أسعار الغاز.. أزمة جديدة تهدد بنغلاديش
مطالبات بزيادتها 100%.. والحكومة حائرة بين الدعم والفاتورة الخارجية
هبة مصطفى
أوقعت أسعار الغاز العالمية بنغلاديش بين مطرقة الاستجابة إلى مطالبة الموزعين بمضاعفة الأسعار، واستمرار تقديم الدعم المحلي حتى لا يتأثر المستهلك، الذي يعاني الزيادات السابقة.
وتحاول الحكومة إحداث توازن عن طريق الواردات الخارجية، سواء عبر العقود الفورية أو الآجلة، لتلبية الطلب المحلي على الغاز، لكن ارتفاع الأسعار العالمية في ظل استمرار الدعم الحكومي زاد من أعباء الفاتورة البنغلاديشية.
وتنتظر أسعار الغاز الطبيعي المسال زيادات جديدة بنسبة مرتفعة في بنغلاديش، تأثرًا بارتفاع سعره عالميًا، وما تبعها من ارتفاع تكلفة استيراده.
مضاعفة أسعار الغاز
طالبت شركة بتروبنغلا لاستكشاف وإنتاج ونقل النفط والغاز الطبيعي التابعة للدولة، والشركات التابعة لها، هيئة تنظيم الطاقة برفع أسعار بيع الغاز المسال بالتجزئة بنسبة 100%.
وكشف مصدر في الشركة أن المطالبة التي توجهت بها شركته وبعض شركات توزيع الغاز لهيئة تنظيم الطاقة بشأن رفع الأسعار جاءت بدعم من إدارة الطاقة والثروة المعدنية في وزارة الكهرباء.
ودافعت شركات الغاز عن مطالبتها بمضاعفة أسعاره، مرجعة ذلك إلى التكيف مع أسعار الاستيراد الضخمة، وسد فجوة الإنفاق الحكومي بين تكلفة الاستيراد والدعم المُقدم محليًا.
كما دعت شركة بنغلاديش للتنقيب عن النفط وإنتاجه المملوكة للدولة (بابكس) إلى زيادة تكلفة إنتاجها بما يتجاوز 48%، رغم أنها تُحصل تكلفة إنتاج تُقدر بـ3.04 تاكا/قدم مكعبة.
وطالبت شركة تيتاس غاز (المعنية بنقل الغاز الطبيعي وتوزيعه في بنغلاديش) بمضاعفة رسوم التوزيع للمستهلكين، من مستوى التحصيل الحالي البالغ 0.25 تاكا/متر مكعب، إلى 0.50 تاكا/متر مكعب.
وأكد عضو هيئة تنظيم الطاقة، مقبول إلهي شودري، أنه جرى تلقي مطالبات رفع الأسعار من شركة بتروبنغلا وبعض شركات التوزيع، لكن لم يُطالب أي من المُنتجين بفرض زيادات.
الأسعار المحلية والعالمية
في حال إقرار الزيادة المقترحة بنسبة 100%، تصل أسعار الغاز الطبيعي المسال التي سيتوجب على المستهلك دفعها إلى ما يتراوح بين 19 و20 تاكا/متر مكعب (من 0.22 إلى 0.23 دولارًا أميركيًا)، ارتفاعًا من المعدل الحالي المقدر بـ9.80 تاكا.
(تاكا بنغلاديشي = 0.012 دولارًا أميركيًا)
وتبلغ تكلفة استيراد الغاز الطبيعي المسال في العقود طويلة الأجل بين بتروبنغلا وموردين خارجيين 11.5 دولارًا/مليون وحدة حرارية بريطانية، وفق صحيفة ذي بيزنس ستاندرد.
وقد تؤدي تلك الزيادات في أسعار الغاز الطبيعي المسال إلى مجموعة من الضغوط، سواء على المستهلكين خاصة بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الديزل، أو على الصناعات التي تعتمد على حرق الغاز.
ولجأت الحكومة البنغلاديشية إلى الشراء بالعقود الفورية من الأسواق الدولية -بالتوازي مع العقود طويلة الأجل لبتروبنغلا- في محاولة لتلبية الطلب المحلي.
ونظرًا إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسواق الدولية، بالتزامن مع زيادة الطلب المحلي في بنغلاديش مع بداية فصل الشتاء في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اشترت بنغلاديش من الأسواق الفورية بأسعار وصلت إلى 36 دولارًا/مليون وحدة حرارية، وصلت إلى 51 دولارًا في بعض الأحيان.
عجز محلي
دفع ارتفاع أسعار الواردات العالمية مقابل عدم زيادتها بالقدر ذاته على المستهلك البنغلاديشي المحلي إلى إحداث فجوة لدى الحكومة التي تواجه مطالبات باستمرار دعم أسعار الطاقة.
وحول العجز في الميزانية البنغلاديشية لتغطية الدعم المطلوب، قدّرت وزارة الطاقة والموارد المعدنية الميزانية المطلوبة لدعم قطاعات الغاز والكهرباء والأسمدة -العام الجاري- بما يقارب 70 ألف كرور تاكا، فيما خصصت وزارة المالية 12 ألف كرور تاكا فقط للهدف ذاته.
وتواجه بتروبنغلا عجزًا قدره 17 ألف كرور تاكا في فاتورة واردات الغاز، وتعول الشركة التابعة للدولة على الرسوم والزيادات المرتقبة وكذلك الضرائب لسد تلك الفجوة.
وكانت آخر زيادة أقرتها بنغلاديش لأسعار الغاز في يوليو/تموز عام 2019، إذ رفعت الأسعار من 7.38 تاكا إلى 9.80 تاكا/قدم مكعبة، بنسبة 32.8%.
تهديد للصناعة
من جانب آخر، تهدد أسعار الغاز المرتفعة محاولات تعافي الصناعات في بنغلاديش، إذ تزيد من حدة الخلل في سلاسل التوريد وارتفاع أسعار المواد الخام على الصعيد الدولي.
وحذر المدير العام لشركة بريمير سيمينت، محمد أمير الحق، من أن الاستجابة إلى مطالبات شركات التوزيع بمضاعفة أسعار الغاز قد تُفقد الشركات البنغلاديشية قدرتها على المنافسة في السوق الدولية.
واتفق معه مدير شركة "بي إس آر إم" التي تعد أكبر الشركات البنغلاديشية في إنتاج الصلب، مشيرًا إلى أن مضاعفة الأسعار المرتقبة لن تحفز المستثمرين المحليين خلال رحلة التعافي من آثار جائحة كورونا.
وطرح إمكان إقرار الحكومة زيادة تدريجية، بدلًا من مضاعفتها بصفة مفاجئة، لافتًا إلى أن أصحاب المشروعات لن يتمكنوا من إدارة أعمالهم في ظل ضغوط من الجوانب كافة.
وأضاف أحد مُنتجي الأسمنت أن الارتفاعات في أسعار المواد الخام وتكلفة الإنتاج الباهظة الناتجة عن آثار جائحة كورونا تؤثر في الصناعات، مشيرًا إلى أن مضاعفة أسعار الغاز -بالإضافة إلى العوامل الأخرى- قد توقع ضررًا بالمشروعات والشركات.
اقرأ أيضًا..
- روساتوم تتطلع إلى العمل مع السعودية لتطوير الطاقة النووية
- ليبيا تتراجع عن خطة إنتاج 1.5 مليون برميل نفط يوميًا في 2022 (فيديو)
- وزير الطاقة السعودي: سنهيمن على سوق الهيدروجين الأخضر.. وتغير المناخ مجرد حجة (فيديو)