الطلب على الغاز الطبيعي في 2021.. عوامل عديدة تدفعه للانتعاش الحاد
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
انتعش الطلب على الغاز الطبيعي في 2021 عالميًا، مثل مصادر الطاقة كافة، مع خروج الاقتصاد العالمي من أزمة وباء كورونا، ودعوات التحوّل نحو الطاقة النظيفة.
ورغم ذلك، فإن التركيز على الغاز الطبيعي بصفة خاصة أدى إلى أزمة طاقة عالمية في 2021، مع وجود عدّة عوامل دفعت استهلاك الغاز إلى الارتفاع، في وقت عانى فيه العالم وأوروبا تحديدًا من نقص في الإمدادات.
ومع زخم السياسات المناخية، ارتفعت أسعار الكربون إلى مستويات قياسية في أوروبا، ما أدّى إلى زيادة الطلب على الغاز، خاصةً أن تقلّبات الطقس هذا العام، أضرّت حصة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء.
وكانت ظروف الطقس القاسية في الشتاء ودرجات الحرارة المرتفعة للغاية في الصيف، هي العامل الرئيس في ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي حول العالم في 2021، وفق تحليل وحدة أبحاث الطاقة.
الطلب العالمي على الغاز الطبيعي
بحسب وكالة الطاقة الدولية، من المرجح ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي في 2021 إلى 4.063 تريليون متر مكعب.
ويأتي ذلك بعد أن تراجع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي إلى 3.923 تريليون متر مكعب، العام الماضي، مقارنة مع 3.998 تريليون متر مكعب عام 2019، قبل تفشّي فيروس كورونا.
ومن المرجح زيادة الطلب على الغاز الطبيعي في 2021 بجميع المناطق عدا أميركا الشمالية، التي ستسجل 1.066 تريليون متر مكعب، مقارنة مع 1.070 تريليون متر مكعب في العام الماضي، لكنها ستظل الأكثر استهلاكًا للغاز عالميًا، وفقًا لوكالة الطاقة.
وبالنسبة للولايات المتحدة -أكبر مستهلك للغاز عالميًا منذ 1965- تتوقع وكالة الطاقة الدولية تراجع الطلب على الغاز في 2021، إلى 862 مليار متر مكعب، ليكون أقلّ مستوى منذ عام 2018، حينما سجل 854 مليار متر مكعب.
وفي المقابل، تقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن استهلاك الغاز في الولايات المتحدة سيرتفع إلى 83.46 مليار قدم مكعبة يوميًا (2.34 مليار متر مكعب يوميًا) في العام الجاري، مقارنة مع 83.26 مليار قدم مكعبة يوميًا (2.35 مليار متر مكعب يوميًا) في 2020.
ورغم ذلك، سيظل الطلب على الغاز الطبيعي في أميركا أقلّ من مستويات 2019، والبالغة 85.39 مليار قدم مكعبة يوميًا (2.41 مليار متر مكعب يوميًا).
وتستعرض وحدة أبحاث الطاقة، العديد من الأسباب التي دفعت الطلب على الغاز الطبيعي عالميًا للارتفاع في 2021، التي يأتي على رأسها، تقلبات الطقس وتعافي الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الكربون.
تقلبات الطقس
أثّرت درجات الحرارة الأكثر برودة خلال الشتاء، والأكثر دفئًا عن الطبيعي في أشهر الصيف، في ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي طوال عام 2021، لأغراض التدفئة والتبريد.
كما إن الظروف الجوية من جفاف وتراجع لمعدّل سرعة الرياح، أدت إلى تراجع توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، وهو ما انعكس في صورة زيادة استهلاك الغاز.
ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ارتفع الطلب على الغاز من القطاع السكني إلى 13.14 مليار قدم مكعبة يوميًا (0.37 مليار متر مكعب يوميًا) في 2021، مقارنة مع 12.77 مليار قدم مكعبة يوميًا (0.36 مليار متر مكعب يوميًا)، العام الماضي، بحسب توقعات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وفي أوروبا -أيضًا- أدى الشتاء البارد إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، ومع نقص الإمدادات تراجعت المخزونات لأقلّ مستوياتها في عقد، خلال الأشهر الأخيرة.
ومن المرجح أن يسجل إجمالي استهلاك الغاز في أوروبا زيادة بنسبة 4.5% على أساس سنوي في عام 2021، بحسب وكالة الطاقة.
