أميركا حائرة بين التوسع في الليثيوم وحماية النباتات النادرة

يحظى الليثيوم في ولاية نيفادا الأميركية وأماكن أخرى من العالم باهتمام الشركات والحكومات بشكل متزايد، لاستخدامه في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية.

ورغم الآمال الكبيرة على الحنطة السوداء في نيفادا -وهي نبتة ذات أزهار صفراء- التي تُعدُّ صديقة للبيئة، فإن الرغبة الملحة للتوسع في السيارات الكهربائية قد تدفعها إلى الانقراض.

ويوجد 80 نوعًا من الحنطة السوداء في نيفادا، ويقول الخبراء إن الحنطة الموجودة في الولاية لا يمكن أن تنمو في أي مكان آخر في العالم.

وتحتوي الحنطة السوداء على أزهار صفراء، ويبلغ ارتفاعها قرابة 6 بوصات، وتنمو على نحو 10 أفدنة في جنوب غرب ولاية نيفادا، واكتُشفت في عام 1983، وهي واحدة من 255 نوعًا من الحنطة.

ويقول دعاة حماية البيئة إن فوائد الحنطة السوداء يمكن أن تكون هائلة، لكن أهميتها الكاملة غير معروفة، فضلًا عن أهميتها للحفاظ على التنوع البيولوجي على الأرض، حسبما ذكر موقع سي إن إن.

استثمارات تنفيذ مشروع

قالت لونير -وهي شركة تعدين أسترالية- إنها مستعدة لبدء العمل في منجم لليثيوم في وقت لاحق من هذا العام على الأرض التي تنمو فيها الحنطة السوداء، فتحت التربة القاحلة يوجد 146.5 مليون طن متري من الليثيوم والبورون، وتبلغ استثمارات المشروع 1.265 مليار دولار.

وقال الباحث في جامعة نيفادا، أرنولد تيهم، إنه لا يوجد سوى نحو 40 ألف عينة من الحنطة السوداء في المنطقة التي تريد الشركة حفرها لإنشاء المحجر.

وأكد أنه على الرغم من ندرة الحنطة السوداء فإنها لا تُعدُّ مهددة بالانقراض بعد، وقد لا ترغب الشركات التي تتحدث عن مساعدة البيئة في تعريض الأنواع لخطر الانقراض.

ودفع مركز التنوع البيولوجي -وهو مجموعة بيئية- تصنيف الحنطة السوداء بوصفها أنواعًا مهددة بالانقراض، ودعا حكومة الولاية إلى إنقاذها.

وتأتي الخطوات في إطار حرص الشركات على التوسع في إنتاج بطاريات الليثيوم، خاصة مع الإقبال الكبير على السيارات الكهربائية.

السيارات الكهربائية

أعلنت ولايات -مثل كاليفورنيا وواشنطن- أنها ستتوقف تدريجيًا عن استخدام سيارات البنزين. وفي الوقت نفسه تتوسع الشركات الأمريكية في تطوير السيارات الكهربائية، ومن ضمنها تيسلا صانع السيارات الكهربائية الأكثر قيمة في العالم.

وبدأت شركات صناعة السيارات -مثل فولكس فاغن وجنرال موتورز- استثمارًا بمليارات الدولارات للانتقال إلى السيارات والشاحنات الكهربائية.

وتُعدُّ السيارات الكهربائية هي حجر الزاوية في خطة البنية التحتية للرئيس الأميركي جو بايدن، باستثمارات 174 مليار دولار.

ولا يمكن لصناعة السيارات الكهربائية أن تتطور دون الليثيوم، لا سيما أنه معدن مهم في البطاريات التي تشغّل السيارات الكهربائية.

احتياج عالمي لليثيوم

بحسب إحصائيات سابقة لوكالة الطاقة الدولية سوف يحتاج العالم إلى تعدين 42 ضعف كمية الليثيوم التي جرى تعدينها في عام 2020، للوفاء بالأهداف المناخية التي حدّدتها اتفاقية باريس.

