مستقبل الطاقة الشمسية.. نفايات أكثر وتكلفة أعلى من التوقعات (تقرير)
الألواح الشمسية تتسبب في نفايات خطرة أكثر بـ50 مرة مما كان متوقعًا
دينا قدري
- الألواح الشمسية ستنتج نفايات أكثر 50 مرة مع عمليات الاستبدال المبكرة
- النفايات الناتجة عن الألواح الشمسية ستجعل الكهرباء أغلى 4 أضعاف
- مصادر الطاقة المتجددة الأخرى تواجه مشكلة النفايات نفسها
- الإعانات الحكومية قد تكون السبيل لدعم تنظيف نفايات الطاقة الشمسية
ازداد الجدل المُثار في الآونة الأخيرة حول مدى فاعلية مصادر الطاقة المتجددة المختلفة وجدواها -خاصةً الطاقة الشمسية- في ظل السباق نحو الحياد الكربوني وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتطرق الكاتب الصحفي الأميركي، مايكل شلينبرغر -مجددًا- إلى الأزمة التي تطرحها الطاقة الشمسية؛ إذ ستتسبب الألواح الشمسية في نفايات أكثر بـ50 مرة، وستتكلف 4 مرات أكثر مما كان متوقعًا.
فقد وجدت دراسة جديدة لاقتصاديات الطاقة الشمسية، أن النفايات الناتجة عن الألواح ستجعل الكهرباء المنتجة أغلى بمقدار 4 أضعاف مما كان يعتقده محللو الطاقة الرائدون في العالم.
تأثير النفايات
أوضح مؤلفو الدراسة -التي نُشرت في مجلة هارفارد بزنس ريفيو الأميركية- أن "اقتصاديات الطاقة الشمسية سوف تزداد قتامة بسرعة مع غرق الصناعة تحت وطأة نفاياتها".
وعن زيادة عدد الألواح الشمسية في العالم إلى 4 أضعاف خلال العقد المقبل، شدد المؤلفون على أن هذا الأمر "لا يأخذ في الاعتبار التأثير الإضافي للوائح والحوافز الجديدة المحتملة التي أطلقتها إدارة بايدن الصديقة للبيئة".
وأكدوا أن حجم نفايات الألواح الشمسية سيدمر اقتصاديات الطاقة الشمسية حتى مع الإعانات.
وقالوا: "بحلول عام 2035، ستفوق الألواح المهملة الوحدات الجديدة المباعة بمقدار 2.56 مرة.. وهذا بدوره سيقذف التكلفة المستوية للطاقة إلى 4 أضعاف التقديرات الحالية".
استبدال مبكر
أشار شلينبرغر -في مقال بعنوان "لماذا كل ما قالوه عن الطاقة الشمسية كان خاطئًا" نُشر على مدونته أمس الثلاثاء- إلى أن صناعة الطاقة الشمسية -حتى وكالات الطاقة التي يُفترض أنها محايدة- قللت بشكل كبير من حجم النفايات التي ستنتجها الألواح الشمسية.
ونظر المؤلفون إلى الاقتصاد من وجهة نظر العميل والاتجاهات السابقة، وحسبوا أن العملاء سيستبدلون الألواح في وقت أقرب بكثير من كل 30 عامًا، كما تفترض الصناعة.
وكتبوا: "إذا حدثت عمليات الاستبدال المبكرة على النحو الذي تنبأ به نموذجنا الإحصائي، فإن الألواح الشمسية يمكن أن تنتج نفايات أكثر بمقدار 50 مرة في 4 سنوات -فقط- توقعتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة".
وشدد شلينبرغر -المهتم بشؤون الطاقة والبيئة والمناخ- على أن المؤلفين وجدوا أن سعر الألواح، والمبالغ التي يتحملها مالكو الألواح الشمسية من قبل شركة الكهرباء المحلية، وكفاءة ضوء الشمس للكهرباء، جميعها تحدد مدى سرعة استبدال الناس لألواحهم.
وقال المؤلفون: "على الرغم من كونها مقلقة، فإن هذه الإحصائيات قد لا تقدم العدالة الكاملة للأزمة، حيث يقتصر تحليلنا على المنشآت السكنية. مع إضافة الألواح التجارية والصناعية إلى الصورة، يمكن أن يكون حجم عمليات الاستبدال أكبر بكثير".
إعادة التدوير غير مجدية
فيما يتعلق بإعادة التدوير، لاحظ مؤلفو الدراسة أن الأمر لا يستحق المصاريف.
وأشاروا إلى أنه "بينما تحتوي الألواح على كميات صغيرة من المواد القيمة مثل الفضة، إلا أنها مصنوعة في الغالب من الزجاج، وهي مادة منخفضة القيمة للغاية".
ونتيجة لذلك، فإن تكلفة إعادة التدوير ستزيد من 10-30 مرة عن تكلفة إرسال الألواح إلى مستودع النفايات.
نفايات مصادر أخرى
أكد المحللون أن الأمر لا يتعلق -فقط- بالطاقة الشمسية؛ فالمشكلة نفسها تلوح في الأفق لتقنيات الطاقة المتجددة الأخرى.
وذكروا -على سبيل المثال- أن الخبراء يتوقعون أن ينتهي الأمر بأكثر من 720 ألف طن من شفرات توربينات الرياح العملاقة في مدافن النفايات في الولايات المتحدة على مدار الأعوام الـ20 المقبلة.
وفقًا للتقديرات السائدة، يتم حاليًا إعادة تدوير 5% -فقط- من بطاريات السيارات الكهربائية، وهو تأخير يتسابق صانعو السيارات على تصحيحه، إذ تستمر أرقام مبيعات السيارات الكهربائية في الارتفاع بنسبة تصل إلى 40% على أساس سنوي.