وبسبب الظروف الجوية القاسية، تتوقع وكالة الطاقة ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي في 2021 بأميركا الوسطى والجنوبية بنسبة 4%.
وجاء ذلك مع زيادة استهلاك الغاز الطبيعي في البرازيل بنحو 20% على أساس سنوي في الأشهر الـ8 الأولى من عام 2021، إذ أدّى الجفاف غير المسبوق في البلاد إلى انخفاض توليد الكهرباء من الطاقة المائية، ومن ثم لجأت البلاد إلى الغاز.
وفضلًا عن توسّع النشاط الصناعي، ظلّ نمو الطلب على الغاز في آسيا قويًا في أول 8 أشهر من عام 2021، مدفوعًا بطقس الشتاء البارد وصيف حارّ عبر شمال شرق آسيا، مع توقعات بارتفاعه 7% في إجمالي العام، بحسب وكالة الطاقة.
تعافي الاقتصاد العالمي
بعد أن تسبّب الوباء في انخفاض تاريخي بالطلب على الطاقة وأسعارها، بصفة عامة، فإن تعافي الاقتصاد العالمي في العام الجاري ألقى بظلاله على أسواق الغاز، ورفع الأسعار لمستويات قياسية، كما رصدت وحدة أبحاث الطاقة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 5.9% العام الجاري، بعد انكماشه بنحو 3.1% في 2020.
ومع التعافي الاقتصادي، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية نمو استهلاك الغاز من القطاع الصناعي الأميركي إلى 22.60 مليار قدم مكعبة يوميًا (0.639 مليار متر مكعب يوميًا) العام الجاري، ارتفاعًا من 22.27 مليار قدم مكعبة يوميًا (0.630 مليار متر مكعب) العام الماضي.
ومن المتوقع -أيضًا- ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي من القطاع التجاري في أميركا إلى 9.08 مليار قدم مكعبة يوميًا (0.257 مليار متر مكعب يوميًا) العام الجاري، مقارنة مع 8.66 مليار قدم مكعبة يوميًا (0.345 مليار متر مكعب يوميًا) العام المنصرم.
وفي الصين، من المتوقع أن يرتفع إجمالي الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 13% هذا العام، بقيادة القطاع الصناعي،وتوليد الكهرباء، والقطاع السكني، والقطاع التجاري بنحو 45% و29% و13% من إجمالي النمو على التوالي، وفقًا لوكالة الطاقة.
ارتفاع أسعار الكربون
يرجع ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي -أيضًا- إلى صعود قياسي لأسعار ثاني أكسيد الكربون في أوروبا هذا العام، إذ بلغت 90 يورو (101.7 دولارًا) للطن في وقت سابق من هذا الشهر.
ومن شأن أسعار الكربون المرتفعة أن تدعم التحوّل من الفحم إلى الغاز الطبيعي، ومن ثم يتزايد الطلب على الوقود، الذي يُصدر انبعاثات كربونية أقلّ، مقارنة بأنواع الوقود الأحفوري الأخرى.
ومن هذا المنطلق، تعرّضت أوروبا لانتقادات خلال أزمة الطاقة هذا العام، كونها بالغت في الإجراءات المناخية، التي تحدّ من استهلاك الفحم.
وطالبت مجموعة من قادة الاتحاد الأوروبي أن تتدخل بروكسل للمساعدة في كبح السعر القياسي لثاني أكسيد الكربون، بحجة أن التلاعب المحتمل في السوق يرفع تكاليف الطاقة، ويؤدي إلى تفاقم أزمة الغاز في أوروبا خلال فصل الشتاء.
ورغم أن ارتفاع أسعار الكربون يعني زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، فإن صعود أسعار الغاز وسط نقص الإمدادات يُجبر محطات توليد الكهرباء على الاعتماد على الفحم.
وبحسب تقرير لوكالة الطاقة الدولية، فإن توليد الكهرباء من الفحم عالميًا يتجه لزيادة بنسبة 9% في عام 2021، ليصل إلى 10.350 تيراواط/ساعة، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
موضوعات متعلقة..
- أوابك تكشف عن سبب طفرة الطلب على الغاز الطبيعي في الدول العربية
- إدارة معلومات الطاقة تتوقع استمرار الطلب على الغاز والفحم حتى 2050
- توقعات بتعافي الطلب العالمي على الغاز الطبيعي خلال 2021 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قطر.. القصة الكاملة لصاحبة ثالث أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم
- الوظائف الخضراء.. هل تجد نساء أفريقيا فرص عمل في الطاقة النظيفة؟
