تقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

حوار - ليلى بنعلي: قطاع النفط يتعرض لـ3 أزمات.. وأوبك+ ظهرت بشكل فعال

مستشار الأمين العام لمنتدى الطاقة: الدول العربية في وضع جيد للمنافسة في سوق الهيدروجين

أجرى المقابلة: عبدالرحمن صلاح - أعدها للنشر: دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • قطاع الطاقة كان من بين أكثر القطاعات تضررًا من وباء كورونا
  • أزمة عام 2020 ستكون أكثر صعوبة من فترات الركود السابقة
  • الاستثمارات ترتكز على عودة الطلب على الطاقة وتوصيات كوب26
  • دول مجلس التعاون الخليجي ستتفوق على الاقتصادات الأخرى المعتمدة على الهيدروكربونات

حذّرت المستشارة الرئيسة للأمين العامّ لمنتدى الطاقة الدولي، كبيرة الاقتصاديين، الدكتورة ليلى بنعلي، من ركود تضخّمي مشابه لفترة السبعينات، مؤكدة أن ارتفاع أسعار النفط مرتبط بنمو الطلب وإعادة فتح الاقتصادات بشكل متزامن.

وذكرت -في حوار مع منصة "الطاقة"- أن الاستثمارات في قطاع النفط تراجعت من تريليون دولار أميركي إلى 300 مليار دولار، مشددةً على صعوبة انتهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.

وأوضحت أن منتدى الطاقة الدولي يعتزم المساهمة في توحيد محاسبة الكربون بتجارة الطاقة، مشيرةً إلى أن العالم سيشهد المزيد من الشحنات المحايدة للكربون للنفط الخام أو الغاز الطبيعي المسال.

وإليكم نص الحوار..

ما تقييمكم لمدى تعافي قطاع الطاقة العالمي من تداعيات وباء كورونا؟

قطاع الطاقة كان من بين أكثر القطاعات تضررًا من الوباء، واكتشفنا صناعة أكثر ترابطًا مما كنا نظن -مع فرض قيود على سلاسل التوريد في الغاز الطبيعي المسال والشحن وخدمات حقول النفط والغاز والتصنيع-.

لقد تأثّرت جميعها بشدّة بالموجات الأولى من جائحة فيروس كورونا، وزادت الضغط من أجل اللامركزية والتوطين، بينما تتوق الصناعة إلى الكفاءة من حيث التكلفة.

أما قطاع الكهرباء فكان الأداء جيدًا نسبيًا، لكن فرضت عمليات الإغلاق ضغوطًا على المرافق في العديد من المناطق حول العالم.

والتأثير الآخر كان على الاستثمارات؛ إذ يُمكن اعتبار عام 2020 أكثر صعوبة من فترات الركود السابقة.. فالتأثير أعمق وأطول أمدًا، ففي عامي 2015-2016، خُفضت استثمارات الاستكشاف والإنتاج بنسبة 20-25% سنويًا لمدة عامين متتاليين.

وأشار تقرير منتدى الطاقة الدولي ومجموعة بوسطن الاستشارية إلى أن شركات النفط والغاز خفضت نفقاتها الرأسمالية بنسبة 34% في عام 2020، أكثر بقليل من الخفض بنسبة 28% بعد عام 2014، وأكثر من 20-25% التي شهدها قطاع الطاقة الأوسع.

إن الطبيعة طويلة المدى للأزمة وإعادة الهيكلة العميقة في قطاع النفط والغاز ستضربان الاستثمارات لفترة أطول، ما يؤدي إلى أزمة الإمدادات وتقلّب الأسعار.

ما هي رؤيتكم لتعافي القطاع في منطقة الشرق الأوسط؟

بشكل عام ومبدئيًا، تحدث إعادة هيكلة عالمية عميقة مع المزيد من عمليات الدمج بين اللاعبين الأصغر والمستقلين، ولكن هناك أيضًا صناعة مضغوطة بين اللاعبين الأكبر حجمًا، إذ تكون منحنيات التكلفة أشدّ انحدارًا ودورة المشروعات أقصر.

