استمرار الخلاف حول مدى ملاءمة الهيدروجين الأزرق لمتطلبات المناخ
وتناقض نتائج البحوث يثير الشكوك
دينا قدري
قد يكون "الهيدروجين" هو أكثر الأمور الخلافية في مجال الطاقة حاليًا، رغم أن له نصيب الأسد من التغطية الإعلامية في الشهور الأخيرة، فهناك دراسات وآراء متضاربة حول جدواه في تحقيق سياسات محاربة التغير المناخي.
هناك من يرى أن الانبعاثات الناتجة عن الهيدروجين الأزرق أكبر من المصادر الأخرى، ومن ثم فلا جدوى من الاستثمار فيه، بينما يرى آخرون عدم صحة هذه الافتراضات، وضرورة الاستثمار في مشروعات الهيدروجين الأزرق.
انبعاثات مرتفعة
يرى أصحاب الرأي الأول أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للهيدروجين الأزرق أعلى من الغاز الطبيعي أو الفحم، حسبما أفاد الباحثان روبرت هوارث ومارك جاكوبسون في تقريرهما.
وأكدا أن أثر غازات الاحتباس الحراري للهيدروجين الأزرق كان أكبر بنسبة 20% من مجرد حرق الغاز الطبيعي أو الفحم للتدفئة، وأكثر بنسبة من حرق زيت الديزل للتدفئة.
وتوصّلا إلى أن هذه الغازات مسؤولة عن انبعاثات كل من ثاني أكسيد الكربون والميثان الهارب غير المحترق، إذ إن استخراج معظم الهيدروجين المستخدم اليوم يجري من خلال الغاز الطبيعي في عملية ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى غاز الميثان الأكثر سرعة، ولكن الأكثر فاعلية.
افتراضات خاطئة
أمّا أصحاب الرأي الآخر، فإنهم يرون أن للهيدروجين الأزرق مستقبلًا واعدًا، وأن دراسات الطرف الآخر تحتوي على أخطاء متعددة.
فقد توصلت منظمة سينتف إنرجي النرويجية إلى أن الهيدروجين الأزرق والهيدروجين الأخضر على قدم المساواة بإنتاج الانبعاثات المنخفضة، في "السياق الأوروبي"، حسبما أفادت منصة إنرجي فويس.
وألقت المنظمة "نظرة فاحصة" على الافتراضات المستخدمة في الدراسة التي أجراها هوارث وجاكوبسون، وزعمت أنها "غالبًا ما تكون غير صحيحة"، لأنها لا تعتمد على الظروف الأوروبية.
تستند النتائج -التي توصلت إليها المنظمة النرويجية- إلى بيانات إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق في المشروعات التي تموّلها مفوضية الاتحاد الأوروبي، ومجلس الأبحاث في النرويج، والصناعة على مدى عدّة سنوات.
تسرّب الميثان مضلل
أحد المجالات التي تشير إليها المنظمة على أنها "مضللة" هو معدل تسرّب الميثان المفترض في الدراسة.
وأوضحت المنظمة النرويجية أن الورقة البحثية ذكرت أن "انبعاثات غاز الميثان من إنتاج الغاز في الجرف القارّي النرويجي تبلغ 0.03%. تستخدم الدراسة رقمًا يبلغ 3.5%، أي أعلى بأكثر من 1000 مرة من المستوى الفعلي".
وتابعت: "حتى على المستوى العالمي، حُدّدت انبعاثات الميثان بنسبة 0.23% في عام 2019، لذا فإن الواقعية في الافتراض مضللة أيضًا في السياق العالمي. في الواقع، باستخدام هذا الافتراض، سيكون من الأفضل حرق الفحم".
طريقة إنتاج الهيدروجين الأزرق
تشكّك المنظمة -أيضًا- في فكرة الدراسة القائلة بأن الهيدروجين الأزرق سينتج عن طريق إعادة تشكيل الميثان بالبخار، مع معدل احتجاز الكربون بنسبة 76% فقط.
وأكدت أن "هذا خيار عفا عليه الزمن للتكنولوجيا، من أجل إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون في الحقول الخضراء".
وأوضحت أنه يُخطط في الغالب لإنتاج الهيدروجين الأزرق عن طريق إعادة التشكيل الحراري التلقائي، إذ يمكن تحقيق معدل احتجاز يزيد على 95% "بسهولة".
وأضافت أنه "بالنسبة إلى إنتاج الهيدروجين من الغاز الطبيعي مع الاحتجاز المتكامل لثاني أكسيد الكربون، فإن إعادة التشكيل الحراري التلقائي تشهد -أيضًا- كفاءة أعلى في استخدام الطاقة مقارنةً بإعادة تشكيل الميثان بالبخار".
جدوى تخزين الكربون
بالإضافة إلى التشكيك في استخدام الهيدروجين الأزرق، استهدف هوارث وجاكوبسون -أيضًا- احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.
وقالا، إن الافتراض القائل بإمكان تخزين الانبعاثات إلى أجل غير مسمّى "متفائل وغير مثبت".
وفي مواجهة هذا الادّعاء، قالت المنظمة، إنه في السنوات الـ25 الماضية، خُزّن "أكثر من 27 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون" من مجمع سليبنر لتحلية الغاز ومحطات ملكويا للغاز الطبيعي المسال على الجرف القارّي النرويجي.
وأضافت أن مراقبة المشروعات أثبتت أنها طريقة تخزين "دائمة وآمنة".
اقرأ أيضًا..
- الهيدروجين الأزرق معضلة بريطانيا لتقليص الانبعاثات الكربونية
- مفاجأة.. الهيدروجين الأزرق قد يضر المناخ أكثر من الغاز أو الفحم
- الهيدروجين الأزرق.. هل تلاعبت شركات النفط بأحلام دعاة تحول الطاقة؟