آثار بيئية أسوأ
شدد شلينبرغر على أن الطبيعة السامة للألواح الشمسية تجعل آثارها البيئية أسوأ من مجرد كمية النفايات، فالألواح الشمسية حساسة وتنكسر بسهولة. وعندما يحدث ذلك، فإنها تصبح خطرة على الفور، وتصنف على هذا النحو بسبب محتوياتها المعدنية الثقيلة.
وبالتالي، تُصنف الألواح الشمسية المستخدمة على أنها نفايات خطرة. ولاحظ المؤلفون أن "هذا التصنيف يحمل في طياته سلسلة من القيود باهظة الثمن؛ لا يمكن نقل النفايات الخطرة إلا في أوقات محددة، وعبر طرق محددة، وغيرها من القيود".
حلول مطروحة
أوضح شلينبرغر أن التعامل مع المشكلة يتطلب قيام المنظمين الحكوميين بتضييق الخناق على الطاقة الشمسية.
وكتب المؤلفون: "قد تكون الخطوة الأولى لمنع الكارثة لمنتجي الألواح الشمسية البدء في الضغط من أجل تشريع مماثل في الولايات المتحدة على الفور، بدلاً من انتظار أن تتسبب الألواح الشمسية في انسداد مدافن النفايات".
ومع ذلك، أوضح الصحفي الأميركي أن هذا الأمر غير مرجح؛ لأن مثل هذا التشريع من شأنه أن يزيد بشكل كبير من تكلفة الطاقة الشمسية، كما أن هوامش الربح الضئيلة تعني أن العديد من شركات الطاقة الشمسية من المحتمل أن تفلس.
وعلى هذا النحو، من المرجح أن يقوم دافعو الضرائب بدعم تنظيف نفايات الألواح الشمسية.
وكتب المؤلفون: "ربما تكون الإعانات الحكومية هي الطريقة الوحيدة لتطوير القدرات بسرعة تتناسب مع حجم مشكلة النفايات التي تلوح في الأفق".
طاقة غير موثوقة
أشار شلينبرغر إلى أن ذلك لا يعني عدم وجود دور على الإطلاق للألواح الشمسية؛ فهي تعمل على تزويد الأقمار الصناعية بالطاقة، ويمكن أن تكون طريقة مهمة لتوليد الكهرباء في المناطق خارج الشبكة.
ومع ذلك، أكد أن الألواح الشمسية لا يمكن أن تكون مصدرًا أساسيًا للطاقة -مثل الطاقة النووية أو الغاز الطبيعي أو الفحم- لأسباب مادية تتعلق بالطبيعة غير الموثوقة لـ"وقودها"، وهو ضوء الشمس.
ويجب أن تؤدي كثافات الطاقة المنخفضة إلى زيادة كثافة المواد والمتطلبات المكانية، وبالتالي ارتفاع التكاليف المادية.
وحتى مع انخفاض تكلفة الألواح الشمسية، فقد ارتفعت تكلفة إنتاج شبكة الكهرباء الموثوقة باستخدام الألواح الشمسية؛ نظرًا لطبيعتها التي تعتمد على الطقس.
وعززت الدراسة الجديدة العيوب المتأصلة في الطاقة الشمسية وغيرها من أشكال الطاقة المتجددة. فقد أدى الاعتماد المفرط على الألواح الشمسية، والتقليل من الحاجة إلى الغاز الطبيعي والطاقة النووية، إلى انقطاع التيار الكهربائي في كاليفورنيا الصيف الماضي.
العمل القسري
شدد شلينبرغر على أن أكبر تهديد تواجهه الطاقة الشمسية اليوم يكمن في أن المواد الخام الرئيسة والألواح نفسها تُصنع من خلال العمل القسري في مقاطعة شينجيانغ في الصين.
فقد كان للدعم الذي قدمته الصين لصانعي الألواح الشمسية غرض يتجاوز إفلاس شركات الطاقة الشمسية في الولايات المتحدة وأوروبا.
كما أغرت الإعانات صانعي الألواح الشمسية للمشاركة في قمع السكان المسلمين الأويغور، بما في ذلك استخدام التكتيكات التي وصفتها الحكومتان الأميركية والألمانية بـ"الإبادة الجماعية".
مصداقية آيرينا
إلى جانب الطبيعة الصادمة لنتائج الدراسة نفسها، فإنها تتطرق -أيضًا- إلى نزاهة ومصداقية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، بحسب ما أكده شلينبرغر.
فهي منظمة حكومية دولية مثل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التي يمولها دافعو الضرائب من الدول المتقدمة في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا، ومن المفترض أنها توفر معلومات موضوعية.
وبدلاً من ذلك، استخدمت افتراضات غير واقعية لإنتاج نتائج أكثر دعمًا للألواح الشمسية. فقد عملت آيرينا بوصفها اتحادًا صناعيًا، وليس اتحادًا يستهدف المصلحة العامة.
ولعقود من الزمان، كان المستهلكون في ألمانيا وكاليفورنيا واليابان والدول الأعضاء الرئيسة الأخرى في آيرينا يستبدلون الألواح الشمسية التي يبلغ عمرها 10-15 عامًا فقط.
ومع ذلك، لم تقم آيرينا حتى بتصميم نماذج لاستبدال الألواح الشمسية في تلك الأطر الزمنية.
اقرأ أيضًا..
- "نعمة أم نقمة".. نفايات الطاقة الشمسية تتسبّب في أضرار بيئية كبرى
- ارتفاع الأسعار ونقص المواد الخام.. تحديات تواجه صناعة الطاقة الشمسية (تقرير)
- انتعاشة الطاقة الشمسية تصطدم بأسعار الشحن والمواد الخام