كما إن الانخفاض في الاستثمارات وهجرة المستثمرين من القطاع، بسبب مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والعوائد المنخفضة نسبيًا، يقودني إلى التساؤل عمّن سيظل قادرًا على الاستثمار في هذه البيئة.

ليلى بنعلي - منتدى الطاقة الدولي

صحيح أن قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط -الذي يتمتع بإمكان الوصول إلى موارد منخفضة التكلفة ومنخفضة الكربون في النفط والغاز والكهرباء (مصادر الطاقة المتجددة)- في وضع جيد لمواجهة العاصفة، فقد وصل العديد من لاعبي المنطقة إلى عام 2020 بتحسّن أدائهم المالي، بشأن صافي الدخل، والأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين، والعائد على متوسط رأس المال المستخدم.

وأظهرت أرامكو السعودية عائدًا ممتازًا بنسبة 40% على متوسط رأس المال المستخدم، عندما جمعت 12 مليار دولار من أول إصدار سندات لها.

وفي النتائج المالية للربع الأول من عام 2021، قدّمت أرامكو عائدًا بنسبة 14.2% على متوسط رأس المال المستخدم، وتدفقات نقدية حرة بقيمة 18 مليار دولار، ومديونية بنسبة 23%.

هؤلاء اللاعبون قادرون على إظهار الربحية المستمرة والقدرة على إنتاج التدفق النقدي ورفع الإنتاج خلال السنوات الـ5 القادمة.

وعلى المدى الطويل، هؤلاء اللاعبون الذين استثمروا في التكامل -الأقرب إلى المستهلكين- والرقمنة، سيظهرون فائزين.. ولديكم القليل من هؤلاء في المنطقة.

هل تتوقعون تعرّض القطاع لضربة مماثلة للربع الأول من 2020 حال حدوث طفرات مستقبلية لـ كوفيد 19؟

هذا سؤال ممتاز.. يبدو أن العالم يَقبل حقيقة أن مناعة القطيع قد لا تكون قابلة للتحقيق، وأن الطفرات والمتغيرات المتتالية ستستمر في إلزام الدول والمناطق بإعادة فرض الإغلاق وقيود السفر، واعتماد سياسات مرنة وقابلة للتراجع.

بعد قولي هذا، لا أرى كيف يمكن أن يكون لدينا "أبريل/نيسان أسود" آخر (عندما انهار الطلب العالمي على النفط بنسبة 25% تقريبًا إلى مستويات لم نشهدها خلال 18 عامًا)، لأن نشر اللقاحات وإدارة المتغيرات أصبحت الآن غير متزامنة.

يحتاج العالم إلى الإغلاق في وقتٍ واحد، مع العمل من المنزل والتعليم عبر الإنترنت، للوصول إلى مستوى انخفاض الطلب الذي شهدناه في أبريل/نيسان 2020.

حجم الاستثمارات بقطاع الطاقة العالمي تراجعت 20% العام الماضي.. هل سيعوّض القطاع هذا التراجع في 2021؟ أم سيستغرق الأمر وقتًا أطول؟

اللاعبون في مجال الطاقة أدركوا -في وقت مبكر من عام 2020- أن هذه الأزمة ستكون أكثر عمقًا وأكثر هيكلية، مع مزيج من قيود العرض والطلب.

ففي 2015-2016، خُفِضَت استثمارات الاستكشاف والإنتاج بنسبة 20-25% سنويًا لمدة عامين متتاليين.. نتوقع أن يستمر التأثير هذه المرة لفترة أطول.

ومع ذلك، إذا تحقّق شرطان: أن يعود الطلب على الطاقة إلى مستويات ما قبل الجائحة ويتجدد مع مسار النمو، وأن يخرج العالم بعد مؤتمر المناخ "كوب26" بالتزامات سياسة أوضح فيما يتعلق بإدارة الكربون، فقد يُطمْئِن ذلك المستثمرين والشركات الذين يتعيّن عليهم الالتزام بخطط النفقات الرأسمالية الكبيرة.