وأضافت الوكالة أن المناجم القائمة والمشروعات قيد الإنشاء ستلبِّي فقط نصف الطلب على الليثيوم في عام 2030.

وتمتلك الولايات المتحدة منجمًا واحدًا نشطًا لليثيوم، وسوف تحتاج البلاد إلى 500 ألف طن متري من مكافئ كربونات الليثيوم بحلول عام 2030، وفقًا لبحث أجرته آر كيه إيكويتي؛ وهي شركة في نيويورك تقدِّم المشورة إلى المستثمرين بشأن الليثيوم.

وقال مسؤول بشركة آر كيه إيكويتي، هوارد كلاين -في تصريحات لشبكة سي إن إن- إن سوق مكافئ كربونات الليثيوم العالمي بأكمله بلغت العام الماضي 325 ألف طن متري.

اعتراضات من نشطاء البيئة

قال مدير مركز التنوع البيولوجي بولاية نيفادا، باتريك دونيلي، إن مجموعته مستعدة لسنوات من القتال في المحكمة لحماية الحنطة السوداء.

وتابع: "لا بد من أن يُختار الموقع المناسب لمنجم الليثيوم، والحنطة السوداء مهددة بالانقراض.. التنوع البيولوجي هو ما يمنحنا هواءً نقيًا للتنفس ومياهًا وطعامًا نظيفًا".

وخلصت دراسة حكومية -أجريت مؤخرًا- إلى أن السناجب قد أكلت كثيرًا من النباتات. ووجد التقرير أن القوارض كانت على الأرجح مدفوعة بظروف الجفاف للبحث عن الرطوبة في الجذور الضحلة للحنطة السوداء.

وشُكك في مزايا الدراسة من قِبل مركز التنوع البيولوجي، وقالت مديرة برامج الحفظ في حديقة كاليفورنيا النباتية، ناعومي فراغا، إنها لا تتوقع أن تكون هناك مزايا في هذه الدراسة إذا خضعت للتدقيق.

وقال العضو المنتدب لشركة بنشمارك مينيرال، سيمون موريس -التي تُجري بحثًا عن سلسلة توريد السيارات الكهربائية- إن الليثيوم الآن أكثر أهمية من الناحية الجيوسياسية من النفط.

التوسع في صناعة الليثيوم

تتأهب الولايات المتحدة للتوسع في الليثيوم، مع عدم إغفال المخاوف البيئية وتأثيرها على حياة الإنسان.

وقال مسؤول بشركة آر كيه إيكويتي، إنه على الرغم من أن جميع السيارات الكهربائية ومعظم تقنيات تخزين الكهرباء تحتاج إلى الليثيوم فإنها وفيرة نسبيًا، لذلك لا يوجد مشروع ليثيوم واحد له أهمية إستراتيجية للأمن القومي للولايات المتحدة من ناحية الحاجة إلى المعادن اللازمة.

وقال إن وقف مشروعات الليثيوم قد يجعل الولايات المتحدة أكثر اعتمادًا على إنتاج الصين لبضع سنوات أخرى. لكنه قال إن هناك كثيرًا من الليثيوم في أماكن أخرى، مثل كاليفورنيا وكندا وأستراليا.

وتتطابق الرؤى مع تصريحات الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، الذي قال العام الماضي إن هناك ما يكفي من الليثيوم في ولاية نيفادا لتزويد أسطول السيارات الأميركية الكهربائية.

وتيسلا من بين الشركات التي تحدثت عن تطوير طرق جديدة لحصاد الليثيوم من مصادر بديلة، مثل الطين أو المحاليل الملحية من حقول النفط والطاقة الحرارية الأرضية.

اقرأ المزيد..

• منجم ليثيوم جديد يقلل اعتماد أميركا على المصادر الأجنبية

• إنتاج الليثيوم في أميركا.. بايدن يحقق رؤية ترمب

• مقال - النفط وسياسات التغيّر المناخي والسيارات الكهربائية