بعد تعهدها في كوب 26.. هل أهداف الهند المناخية واقعية أم مراوغة جديدة؟

انتهت فعاليات قمة المناخ كوب 26، إلا أن تعهدات الدول وخططها للحد من الانبعاثات، وفي مقدمتها الهند، دخلت على ميزان المراقبين والخبراء، لتقييم مدى واقعيتها، أم أن ما جاء في الحدث العالمي مجرد مراوغات جديدة دون إحراز أي تقدم.

طرحت الهند، التي تعد رابع أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم بعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، خلال فعاليات كوب 26، خططًا طموحة من أجل الوصول إلى الحياد الكربوني الذي حددته بعام 2070، أي بعد 20 عامًا من غالبية دول العالم.

يرى العديد من الخبراء والمحللين أن خطط الهند لخفض الانبعاثات تصطدم بالعديد من الإجراءات التي تتبناها نيودلهي على أرض الواقع ومن بينها التوسع في إنتاج الفحم، واستمرار عمل محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم، إلى جانب مساعيها لزيادة إنتاج النفط؛ لتقليل فاتورة الاستيراد.

تعهدات الهند

خلال فعاليات قمة المناخ كوب 26، فاجأ رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، المجتمع الدولي بطرح مناخي طموح جدًا تضمن 5 محاور:

1. زيادة قدرة الطاقة من موارد غير تقليدية إلى 500 غيغاواط بحلول عام 2030.
2. تلبية 50% من احتياجات الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
3. خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 1 مليار طن من عام 2021 حتى عام 2030.
4. تقليل كثافة الكربون في الاقتصاد بنسبة تقل عن 45% مقارنة بمستويات عام 2005.
5. تحقيق هدف صافي صفر انبعاثات كربون بحلول عام 2070.

يُعَد الموعد النهائي لتحقيق الحياد الكربوني في الهند يتجاوز 20 عامًا بعد الموعد الذي قررته العديد من الدول في منتصف القرن الجاري، ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية تسهم تكنولوجيا الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بنسبة 3% فقط من إجمالي مزيج الطاقة في الهند اليوم.

وأسهمت الفئة الأوسع من أنواع الوقود غير الأحفوري -بما في ذلك الكتلة الحيوية، من حرق بقايا الحيوانات والمنتجات الزراعية والخشب- بنحو 25% من إجمالي مزيج الطاقة في الهند في عام 2020.

هل أهداف الهند واقعية؟

يرى عدد من المراقبين الدوليين أن تعهدات الهند الأخيرة تُعَد بمثابة خريطة الطريق للإستراتيجية التي من المحتمل أن تتبناها الهند في خطتها لتحول الطاقة؛ إذ تعد نيودلهي مسؤولة عن 7% من الانبعاثات في العالم.

وفقًا للتوقعات الدولية من المتوقع أن تصل الهند إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2070، وبخلاف الإعلان عن هدف الحياد الكربوني؛ فإن الغالبية العظمى من الأهداف التي طرحتها الهند خلال كوب 26، موجودة في خطتها السابقة المتعلقة بقطاع الطاقة المتجددة لعام 2030.

ونمت قدرة توليد الطاقة المتجددة في الهند بالفعل بنسبة 22% سنويًا منذ عام 2015، وحققت بالفعل 39% من القدرة المركبة التي تنتج نحو 92.54 غيغاواط حتى يناير/كانون الثاني 2021، وفقًا لبيانات حكومية، ووصلت إلى تعهدها في المساهمة المحددة وطنيًا قبل 9 سنوات من الموعد النهائي المحدد.

ستتطلب التعهدات المناخية الأخيرة في الهند تحولًا شبه فوري في أولويات الحكومة، فوفقًا لأحد تقديرات مراكز الأبحاث الدولية؛ فإن الوعد بتخفيض الانبعاثات بمقدار مليار طن سيحتاج إلى خفض إنتاج الكربون في الهند بنسبة هائلة تصل إلى 22% بحلول عام 2030، وهو ما يعني زيادة قدرة التوليد غير الأحفوري إلى 500 غيغاواط بحلول عام 2030؛ ما يعني تحقيق نمو سنوي بنسبة 14% من الآن حتى عام 2030.

وحققت الهند نموًا سنويًا بنسبة 18% في توليد الطاقة المتجددة منذ عام 2015؛ إذ تلبي نحو 12% من احتياجاتها من الكهرباء من خلال مصادر الطاقة المتجددة، وستكون زيادة النسبة إلى 50% بحلول عام 2030 مهمة صعبة أيضًا.

مصير الفحم

تعهد قادة العديد من الدول خلال قمة المناخ كوب 26 بالتوقف عن إزالة الغابات وتقليل انبعاثات غاز الميثان العالمية بحلول نهاية العقد، وهو ما لم توقع عليه الهند، التي لا تخطط للتوقف عن الفحم.

ولم يقدم مودي خلال كوب 26 أي التزامات للتخلص التدريجي من الفحم، أو عدم بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم؛ ما ترك حالة من عدم اليقين بشأن خطط الهند لاستخدامها للفحم.

وعلى الرغم من قدرة البلاد في توليد الطاقة المتجددة؛ فإنها زادت أيضًا من إنتاجها من الفحم، خاصة في ظل أزمة الطاقة التي شهدتها البلاد الشهر الماضي، والتي هددت بانقطاع التيار الكهربائي في ثالث أكبر اقتصاد في آسيا.

تمويل الأهداف المناخية

وفقًا لدراسة حديثة فإن الهند ستحتاج إلى استثمارات بقيمة 10.1 تريليون دولار للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2070؛ إذ تشير الدراسة إلى أن هذه الاستثمارات تعد لازمة للمساعدة في مهمة إزالة الكربون من قطاعات الطاقة والصناعة والنقل في الهند.

وسوف تواجه عجزًا استثماريًا كبيرًا قد يصل إلى 3.5 تريليون دولار لتحقيق هدف صافي صفر انبعاثات.

موضوعات متعلقة..

• قمة المناخ كوب 26.. تفاصيل ما قبل بكاء شارما و"فضيحة" موقف الصين والهند
• قمة المناخ كوب 26.. تحديات رئيسة أمام الهند لتحقيق الحياد الكربوني (6 رسوم بيانية)

اقرأ أيضًا..

• أفريقيا.. كيف تواجه صناعة النفط والغاز تحدي الطاقة؟
• سلطنة عمان.. رحلة كفاح تغلّبت على صعوبات شديدة في استخراج النفط والغاز