كما يمكنكم أن تتوقعوا أن يستغرق ذلك عامين على الأقلّ.. يوضح تحليلنا أنه في بداية الربع الثاني من عام 2021، كان إجمالي الطلب على النفط أقلّ بنسبة 6% فقط من مستويات ما قبل الجائحة، بينما ظل الطلب على وقود الطائرات -حصة الأسد من الانخفاض- أقلّ من مستويات ما قبل الجائحة بنسبة تقترب من 40% (نحو 2.9 مليون برميل يوميًا).. فطريق التعافي يعتمد على الرحلات الطويلة.

ما رؤيتكم لتأثّر الدول النفطية الكبرى -خاصة الخليجية- بتداعيات الوباء؟

نرى أن منتجي المواد الهيدروكربونية الرئيسيين كانوا يديرون ويواجهون الوباء بشكل مختلف تمامًا، وبعضهم كان أفضل من غيره، لا سيما أولئك الذين لديهم إدارة حكومية فعّالة وقوية للنشر السريع للاختبار ثم اللقاحات.

لقد أدّت هذه الأزمة الثلاثية -الصحية والاقتصادية والمالية- إلى توسيع فجوات الدخل والإنتاجية بين الدول وداخلها.. بينما يواجه عدد قليل من الدول الهيدروكربونية مقايضات صعبة، ولكن يمكن التحكّم فيها، يواجه بعضهم الآخر خيارات شاقّة إلى حدٍ ما على المدى القصير.

هل يفرض وباء كورونا على الدول الخليجية البحث عن مصادر أخرى لتمويل موازناتها العامة؟

كما ذكرت، اتّسعت الفجوة بين الدول.. حُشدت حزم تحفيز واسعة النطاق، إمّا من خلال أسواق رأس المال بالديون، أو ضبط أوضاع المالية العامة، أو الاستفادة من الاحتياطيات الحالية (كان لدى المصارف الخليجية مجتمعة أصول بقيمة 2.3 تريليون دولار أميركي في نهاية عام 2019)، أو التمويل متعدد الأطراف والثنائي، أو المساعدات الخارجية.

خصصت دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 120 مليار دولار أميركي في شكل حزم تحفيز اقتصادي. وستتفوق على الاقتصادات الأخرى المعتمدة على الهيدروكربونات، مثل أميركا اللاتينية.

ووصلت بعض دول مجلس التعاون الخليجي إلى عام 2020 بوضع مالي قوي ضعيف المديونية، ما مكّنها من الاستفادة من الأسواق بأسعار مثيرة للاهتمام.

ليلى بنعلي - منتدى الطاقة الدولي - النفط

في أبريل/نيسان 2020، أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي سندات بقيمة 25 مليار دولار من السندات التي تجاوز الاكتتاب فيها 4-6 أضعاف، بينما كانت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأخرى تكافح من أجل زيادة عوائد السندات.

حتى داخل دول مجلس التعاون الخليجي، فإن البحرين وعُمان هما الدولتان الأكثر اعتمادًا على عائدات تصدير الهيدروكربونات في موازنتهما والتوازن الجاري الخارجي، وكانتا بالفعل في وضع صعب على هاتين الجبهتين.

تحاول عُمان ترتيب تسهيلات لأجل 1.5 مليار دولار مع المصارف المرتبطة بها، وبدأت في رسم تسهيلاتها المتجددة -خط الدفاع الأخير-. ومع عدم إمكان الوصول إلى خط المبادلة، تمتلك عُمان 7.4 مليار دولار فقط من سندات الخزانة.

وذهبت البحرين إلى سوق السندات بنجاح، ولكن بسعر مرتفع، بعد الحصول على تسهيلات مرحلية، بشكل أساس من المصارف المحلية.

على المدى المتوسط، لا تزال نسبة كبيرة من القطاع الخاص تعتمد على الإنفاق الحكومي، ولكن بعض دول مجلس التعاون الخليجي لديها قاعدة أقوى للتعافي بشكل أكثر استدامة من الطبقة الثانية من منتجي الطاقة، سواء كانوا موّجهين بشكل كبير للخدمات أو يمتلكون قطاعات غير رسمية كبيرة قائمة على النقد.. لذا، فهي على أيّة حال، تعرّضت لضربة كبيرة خلال الجائحة.

