يوم البيئة العالمي.. دعوات أممية لإصلاح مساحة أكبر من أميركا للعيش الآمن
30 دولارًا مكاسب كل دولار مُستثمَر في المناخ
يحل، اليوم السبت الموافق 5 يونيو/حزيران، يوم البيئة العالمي لعام 2021، الذي تستضيف باكستان الاحتفالات الرسمية به، وسط دعوات من الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإحياء أنظمتنا البيئية المتضررة.
وأوضحت الأمم المتحدة -عبر موقعها الإلكتروني، اليوم السبت- أنه "لبقائنا نعتمد جميعًا على النظم البيئية الصحية من الغابات إلى السواحل".
ويقصد بالنظم البيئية التفاعل بين الكائنات الحية -النباتات والحيوانات والأفراد- ومحيطها، وهذا لا يشمل الطبيعة وحسب، ولكن الأنظمة التي من صنع الإنسان مثل المدن أو المزارع كذلك.
وأوضحت المنظمة الأممية -بمناسبة يوم البيئة العالمي اليوم- أن "استعادة النظام البيئي هي مهمة عالمية ذات نطاق واسع. ذلك أنها عملية تستلزم إصلاح مليارات الهكتارات من الأراضي -وهي مساحة أكبر من الصين أو الولايات المتحدة- ليتمكن الناس من الحصول على الغذاء والمياه النظيفة وسبل العيش".
كما أنها -أي عملية استعادة النظام البيئي- تعنى كذلك بإعادة النباتات والحيوانات من حافة الانقراض، من قمم الجبال إلى أعماق البحر. وهي تشمل كذلك عديدًا من الإجراءات البسيطة التي يمكن للجميع عملها يوميًا، مثل زراعة الأشجار، أو تخضير المدن، أو إعادة بناء الحدائق، أو تنظيف القمامة بجانب الأنهار والسواحل، وفق المنظمة.
وأوضحت أنه "لاستعادة النظم البيئية منافع جمة، فمقابل كل دولار يُستثمر في تلك العملية يُتوقع الحصول على 7 إلى 30 دولارًا من العائدات للمجتمع. كما تشجع الاستعادة إتاحة الوظائف في المناطق الريفية، إذ تشتد الحاجة إليها".
واستثمرت بعض البلدان -بالفعل- في عملية الاستعادة تلك، بوصفها جزءًا من خططها العامة الشاملة للتعافي من جائحة كوفيد-19. وتتجه بلدان أخرى إلى الاستعادة لمساعدتها على التكيّف مع مناخ يتغير بالفعل.
إعادة التصور.. إعادة الإنشاء
تتساءل المنظمة الأممية: "لم نزل -منذ أمد طويل- نستغل النظم البيئية لكوكبنا وندمّرها. ففي كل 3 ثوانٍ يفقد العالم من الغابات ما يساوي ملعب كرة قدم.. وعلى مدار القرن الماضي دمّرنا نصف الأراضي الرطبة. وفقدنا بالفعل ما يصل إلى 50% من الشعاب المرجانية، ويمكن أن نفقد ما يصل إلى 90% منها بحلول عام 2050، حتى لو اقتصر الاحترار العالمي على زيادة بمقدار 1.5 درجة مئوية".
وكشف انتشار جائحة كورونا عواقب كارثية من فقدان النظام البيئي. وبتقليص مساحة الموائل الطبيعية للحيوانات هيأنا الظروف المثالية لانتشار مسببات الأمراض، بما في ذلك فيروسات كورونا، وفق المنظمة.
وباتضاح هذه الصورة الكبيرة والمعقدة، يركّز يوم البيئة العالمي على استعادة النظام البيئي تحت شعار "إعادة التصور - إعادة الإنشاء - الاستعادة".
وتقول الأمم المتحدة إن استعادة النظام البيئي تعني منع ذلك الضرر وتغيير عواقبه، "انتقالا من استغلال الطبيعة إلى علاجها. وسيكون اليوم العالمي للبيئة لهذا العام هو بداية عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام البيئي (2021-2030)، وهي مهمة عالمية لإحياء مليارات الهكتارات من الغابات والأراضي الزراعية، من أعالي الجبال إلى أعماق البحار".
وتبدو دعوات الأمم المتحدة هذا العام جدية، خصوصًا مع تفشي فيروس كورونا، الذي من المتوقع أن يعمّق أهداف المنظمة ويرسّخها لدى حكومات الدول، غير أنه وبالنظر سريعًا في بعض تحركات الدول في اليوم العالمي للبيئة اليوم، رصدت "الطاقة" نشاطات مغايرة تمامًا، كان أبرزها:
استمرار إزالة غابات الأمازون في البرازيل
أُزيلت 1180 كيلومترًا مربعًا خلال شهر مايو/أيار الماضي وحده، من الغابات المطيرة في منطقة الأمازون بالبرازيل، أي أكثر بقليل من إجمالي مساحة هونغ كونغ، وذلك حسبما كشفته بيانات صادرة يوم الجمعة.
وأوضحت البيانات -التي نشرها المعهد الوطني لأبحاث الفضاء- أن ذلك يمثّل زيادة بنسبة 41% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.
وهذا هو الشهر الثالث على التوالي الذي يشهد مستويات قياسية من إزالة الغابات في الأمازون، وهي المرة الأولى منذ بدء عمليات التسجيل، التي تتجاوز مساحة الغابات التي أُزيلت عتبة ألف كيلومتر مربع.
وقالت منظمة "جرينبيس" فرع البرازيل إن البيانات الأولية تكشف يومًا بعد يوم المخاطر التي تتعرّض لها منطقة الأمازون، وهي واحدة من أكبر احتياطيات التنوع البيولوجي في العالم.
وقال مركز أبحاث المناخ "أوبزرفاتوريو دو كليما" إن البيانات مثيرة للقلق في ظل تسارع ممارسة الإزالة الواضحة للأشجار من المواقع في منطقة الأمازون.
وحذّر المركز من أنه إذا استمر هذا الاتجاه خلال الشهرين المقبلين، فإن المعدل السنوي لإزالة الغابات لعام 2021 الذي يُقاس في المدة من أغسطس/آب إلى يوليو/تموز، قد يبلغ مستوى مرتفعًا غير مسبوق.
وتمتلك البرازيل جانبًا كبيرًا من غابات الأمازون، يبلغ نحو حجم أوروبا الغربية، وهي تمتد عبر تسع دول، وتجعل هذه الملكية البرازيل لاعبًا رئيسًا عندما يتعلّق الأمر بمكافحة ظاهرة التغير المناخي.
ودعا المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري البرازيل -مؤخرًا- إلى المساعدة في مكافحة تغيّر المناخ وبذل الجهود للحفاظ على منطقة الأمازون.
ولكنّ الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو يؤيد بشكل أكبر فتح منطقة الأمازون أمام الاستغلال الاقتصادي، وإضعاف السلطات البيئية بشكل متعمد.
بوتين وخفض انبعاثات غازات الدفيئة
أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حكومته، الجمعة، بوضع خطة لخفض انبعاثات الكربون إلى ما دون مستوى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2050.
وقال بوتين في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي: "في الـ30 عامًا المقبلة، يجب أن يكون الحجم المتراكم لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري أقل مما هو عليه في أوروبا".
وأضاف أن خطة الحكومة يجب أن تكون جاهزة بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام.
وتُعدّ روسيا أحد أكبر منتجي النفط والغاز في العالم ورابع أكبر منتج لانبعاثات الكربون.
وفي مارس/آذار 2020، أصدرت روسيا مسودة إستراتيجية طويلة الأجل لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050 تتوقع خفض الانبعاثات بنسبة 33% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 1990.
ولكن نظرًا إلى انخفاض انبعاثات الغاز الروسي بشكل كبير في التسعينات مع انهيار الاتحاد السوفياتي، يعتقد بعض الخبراء أن هذه الخطة ستسمح بالفعل لروسيا بزيادة انبعاثاتها بشكل طفيف.
وقال بوتين: "لحل مشكلة تغيّر المناخ، لا يكفي مجرد خفض انبعاثات الكربون... من المهم زيادة كفاءة استخدام الغابات والأراضي وقدرتها على امتصاص الكربون".
وسجلت روسيا العديد من الأرقام القياسية في درجات الحرارة خلال السنوات القليلة الماضية.
وأقر بوتين، الجمعة، بأن بلاده تواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتغيّر المناخي، مشيرًا إلى "أننا مثل البلدان الأخرى نشعر بالمخاطر في هذا المجال، بما في ذلك التصحر والتعرية وذوبان التربة الصقيعية".
وسجل مراقبو الطقس في البلاد انخفاضًا تاريخيًا في الغطاء الجليدي الصيفي لطريق الشحن البحري الروسي في القطب الشمالي والمسمى طريق البحر الشمالي. وفي بعض السنوات خلا الطريق تمامًا من الجليد بحلول نهاية الصيف.
ويتوقف عبور القطب الشمالي الشرقي في نوفمبر/تشرين الثاني عادة، لكن روسيا تأمل أن يؤدي تغيّر المناخ إلى زيادة الفائدة التجارية من الطريق.
ألمانيا ومعركة حماية البيئة
اتهم مرشح تحالف المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، لمنصب المستشار، أرمين لاشيت، حزب الخضر بـ"بالنظر ضيق الأفق" في معركة حماية البيئة واقتصار هذه النظرة على المحظورات.
وخلال تجمع لممثلي الحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية شمال الراين ويستفاليا، قال لاشيت، رئيس حكومة الولاية، اليوم السبت، إن التحالف المسيحي يكافح من أجل "المشروع الكبير لألمانيا المحايدة مناخيًا".
وأعرب رئيس حزب ميركل عن اعتقاده أن النقاش حول ما إذا "كان يجب أن تصبح أسعار الوقود هكذا أو هكذا"، وحول ما إذا كان يتعيّن تقييد الرحلات الجوية داخل ألمانيا؛ هو جزء صغير من القضية.
ورأى لاشيت أنه يجب توفير محفزات لضخ استثمارات في مجال الحياد الكربوني، وقال إن التحالف لا يسعى إلى اعتماد سياسته على "المنع والتخلي والفقد"، وإنما على "الابتكار والمحفزات والأفكار"، وإن من بين ذلك تطبيق ضريبة شركات تحافظ على القدرة التنافسية لها.
اقرأ أيضًا..
- الغرب يتحايل على سياسات المناخ.. والدول الفقيرة تدفع الثمن
- الأمم المتحدة ترسم ملامح المستقبل.. زخم في الطاقة النظيفة بحلول عام 2030
-
الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر: العالم يحيد عن مسار الحياد الكربوني