نفطرئيسيةمقالات النفط

مقال - هل نحن حقًا أمام ذروة في الطلب النفطي؟

دروس مستخلصة من الجدل السابق بشأن ذورة الإمدادات

اقرأ في هذا المقال

  • من السذاجة والتحيز التعامل بيقين تام مع أمر غير مؤكد كالطلب المستقبلي على النفط
  • كثير من الذين يكتبون عن الذروة النفطية لا يعرفون سوى القليل عن طبيعة هذه الإشكالية
  • أي توقعات طويلة المدى للأحداث غير الطبيعية في أسواق الطاقة تقودنا إلى تصورات خاطئة
  • ححج الذروة النفطية في مرحلة ما بعد كورنا تستند إلى افتراضات مشكوك في صحتها ومصداقيتها
  • انخفاض أسعار النفط والمحفزات الاقتصادية تعني تعافي الطلب وعودة النمو

مايكل لينش**

  • بلومبرغ (1 ديسمبر/كانون الأول): الذروة النفطية تطل فجأة برأسها.. حتى إكسون موبيل، تستسلم لذروة الطلب على النفط
  • رويترز (28 يوليو/تموز): انتهت اللعبة.. وأوبك تستعدّ لعصر يتضاءل فيه الطلب النفطي
  • بي بي (15 سبتمبر/أيلول): العالم تجاوز بالفعل ذروة النفط
  • توقعات مؤسسة ديت نورسك فيريتاس (دي إن في) لعام 2020: فيروس كورونا المستجد يقود العالم إلى ذروة الطلب النفطي، وقد لا يتجاوز استهلاك النفط مستويات 2019 أبدًا.

هذا نزر يسير من بعض العناوين والاقتباسات التي تتصدر وسائل إعلامية كبيرة وهو ما دفعني إلى كتابة هذا المقال الذي جاء تحت عنوان "هل بلغنا حقا ذروة الطلب النفطي؟ بعض الدروس المستخلصة من الجدل السابق حول ذروة إمدادات النفط".

الكثيرون ممن كانوا يؤمنون إيماناً راسخاً بحدوث ذروة إمدادات النفط يدعمون الآن الرؤية التي تفيد باقتراب ذروة الطلب على النفط.

لا يعني ذلك أنه ينبغي تجاهل توقعات ذروة الطلب على النفط باعتبارها خاطئة مثل حجج ذروة إمدادات النفط، لكنها تظهر أن الكثيرين من الناس يتبنون هذا ا الأمر الذي بات حديث الأوساط النفطية.

والحقيقة أن كثيراً ممن كتبوا عن ذروة إمدادات النفط يعرفون القليل، أو لا يعرفون شيئًا عن هذا الموضوع.

بيْد أن هذه الرسالة راقت لهم، ووجدوا وجهات نظر داعمة على الإنترنت، والتي أصبحت -الآن- بمثابة بحث علمي لأشخاص كثر. وينطبق الشيء نفسه على ذروة الطلب على النفط.

لقد أسعدني -بشكل خاص- أولئك الذين تحدثوا عن كتابي The Peak Oil Scare (فزع الذروة النفطية)، بالرغم من عدم معرفتهم بأي شيء سوى توقعات الأسعار العرضية، واختزالها -فقط- في فترة ما بعد عام 2000، بسبب قيود الإنترنت -على ما يبدو-.

يتضمن كتابي قائمة بتنبؤاتي السيئة للأسعار قام بجمعها أحد النقاد، متبوعة بقائمة من منشوراتي البحثية ومناقشة مدى صحتها.

مؤشر على السذاجة والتحيز

أحد الدروس المستفادة من ذروة الإمدادات النفطية، هو أنه ينبغي التعامل مع اليقين التام إزاء شيء غير مؤكد مثل الطلب المستقبلي على النفط كمؤشر على السذاجة والتحيز، وليس الخبرة.

لطالما قلت ساخراً إنه لا يمكن للمرء أن يكون متنبئًا متغطرسًا بأسعار النفط دون جرعة صحية من خداع النفس، ولكن للأسف، هناك عدد كبير جدًا من مستهلكي التحليل -سواء حقيقي أو زائف- يفضلون اليقين على التفسيرات المعقدة لهذه الإشكالية.

علاوة على ذلك، فإن استخلاص الدروس حول الاتجاهات طويلة المدى نتيجة أحداث عارضة أو غير طبيعية ينتهي تتصورات خاطئة.

كان هذا هو الحال -بالتأكيد- مع ذروة إمدادات النفط، حيث فسر الكثيرون ارتفاع الأسعار الناجم عن الاضطرابات في صناعة النفط الفنزويلية وفقدان إمدادات النفط العراقي جراء حرب الخليج الثانية، من بين اضطرابات أخرى، كدليل على الندرة الجيولوجية.

آنذاك، ورد تعليق عام 2004 لأحد مؤيدي رؤية الذروة النفطية يقول: "يا إلهي! عادت أيام زمان الجيدة ".

بيد أن صحيفة وول ستريت جورنال أوردت تقريراً في 21 سبتبمر/أيلول 2004 يفيد بأن إنتاج النفط ارتفع لاحقاً بمقدار 15 مليون برميل يومياً.

الاستسلام لتنبؤات خاطئة ومتسرعة

يشار إلى أن هذا ليس المثال الوحيد على خطأ التنبؤات أو التسرع في إصدارها.