هل نجح تحالف أوبك+ بإدارة سوق النفط في أعقاب الجائحة؟.. وهل تتوقعون استمرار الصعود والوصول إلى 100 دولار هذا العام؟

عمل تحالف أوبك+ بشكل فعّال في موازنة الأسواق نظرًا للشكوك الواسعة من جانب الطلب، لكن إعادة موازنة السوق كانت بطيئة، نظرًا لتعافي الطلب الأبطأ في عام 2021.

فالمرحلة الأخيرة في انتعاش الطلب تجعل إدارة العرض وإعادة التوازن في السوق أكثر صعوبة.

تبلغ مخزونات النفط الخام العالمية نحو 120 مليون برميل أقلّ من مستواها قبل عام، ولكن لا يزال هناك أكثر من 110 ملايين برميل فوق مستواها في نهاية مايو/أيار 2019.

على الأقلّ هناك اتفاق من حيث المبدأ للتخلص من أجزاء من تخفيضات الإنتاج المتبقية في أوبك+ البالغة 5.7 مليون برميل يوميًا، على مدى بضعة أشهر، بدءًا من أغسطس/آب.

من الآن فصاعدًا، هناك عاملان صعوديان محتملان لأسعار النفط والغاز: صيف أكثر سخونة بشكل غير طبيعي، وإعادة فتح الاقتصادات الرئيسة إذا كان من الممكن السيطرة على المتغيرات المستقبلية الفتّاكة.

على الجانب السلبي، تهدّد نسب الديون المرتفعة، ومزيج من السياسات النقدية والمالية الفضفاضة، وعوائق العرض السلبية، بتغذية التضخم الذي -إذا اقترن بركود طويل في عام 2022- سيعطي ركودًا تضخميًا مشابهًا للسبعينات وفترة ما بين 2008-2010.

الشاغل الأكثر إلحاحًا هو وتيرة انتعاش الطلب. هناك 4 ملايين برميل يوميًا مفقودة في أحدث تقاريرنا من سلسلة مراقبة تعافي الطاقة بعد جائحة كورونا، التابعة لمنتدى الطاقة الدولي.

بلغ الطلب العالمي على وقود الطائرات (الذي يستحوذ نصيب الأسد من الطلب على النفط) أقلّ بنسبة 30% من مستويات ما قبل الجائحة في أوائل يونيو/حزيران، وقد لا يتعافى بالكامل لمدة عامين آخرين.

ومع استمرار ضعف الدولار نسبيًا (1.19-1.20 دولار مقابل اليورو) -ما يؤثّر في القوة الشرائية للدول المصدّرة للنفط والغاز- فإن النطاق السعري الحالي يقع في الجانب الأعلى من موقعه.. الوجود خارج هذا النطاق سيضرّ المستهلكين والمنتجين.

ما تقييمكم لهذا الصعود القوي لأسعار الخام على الاقتصاد العالمي؟.. وهل نرى موجة تضخم مرتفعة للغاية؟

يُمكن التعبير عن مخاوف التضخم بالفعل عبر السلع.. هناك مخاوف جدّية من أن الضغوط التضخمية الحالية مدفوعة في المقام الأول بالسياسات النقدية والمالية المتساهلة، ما يغذّي فقاعات الأصول والائتمان، ويدفع قدر الإمكان إلى انتعاش بطيء للغاية.

وبطريقة ما، تظهر علامات التحذير بالفعل في نسب الأسعار إلى الأرباح المرتفعة اليوم، وتضخّم أصول الإسكان والتكنولوجيا، وديون الشركات ذات العائد المرتفع.. في بيئة ما بعد الأزمة، الشاغل الحقيقي هو الركود التضخمي.

نواجه اليوم أزمة في الإدراك، حول المكان الذي توجد فيه السوق (زيادة العرض أم لا) ومدى سرعة تعافي الطلب (هل سيجري احتساب المتغيرات الجديدة الفتّاكة قابلة للإدارة؟).

