إضراب الحريقة يهوي بإنتاج النفط الليبي إلى مليون برميل يوميًا
ناقلة عملاقة تغادر الميناء دون تحميل
حازم العمدة
مع استمرار إضراب حرس المنشآت النفطية وتوقّف الصادرات من ميناء الحريقة، هبط إنتاج النفط في ليبيا إلى 1.04 مليون برميل يوميًا، حسبما صرّح مصدر نفطي ليبي.
تأتي هذه الانتكاسة بعدما ارتفع إنتاج النفط الليبي إلى نحو 1.3 مليون برميل يوميًا، أواخر العام الماضي، بعد انتهاء الحصار المفروض على صادرات النفط الخام.
كان حرس المنشآت النفطية قد أضربوا، الشهر الماضي، في بضعة موانئ، لكنهم استأنفوا العمل في معظمها.
الناقلة فرونت كروزر
في ظل تواصل الإضراب في ميناء الحريقة، غادرت ناقلة نفط الميناء الواقع في أقصى شرق ليبيا دون تحميل النفط الخام، حسبما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء.
وتعدّ فرونت كروزر أول ناقلة نفط تنسحب من ميناء الحريقة دون أن تحمل شحنة، منذ بدء الإضراب الشهر الماضي، بحسب مصدر مطّلع على الوضع.
وقال المصدر -الذي طلب عدم الكشف عن هويته-، إن ناقلة أخرى، هي دلتا يوريديس، ألغت وصولها المقرر إلى الحريقة، وحوّلت مسارها بدلاً من ذلك إلى السدرة، أكبر ميناء نفطي في ليبيا.
ويضرب عن العمل أعضاء من حرس المنشآت النفطية في ميناء الحريقة، بسبب خلاف حول دفع الرواتب المتأخرة.
تهديدات بوقف التحميل من السدرة وراس لانوف
كما هدّد أعضاء من حراس المنشآت النفطية بوقف تحميل الشحنات في السدرة وميناء راس لانوف، شرقي البلاد، حال عدم تقاضي الرواتب، الأسبوع الجاري.
وتشمل منطقة الهلال النفطي موانئ رأس لانوف والسدرة والحريقة الأكبر حجمًا في صادرات النفط الليبي.
وقد يمحو التوقّف التعافي السريع لصادرات البلاد من النفط، خلال الأشهر القليلة الماضية، وبالرغم أن التوقف قد ينتهي قريبًا، فإنه يعكس مدى هشاشة هذا القطاع.
وارتفع إنتاج ليبيا من النفط من الصفر تقريبًا إلى ما يقرب من 1.25 مليون برميل يوميًا، بعد انتهاء حصار القوات المسلحة المتمركزة في شرق ليبيا للموانئ والحقول، في سبتمبر/أيلول 2020.
وأدّى إقرار السلام مؤقتًا في الحرب الأهلية في الدولة الواقعة بشمال إفريقيا، إلى رفع الحصار.
ومع ذلك، تكافح المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا للحفاظ على التعافي، بسبب الحالة المتداعية للكثير من خطوط الأنابيب والمرافق الأخرى، وكذلك الإضرابات في الموانئ.
إيرادات قياسية في ديسمبر
سجّلت الإيرادات العامّة للمؤسّسة الوطنية الليبية للنفط، رقمًا قياسيًا، لشهر ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، حيث بلغت 1.115 مليار دولار أميركي. وتأتي هذه الإيرادات القياسية من مبيعات النفط الخام والغاز والمكثّفات والمنتجات النفطية والبتروكيماويات.
وأعلنت المؤسّسة في بيانات لها، أن الإيرادات تُودَع بحسابها لدى المصرف الليبي الخارجي، تماشيًا مع الترتيبات الوقتية المعمول بها حاليًا.
ويأتي هذا الإعلان تماشيًا مع مبادئ الإفصاح والشفافية التي تبنّتها المؤسّسة، منذ يناير/كانون الثاني 2018.
كانت المؤسسة الوطنية للنفط، قد أكدت أن خسائر الدولة جراء إغلاق قطاع النفط ووقف عمليات الإنتاج والتصدير، تجاوزت حاجز 8 مليارات دولار، منذ 18 يناير/كانون الثاني 2020، وحتى 15 أغسطس/آب 2020.
وأوائل يوليو/تمّوز، وضعت قوّات الجنرال الليبي، خليفة حفتر، شروطًا لرفع الحصار، أبرزها: إجراء مراجعة دوليّة للتحقيق في إنفاق البنك المركزي على مدى السنوات القليلة الماضية، واتّخاذ إجراءات صارمة ضدّ الفساد المزعوم في قطاع النفط. كما طالبت بآليّة مستقلّة لـ "توزيع الإيرادات بشكل عادل إلى الشرق المهمَل منذ وقت طويل".
