء المضغوط، عام 1969، بمساعدة بلجيكا.

وحاول مؤسس دولة بنغلاديش، الشيخ مجيب الرحمن، تنفيذ المشروع، في 9 أكتوبر 1969، إذ ألقى كلمة أمام تجمّع عمّالي في منطقة لال منيرهات، وطالب بالتنفيذ الفوري لمشروع محطة روبور للطاقة النووية.

بعد استقلال بنغلاديش، قرر الشيخ مجيب الرحمن تنفيذ مشروع روبور، وشكّل لجنة الطاقة الذرّية لتنفيذ مشروع الطاقة النووية في البلاد، وأصبحت بنغلاديش أيضًا عضوًا في الوكالة الدولية للطاقة الذرّية.

وقد أدى ذلك إلى توسيع نطاق مساعدة الوكالة في تنفيذ المشروع، كما أكدت خطة التنمية الخمسية الأولى للبلاد (1973-1978) ضرورة تطوير قطاع الكهرباء، ووضعت خططًا لاستخدام الفحم والغاز الطبيعي والطاقة النووية لتوليد الكهرباء.

وبدأ المسح الفني اللازم لتنفيذ مشروع روبور للطاقة النووية، وتأكدتْ كفاءته من الناحية التقنية والمالية والاقتصادية في كل مرة يجري فيها دراسة المشروع والتحقق من جدواه منذ بدايته.

ونفّذ الشيخ مجيب الرحمن العديد من البرامج التدريبية، وخصص 16.2 كرور تاكا (1,885 مليون دولار) لتكوين قوى عاملة محلية ماهرة ومتخصصة، لتقليل الاعتماد على الخبراء والاستشاريين الأجانب لتطوير قطاع الكهرباء، بما في ذلك توليد الطاقة النووية.

ووقّع الشيخ مجيب الرحمن اتفاقية ثنائية بين بنغلاديش والهند في 27 أغسطس/آب 1973 لتلقّي المساعدة الفنية من الهند لتطوير البنية التحتية النووية، بما في ذلك تنمية الموارد البشرية.

وأتاحت هذه الاتفاقية فرصًا للعلماء والباحثين البنغاليين لإجراء البحوث والتدريب المتقدم على التكنولوجيا النووية في مختبرات هندية مختلفة، لكن جميع الأحلام تلاشت بعد اغتيال الشيخ مجيب الرحمن في عام 1975، حسبما نشر موقع شبكة "تي بي إس نيوز" البنغالية.

متابعة المسيرة

في عام 2009، بعد وصول حكومة التحالف الكبير بقيادة الشيخة حسينة واجد، ابنه الشيخ مجيب الرحمن إلى السلطة، أُعطيَت الأولوية القصوى لتطوير قطاع الطاقة والكهرباء.

وحُدِّد هدف إنتاج الطاقة من المصادر النووية جزءًا من خطة التنمية المستدامة للبلاد، ثم صدر قرار في البرلمان في 9 ديسمبر/كانون الأول 2010 بشأن تنفيذ برنامج الطاقة النووية.

محطة روبور للطاقة النووية
محطة كهرباء في بنغلاديش - أرشيفية

وشُكِّلَتْ لجنة وزارية في 9 يونيو/حزيران 2010 برئاسة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، وتأسست لجنة فنية برئاسة وزير الدولة للعلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتنفيذ مشروع روبور.

وفي 14 يناير/كانون الثاني 2013، خلال زيارتها لروسيا، عقدت رئيسة وزراء ينغلاديش اجتماعًا ثنائيًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما مهّد الطريق لإزالة التعقيد في التمويل المطلوب لتنفيذ المشروع.

ووُقِّعَتْ مذكرة تفاهم بشأن الاستخدام السلمي للطاقة النووية بين بنغلاديش والاتحاد الروسي في 13 مايو/أيار 2009، ووقِّع اتفاق إطاري بين الحكومتين في 21 مايو/أيار 2010.

وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وقّع البلَدان اتفاقية تعاون دولي لإنشاء محطة روبور للطاقة النووية، ويضمن توقيع هذه الاتفاقية تقديم المساعدة المالية والفنية من الاتحاد الروسي للمشروع.

إنجاز محطة روبور

حققت بنغلاديش العديد من الإنجازات في بناء محطة للطاقة النووية، ودخلت إلى النادي النووي العالمي بوصفها الدولة الـ34، وبدأت الأعمال الإنشائية للمشروع بعد أن مرّ بعملية تاريخية طويلة.

وصدرت نشرة خاصة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرّية في ذلك اليوم، وتعهدت المنظمة بتقديم دعمها الكامل للتنفيذ السلس للمشروع.

وافتتحت رئيسة مجلس الوزراء في بنغلاديش، الشيخة حسينة، أول أعمال صبّ الخرسانة للوحدة الثانية في 14 يوليو/تموز 2018، وتمّ تركيب وعاء ضغط المفاعل في أول وحدة، في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021.

التحديات التكنولوجية

يعدّ بناء محطة للطاقة النووية عملية معقدة تتطلب إعدادًا مكثفًا، ويمثّل تمويل محطات الطاقة النووية واختيار التكنولوجيا المناسبة ومورّدي التكنولوجيا أكبر التحديات في المراحل المبكرة، ولقد تغلّبت بنغلاديش على هذه التحديات.

في المقابل، يعتمد التنفيذ السليم لمشروع الطاقة النووية على برنامج نووي مناسب يحدّد البُنى التحتية النووية المناسبة، خصوصًا ما يتعلق بالسلامة النووية.

ويتمثل التحدي الرئيس في بناء البنى التحتية النووية المناسبة لتلبية متطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرّية لإدارة بناء محطات الطاقة النووية، وتتولى هيئة تنظيم الطاقة الذرّية في بنغلاديش إنشاء هذه البنى التحتية.

التنمية الاجتماعية والاقتصادية

سيؤدي التنفيذ الناجح لمشروع محطة روبور للطاقة النووية دورًا مهمًا بتلبية الطلب على الكهرباء في جميع أنحاء بنغلاديش، وخصوصًا في المناطق الشمالية.

وستسهم المحطة في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، إذ أنشأت الحكومة منطقة معالجة المواد في منطقة "إيشوردي"، ويجري تشجيع المستثمرين الأجانب على إنشاء صناعات في المنطقة، إذ ستتوفر كهرباء كافية من مشروع روبور.

ومن المتوقع أن ينطوي المشروع على تأثير بعيد المدى في التنمية الاقتصادية الشاملة للبلاد، وإنشاء مجتمع قائم على العلم، إضافة إلى أنه سيخلق فرص عمل في المنطقة، ويطوّر تقنيات متقدمة متنوعة، ويكوّن قوى عاملة ماهرة.

وسيسهم توليد الكهرباء غير المنقطع من محطة الطاقة النووية بتكلفة معقولة في ضمان أمن الطاقة في البلاد، وسيؤدي دورًا إيجابيًا في تحسين المستوى المعيشي للسكان.

المشروعات المستقبلية

تتمثّل التحديات الرئيسة لإنشاء محطة للطاقة النووية في التشغيل والصيانة، وإنشاء البنى التحتية القانونية المناسبة، وإنشاء نظام الحماية المادية في محطات الطاقة.

وتشمل التحديات أيضًا إنشاء البنية التحتية الكهربائية المناسبة لربط الكهرباء المولدة من محطات الطاقة النووية بالشبكة الوطنية ضمن الوقت المحدد، وتنمية الموارد البشرية وما إلى ذلك، ومن المرتقب أن يتغلب بناء أول محطة للطاقة النووية في بنغلاديش على كل هذه التحديات.

تجدر الإشارة إلى أن التنفيذ الناجح للمشروع الأول يسهّل على المشروعات التالية إكمال هذه الخطوات.

وهكذا، سيؤدي التنفيذ الناجح لمشروع بناء محطة روبور للطاقة النووية دورًا مهمًا في اعتماد مشروعات جديدة لاحقًا.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق