أرامكو نموذجًا.. تحول الطاقة يمثل تحديًا وجوديًا لشركات النفط الوطنية (تقرير)
الشركات ستؤدي دورًا حاسمًا في ضمان أمن الطاقة العالمي
نوار صبح
- ينطوي تطوير شركات النفط الوطنية على آثار مهمة في الإمدادات المستقبلية
- يمكن للشركات التي تتمتع بقدرات تقنية فائقة المساهمة في تحقيق أهداف الحياد الكربوني
- تُعدّ شركة أرامكو السعودية أحد مشغّلي النفط والغاز الأكثر تطورًا في العالم
- جميع شركات النفط الوطنية تمثّل أدوات للدولة.
رغم امتلاك بعض شركات النفط الوطنية المال والمهارات التقنية للاستحواذ على حصة أكبر من الإنتاج العالمي، فإن بعضها الآخر سيتعثر في طريقه نحو تحوّل الطاقة.
ومن شأن تحليل العلاقة القائمة بين شركات النفط الوطنية والدولة، وأساليب الحكومات نفسها في مواجهة تحوّل الطاقة، أن يُسهم في معرفة كيفية استجابة شركات النفط الوطنية ودراسة دوافع سلوكها وتشكّل إستراتيجياتها.
وأشار تقرير بعنوان: "مسارات شركات النفط الوطنية في تحوّل الطاقة"، أصدره مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ومقرّه العاصمة الأميركية واشنطن، إلى أن التحول بعيد المدى عن الوقود الأحفوري يمثّل تحديًا وجوديًا لشركات النفط الوطنية.
علاوة على ذلك، ينطوي تطوير شركات النفط الوطنية على آثار مهمة على الإمدادات المستقبلية، والنتائج المناخية، والتعافي الاقتصادي والمالي للبلدان المنتجة للنفط؛ نظرًا للدور الضخم الذي تؤدّيه تلك الشركات في إنتاج النفط والغاز العالمي.
ويرى التقرير أن من الضروري دراسة الكيفية التي سيؤثّر بها توقّع ذروة الطلب على النفط في إعادة صياغة إستراتيجيات شركات النفط الوطنية واستثماراتها.
دور شركات النفط الوطنية في خفض الانبعاثات
يقول المحللون، إنه إذا لم تُتخذ خطوات لتقليل الطلب على النفط والغاز، فإن عمليات سحب الاستثمارات من قبل شركات النفط والغاز الكبرى -مثل إكسون موبيل وشل وشيفرون- لن تفعل الكثير لخفض الانبعاثات.
في المقابل، يمكن أن تترك مبيعات الأصول القسرية المزيد من الإنتاج في أيدي الشركات المملوكة للقطاع الخاص وشركات النفط الوطنية، والتي من غير المرجح أن تلتزم بمعايير صارمة للبيئة والسلامة.
ويبيّن تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أنه في سيناريو انخفاض الاستثمار العالمي في النفط والغاز واستمرار الطلب القوي، ستؤدي شركات النفط الوطنية دورًا حاسمًا في ضمان أمن الطاقة العالمي، بينما يمكن لبعضهم التصرف بشكل انتهازي، والنمو مع تقلّص العملات الرئيسة.
ويضيف التقرير أنه يمكن للشركات التي تتمتع بقدرات تقنية فائقة، وإمكان الوصول إلى رأس المال، ومهارات إدارة المشروعات أن تؤدي أدوارًا فاعلة في الخطط الحكومية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني والطموحات المناخية.
طموحات وقيود ودوافع شركات النفط الوطنية
تُعدّ شركة أرامكو السعودية أحد مشغّلي النفط والغاز الأكثر تطورًا في العالم، إذ تتمتع بتكنولوجيا رائدة وقدرة هندسية، وميزانيات عمومية قوية، وخبرة في إدارة المشروعات العملاقة.
