العقوبات الأميركية تهدد بتوقف إمدادات كهرباء إيران إلى باكستان
وإسلام آباد تدرس حلولًا داخلية لتوفير البدائل
هبة مصطفى
على مدار سنوات، شهد الاقتصاد الإيراني تأثرًا كبيرًا بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، غير أن هذا التأثير امتدّ إلى حدود إسلام آباد، إذ يواجه مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني عقبات تهدد بتوقّفه.
وقررت باكستان زيادة واردات الكهرباء من إيران 70 ميغاواط، لتغطية احتياجات مدينة غاوادار الواقعة على الساحل الجنوبي الغربي.
وتعكف إسلام آباد وبكين على تطوير ميناء غاوادار، ضمن عمل الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، بجانب إنشاء باكستان محطة كهرباء تعمل بالفحم بقدرة 300 ميغاواط.
ويهدف الممرّ الاقتصادي إلى إنشاء طريق برّي يربط بين مدينة كاشغر الصينية وميناء غوادار الباكستاني، وهو أحد مشروعات مبادرة الحزام والطريق.
ويشتمل على شبكة طرق وسكك حديدية وخطوط أنابيب للنفط والغاز لمسافة 3 آلاف كيلومتر، ويعدّ محورًا مهمًا على طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين.
عرقلة سابقة
كانت باكستان قد خاضت محاولة سابقة لاستيراد 100 ميغاواط من الكهرباء الإضافية من إيران، بموجب اتفاق موقّع بين الجانبين عام 2009، -خفضتها حاليًا إلى 70 ميغاواط-، إلّا أنها واجهت عرقلة بسبب العقوبات الأميركية، وفقًا لصحيفة ذا إكسبريس تريبون.
وافقت اللجنة التنفيذية للمجلس الاقتصادي الوطني في باكستان، في 19 سبتمبر/أيلول 2007، على استيراد 100 ميغاواط إلى غاوادار، عبر خطوط 220 كيلو فولت مزدوجة بطول 74 كيلومترًا، من بولان في إيران.
وفي فبراير/شباط عام 2009، جرى توقيع اتفاقية بين الشركة الوطنية للنقل والتحكم في باكستان، وشركة سونير الإيرانية، لاستيراد كهرباء بقدرة 100 ميغاواط.
عرضت شركتا تافانير وسونير الإيرانيتان، اللتان وقّعتا عقد توريد الكهرباء، تمويل إنشاء الخط لتعويض مديونية الشركة عن عدم الوفاء باتفاقها وتوريد الكهرباء الإضافية إلى باكستان، لعرقلة العقوبات الأميركية لها، بدعم من الوكالة المركزية لشراء الطاقة المحدودة (ضامن الاتفاق).
تستورد الحكومة الباكستانية حاليًا ما يصل إلى 75 ميغاواط فقط من الكهرباء من إيران، وتواجه إسلام آباد أزمة في سداد مدفوعاتها من واردات الكهرباء الحالية بشكل منتظم إلى إيران، نظرًا للعقوبات الأميركية، ما دفعها للسداد من خلال بعض المصادر البديلة مثل المقايضة.
لم يتسبب تشديد العقوبات الأميركية على إيران في تأثّر مشروع الممر الاقتصادي الصيني فقط بعرقلة استيراد كهرباء إضافية، إذ تستورد باكستان النفط الخام من إيران لتلبية احتياجات مصافي تكرير النفط، غير أن إمدادات النفط توقفت عام 2010 بسبب تلك العقوبات.
جدل باكستاني
داخليًا، عرضت لجنة الطاقة تفاصيل سير العمل وتعطّل الإمدادات الإيرانية للممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني على اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة الأمر، ورجّحت عدم دعم خيار استيراد 100 ميغاواط إضافية من الكهرباء، من إيران عبر "بولان- غاوادار".
وناقش مجلس الوزراء الخيارات المطروحة كافة، وحذّر مسؤول حكومي من المضي قدمًا في مشروع الممر الاقتصادي، إذ شدّد وزير المالية على أن توفر المرافق شرطًا أساسيًا لإتمام العمل في مشروع ممر غاوادار.
