أوابك: احتجاز الكربون الحل المثالي لقطاع النفط للوفاء بالتزامات خفض الانبعاثات
دعت الدول العربية إلى تحديد الفرص المتوافقة مع سياساتها
أكدت الأمانة العامة لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط "أوابك" أن احتجاز الكربون يعد إحدى أهم التقنيات الواعدة التي سيجري تبنيها في العديد من القطاعات الاقتصادية مستقبلًا، خاصة في قطاع النفط والغاز، للمساهمة في جهود الدول والتزاماتها نحو خفض نسب انبعاثاتها، وتعظيم الإنتاجية والربحية.
ودعت أوابك إلى زيادة التعاون والتنسيق بين الحكومات والقطاع الاستثماري الخاص، لتوفير التمويل اللازم لمشروعات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون واستخدامه، والمساهمة في اتخاذ القرارات النهائية للاستثمار.
وأشارت -في دراسة لها بعنوان دراسة "احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون واستخدامه في صناعة البتروكيماويات: الإمكانات والتحديات"- إلى ضرورة أن تحدد الدول العربية الفرص المتوافقة مع سياساتتا ومصالحها، لتشجيع الاستثمار الاَمن والمشترك، وبما يتناسب مع خطط وإستراتيجيات الدول في تنويع اقتصاداتها، وتحقيق التزاماتها الدولية نحو خفض نسب انبعاثات غازات الدفيئة.
وأكدت أن تقنيات احتجاز واستخدام وتخزين الكربون أثبتت جدواها الاقتصادية في عدد من التطبيقات، وانتشرت ببطء إلى حد ما، وتنوعت تلك المشروعات من ناحية المستويات بين التجاري والتجريبي، والبحثي.
اهتمامات الدول العربية
أوضحت الدراسة أن الدول العربية أصبحت تولي اهتمامًا متزايدًا بتعظيم الاستفادة من جميع أنواع مواردها الطبيعية، والحفاظ على مقدراتها من خلال الاستغلال الأمثل للتقنيات الحديثة، ومنها تقنيات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، والتي اعتُمدت من قبل عدد كبير من الدول الصناعية الكبرى بوصفها أحد الحلول الناجعة للحد من تلوث البيئية.
وأشارت إلى أن احتجاز الكربون يعمل على تعزيز إنتاجية قطاعي النفط والبتروكيماويات، وإمكان إنتاج الهيدروجين الأزرق، وهو ما يمثل فرصًا واعدة لصناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في الدول الأعضاء لمنظمة أوابك.
تقنيات احتجاز الكربون.
واستعرضت دراسة أوابك التقنيات الحديثة لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون من مزيج غازات الاحتراق المنطلقة من الأفران، التي تتنوع اعتمادًا على نسب غاز ثاني أكسيد الكربون في تكوين المزيج الغازي في المداخن، واعتمادًا على المرحلة التي يُحتجز فيها، سواء بعد عمليات الاحتراق أو قبلها.
وأشارت إلى بعض مجالات استخدام غاز ثاني أكسيد الكربون مادة خام أولية في بعض عمليات التحويل الكيميائي، لإنتاج منتجات ذات قيمة مضافة، مثل تعزيز إنتاجية اليوريا، والميثانول، وبعض الصناعات الغذائية، والمشروبات الغازية.
وأوضحت أنه على الرغم من التحديات التي تواجه مشروعات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، والتي من أهمها ارتفاع التكلفة الاستثمارية وصعوبة الحصول على التمويل اللازم في الوقت المناسب، إلا أن مثل هذه المشروعات يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تنويع اقتصادات الدول المنتجة للنفط والغاز.
إمكانات دول أوابك
أشارت الدراسة إلى أن الدول العربية، خاصة الدول الأعضاء في منظمة أوابك، تمتلك فرصًا جيدة لتنمية مشروعات احتجاز الكربون، كما تتميز الدول العربية بوجود التشكيلات الجيولوجية الملائمة والمتاحة على نطاق واسع كمواقع صالحة للتخزين المستدام الآمن لعدة عقود، مثل حقول النفط والغاز المستنفدة والمهجورة.
