أشهر حوادث انقطاع الكهرباء حول العالم.. كوارث من العيار الثقيل (فيديو)
حصار مئات الآلاف في محطات المترو والمصاعد.. والاختناقات المرورية تتفاقم
مي مجدي
قد تبدو أشهر حوادث انقطاع الكهرباء عن دول بأكملها، مشهدًا من أحداث فيلم عن الأبطال الخارقين حين تحلّ كارثة كونية ويسود الظلام، لكنه أمر واقع تعيشه شعوب العالم، وعليها مواجهة هذا المصير بمفردها دون مساعدة من قوى خارقة، لا سيما عندما يخيم الظلام لساعات طويلة.
ورغم الأخبار المتداولة في الآونة الأخيرة عن انقطاع الكهرباء في مناطق متفرقة من العالم بسبب نقص الإمدادات وأزمة الطاقة، فقد شهدت قارّات ودول بأكملها حوادث مختلفة لانقطاع التيار على مرّ التاريخ، أدت إلى شلّ الحركة، وأثارت الخوف بين ملايين المواطنين.
الظلام العظيم
ما يزال انقطاع التيار عن أكثر من 35 مليون شخص عبر 80 ألف ميل مربع واحدًا من أشهر حوادث انقطاع الكهرباء التي شهدتها أميركا الشمالية.
فقبل أكثر من نصف قرن، فوجئ سكان مناطق الشمال الشرقي في الولايات المتحدة ومقاطعة أونتاريو الكندية في مساء يوم الإثنين الموافق 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1965، بانقطاع التيار الذي امتدّ لساعات.
واجتاح انقطاع الكهرباء التاريخي 8 ولايات، وحوصر مئات الآلاف في محطات مترو الأنفاق والمصاعد المعطلة، وتفاقمت الاختناقات المرورية، فضلًا عن إثارة أعمال شغب في السجون والشوارع.
وكان انقطاع التيار الكهربائي لمدة 13 ساعة متواصلة كافيًا لإصابة الناس بالهلع، وظهر ذلك جليًا في عنوان الصفحة الأولى لصحيفة بوسطن غلوب خلال عددها الصادر يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني 1965، عندما كتبت: "ثمة خوف واضح، أكانت هذه حربًا؟ أم غزوًا من الفضاء الخارجي؟".
وكشفت التقارير لاحقًا أن انقطاع التيار نتج عن خطأ بشري أدى في النهاية إلى زيادة الحمل على الشبكات في نيويورك ونيو إنغلاند.
ووفقًا لتقارير غلوب في ذلك الوقت، بلغت التكلفة التقديرية لانقطاع التيار الكهربائي 100 مليون دولار.
أزمة هذه المنطقة لم تتوقف عند هذا الحدّ، فبعد 38 عامًا وقعت المنطقة فريسة مرة أخرى لانقطاع التيار الكهربائي في 14 أغسطس/آب 2003، بدءًا من الساعة 4:10 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة.
فخلال 3 دقائق فقط، توقفت 21 محطة كهرباء وتأثّر 50 مليون شخص في شرق الولايات المتحدة وأجزاء من كندا لأكثر من يوم.
الاختلاف هذه المرة يتضح في التكلفة التقديرية البالغة قرابة 6 مليارات دولار، وكيف سيطرت المخاوف من أن تكون جماعات إرهابية مسؤولة عن انقطاع التيار الكهربائي، لكن سرعان ما نفت السلطات ذلك في محاولة لتهدئة هلع الأميركيين.
وبعد تحقيق استمر 3 أشهر، خلص فريق من الولايات المتحدة وكندا إلى أن السبب يرجع إلى خطأ بشري وتعطّل المعدّات.
كارثة هندية من العيار الثقيل
شهدت الهند أسوأ انقطاع للتيار الكهربائي في العالم خلال السنوات الماضية، تاركًا أكثر من 700 مليون شخص دون كهرباء.
فمع ارتفاع الطلب على الكهرباء في البلاد مدفوعًا بنمو الاقتصاد في السنوات الأخيرة، لم تتحمل المرافق الضغط وتلبية الاحتياجات المتزايدة.
وفي 30 و31 يوليو/تموز 2012، شهدت الهند انقطاعين للتيار الكهربائي.
