خطة أميركية لمواجهة تفوق الصين في تحول الطاقة
غرانهولم: إدارة بايدن ستضع حدّا لهذا الوضع غير المتوازن
نوار صبح
- اختلالات التوازن مع الصين عرّضت الاقتصاد الأميركي لاضطرابات في سلاسل التوريد
- إدارة بايدن تطور نهجًا جديدًا لتصنيع الطاقة النظيفة المستقبلية في الولايات المتحدة
- قطاع التصنيع في الولايات المتحدة يحظى اليوم بأصغر حصة من اقتصادها
- تمثل الصين أكثر من 70% من إنتاج البولي سيليكون للألواح الشمسية
في سياق التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين -التي اتسمت بالسخونة والعدائية مع تولي الرئيس الأميركي جو بايدن مهام منصبه مطلع هذا العام- تبذل الولايات المتحدة الغالي والنفيس وتحشد حلفاءها لمنافسة الصين في تحوّل الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة وسلاسل التوريدات الحساسة.
وتنتهج أميركا سياسة "حُسْن إعادة البناء" لدعم قطاع التصنيع والابتكار وتوفير الوظائف وتصويب الاختلالات في التوازن، لترسيخ القدرة التنافسية في سلاسل توريد الرقائق الإلكترونية والأدوية والمعادن الأرضية ومكوّنات الطاقة النظيفة.
وأشارت وزيرة الطاقة الأميركية، جينيفر غرانهولم -في مقال بعنوان "خطة بايدن للوظائف الأميركية ستمنع استغلال الصين لخمولِنا"، والذي نشرته صحيفة "يو إس توداي" اليومية- إلى أن اختلالات التوازن مع الصين عرّضت الاقتصاد الأميركي لاضطرابات في سلاسل التوريد.
وقد أثّر هذا الوضع في تعثّر مسار الولايات المتحدة للحاق بركب الطاقة النظيفة على الصعيد العالمي.
وذكرت غرانهولم موقفًا حصل في أثناء زيارتها إلى بكين، للاطلاع على جهود تصنيع الطاقة النظيفة، إذ سألها أحد أعضاء الوفد الصيني عن الموعد الذي ستتبنى فيه الولايات المتحدة إستراتيجيتها الوطنية للطاقة، وتطوير منتجات الطاقة النظيفة وبناءها.
وبناء على الاستقطاب الموجود بين أعضاء الكونغرس، حينذاك، كان جواب غرانهولم أنه من غير المحتمل أن يكون ذلك في المدى المنظور، وأنها كانت ترى أن الصينيين يغتنمون وضع الخمول الصناعي في سلاسل التوريد الحساسة لتحقيق إنجازاتهم.
وقالت الوزيرة، إن الصين -بعد 10 سنوات من تلك الزيارة- استثمرت قدراتها الوطنية لتصنيع منتجات القرن الـ21، مثل الرقائق الإلكترونية وبطاريات السيارات الكهربائية والألواح الشمسية.
وفي المقابل، أصبحت الولايات المتحدة، في هذه الأثناء، أكثر اعتمادًا على البلدان الأخرى لتوفير مكونات السيارات والهواتف والاحتياجات الحياتية، إذ تركت سوق الطاقة النظيفة المزدهرة لمنافسيها، ما أضعف الاقتصاد الأميركي.
-
خطة بايدن للبنية التحتية.. وزيرة الطاقة تنتقد الموقف التفاوضي للجمهوريين
-
الولايات المتحدة تستثمر 12 مليون دولار لتطوير تقنية احتجاز الكربون
-
بالأرقام.. إدارة بايدن تطلب مخصصات ضخمة للطاقة النظيفة في موازنة 2022
وأشارت غرانهولم إلى أن إدارة بايدن ستضع حدّا لهذا الوضع غير المتوازن من خلال تطوير نهج جديد لتصنيع الطاقة النظيفة المستقبلية في الولايات المتحدة.
هشاشة سلاسل التوريد التقنية الحساسة
قالت وزيرة الطاقة الأميركية إنه بينما كانت الصين تضع خططًا خَمسية منتظمة، شجّعت السياسات التجارية والضريبية والتنظيمية الأميركية الشركات على جني الأرباح ومكاسب سوق الأسهم من خلال نقل التصنيع والوظائف إلى خارج البلاد.
وذكرت أن قطاع التصنيع في الولايات المتحدة يحظى اليوم بأصغر حصة من اقتصادها منذ أكثر من 70 عامًا، حسب ما نشرته صحيفة "يو إس توداي" اليومية الأميركية.
وأوضحت غرانهولم أن الولايات المتحدة تملك سلاسل إمداد محلية ضعيفة لتوفير التكنولوجيات الحيوية للأمن الاقتصادي والوطني.
الصين والبولي سيليكون
من جهة ثانية، تمثّل الصين أكثر من 70% من إنتاج البولي سيليكون للألواح الشمسية، بينما تمثّل الولايات المتحدة 9%.
كما يعتمد العالم على تايوان بنسبة 92% لتوريد الرقائق الإلكترونية الرائدة، في حين لا تنتج الولايات المتحدة أي شيء.
وعلاوة على ذلك، تمتلك بكين أكثر من 75% من قدرة تصنيع خلايا البطاريات العالمية، بينما تمتلك الولايات المتحدة أقل من 10% فقط.
وكشفت غرانهولم أن دولًا أخرى -خصوصًا الصين- أنتجت خلال العقد الماضي 85% من المحولات لشبكة الكهرباء الأميركية، بينما لا تزال أميركا لا تنتج أي شيء تقريبًا.
وقالت إن الصين هي الدولة الوحيدة التي تتحكم كلّيًا بسلسلة التوريد، المواد المهمة مثل الليثيوم الذي تحتاجه بطاريات السيارات، بما في ذلك 80% من قدرة تكرير المواد الخام.
وأكدت أن المنافسين والشركاء يسعون لاستغلال سوق الطاقة النظيفة التي ستبلغ قيمتها نحو 23 تريليون دولار أميركي، حدًا أدنى، بحلول عام 2030.
وجدير بالذكر أن الخطة الخمسية الصينية الـ14 -التي أُعلنت في مارس/آذار- تتعهد بتوسيع طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع، وإدخال مشروعات نووية جديدة، ونقل الطاقة وتخزينها.
من جهة ثانية، أصدرت أوروبا، خلال العام الماضي، إستراتيجية صناعية جديدة لتعزيز الدعم الحكومي للهيدروجين النظيف والبطاريات المتقدمة والمواد الخام.
خطة بايدن
أوضحت غرانهولم أن إدارة بايدن تركّز على تصنيع المنتجات الرئيسة، مثل: البطاريات والرقائق الإلكترونية والألواح الشمسية، وأعلنت الإدارة، خلال الأسبوع الماضي، خططًا فورية، لاستعادة قدرات الإنتاج والابتكار في البلاد.
وكشفت أن وزارة الطاقة الأميركية أعلنت أن المنتجات المصنوعة من الابتكارات الممولة من دافعي الضرائب يجب أن تصنع في أميركا، لأن الأبحاث المموّلة منها يجب أن تؤدي إلى التصنيع الأميركي، لا المصانع في الصين.
ولفتت إلى وجود بوادر تغير جذري بين أعضاء الكونغرس، إذ صوّت 19 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، خلال الأسبوع الماضي، لصالح قانون المنافسة والابتكار الأميركي.
وتتضمّن خطة بايدن زيادة قدرها 52 مليار دولار لتصنيع الرقائق الإلكترونية المحلية، تجسيدًا لما دعا إليه الرئيس في خطة الوظائف الأميركية.
وتهدف هذه الخطة إلى تنفيذ استثمار استثنائي في التصنيع والابتكار في الولايات المتحدة، لخلق ملايين الوظائف ذات الأجر الجيد، ورفع قدرة البلاد التنافسية والاقتصادية.
وأوضحت غرانهولم أن الخطة تشمل توفير 50 مليار دولار لتنشيط سلاسل التوريد التصنيعية، بالإضافة إلى 100 مليار دولار لتحديث شبكة الكهرباء، و174 مليار دولار للمنافسة في سوق السيارات الكهربائية.
وختمت مقالها بتأكيد أن تحقيق النجاح الآن سيعوّض الخسائر، لأن خطة الوظائف الأميركية تعمل على تنمية الاقتصاد الذي ينقل ملايين العائلات إلى الطبقة الوسطى، إضافة إلى معالجة أزمة المناخ، مرة واحدة وإلى الأبد، وهذا ما سيؤمّن مستقبلًا أكثر أمانًا وصحة وازدهارًا لأجيال من العمال الأميركيين.