وأرجأت اللجنة المعنية بالإشراف على الممر، النظر في خيارات إمدادات الكهرباء لتغطية الطلب الإضافي على شبكة (غاوادار/مكران)، ورجحت اللجوء إليه في حالة تأخّر تشغيل محطة الكهرباء التي تعمل بالفحم في غوادار.
وأكدت أن باكستان بحاجة إلى حلّ مؤقت وحلّ دائم لضمان إمدادات الكهرباء إلى غوادار، وهو شرط أساس لاستمرار الاستثمارات والمشروع الصيني المقرر الانتهاء منه بحلول مارس/آذار 2023.
وأوضح المجلس أن استيراد الكهرباء من إيران للوفاء بالاحتياجات العاجلة هو البديل الأفضل حتى الآن، مشيرًا إلى أنه يجب حلّ الأزمة لضمان الاستثمار في المنطقة.
خيارات داخلية
ناقشت اللجنة المشرفة على الممر الاقتصادي خيارات إمدادات الكهرباء إلى غاوادار، ووجّهت شركة التوريدات الكهربائية كيسكو بمدينة كويتا إلى إنهاء مدّ خط نقل لتزويد غاوادار بـ 70 ميغاواط إضافية من إيران.
وبحثت هيئة مجلس الوزراء خيارات أخرى من سبل ضمان الإمدادات الإضافية المستقبلية لشبكة منطقة غاوادار/مكران.
ضمن السبل، ناقشت الهيئة ترتيب الإمداد المؤقت قبل بدء تشغيل محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم في غاوادار بقدرة 300 ميغاواط، وربط خطوط 132 كيلوفولت للشبكة الإقليمية غاوادار/مكران بالشبكة الوطنية.
وأوضحت أن الطلب الإضافي للشبكة سيكون في نطاق 105 ميغاواط إلى 120 ميغاواط، بالإضافة إلى 100 ميغاواط الحالية.
وأضاف المجلس أن هناك خيارات مختلفة لتوفير الإمدادات المؤقتة، تتطلب استثمارًا قدره 475 مليون دولار أميركي.
ودرس زيادة استيراد الكهرباء من 100 ميغاواط إلى 125 ميغاواط، بزيادة 25 ميغاواط، من إيران، عبر الخط الحالي 132 كيلوفولت، ما يتطلب التفاوض مع إيران حول الأمر.
كما تطرّق المجلس إلى بحث خيار عزل جزء من شبكة مكران، التي تُغذّي محطات الشبكة بجهد 132 كيلوفولت، يمتد إلى مدن بنجور وحشب وتربات، وهو الطرح الذي أيّده قسم الطاقة بالمجلس.
دعم حكومي
قبل أيام، أعلنت الحكومة الباكستانية عزمها زيادة الدعم المقدّم لقطاع الكهرباء والغاز للقطاعات الموجهة للتصدير لدعم زخم نمو الصادرات خلال العام المالي 2021-2022.
وأوصت لجنة تابعة لوزارة الطاقة بمواصلة إمداد الكهرباء بقرابة 9 سنتات أميركية لكل كيلوواط/ساعة، والغاز عند 6.5 مليون وحدة حرارية بريطانية للقطاعات الموجهة للتصدير، حتى وقت استنفاد الميزانية المخصصة في هذه السنة المالية.
إيران تتحدى العقوبات
على الصعيد الإيراني، كان الرئيس إبراهيم رئيسي قد أعلن خلال جلسة بالبرلمان قبل أيام لاستعراض تشكيل الحكومة، أن إحدى أولوياته ستكون تصدير مزيد من المنتجات النفطية، وأعلن عزمه التركيز على قطاعي التكرير والبتروكيماويات.
ورغم تعثّر المحادثات لإنهاء العقوبات الأميركية، فإن الرئيس الإيراني أكد أن بلاده لديها "الكثير من الاحتمالات" لبيع النفط.
وتخضع صادرات النفط الإيراني لعقوبات أميركية، في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 المبرم بين إيران و6 قوى عالمية، في منتصف عام 2018.
اقرأ أيضًا..
- باكستان تقرر استمرار دعم الطاقة
- ارتفاع معدل توليد الكهرباء في باكستان
- مَن جواد أوجي المرشح لمنصب وزير النفط الإيراني؟
- الرئيس الإيراني يعلن ملامح خطته لبيع النفط في ظل العقوبات الأميركي