بخلاف ذلك، توجد بعض شركات النفط الوطنية التي لا تمثّل سوى نوع من كيانات عابرة، وتملك ذات رأس مال بشري أو قدرة تقنية محدودة للغاية.
وتفتقر هذه الشركات -بما في ذلك بعض الدول الناشئة المنتجة للنفط والغاز- إلى رأس المال والاستقلال المالي عن الحكومات، وتعتمد بشكل كبير على الشركاء.
ويرى التقرير أن جميع شركات النفط الوطنية تمثّل أدوات للدولة.
ويتمثّل الدور الحاسم لشركات النفط الوطنية في الدول الريعية التقليدية -التي يعتمد نظامها السياسي والاقتصادي على توزيع ريع الموارد- في توفير عائدات كافية للحكومات، وربما توفير طاقة رخيصة للمستهلكين المحليين.
وكشف التقرير أنه مادام النفط وفيرًا ويولّد هوامش عالية، فإنه يوجد ضغط محدود على شركات النفط الوطنية للتنويع.
أمّا بالنسبة للاقتصادات النامية، ذات عدد السكان الأكبر وموارد النفط والغاز الأصغر، فإن شركات النفط الوطنية تبقى مصدرًا مهمًا للإيرادات للحكومات، لكن قاعدة الإيرادات لهذه الدول تُعدّ عمومًا أكثر تنوعًا.
وتعتمد مطالبات شركات النفط الحكومية بشأن تحوّل الطاقة على عدد من العوامل، مثل: حجم الموارد المتاحة، والقدرة التنافسية من حيث التكلفة والبصمة الكربونية لموارد الشركة، والأهداف المناخية الحكومية.
يضاف إلى تلك العوامل: الموارد المالية لشركة النفط الوطنية، وإمكان الوصول إلى رأس المال، وقدرتها على التكيف واكتساب مهارات جديدة في مجال الطاقة المتجددة.
شركات النفط الوطنية التقليدية
يذكر تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أن شركات النفط الوطنية التقليدية ستواصل التركيز على النفط والغاز بصفته عملًا أساسًا، وستسعى إلى حماية إنتاج النفط والغاز، بل وزيادته في بعض الحالات، من خلال عمليات الاستحواذ.
ويرى التقرير أن شركات النفط الوطنية هذه تواجه ضغوطًا أقلّ من الحكومات لتنويع نماذج أعمالها أو المساعدة في تحقيق أهداف مناخية طموحة.
ويتوقع التقرير أن تتمتع هذه الشركات بدعم من المصارف والمؤسسات المالية الحكومية.
وتشمل شركات النفط الوطنية في هذه الفئة شركتي "روسنفت" و"غازبروم" الروسيتين، و"بتروبراس" البرازيلية، ومن المرجح أن توجد الشركات التقليدية في الدول الريعية أو الاقتصادات النامية التي لديها احتياطيات كبيرة من النفط والغاز.
الآثار المترتبة على إمدادات النفط والغاز
يكشف التقرير أنه إذ لم يكن هناك انخفاض سريع في الطلب على النفط في العقود المقبلة، فمن المرجح أن تؤدي شركات النفط الوطنية دورًا حاسمًا في تلبية الطلب المستقبلي على الطاقة، إذ تواجه الشركات الكبرى ومنتجو النفط المستقلين قيودًا على رأس المال وضغوطًا مجتمعية.
ويمكن لشركات النفط الوطنية في الدول الكبيرة التي تمتلك موارد ضخمة، أن تزيد حصتها في السوق.
ويبيّن التقرير أن شركات النفط الوطنية ستتبع مسارات مختلفة في تحوّل الطاقة، ولا ينبغي الافتراض أن شركات النفط الحكومية ستكون في الصدارة، أو يمكنها سدّ فجوة الاستثمار التي خلّفتها الشركات الكبرى والشركات الخاصة.
وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن بعض شركات النفط الوطنية ستركّز ببساطة على توريد النفط والغاز بأكبر قدر ممكن من الكفاءة وإعادة الأموال النقدية إلى المساهمين.