وقف إطلاق النار
كانت حكومة الوفاق الوطني قد توصلت، في 21 أغسطس/آب الماضي، مع برلمان طبرق -برئاسة عقيلة صالح- إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تضمّن استئناف إنتاج النفط وتصديره، على أن تُجمَّد إيراداته، ولا يجري التصرّف بها إلّا بعد تسوية سياسية بين الفرقاء الليبيين.
والنفط والمال الليبيان أصول إستراتيجية، أشعلت الصراع بين الإدارات والميليشيات المتنافسة في البلاد، منذ الانتفاضة المدعومة من حلف الناتو، عام 2011، التي أطاحت بالديكتاتور الليبي معمر القذافي، والذي قُتل في وقت لاحق.
وتمتلك ليبيا أكبر احتياطيات نفطية مثبتة في إفريقيا، وتكشف المواجهة حول "البترودولار" إلى أيّ مدى تعدّ ثروات ليبيا دائمًا هي الرهانات الحقيقية للحرب الأهلية العميقة في البلاد.
وفي السنوات الأخيرة، انقسمت البلاد بين حكومة مدعومة من الأمم المتّحدة في العاصمة طرابلس، وأخرى في الشرق موالية للجنرال العسكري خليفة حفتر.
وتصاعدت التوتّرات بشأن ثروات ليبيا، في وقت سابق العام الماضي، عندما أغلقت القبائل الموالية لحفتر في المنطقة الشرقية الغنيّة بالنفط خطوط الأنابيب والمحطّات الرئيسة، متّهمةً البنك المركزي الليبي بتحويل عائدات النفط لتوفير المرتّبات والإمدادات للمرتزقة المدعومين من تركيا، الذين يتصدّون لحملة حفتر، الرامية إلى الاستيلاء على العاصمة.
وتراجع إنتاج النفط بشكل كبير، منذ منتصف يناير/كانون الثاني 2020، إلى ما دون 100 ألف برميل، بعدما كان يتجاوز 1.2 مليون برميل يوميًا، عقب إيقاف التصدير من موانئ رئيسة في منطقة الهلال النفطي شرق البلاد، من قبل القبائل الليبيّة وبدعم من "الجيش الوطني"، مطالبين بالتوزيع العادل للثروة، والتحقيق في عمليات البنك المركزي، وعدم صرف إيرادات النفط على المسلّحين في غرب ليبيا.
القوّة القاهرة
في العاشر من يوليو/ تمّوز الماضي، رفعت المؤسّسة الوطنية، حالة القوّة القاهرة عن جميع صادرات الخام، مع تحميل أوّل ناقلة من ميناء السدرة، بعد إغلاق استمرّ ستّة أشهر من جانب الجيش الوطني الليبي، لكنّها قالت، إن مشكلات فنّية ناجمة عن الإغلاق، ستُبقي الإنتاج منخفضًا.
وتتولّى المؤسّسة الوطنية -وفقًا للترتيبات الحاليّة المدعومة من الأمم المتّحدة- إنتاج وتصدير النفط، وتتدفّق إيراداته على البنك المركزي الليبي.
وكانت المؤسّسة قد أعلنت، في شهر يناير/كانون الثاني 2020، حالة “القوّة القاهرة”، بعد إيقاف صادرات النفط من موانئ البريقة ورأس لانوف والحريقة والزويتينة والسدرة.
والقوّة القاهرة في القانون والاقتصاد، هي أحد بنود العقود، الذي يعفي كلا الطرفين المتعاقدين من التزاماتهما، عند حدوث ظروف قاهرة خارجة عن إرادتهما، مثل الحرب أو الثورة أو إضراب العمّال، أو جريمة أو كوارث طبيعية كزلزال أو فيضان. وقد يمنع أحد تلك الأحداث طرفًا من التعاقد -أو الطرفين معًا- من تنفيذ التزاماتهما، طبقًا للعقد.
اقرأ أيضًا:
- ليبيا تبحث عودة شركات النفط والطاقة الإيطالية للعمل بالبلاد
-
أميركا تدعم تطوير الحقول النفطية الليبية
-
دعم أممي لمؤسسة النفط الليبية في مواجهة تهديدات مسلحة
-
وتيرة تعافي صناعة النفط الليبية تفاجئ الأسواق وتقلق أوبك
-
"الليبيّة للنفط" تعلن رفع القوّة القاهرة عن جميع الحقول والموانئ