قمة المناخ كوب 26.. كيف تحول أفريقيا دفة استثمارات الطاقة الشمسية إلى صالحها؟
معالجة العوائق المحلية وسوق الكربون العالمية أبرز الحلول
هبة مصطفى
بالحديث عن قمة المناخ كوب 26، يتبادر إلى الأذهان إمكانات الطاقة الشمسية الهائلة في قارة أفريقيا، غير أنها تواجه تحديات تمويلية وتكنولوجية تعوق تطورها رغم وفرتها.
ويُنتظر من قمة غلاسكو التوصل إلى اتفاق عالمي يضمن توافر آليات تمويل حديثة لحماية المناخ، عبر حسم موقف الكربون والتوصل إلى آلية جديدة للتعامل معه خلال استثمارات الطاقة المتجددة.
ويدفع تحديد سعر طن ثاني أكسيد الكربون -في سوق تعويضات الكربون- بـ30 دولارًا مثالًا، باتجاه فتح آلاف الاستثمارات في مجال الطاقة الشمسية، في أنحاء القارة السمراء كافّة.
ويهتم قادة الدول المشاركة في قمة المناخ كوب 26 -المنعقد حاليًا في مدينة غلاسكو الإسكتلدنية- إلى مناقشة الأوضاع في أفريقيا ضمن جدول أعمال القمة.
ويُقدّر خبراء إمكان توفير استثمارات الطاقة الشمسية -التي ستحل محل الوقود الأحفوري- ما يزيد على مليون وظيفة جديدة في أفريقيا، ما يُسهم في تعافي تلك البلدان من آثار جائحة كورونا.
أفريقيا.. وجهة شمسية
تُشكّل أفريقيا وجهة مميزة للاستثمارت الأجنبية في المشروعات المناخية، خاصة المتعلقة بالطاقة الشمسية، إذ تملك دول القارة 40% من الإمكانات الشمسية العالمية، لكنها في الوقت ذاته لم تُركّب ألواحًا شمسية سوى بنسبة 1%.
وتتجه الأنظار صوب حكومات الدول الأفريقية، للإسهام في فتح الباب أمام الاستثمارات الأجنبية للطاقة الشمسية، وإزالة العوائق التي تطول استثمارات الطاقة النظيفة في القارة السمراء.
وفي غضون ذلك، وقبل قمة المناخ كوب 26 تصاعدت الدعوات المحلية المطالبة بعدم اعتماد أفريقيا على التعهدات الأجنبية لاستثمارات الطاقة الخضراء، والتوجه نحو ضخ مليارات الدولارات الخاصة والعامة لإزالة عوائق الاستثمار عن محطات الكهرباء واسعة النطاق، ومحطات الطاقة الشمسية الموزعة.
- تسارع التغير المناخي في أفريقيا يهدد 118 مليون إنسان
- جنوب أفريقيا تسعى للحصول على تمويل بـ27 مليار دولار لوقف محطات الفحم
- أفريقيا.. دعم مشروعات الطاقة المتجددة في سادك بـ376 مليون دولار
تكلفة الكهرباء
رغم الإمكانات الهائلة في أفريقيا، فإن شركاتها تعاني أعلى تكلفة للكهرباء عالميًا، بالتوازي مع توقف حصة مصادر الطاقة المتجددة، ضمن مزيج الطاقة، منذ توقيع اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.
وقُدّرت حصص الكهرباء المُولدة من الطاقة المتجددة والشمسية وطاقة الرياح في القارة بأقل من 20%، ما رفع اعتمادها على الفحم والغاز الطبيعي والديزل، لتغطية الطلب المرتفع، رغم تضاعف أسعار الوقود مؤخرًا إلى 3 أضعاف.
ولمواجهة تلك الأوضاع، وتزامنًا مع زخم قمة المناخ كوب 26، يتعيّن على أفريقيا زيادة استثماراتها السنوية في مشروعات الطاقة منخفضة الكربون ثلاثة أضعاف، بما يعادل 60 مليار دولار سنوًيا بحد أدنى.
كما يتوجب على أفريقيا تخصيص جزء من تلك الحصص الاستثمارية لتطوير المشروعات ذات النطاق الواسع، ونشر الطاقة الشمسية وتخزينها في القطاع الخاص.
تجارب نجاح
يمكن لأفريقيا وحكوماتها تقييم الدروس المستفادة من تجارب جنوب أفريقيا ومصر، للتيسير على الشركات المستثمرة في إنتاج الطاقة الشمسية.
ومن أمثلة الاستثمارات الناجحة في أفريقيا، مشروع شركة إيمباور للطاقة الجديدة، منذ أكثر من عام، لتثبيت محطة شمسية على أسطح المنازل في العاصمة الغانية أكرا، توفر سعة قدرها 0.7 ميغاوط، من خلال اتفاقية شراء للكهرباء ممتدة 20 عامًا.
ويوفّر ذلك في التعرفة المدفوعة بفاتورة الكهرباء بنسبة 20%، ما يعادل 800 ميغاواط/ساعة من الطاقة النظيفة، فضلًا عن تلافي 400 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وفضلًا عن توفير طاقة نظيفة، يوفّر المشروع أيضًا وظائف جديدة في البناء والتشغيل والصيانة.
شراكات غير مباشرة
على الصعيد المحلي لدول أفريقيا، وبعيدًا عن عوائق التمويل الخارجي، تقف اللوائح والقوانين المنظمة للاستثمارات -في غالبية دول القارة- أول عائق أمام عدة بلدان، إذ تمنع تلك اللوائح منُتجي الكهرباء في غالبية الدول الأفريقية من شراء الطاقة الشمسية من موردين تابعين للقطاع الخاص.
وتنطبق تلك اللوائح على غالبية الدول الأفريقية، عدا كينيا، ونيجيريا، ومصر، وجنوب أفريقيا، ودول قليلة غيرها، وفق صحيفة إي إس آي أفريكا.
وعلى سبيل المثال، في غانا يُسمح لشركات الطاقة الكبرى بالاستثمار في الطاقة الشمسية فقط، عبر عقود إيجار مع موردي القطاع الخاص.
ولا يلقى هذا النوع من الشراكات رواجًا، إذ يستبعد منتجو الطاقة الشراكات مقابل المعدات، بالمقارنة مع تلك التي يدفع خلالها العميل تكلفة خدمة توصيل الكهرباء.
القياس الصافي
أما العائق الثاني أمام استثمارات الطاقة الشمسية في أفريقيا، فيتمثل في عدم القدرة على القياس الصافي للإنتاج الفعلي.
ويُقصد بغياب القياس الصافي للإنتاج، تحمّل كامل تكلفة الكهرباء المُنتجة حتى في حالة عدم استخدامها، وحظر بيعها إلى المرافق والشركات المحلية.
ويدفع هذا الأمر إلى سحب بساط جاذبية استثمارات الطاقة الشمسية، رغم وفرة توليد الكهرباء عبرها، فخلال خضوع محطات الطاقة الشمسية لأعمال الصيانة أو لأغراض أخرى، تستمر عملية الإنتاج بشكل فائض عن الحاجة دون إمكان بيعه إلى المرافق المحلية.
ويزداد الأمر بقوة في محطات الطاقة الأسيرة، التي تصحب المصانع أو الشركات الكبرى للعمل على توليد قدرة الكهرباء التي تحتاجها ذاتيًا، دون الحاجة إلى التوصيل على الشبكة الرئيسة.
الدعم الحكومي
يتلخص العائق الثالث أمام استثمارات الطاقة النظيفة عمومًا في أفريقيا، واستثمارات الطاقة الشمسية خصوصًا، في دعم الحكومات لرسوم تلقي الخدمات الكهربائية، ودعم الوقود الأحفوري والديزل المستخدم في النقل.
ويرى محللون أنه يمكن للحكومات الأفريقية ضمان وجود منافسة حقيقية ومتكاملة لمشروعات الطاقة الشمسية، عبر إلغاء دعم الوقود الأحفوري، حتى يتسنى لمنتجي الطاقة التأكد من تغطية رسوم الخدمات التي يتلقاها المستهلك للتكلفة الفعلية لإنتاجها.
التمويل والعملات الأجنبية
يتمثّل العائق الرابع في انخفاض العملة الأجنبية في البلدان الأفريقية، إذ إن استقرار صرف العملات الأجنبية يُعد أمرًا مهمًا للاستثمار في مجال الطاقة الشمسية، لأن الدول الأفريقية تسعى لجذب مستثمرين أجانب في هذا المجال.
وتحتاج الدول الأفريقية إلى جذب مليارات الدولارات، عبر استثمارات في مجال الطاقة النظيفة والطاقة الشمسية، وتُعدّ العملة الأجنبية والسيولة الدولارية من أكبر العوامل الداعمة لذلك.
وترتفع تكلفة الاسثمارات الأجنبية حال عدم توافر العملات الأجنبية، مثلما أثرت القيود المفروضة على الدولار الأميركي على استثمارات الطاقة الشمسية في نيجيريا وموزمبيق وزيمبابوي.
ويمكن لدول أفريقيا الاستفادة من انعقاد مؤتمر المناخ كوب 26 في جذب مزيد من الشراكات والاستثمارات في الطاقة الشمسية، ويمكن الإشارة إلى أهمية دور الحكومات الأفريقية في هذا الشأن، بالعمل على إصلاح المعوقات الداخلية.
وتفتقر دول القارة إلى القدرة على توفير التمويل الملائم لذلك، ما يدفعها نحو أهمية تكوين شراكات وجذب استثمارات على هامش قمة المناخ كوب 26.
اقرأ أيضًا..
- حوار - رئيس المجلس العربي للطاقة المستدامة: الانتقال للطاقة النظيفة يواجه عقبات يصعب حلّها
- السودان يعلن تدفق المشتقات النفطية إلى العاصمة بعد فتح الأنابيب
- قمة المناخ كوب 26.. قادة العالم يتعهدون بإنهاء إزالة الغابات بحلول 2030