وسلطت الدراسة الضوء على بعض المشروعات الناجحة في الدول العربية، ومنها مشروع "عين صالح" في الجزائر، الذي يعد من أضخم المشروعات البحثية النموذجية على المستوى التجاري في العالم، من ناحية تطبيق التكنولوجيا المستخدمة في تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون جيولوجيًا، والتحقق من فاعلية عمليات التخزين الاَمن له، وتأكيد أن التوسع في مشروعات تخزين غاز ثاني أكسيد الكربون على النطاق الصناعي هو أحد الخيارات المهمة لزيادة الإنتاجية، والربحية، ومساعدة الدول في خفض نسب انبعاثاتها من غاز ثاني أكسيد الكربون.
مشروعات البحرين
أشارت الدراسة إلى أن البحرين عملت مبكرًا على الاستفادة من انبعاثات الكربون، وكانت من الدول الرائدة على مستوى الشرق الأوسط، إذ اعتمدت الهيئة الوطنية للنفط والغاز منهجية الاقتصاد الدائري الكربوني حلًا لمعالجة مشكلة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتشمل محورين معنيين بالتقاط غاز ثاني أكسيد الكربون، واستخدامه في إنتاج تعزيز إنتاج الكيماويات.
وأنشأت شركة الخليج لصناعة الكيماويات "جيبيك" في عام 2010 أول مصنع لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون بطاقة 0.64 مليون طن سنويًا، وهو ما يمثل أكثر من 40% من انبعاثاتها، تستخدم الشركة نحو 0.52 مليون طن سنويًا من غاز الكربون في تعزيز إنتاج الأمونيا، واليوريا، ما أسهم في زيادة إنتاج اليوريا بنسبة 50%.
بينما تستخدم نحو 0.12 مليون طن سنويًا لتعزيز إنتاج الميثانول، وهو ما أسهم في تعزيز الإنتاج بكميات بلغت 26 ألف طن سنويًا، وبلغت التكلفة الاستثمارية للمشروع نحو 52 مليون دولار.
ومن جانب آخر قُدرت الكميات التي احتجزتها شركة "بناجاس" في عام 2019 بنحو 110 آلاف طن سنويًا، واستخدمتها الشركة في تعزيز استخلاص النفط في حقل "البحرين".
وتمتلك الشركة خططًا مستقبلية طموحة لاحتجاز كميات إضافية من غاز ثاني أكسيد الكربون، لتصل إلى نحو 0.5 مليون طن لتعزيز اقتصادات استخلاص النفط في البحربن.
تخزين الكربون في الإمارات
في الإمارات جرى تشغيل مشروع شركة أبوظبي لالتقاط الكربون "الريادة"، في عام 2016، بطاقة نحو 0.8 مليون طن سنويًا، وحقنه في حقلَي "الرميثة" و"باب" النفطيين التابعين لشركة أدنوك.
كما لدى شركة "أدنوك" خطط لإنتاج الأمونيا الزرقاء في مجمع الرويس، في إطار خطتها للتوسع في تنمية مشروعات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، لتصل طاقتها إلى 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا بحلول عام 2030.
أرامكو وسابك
في إطار الجهود والمبادرات التي تبذلها السعودية، فقد نجحت شركة أرامكو في تعزيز القيمة المضافة لغاز ثاني أكسيد الكربون، وإنتاج منتجات متخصصة، بالاستحواذ على تقنية "كونفيرج بولي أول" الجديدة في عام 2016، لتحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات نهائية ذات قيمة وكفاءة أداء عالية، وبتكلفة أقل نسيبًا، خاصة عند دمجها مع مركبات "البولي يورثان"، لإنتاج المواد اللاصقة، ومواد العزل للمباني، ومواد تغليف الأغذية، ومانعات التسرب، والمطاط الصناعي عالي القوة والمقاومة للكشط، وطلاءات المنازل الخارجية المقاومة للعوامل الجوية، والمواد ذات القدرة العالية على تحمل الأحمال.
