دول أوروبية تطالب بتصنيف حطب الغابات "استثمارات مستدامة"
تصنيف الكتل الحيوية طاقةً متجددة في الاتحاد الأوروبي يقلق مجموعات البيئة
نوار صبح
- وزراء من 10 دول أوروبية يدعمون دور الكبسولات الخشبية في تحقيق الحياد الكربوني
- مجموعات البيئة تطالب بإزالة الكتل الحيوية للغابات من قائمة مصادر الطاقة المتجددة
- منتجو الكبسولات الخشبية يستخدمون الأشجار التي تمتص الكربون وتحتجزه
- أنواع الكتلة الحيوية تشمل المحصولات الزراعية والكبسولات الخشبية والمخلّفات العضوية المستخدمة وقودًا
- من غير المجدي احتساب حرق الكبسولات الخشبية يقلل الانبعاثات
أقرّ الاتحاد الأوروبي تشريعات وسياسات تهدف إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050؛ إذ تُعدّ الصفقة الأوروبية الخضراء وقانون المناخ أبرز الإجراءات الملموسة في هذا التوجّه.
ووسط مساعي العديد من الدول الأوروبية لتحديد أنواع الاستثمارات الخضراء، تبرز قضية الكبسولات الخشبية (وهي أنواع من الحطب أو من نشارة الخشب المضغوط) التي تُستَخدم وقودًا حيويًا في محطات توليد الكهرباء، بوصفها واحدة من القضايا الخلافية.
الجدل يأتي في ظل العديد من المطالب التي تدّعي أن "الطاقة الحيوية المتولدة من الكتلة الحيوية للغابات ليست خالية من الكربون"، وتطالب بتطبيق إجراءات رادعة لحماية الغابات.
ويتخوف دعاة حماية البيئة من قطع الأشجار المحلية، ومن عدم زراعة أشجار جديدة عوضًا عن تلك التي تحرق في مراجل محطات توليد الكهرباء.
وكشف تحليل بعنوان: "معضلة الكتل الحيوية في الاتحاد الأوروبي: هل يمكن أن يصبح حرق الأشجار بيئيًا؟"، لمراسلة شؤون المناخ لدى صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، كاميلا هجسون، وجهات نظر مجموعات البيئة والمسؤولين والصناعة بشأن الكتل الحيوية.
ويُقصد بالكتلة الحيوية هنا كل أنواع الحطب والحشائش والنباتات والمحاصيل الزراعية التي يمكن أن تُستخدم وقودًا عن طريق حرقها، وهي تمثّل نصف الطاقة المتجددة في العالم إذا أضفنا الوقود الحيوي، مثل الديزل الحيوي والإيثانول، و60% في الاتحاد الأوروبي، الذي يعدّها خالية الانبعاثات باستيفاء شروط معينة للاستدامة.
إشكالية تصنيف الكتلة الحيوية للغابات
في شهر مايو/ أيار الماضي، اعترضت مجموعات حماية البيئة على السماح بقطع أشجار الغابات واستخدامها وقودًا متجددًا.
وطالبت المجموعات نائب الرئيس التنفيذي للصفقة الخضراء في المفوضية الأوروبية، فرانس تيمرمانز، بإزالة الكتل الحيوية للغابات، أو الكبسولات الخشبية التي تُستخدم وقودًا، من قائمة مصادر الطاقة التي يصنّفها الاتحاد الأوروبي بأنها متجددة.
وخوفًا من تأثير الجماعات البيئية بصانعي القرار في الاتحاد الأوروبي، خاطبَ وزراء من 10 دول أوروبية، فرانس تيمرمانز، للتأكيد على دور الكبسولات الخشبية في تحقيق الحياد الكربوني، وأنها تعدّ أحد مصادر الطاقة المتجددة.
وأشار وزراء من فنلندا وإستونيا والسويد وغيرها إلى أن جميع أنواع الطاقة الحيوية المصنّفة حاليًا على أنها متجددة يجب أن تصبح استثمارات مستدامة، شريطة مراعاة التزامات الاتحاد الأوروبي بشأن إزالة الكربون.
وتقول مراسلة الفايننشال تايمز، كاميلا هجسون، إن تغيير تصنيف الكتلة الحيوية يجعل من المستحيل تقريبًا على الاتحاد الأوروبي أن يفي بهدفه الخاص بمصادر الطاقة المتجددة لتوفير ثلث إجمالي استخدامات الطاقة في جميع أنحاء القارّة، بحلول عام 2030.
وترى كاميلا هجسون أن منتجي الكبسولات الخشبية يقومون بقطع الأشجار التي تمتص وتحتجز الكربون، وأن استخدام الشركات والحكومات لهذه الأخشاب في توليد الكهرباء لمكافحة أزمة التغيّر المناخي يُعدّ أمرًا مثيرًا للجدل.
دعم الحكومات لقطاع الكتلة الحيوية
تقدّم الحكومات في أوروبا وآسيا، اللتين تُعدّان أكبر سوقين للكبسولات الخشبية، المليارات إعاناتٍ للصناعة كل عام.
من جهة ثانية، يتداول صانعو السياسة في الاتحاد الأوروبي، حاليًا، التغييرات في معالجة طاقة حرق الأخشاب، بجزء من حزمة تدابير واسعة النطاق لخفض الانبعاثات.
ومن المرتقب نشر المراجعات، التي يمكن أن تقوّض هدف الطاقة المتجددة لدول الاتحاد، والالتزام بأكثر من النصف، بحلول عام 2030، في 14 يوليو/تموز.
وقال المدير السابق للمفوضية الأوروبية، المسؤول عن تغيّر المناخ، يورجن هينينغ، إن الاستغناء على الكتلة الحيوية للخشب، سيَحُول دون وفاء الدول الأعضاء بالتزاماتها المستقبلية، سواء فيما يتعلق بتقليل الانبعاثات أو الالتزامات بمصادر الطاقة المتجددة.
موقف مجموعات البيئة
يرى نشطاء البيئة أن هناك تساؤلات بشأن المرتكز القانوني الذي استند إليه الاتحاد الأوروبي لاستخدام وقود الكتلة الحيوية للغابات في خفض الانبعاثات، إذ يعدّون هذا يحدّ من اختيارات إضافية لإزالة الكربون عن صناعة الطاقة والقطاعات الأخرى.
ويطالب النشطاء بأن تُستبعد التغييرات المرتقبة في قواعد تنظيم الطاقة والكتلة الحيوية للغابات من قائمة مصادر الطاقة المتجددة، في حين يخطط الاتحاد الأوروبي لعدم الربط بين بعض أشكال طاقة حرق الأخشاب وبين أهدافه الخضراء في مجال الطاقة.
ويقول رئيس سياسة الاتحاد الأوروبي في مجموعة "بيرد لايف إنترناشونال" للحفاظ على البيئة، أرييل برونر، إنه لا ينبغي دعم الناس لقطع الأشجار وحرقها، ومن غير المجدي احتساب حرق الكبسولات الخشبية يقلل الانبعاثات، حسبما نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
حصة الكتلة الحيوية في مزيج الطاقة
رغم أن حرق الحطب يعود إلى مئات السنين، فإن سوق الكتل الخشبية الذي تبلغ قيمتها عدّة مليارات من الدولارات، انطلقت في عام 2009، بعد أن صنّف الاتحاد الأوروبي الكتلة الحيوية المستخدمة على نطاق محدود آنذاك مصدرًا للطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وكان هذا حافزًا للدول التي اعتمدت أهداف الطاقة النظيفة على الوقود الخشبي، لتقديم إعانات لهذا القطاع، حيث قدّمت دول الاتحاد الأوروبي 10.3 مليار يورو (12.2 مليار دولار أميركي) لدعم قطاع الكتلة الحيوية، في عام 2018.
ويقول نائب الرئيس التنفيذي للمبيعات والتسويق في شركة "إنفيفا"، أحد أكبر منتجي الكبسولات الخشبية في الولايات المتحدة، توماس ميث، إن نمو القطاع خلال العقد الماضي كان كبيرًا، لأن خطوة الاتحاد الأوروبي لعام 2009 كانت أحد العوامل المحفزة.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، إن الطاقة الحيوية الصلبة يمكن أن تنتج نحو 14% من الطاقة العالمية في عام 2050، مقارنة بـ 5% فقط، في العام الماضي.
ومن المتوقع أن يزداد استخدام الكتلة الحيوية القائمة على الخشب، نتيجة تسابق العالم لإزالة الكربون.
تقول شركة دراكس للطاقة في المملكة المتحدة، التي تُعدّ من أبرز مستخدمي ومورِّدي الكبسولات الخشبية، إن السوق ستكون مدفوعًة بأهداف عالمية طموحة لإزالة الكربون.
صادرات الكبسولات الخشبية
وأشارت كاميلا هجسون إلى أن تصنيع وتصدير ملايين الأطنان من الكبسولات الخشبية المستخدمة عالميًا يجري في الغابات الشاسعة جنوب شرق الولايات المتحدة.
ووفقًا لبيانات الأمم المتحدة، سجلت الولايات المتحدة وفيتنام وكندا أكبر صادرات الكبسولات الخشبية في عام 2019.
ويؤكد قطاع الكتل الحيوية أنه من الممكن تلبية الطلب المتزايد على هذه الكبسولات الخشبية بشكل مستدام، وأن الكتلة الحيوية المنتجة بطريقة مسؤولة تحقق الحياد الكربوني؛ لأن الانبعاثات الناتجة عن حرق الكبسولات يجري امتصاصها عن طريق إعادة نمو الأشجار.