بدأت الكارثة -التي تُعدّ من أشهر حوادث انقطاع الكهرباء حول العالم- بعد تعطّل الشبكة الشمالية للهند، وتأثّرَ بها قرابة 350 مليون شخص لمدة تصل إلى 14 ساعة، وسرعان ما تبعتها الشبكة الشرقية، ثم الشبكة الشمالية الشرقية، وشمل الانقطاع الثاني 670 مليون شخص، وتضررت 21 ولاية من أصل 28 ولاية هندية.
وخلال محاولة المهندسين إصلاح المشكلة لساعات، تعطلت مئات القطارات، مما ترك الركّاب عالقين على طول آلاف الأميال بداية من كشمير في الشمال إلى ناغالاند على الحدود الشرقية مع بورما.
وانطفأت إشارات المرور، وتسبّب ذلك باختناقات مرورية في العاصمة نيودلهي وكالكوتا ومدن أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، ألغت المستشفيات إجراء العمليات الجراحية في جميع أنحاء البلاد، واضطر الممرضون لتشغيل معدّات الإنقاذ يدويًا بعد تعطّل المولدات الاحتياطية.
وازداد الوضع سوءًا مع توقّف محارق الجثث الكهربائية عن العمل، وتُركت الجثث نصف محترقة قبل استخدام الحطب لإشعال الأفران.
أمّا في البنغال الغربية، فقد تُرِك عمّال المناجم محاصَرين تحت الأرض لساعات بعد تعطّل المصاعد.
ووفقًا لوسائل الإعلام المحلية، نتج الطلب المتزايد في ذلك الوقت عن استخدام سكان المناطق الزراعية أكثر من حصتهم من الكهرباء في أغراض مثل الريّ وغيرها، ويرجع ذلك إلى انخفاض هطول الأمطار خلال موسم الرياح الموسمية آنذاك، كما تزايد استهلاك تكييفات الهواء للتخفيف من حدّة الرطوبة العالية.
فالأمطار الموسمية لها دور كبير في تلطيف الجو، إلى جانب استغلالها في الزراعة والطاقة الكهرومائية.
ورغم أن الهند تعتمد على الفحم في توليد الكهرباء، فإنها تستخدم الطاقة الكهرومائية -أيضًا-، والتي تأثّرت بنقص هطول الأمطار الموسمية.
ومن هنا، لفت انقطاع الكهرباء الأنظار إلى أن البنية التحتية للكهرباء في الهند بحاجة إلى التنويع، على مستوى التوليد والتوزيع.
الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية
شهد يوم الأحد الموافق 28 سبتمبر/أيلول 2003 أسوأ انقطاع للكهرباء في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية.
فقد انقطعت إمدادات الكهرباء القادمة من فرنسا وسويسرا عن إيطاليا، وإثر ذلك غرق أكثر من 55 مليون شخص في الظلام، باستثناء سكان جزيرة سردينيا، كما تركت منطقة كانتون جنيف في سويسرا دون كهرباء لمدة 3 ساعات.
وفي الوقت الذي سعى فيه مسؤولو الطاقة إلى العثور على إجابات حول سبب انقطاع التيار الكهربائي، سعت الشرطة والسلطات إلى إعادة السيطرة على البلاد.
إذ أدى انقطاع التيار إلى توقّف حركة القطارات، وتوقفت العديد من فعاليات مهرجان الليلة البيضاء للفنون، فيما علق آخرون داخل شبكات قطار الأنفاق المعطلة.
ورغم أن الظلام حلّ على الفاتيكان لمدة من الوقت، استطاعت مولّدات الطوارئ إنارة المكان مرة أخرى، كما تمكّنت المستشفيات من مواصلة عملها بفضل هذه المولّدات.
وبعد ساعات، عادت الكهرباء تدريجيًا إلى الأجزاء الشمالية والعاصمة روما، لكن استغرق الأمر 18 ساعة لاستعادة إمدادات الكهرباء بالكامل.
وسلّط الحادث -الذي يعدّه الكثيرون من أشهر حوادث انقطاع الكهرباء حول العالم- الضوء على قدرة إيطاليا المحدودة في توليد الكهرباء، ذلك الوقت، لا سيما أن الطلب على الكهرباء يرتفع بوتيرة سريعة، ولم تعد الكهرباء المستوردة تكفي احتياجاتها.