وواصلت الشركة جهود أنشطة البحث والتطوير بالتعاون مع شركة "سابك"، وبمشاركة معهد اقتصادات الطاقة الياباني في عام 2020، من تنفيذ مشروع تجريبي اعتمادًا على مفهوم اقتصاد الكربون الدائري، لإنتاج أول شحنة في العالم من الأمونيا الزرقاء تبلغ كميتها 40 طنًا، وتصديرها إلى اليابان.
وفي إطار الجهود التي تبذلها شركة "سابك" ضمن إستراتيجيتها لعام 2025، خططت الشركة لتنفيذ مشروع ضخم لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون بطاقة 0.5 مليون طن سنويًا، والناتج من وحدات إنتاج الإيثيلين غلايكول من مصانعها في شركة "المتحدة"، تصل التكلفة الاستثمارية للمشروع نحو 650 مليون ريال.
كما تخطط الشركة للسماح للمنشآت الصناعية القريبة منها، من المشاركة في تشييد شبكة أنابيب برية لنقل غاز ثاني أكسيد الكربون من مصادره المختلفة، واستخدامه في تصنيع منتجات متنوعة ذات قيمة مضافة مثل اليوريا، والميثانول، والهكسانول.
قطر ومصر
كما شغلت الشركة الوطنية للإضافات البترولية المحدودة، في قطر، مصنعًا لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، في عام 2014، واستخدامه في تعزيز إنتاج الميثانول، وهو ما أسهم في زيادة إنتاج الميثانول بمقدار 250 طن يوميًا، وخفض كمية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 500 طن يوميا.
ونوهت الدراسة كذلك إلى الجهود التي تبذلها مصر لخفض نسب انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتعظيم الاستفادة منه، من خلال إعلان عدد من المشروعات التي تنفذها شركات الأسمدة لاستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون لتعزيز إنتاج اليوريا لتصل إلى نحو 2.3 ألف طن يوميًا بدلًا من 1.9 ألف طن يوميًا، بالإضافة إلى قيام الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات "إيكم"، بالتعاون مع شركة "تويوتا تسوشو اليابانية" لإجراء دراسة جدوى فنية للبحث عن أفضل الفرص المتاحة في قطاع النفط لتنفيذ مشروعات احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون، وإنتاج الأمونيا الزرقاء.
الهيدروجين الأزرق
أوضحت الدراسة أنه يمكن التوسع في مشروعات إنتاج الهيدروجين الأزرق والمرتبط إنتاجه بتقنيات احتجاز الكربون بشكل أسرع من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر، نظرًا إلى وجود وفرة من الأجهزة، والمفاعلات في المصافي ومصانع البتروكيماويات الكافية لإنتاجه.
وذكرت أنه لا يوجد في الوقت الراهن ما يكفي من أجهزة التحليل المائي المطلوبة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فضلًا عن ضرورة التوسع في تشييد مشروعات لإنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجددة لإنتاجه، ما يتسبب في رفع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بمقدار 4 مرات عن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأزرق، وهو ما يمثّل فرصة واعدة بالنسبة إلى صناعة النفط والغاز في الدول العربية.
موضوعات متعلقة..
- أوابك: 8 دول عربية تتسابق في مشروعات الهيدروجين.. وموريتانيا أحدث المنضمين
- السعودية تقود طفرة طاقة تكرير النفط في دول أوابك
- أوابك: 4 تحديات رئيسة تواجه قطاع الهيدروجين في الوطن العربي
اقرأ أيضًا..
- سلطنة عمان.. رحلة كفاح تغلّبت على صعوبات شديدة في استخراج النفط والغاز
- المغرب يطلق أول شبكة محطات شحن سريعة للسيارات الكهربائية
- السحب من احتياطي النفط الإستراتيجي.. هل يقنع بايدن الدول الصناعية الكبرى؟