في عام 1979، سبّبت الثورة الإيرانية أزمة نفطية، لكن العديد من المراقبين تعاملوا مع الأزمة كدليل على ندرة الموارد، وليس انقطاعًا في بعض الإمدادات، وتوقعوا ارتفاع الأسعار باستمرار.

كما اعتبر البعض أن انهيار أسعار النفط عام 1998، بسبب الركود في جنوب شرق آسيا وحرب الأسعار بين السعودية وفنزويلا، دليل على احتمال استمرار انخفاض أسعار النفط.

وفي ذلك الوقت، خرجت مجلة إيكونوميست بغلاف يعكس هذه الرؤية تحت عنوان "الغرق في النفط".

جدير بالملاحظة أن الطلب على النفط بلغ ذروته من قبل، خلال فترات ارتفاع أسعار النفط أو الركود أو كليهما.

غلاف مجلة الإيكونوميست في عام 1998: "الغرق في النفط ذروة الطلب النفطي

وفي هذا السياق، جادل المدافعون عن ذروة المعروض النفطي بانتظام بأن أي ذروة في الإمدادات أو المعروض، حتى لبضعة أشهر، تمثل الذروة الدائمة، لكنهم لم يوضحوا أبدًا سبب اختلاف أي تقلب معين عن غيره من التقلبات السابقة.

هلّلت المواقع الإلكترونية المؤمنة بذروة إنتاج النفط، مع كل انخفاض في الإنتاج السعودي باعتباره تأكيدًا لما خلص إليه كتاب عام 2005 تحت عنوان "الشفق في الصحراء: الصدمة النفطية المقبلة والاقتصاد العالمي"، وهو كتاب أعده المصرفي الاستثماري الأميريكي ماثيو سيمونز.

تنبؤات متطرفة عن النفط السعودي

زعم الكتاب أن الإنتاج السعودي على وشك الانهيار. وفي عام 2007، وعلى سبيل المثال، قالت العديد من المنشورات على موقع theoildrum.com -وهو موقع معني بذروة إنتاج النفط- إن الوضع بات صعباً.

وأضافت المنشورات أن "إنتاج النفط السعودي في تراجع الآن... من غير المرجح -إلى حد ما- إيقاف عمليات التراجع، وقد تتسارع"، وهو تنبؤ لم تثبت صحته.

وعلى المنوال نفسه، ينظر البعض -الآن- إلى أحدث إصدار من توقعات بي بي، والذي يعرض ثلاثة سيناريوهات يتوقف فيها استهلاك النفط عن النمو، لكي يدعموا صحة توقعات ذروة الطلب على النفط.

ولكن هذا يذكرنا بمناصري ذروة النفط، مثل جو روم الذي واجه انتقادات عام 2009 بالاستشهاد ببعض آراء الخبراء والمراكز البحثية التي تعزز وجه نظره.

وعلى سبيل المثال، أشار روم إلى ما خلصت إليه مؤسسة ميريل لينش، وهو أن "الانخفاضات الحادة في إنتاج النفط تعني أن العالم بحاجة الآن لاستبدال كمية من إنتاج النفط تعادل إنتاج المملكة العربية السعودية كل عامين".

ومن المضحك أن قصة وكالة بلومبرغ وصفت توقعات الطاقة لشركة بريتيش بتروليوم بأنها "تحظى بتقدير كبير"، ربما لأنها تروق لها.

غير أن معظم المعنيين بصناعة النفط والأعمال والأنشطة المرتبطة بها لهم راي مختلف. فبالرغم من أن توقعات بي بي قيّمة، إلا أنهم يرون أن توقعات النفط طويلة الأجل -بشكل عام- فشلت ولها سجل سيء (راجع عزيزي القارئ بحثي عام 1992 بعنوان "فشل التنبؤ بسوق النفط على المدى الطويل" للحصول على واحدة من بين العديد من المقالات حول هذا الموضوع).

مرة أخرى، لا أعارض بيان بلومبرغ الذي يفيد بأن "قائمة محللي الطاقة الذين يتوقعون الآن ذروة في الطلب على النفط تواصل النمو".

سيناريو ذروة الإمدادات نفسه يتكرر

لكن نقطة الخلاف أنه يمكن أن يتكرر السيناريو نفسه الذي أفرط الكثيرون في الترويج له عند الحديث عن ذروة المعروض من النفط في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أو الاعتقاد بأن 100 دولار للبرميل كان السعر الأدنى للنفط خلال الفترة نفسها.

غالبًا ما يعكس رأي الإجماع ليس فقط الرغبة في عدم الانحراف عن الاتفاق الظاهر بشأن قضية معنية، بغض النظر عن عدد المرات التي فشل فيها هذا الإجماع فشلاً ذريعاً، ولكن -أيضًا- التغطية الإعلامية لأحدث صيحات الموضة -أو مواكبة الآراء الرائجة- في النقاشات.

الحقيقة أن السلوك العام في مرحلة ما بعد الجائحة غير معروف وغير مؤكد إلى حد كبير، وتستند الحجج العديدة التي تشير إلى حدوث ذروة وشيكة إلى افتراضات مشكوك في صحتها ومصداقيتها.

ربما تحدث ذروة الطلب على النفط في السنوات القليلة المقبلة، ولكن احتمالية حدوث ذلك -في رأيي- تبدو ضعيفة. وعلى الأرجح، سيعني انخفاض أسعار النفط والمحفزات الاقتصادية بعد الوباء تعافياً في الطلب على النفط والعودة إلى النمو.

*خبير في أسواق النفط

*المقال منشور في "مجلة فوربس" وحصلت منصة "الطاقة" على موافقة الكاتب على نشره

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق