كوب 26.. انبعاثات الفحم المتزايدة تلقي بظلالها على مؤتمر المناخ في غلاسكو
أنباء عن غياب الرئيس الصيني لعدم دعم "المتهم الأول" في أزمة الطاقة الحالية
قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب 26"، بنحو 5 أشهر، ارتفعت الأصوات المنادية بسرعة التحرك نحو الطاقة المتجددة والتخلي عن الوقود الأحفوري المسبّب للانبعاثات الكربونية، بعد الحرائق التي طالت منطقة الأمازون وبعض الدول الأوروبية واللاتينية مؤخرًا، فضلًا عن زيادة حالات الجفاف وعدد الأعاصير والعواصف، والتي ربطها الكثيرون بالتغيّر المناخي.
هدأت تلك الأصوات بعد احتدام أزمة الطاقة الحالية في أوروبا وآسيا، وانقطاع الكهرباء عن مناطق متفرقة حول العالم، وتأثرت جميع القطاعات الاقتصادية بالتبعية، مما يهدد تعافي الاقتصاد العالمي عمومًا، وربط الكثيرون هذه الأزمة بتسريع وتيرة التحول نحو الطاقة المتجددة، من خلال التخلي عن الوقود الأحفوري خاصة الفحم. وذلك قبل أسبوعين فقط من انعقاد كوب 26.
سبّب هذا خللًا في مزيج الطاقة العالمي، تحاول بعض الدول تداركه -مثل الصين وبريطانيا وأستراليا والهند- الآن من خلال العودة السريعة إلى الفحم-المسبّب الرئيس للانبعاثات الكربونية-، والذي ألقى بهبابه الأسود على مؤتمر الأطراف المناخي الدولي السادس والعشرين كوب 26، التابع للأمم المتحدة، والمقرر عقده في مدينة غلاسكو الإسكتلندية، آخر الشهر الجاري.
أمام هذه التحديات والمعطيات، زاد الزخم وتسلّطت الأضواء على كوب 26، والدور الذي يجب أن يؤديه في كيفية التوازن بين الانتقال التدريجي نحو الطاقة المتجددة، مع ضمان عدم التسبب في أزمة طاقة عالمية.
غير أن أنباء تفيد بأن الرئيس الصيني شي جين بينغ لن يحضر كوب 26، في غلاسكو شخصيًا، يزيد من صعوبة إبرام صفقات مطلوبة للحفاظ على درجة حرارة الأرض، مما أفقد المؤتمر الزخم من جديد.
مع ذلك، يرى الرئيس الأميركي جو بايدن، فرصة ليصبح قائد المناخ الجديد، رغم أن أميركا هي ثاني أكبر مصدر لثاني أكسيد الكربون، بعد الصين.
أهمية حضور شي
تسعى بريطانيا، التي تستضيف مؤتمر كوب 26، في غلاسكو في المدة من 31 أكتوبر/تشرين الأول إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني، للحصول على دعم من الدول الكبرى لخطة أكثر جدّية للتصدّي لتغيّر المناخ.
وأرسلت بريطانيا دعوة شخصية للرئيس الصيني لحضور كوب 26، لكنه لم يؤكد حضوره حتى الآن، رغم قيامه بدور الزعيم المدافع عن المناخ في مؤتمر المناخ الأخير عام 2020، والذي لم يحضره الرئيس الأميركي وقتها دونالد ترمب، بسبب انسحاب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ.
غير أن بايدن، الذي أعاد بلاده للاتفاقية من جديد، ينتهج سياسة مختلفة، رغم فشله الواضح في تحقيق أيّ من الأهداف المناخية المقررة، لذا فإن الصين بدورها قد تغيّر من سياستها أيضًا، وذلك بسبب أزمة الطاقة الحالية، والعودة الضرورية للفحم، وإعادة هيكلة مزيج الطاقة العالمي من جديد، للسيطرة على انقطاعات الكهرباء المتكررة في الصين، مما سيؤثّر بالتبعية في قطاع الصناعة العالمي.
وتخشى بريطانيا من أن قرار شي بعدم الحضور قد يكون مقدّمة لرفض الصين وضع أهداف جديدة لتغيّر المناخ وسط أزمة الطاقة الحالية.
وعدم حضور الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر مصدر لانبعاثات الكربون في العالم، يقلل من فرص التوصل إلى حلول فعلية، مما يجعل كوب 26 يمثّل فرصة ضائعة نحو مكافحة التغير المناخي من ناحية والحفاظ على زخم اتفاقية باريس من ناحية أخرى.
ولم يغادر شي الصين منذ انتشار وباء فيروس كورونا، ويكتفي بإلقاء كلمات وإجراء مباحثات من خلال مكالمات الفيديو مع قادة العالم.
تعهدات صينية
كانت الصين قد تعهدت بوقف التمويل الخارجي للمحطات التي تعمل بالفحم، وكذلك إعلانها في سبتمبر/أيلول 2020، أنها ستصل للحياد الكربوني بحلول عام 2060.
كما تعهدت بالتزامات بشأن تغيّر المناخ، ووضعت أهدافًا طموحة للوصول إلى حياد الكربون بحلول عام 2060، لكن التفاصيل حول كيفية الوصول إلى ذلك كانت شحيحة حتى الآن، بيد أنها تعارض ما يسمى بضرائب الكربون.
ومثل العديد من الدول الكبيرة الأخرى، لم تلتزم الصين بالموعد النهائي المحدد في 30 يوليو/تموز الماضي، بتقديم تعهدات جديدة بشأن المناخ إلى الأمم المتحدة.
والصين بحاجة إلى تحوّل كامل تقريبًا في كيفية إنتاج الطاقة وتوصيلها، في ظل معطيات حالية تشير إلى أنه من غير المرجح أن تُحظر المصانع التي تعمل بالفحم في الصين قبل عام 2025، لأن الخطة الخمسية للبلاد ما زالت تتضمن دعم الفحم كثيف الكربون.
مع ذلك، ما زالت الصين تستثمر في الطاقة المتجددة والنظيفة، بينما تعمل نحو هدفها المتمثل في بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.
الفحم
جاءت عودة الفحم-غير المرغوب فيه مناخيًا- بقوة من جديد، قبل انطلاق كوب 26، ضربة لآمال التوصل إلى حلول فعّالة للتخلي عن الفحم واستبدال مصادر الطاقة المتجددة به.
وعودة الفحم جاءت نتيجة أزمة الطاقة الحالية، التي تضرب أوروبا وآسيا وبعض الدول في أميركا اللاتينية، وهي تعدّ الأولى في عصر الطاقة المتجددة، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة في حال عدم التوصل لسياسة توازنية في كوب 26 للتحول نحو الطاقة المتجددة.
وتهدد عودة الفحم عصر الطاقة منخفضة الكربون، وتبطئ الوصول لهدف الحياد الكربوني. بيد أن الصين وحدها تصدر ما يصل إلى 28% من إجمالي غازات الاحتباس الحراري في العالم، أي ما يقرب من ضعف نصيب الولايات المتحدة.
وتحرق الصين ما يقرب من نصف فحم العالم، في الوقت الذي تستهدف فيه تحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060، ويشمل جزء كبير من ذلك خفض توليد الكهرباء من الفحم إلى 5% من مزيج الطاقة من نحو 60% حاليًا.
تصل أعداد مناجم الفحم في الصين حاليًا إلى نحو 682، وفي العام الماضي، قامت ببناء 3 محطات طاقة جديدة- أكثر من بقية العالم مجتمعة.
وتمتلك الصين ما مجموعه 1000 غيغاواط من الطاقة القذرة، وتخطط لتركيب 100 غيغاواط أخرى. في حين يولّد قطاع الطاقة البريطاني بأكمله، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، نحو 75 غيغاواط فقط.
وتشير المعطيات والبيانات الحالية إلى أن الصين تدمن استخدام الفحم، بجانب الهند والأرجنتين وإندونيسيا، وما لم تخفف تلك الدول من اعتمادها على الفحم، فلن يكون هناك أيّ احتمال في تلبية أهداف اتفاقية باريس للمناخ، المتمثلة في الحفاظ على درجة حرارة الأرض 1.5 درجة بحلول نهاية القرن.
انبعاثات العالم
أشعلت قمة المناخ بباريس عام 2015 موجة من الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة في جميع أنحاء الأرض، وغيّرت هيكل الاقتصاد العالمي، كان في الغالب لصالح الصين. وفقًا لبنك "يو بي أس"، وصارت الطاقة المتجددة حاليًا المتهم الأول في أزمة الطاقة، نتيجة تسريع وتيرة الاعتماد عليها مع التخلي سريعًا عن الوقود التقليدي.
تعدّ دول مجموعة العشرين مسؤولة عن نحو 80% من الانبعاثات العالمية، وهي حاسمة لآمال المملكة المتحدة في التوصل لنتيجة جيدة في كوب 26، ومن المقرر أن يسبق مؤتمر المناخ قمة لمجموعة العشرين في إيطاليا، قد تتطرق لخطّة كوب 26.
ووسط مساعٍ بريطانية لحضور كل الدول كوب 26، تردَّد أن الهند لن تحضر أيضًا، في وقت تتوسع فيه باستخدام الفحم أيضًا، للتغلب على أزمة الطاقة، وتعدّ الهند ثالث أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، بعد الصين والولايات المتحدة.
وفي تعزيز للمحادثات، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، يوم الجمعة الماضي أنه سيحضر، ليرتفع عدد قادة العالم المؤكِّدين حضورهم إلى 125.
آمال معلقة
يضع منظمو مؤتمر كوب 26 آمالًا عدّة لإحراز تقدّم في الإسهامات الدولية والمحددات المناخية لكل دولة، تتلخص في:
- اتخاذ خطوات للتخلص التدريجي من الفحم
- وقف إزالة الغابات وزراعة الأشجار
- التخلص التدريجي من محرك الاحتراق الداخلي
- توفير التمويل المناخي للبلدان النامية، للحفاظ على هدف 1.5 درجة مئوية للأرض
- زيادة التزامات الدول الكبرى بأهداف المناخ
موضوعات متعلقة..
- ارتفاع حصة الفحم في مزيج الطاقة البريطاني
- 4 رسائل من فاتح بيرول بشأن أسواق الطاقة قبل قمة غلاسكو
- الصين تلجأ إلى الولايات المتحدة لتأمين إمدادات الغاز المسال طويلة الأجل
اقرأ أيضًا..
- السعودية تطلق مشروعًا سياحيًا على هيئة منصة نفط بحرية (فيديو)
- موجات الحرارة الشديدة تضر ملياري شخص حول العالم (دراسة)