على الرغم من وفرة السفر في الصيف والاستهلاك المرتفع المحتمل خلال النصف الثاني من عام 2021 بما يغذي أسعار الوقود، هناك خطر لا يستهان به، يتمثّل في زيادة العرض، ما يدفع إعادة توازن السوق إلى وقت لاحق من العام المقبل.

بشكل خاص.. كيف ترون موقف الدول المستوردة للنفط في ظل هذا الارتفاع القوي للأسعار؟

بالنسبة للمستوردين، فإن السؤالين المهمّين هما: إلى متى ستبقى الأسعار مرتفعة؟، وما إذا كان الطلب ينمو؟.. لا ينبغي أن نستبعد سيناريو التقلّب الشديد مثل عام 2008.

وهذا العام، إعادة فتح الاقتصادات غير متزامنة، فالدول الأوروبية تفتح أبوابها لموسم السياحة الصيفي، بينما تقوم دول جنوب آسيا بإغلاق صارم.

سيعتمد تأثير ارتفاع أسعار النفط على هذين العاملين.

كيف تنجو الدول العربية المستوردة للنفط من موجة زيادة الأسعار التي سترفع بدورها أسعار الوقود؟

بالفعل، لقد ربطت غالبية الدول العربية المستوردة للنفط أسعار الوقود المحلية بالمؤشرات الدولية، أو قامت بتحرير التعرفات المحلية بالكامل.

سيكون من السابق لأوانه حقًا -بل ومن غير الحكمة- التفكير في عكس مسار الإصلاحات، ولن نقترح ذلك بالتأكيد، لأنه سيضرّ المصداقية السياسية والمؤسسية بشدّة.

ومع ذلك، فقد تمكّن عدد قليل من الدول من تعبئة أموال التعافي ما بعد الجائحة، والتي يمكن استخدامها أيضًا لدعم القطاعات الإنتاجية المستهدفة في الاقتصاد، والشرائح الأكثر ضعفًا من السكان في فواتير الوقود الخاصة بهم.

في ظل الاتجاه العالمي إلى تحوّل الطاقة.. هل ينتهي الاعتماد على الوقود الأحفوري؟

سيكون الأمر صعبًا، نظرًا لوجود إعادة هيكلة عميقة في صناعة الاستكشاف والإنتاج، فقد أدركت الصناعة في وقت مبكر نسبيًا أن عام 2020 سيكون أكثر صعوبة من فترات الركود السابقة، فالتأثير أعمق وأطول أمدًا.

تعرّض قطاع الاستكشاف والإنتاج لـ3 أزمات في عقدٍ واحد، في وقت اتّسم بعدم اليقين غير المسبوق بشأن مخاطر الطلب ومسارات السياسات.

في 2015-2016، خُفضت الاستثمارات بنسبة 20-25% سنويًا، لمدة عامين متتاليين.

إن الطبيعة طويلة المدى للأزمة، وإعادة الهيكلة العميقة في النفط والغاز ستضربان الاستثمارات لفترة أطول، ما يؤدي إلى نثر بذور أزمة الإمدادات وتقلّب الأسعار.

وإعادة الهيكلة العميقة تعني بالطبع المزيد من الاندماج بين اللاعبين الأصغر والمستقلين، ولكن أيضًا صناعة مضغوطة.

ليلى بنعلي - منتدى الطاقة الدولي - النفط

انتقلت الصناعة من 800 مليار-تريليون دولار من النفقات الرأسمالية السنوية منذ 10 سنوات، إلى 200-300 مليار دولار، ومنحنيات التكلفة أصبحت أشدّ انحدارًا، فقد انخفضت تكلفة البرميل الهامشي من 100 دولار إلى نحو 70-80 دولارًا.

وانخفضت التزامات النفقات الرأسمالية في مشروعات النفط الجديدة طويلة الدورة بنسبة تزيد عن 60% خلال السنوات الـ6 الماضية، لتصل إلى 34 مليار دولار سنويًا، مقابل 95 مليار دولار سنويًا في السنوات الـ6 السابقة.

والخبر السارّ للمساهمين على الأقلّ هو أن عمليات الدمج وانضباط رأس المال يدعمان تحسّنًا قويًا في الربحية.

