الفيروس الأخضر.. انتقادات حادة لخطط "بايدن" و"جونسون" لمعالجة تغير المناخ
الخبير الأسترالي فيف فوربس: مؤتمر المناخ يكمِّم الأفواه حفاظًا على السلامة
نوار صبح
- استخدام الهيدروجين ليس جديدًا لأن مدينة لندن استخدمته في غاز الفحم لمدة قرن من عام 1870
- سياسات تحول الطاقة الخضراء أشبه بـ"الفيروس الأخضر" الرامي لتكميم الأفواه بغرض الحفاظ على السلامة
- "الأحلام الخضراء" لن تضيء مصباحًا واحدًا من الطاقة الجديدة وتستنزف كميات هائلة من المال والطاقة
- التخلص من ملايين البطاريات المعدنية المستعملة يمثل كارثة بيئية تلوح في الأفق
يروّج حماة البيئة لقناعاتهم وسياساتهم التي يرون فيها "خلاصًا تدريجيًا" من أزمة تغيُّر المناخ والاحتباس الحراري، وسبيلًا للتعافي من تبعاتها الاقتصادية والصحية والاجتماعية بالطرق كافة، إلا أن هناك أكاديميين وخبراء يعارضون الخطط والتوجهات العالمية في تحوّل الطاقة.
قليلون من ينكرون التفسير العملي لظاهرة الاحتباس الحراري، بينما تُجمع غالبية الآراء على وجودها وتختلف على طرق علاجها؛ إما لعدم جدوى الحلول المطروحة وفشل الأطراف المعنية في الالتزام "بالوصفات الاستشفائية الوافدة"، وإما لاقتناعهم بفائدة تدابير لم تنل نصيبها من الترويج.
ومع تعالي صيحات المطالبين بالاستغناء عن الوقود الأحفوري والتحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة طوال العقد الماضي، ازداد الاستهلاك العالمي للطاقة بمعدل سنوي بلغ 1.9%، كما ازدادت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الطاقة بنسبة وسطية تبلغ 1.4%.
ونتيجة نمو عدد السكان والطلب على خدمات الطاقة وزيادة الدخل، في بعض الدول، لم يشهد استهلاك الطاقة التقليدية انخفاضات جذرية تلبي طموحات هدف الحياد الكربوني بالسرعة المأمولة والمرتقبة، رغم فرض ضريبة الكربون والتدابير الرادعة للمخالفين.
الفيروس الأخضر
في هذا السياق، نشر الخبير الجيولوجي الأسترالي، فيف فوربس، مقالًا في موقع "كلايميت ديبوت"، المعني بتغير المناخ، دحض فيه مزاعم سياسات التحوّل إلى الطاقة الخضراء، وشبهها بـ"الفيروس الأخضر" المتفشي والرامي إلى تكميم الأفواه بغرض الحفاظ على السلامة.
وطالب فيف فوربس بوضع حد لـ"الفيروس الأخضر"، الذي يرى أن مؤتمر المناخ العالمي يقف وراء تفشيه، لأنه يصيب معظم دول الغرب، ويشكّل خطرًا على أستراليا، كما حذّر من أهداف الحياد الكربوني.
وأوضح أن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، وعد بتقديم مليار دولار لدعم مشروعات طاقة الهيدروجين و"استخدام الكربون أو تخزينه في احتجاز الكربون" (سي سييو إس) والبطارية والمعادن المهمة لتحقيق هدف الحياد الكربوني.
وبيّن فوربس أن جميع هذه "الأحلام الخضراء" لن تضيء مصباحًا واحدًا من الطاقة الجديدة، وأن تلك الأحلام تستنزف كميات هائلة من المال والطاقة.
تجارب قديمة بمسميات جديدة
يرى فوربس أن الابتكار يتقهقر في هذا العصر الأخضر، وأن طاقة الشمس غير مجدية والعالم يتجه إلى عصر الطاقة المظلمة.
كما لم يرَ فوربس جديدًا في طواحين الهواء، التي تعمل منذ العصور الوسطى، وبيّن أن الشمس تغذّي الحياة النباتية والحيوانية منذ سطوعها الأول.
وأوضح أن أول سيارة كهربائية ظهرت عام 1890، لكنها اختفت عند اختراع هنري فورد السيارة "طراز تي" التي تعمل بالبنزين، ويعتقد أن خبراء إزالة الكربون البحري سيسارعون لإعادة اكتشاف الأشرعة، كما ستعيد الجيوش اكتشاف قوة الحصان لتحريك الجنود والمدفعية.
ويتساءل فوربس، مستهجنًا، عما إذا كانت أستراليا تنوي تشغيل غواصات الديزل على شحوم الطهي المعاد تدويرها، وعن حقيقة عودة أحصنة الجرّ "كلاديسدال" الاسكتلندية للمزارع، حسبما أورد موقع "كلايميت ديبوت"، المعني بتغير المناخ.
ويعتقد أن استخدام الهيدروجين ليس جديدًا، لأن مدينة لندن استخدمت الهيدروجين في غاز الفحم، لمدة قرن من عام 1870، ويتساءل فيما لو عادت الطائرات التي تعمل بالهيدروجين لتحلق في سماء أستراليا مجدّدًا.
الطبيعة قادرة على التوازن
يرى فوربس أن تقنية "استخدام الكربون أو تخزينه في احتجاز الكربون" (سي سييو إس) هي تكرار لفكرة قديمة فاشلة هي "احتجاز الكربون وتخزينه" بإضافة كلمة "استخدام".
ويقول الخبير الجيولوجي الأسترالي إن الاستخدام الأمثل لثاني أكسيد الكربون يمكنه إطعام كل أنواع الحياة النباتية على الأرض، وبالتالي إطعام كل أنواع الحياة الحيوانية.
من جهة ثانية، يعد فوربس أن حرق الفحم يوفّر فوائد بيئية هائلة في استبدال غذاء نبات ثاني أكسيد الكربون الذي أزالته الغابات الكربونية العظيمة من الغلاف الجوي ووضعه في طبقات الفحم.
وأشار إلى أن محيطات الأرض الضخمة تحتوي على كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، ووفقًا لقانون هنري، ستعوض هذه المحيطات جميع محاولات البشر للتلاعب بالغلاف الجوي.
وأوضح أنه عند إضافة ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، فإن المحيطات ستذيب كثيرًا منه.
مساعٍ أميركية وبريطانية
في تلميح قاسٍ إلى خطب مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المناخ، جون كيري، أنه عند تمكُنه من إزالة بعض ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي (بتكلفة باهظة)، فسوف تعوّض المحيطات الكثير منه، وبسرعة، حسبما أورد موقع "كلايميت ديبوت"، المعني بتغير المناخ.
ويقول فوربس إننا الآن نستهلك الطاقة لاستخراج النحاس والنيكل والليثيوم والكوبالت والرصاص والمعادن الأرضية النادرة ومعالجتها للبطاريات، ونشوّه سمعة أكبر البطاريات الطبيعية على الأرض - وهي رواسب الفحم الضخمة التي تخزّن طاقة شمسية تُقدّر بملايين السنين.
وبيّن فوربس أن التخلص من ملايين البطاريات المعدنية المستعملة يمثّل كارثة بيئية تلوح في الأفق ويتجاهلها حماة البيئة.
وأكد أن توفر الطاقة النووية طاقة موثوقة خالية من الانبعاثات ولا تحتاج إلى بطارية احتياطية، وتُعدّ أستراليا دولة رائدة على مستوى العالم في إنتاج اليورانيوم، ولكنها لا تنتج طاقة منه.
وأوضح أن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمبعوث جون كيري سوف يشيدون بالأحلام الخضراء لأستراليا.
وأضاف أن الدول الواقعية من "البريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لن تأبه، وستواصل بناء محطات الفحم والنفط والطاقة النووية لمكافحة اقتراب عصر البرد.
وبدورها، تمتلك الصين والهند -وحدهما- أكثر من 1000 غيغاواط من الطاقة الجديدة، المرتقبة، التي تعمل بالفحم.
واعتبر فوربس أن "الخطط المجنونة" لتبريد مناخ الأرض أو استخراج ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي هي أحلام خضراء وكوابيس واقعية.
وقال: إننا تمكنا من التحكم في كل من الحرارة والبرودة في الأماكن المغلقة مثل السيارات والمنازل والمتاجر (في حالة تشغيل الطاقة)؛ لكن التحكم في مناخ كوكب الأرض ليس في متناول البشر.
اقرأ أيضًا..
- العالم يتحرك ببطء.. هدف الحياد الكربوني مهدد بالفشل (تقرير)
- ضريبة الكربون.. بايدن يلوح بمعاقبة الدول غير الملتزمة بخفض الانبعاثات
- الصناعات كثيفة الكربون تعاني في رحلة تحول الطاقة