الأسوأ منذ زلزال مرمرة
وصفت وزارة الطاقة التركية انقطاع التيار في 31 مارس/آذار 2015، بأنه الأسوأ منذ زلزال مرمرة عام 1999.
فقد أضرّ الانقطاع الضخم بالمدن والمحافظات التركية، بما في ذلك أنقرة وأسطنبول، وتسبّب بفوضى عارمة في جميع أنحاء البلاد، مع توقّف وسائل النقل وإشارات المرور عن العمل وتعطّل المصانع.
بالإضافة إلى ذلك، دقّت المستشفيات ناقوس الخطر، وعانت شبكات المحمول من الاضطرابات.
ووفقًا للتقارير، عانى أكثر من 76 مليون شخص من انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 9 ساعات، وتُقدَّر التكلفة الإجمالية نحو 700 مليون دولار.
وأرجعت السلطات السبب إلى خلل تقني في خطوط الإمدادات، وازداد الوضع سوءًا عندما قامت الشبكة الأوروبية لمشغّلي نظام النقل للكهرباء بفصل نفسها عن الشبكة الوطنية التركية بإجراء احترازي، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد.
أميركا الجنوبية دون كهرباء
ترك انقطاع هائل في التيار جميع أنحاء أميركا الجنوبية دون كهرباء في وقت مبكر من يوم الأحد الموافق 16 يونيو/حزيران 2019.
ونتج عن عطل في نظام الربط الكهربائي انقطاع الكهرباء عن الأرجنتين وأجزاء من أورواغواي وباراغواي، وأثّر ذلك بقرابة 50 مليون شخص.
وبحلول المساء، كانت السلطات قادرة على استعادة الطاقة إلى أغلب المستخدمين في جميع أنحاء البلدان الـ3.
الغريب هذه المرة، أن انقطاع الكهرباء حدث عندما كان المواطنون في الأرجنتين يستعدّون للذهاب إلى صناديق الاقتراع للانتخابات المحلية، وأدى ذلك إلى تأجيل التصويت في العديد من المقاطعات، لكنْ توجّه بعض الناخبين في مدن أخرى إلى صناديق الاقتراع على ضوء الهواتف المحمولة.
وتسبّب الانقطاع -أيضًا- في توقّف المواصلات، وإغلاق المتاجر، وطالبت السلطات المرضى الذين يعتمدون على المعدّات الطبية التوجّه إلى أقرب مستشفى تستخدم مولّدات الطوارئ.
كما حذّرت هيئة المياه في أوروغواي من أن الانقطاع قد يؤثّر في منشآتها، وأوصت بالاستخدام الرشيد للمياه.
وضع مظلم
بعد أيام من حلول عام 2021، غرقت باكستان في الظلام لساعات طويلة، بعد انهيار شبكة الكهرباء الوطنية في وقت متأخر من يوم السبت الموافق 9 يناير/كانون الثاني.
وقالت وزارة الطاقة، إن انخفاضًا مفاجئًا في التردد بنظام نقل الكهرباء أدى إلى انقطاع التيار في جميع أنحاء البلاد.
وعدَّ المواطنون ذلك بأن بلادهم تعرّضت إلى واحدة من أشهر حوادث انقطاع الكهرباء حول العالم.
وتأثّرت أغلب المدن الرئيسة، من بينها العاصمة إسلام أباد بانقطاع التيار، تاركًا الملايين في ظلام دامس.
ويُعدّ الحادث الأخير أحد أسوأ الانقطاعات الكهربائية التي شهدتها البلاد في أقلّ من 3 سنوات.
فخلال شهر مايو/أيار من عام 2018، انقطع التيار جزئيًا لأكثر من 9 ساعات، وفي عام 2015، تسبّب هجوم للمتمردين على خط كهرباء رئيس في إغراق 80% من باكستان في الظلام، وأثّر بأحد المطارات الدولية في البلاد.
اقرأ أيضًا..
- السيارات الكهربائية.. 20 طرازًا تتنافس على خطف أنطار الجمهور (صور)
- الوظائف الخضراء.. هل تجد نساء أفريقيا فرص عمل في الطاقة النظيفة؟
- الغاز الإيراني.. العراق يتحدث عن بدائل إمدادات الوقود لمحطات الكهرباء