إذ إن الحدّ الأدنى للعائد/متوسط معدل العائد الداخلي للمشروعات التي جرت الموافقة عليها في السنوات الـ5 الماضية يتوافق مع المستويات التي شوهدت في التسعينات: 15-25%، تقريبًا ضعف ما اعتدنا عليه خلال الفترة 2006-2016.

لذا، ستظهر الصناعة بوصفها صناعة مضغوطة وموحّدة ومركّزة، ولكنها على الأرجح أكثر ربحية.

هل تنجح الدول النفطية في إنتاج شحنات نفط خالية الكربون؟.. وهل يضمن ذلك استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري؟

هذا مرتبط بأحد الموضوعات الرئيسة التي نعمل على تطويرها في منتدى الطاقة الدول، ويمكن القول إن الزخم للتعامل مع تغيّر المناخ لم يكن قويًا مثلما هي الحال الآن، لكن مسارات تحقيق انبعاثات حيادية الكربون لصناعة الطاقة لا تزال تعوقها مجرد حقيقة أن عدم اليقين في السياسة يتجاوز الجداول الزمنية للاستثمار.

يحاول أصحاب المصلحة في مجال الطاقة فهم التصنيفات وخرائط الطريق ومتطلبات إعداد التقارير.

وتُعدّ المعايير القوية ضرورية لضمان السلامة العلمية لأنظمة ائتمان الكربون والمواءمة مع الممارسات التنافسية.. الحقيقة هي أننا لا نستطيع إدارة -أو حتى فرض الضرائب- على ما لا يمكننا قياسه.

بالنسبة للعديد من الصناعات، تُعدّ تكاليف الطاقة عنصرًا حاسمًا في القدرة التنافسية.

بناءً على جهود الشفافية في بيانات النفط والغاز الخاصة بمبادرة بيانات المنظمات المشتركة (جودي)، يعتزم منتدى الطاقة الدولي المساهمة في توحيد محاسبة الكربون بتجارة الطاقة.

بمجرد أن نفعل ذلك، فمن الصحيح أن كثافة الكربون وكثافة الميثان لتدفّقات الهيدروكربونات المختارة أكثر ملاءمة من غيرها.
إذا قمتم بربط الجهود الحقيقية التي تبذلها الصناعة لتقليل أو إعادة استخدام انبعاثاتها من النطاقين 1 و2، أتوقع أننا سنرى المزيد من تلك الشحنات المحايدة للكربون للنفط الخام أو الغاز الطبيعي المسال.

بعض الدول بدأت تتجه إلى الاعتماد على الغاز الطبيعي بمثابة حلّ وسط ومؤقت لانتقال الطاقة.. ما رأيكم؟

يحتوي الغاز الطبيعي على خاصيتين رئيستين: يمكن استخدامه في قطاعات متعددة (توليد الكهرباء والصناعة والسكن)، وهو أقلّ الهيدروكربونات الحاملة للانبعاثات.

لذلك، بالنسبة للعديد من الدول، يُعدّ وقودًا أساسيًا في انتقال الطاقة لديها.

كيف ترون السباق العالمي نحو مشروعات إنتاج وتصدير الهيدروجين؟

مثل كل تقنية قيد التطوير، هناك مكان للمشغّلين الحاليين منخفضي التكلفة (الهيدروجين الأزرق)، والوافدين الجدد الأعلى تكلفة (الهيدروجين الأخضر).

ويتمتع الهيدروجين الأزرق بميزة دعم تمويل التقاط الكربون وتخزينه، وهي تقنية مهمة أخرى لانتقال الطاقة.

ما تقييمكم لفرص الدول العربية في دخول هذا السباق؟ خاصة الدول ذات الإمكانات الضخمة مثل السعودية والإمارات ومصر؟

الدول العربية في وضع جيد للغاية بمنافسة الهيدروجين، مع وفرة مواردها وإمكاناتها من الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة،

بالإضافة إلى أطرها التنظيمية الملائمة بشكل متزايد، والتي تدعم استثمارات القطاع الخاص.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق