سلايدر الرئيسيةالمقالاتعاجلمقالات النفطنفط

مقال - ما بعد المليون برميل.. قراءة وتوقعات في واقع النفط الليبي

دور مصطفى صنع الله تاريخي في سرعة عودة الإنتاج

علي الفارسي*

بعد رفع حالة القوة القاهرة، كانت التحديات كبيرة جدًا أمام شركة الوطنية للنفط وشركاتها التابعة، من مشكلات فنية، وفرص بيعية ضائعة، وعراقيل مترتبة عن التوقف.

وإضافة إلى جائحة كورونا التي جعلت الكثيرين من المختصين ومراكز الدراسات الغربية يتوقعون صعوبة عودة الإنتاج والتصدير.

غير أن إدارة مؤسسة النفط الليبية أعطت أوامرها بالبدء الفوري، رغم كل ذلك، وشددت على أهمية التمسك بالثوابت المهنية غير السياسية.

ولعل تكاتف العاملين، ورغبتهم في إنقاذ الاقتصاد الوطني هو ما عزز إنجاز أعمال الصيانة والتأهيل بفتره قياسية جداً، والبدء الفوري بالتصدير بعد عودة الموانئ والحقول بشكل تدريجي للعمل بسرعة جداً، سبق ذلك عمل مستمر لمجابهه كورونا.

عودة الصادرات

بعد جهود كبيرة تُوّجت برفع القوة القاهرة، تبعها أعمال صيانة وتجهيز لمنشأت النفط الليبية للتغلب على العراقيل الفنية بسبب طبيعة منشآت النفط والغاز وحاجتها للتطوير والصيانة الدورية، فإن العراقيل الفنية يصعب التنبؤ بها؛ نتيجة توقف أكثر من‏ 10 أشهر، إلى جانب شبح ضعف تمويل المؤسسة الوطنية للنفط لتطبيق خطط مواجة كورونا، ودعم المجتمعات المحلية، إضافة إلى الاهتمام بجوانب التطوير والاستغلال الأمثل ورفع الصادرات لدعم اقتصاد ليبيا.

وهنا نستطيع أن نلخص الوضع بالكامل في: "استقرار الدولة الليبية يمر عبر الحفاظ على وحدة قطاع النفط".

المهندس مصطفي صنع الله

لن يتغير وضع الاقتصاد الوطني للأفضل، وينعكس ذلك على المواطن بشتى مجالات الحياة، إلا بعد تدعيم جهود عودة صادرات النفط، وتطبيق خطة إصلاح وتوحيد المؤسسات النقدية والسيادية.

‏ولعل حفاظ "الوطنية للنفط" علي وحدة عملياتها، جاء بجهود إدارتها والعاملين فيها، ولم يكن صنيعة عمل سياسي، ومن الطبيعي أن المؤسسة المسؤولة عن إدارة القطاع النفطي وشركاتها تعمل على الالتزام بأعلى المعايير الدولية لشفافية عملياتها التجارية.

إن المسائل المتعلقة بإدارة الشؤون المالية الليبية، وعملية وضع الميزانية هي خارج اختصاص الوطنية للنفط، إذ ينتهي دورها عند اتمام عملياتها ونجاح جهودها التطويرية والتشغيلية لتعزيز الاقتصاد الليبي.

كل ذلك من شأنه تجنيب مؤسسة النفط وشركاتها أي أضرار متوقعة، وإذا قامت السلطات القادمة للبلاد بحسن إدارة الثروة وعدالة توزيع إيرادتها، فمن المؤكد أنها سترفع عن كاهل المؤسسة أعباء كثيرة.

ينتج عن ذلك أن من يُحسن استخدام الثروة يُحسن استخدام السلطة، وبالتالي، فإن دور مؤسسة النفط سيتخطى الدور المحلي.

معضلة الميزانية

قطاع النفط الليبي يعمل -منذ سنوات- على رفع الصادرات واستغلال مكامن النفط والغاز، رغم اصطدامها -كل مرة- بظروف البلاد المعقدة.

ومن المعروف أن قطاع النفط يدعم الموازنة العامة بنسبة 94% عن طريق الإيرادات، وفي الوقت نفسه يتحصل على نفس ميزانية القطاعات الأخرى.

فإذا منعت الميزانيات المطلوبة من القطاع النفطي، التي تدعم تنفيذ دراسات هندسية وتفصيلية وتنموية للمكامن ورفع كفاءة العاملين، فكيف نتوقع استمرار أعمال مؤسسة النفط وتعزيز مكانتها ورفع صادراتها؟.

يوضح هذا أن التمويل يهدد مستوى الصادرات الحالي، ولكن القطاع النفطي مستمر ويسجل إنجازات، متمثلة في افتتاح مصانع بتروكيماويات ومعامل غاز وحقول برية وبحرية جديدة، دونما توقف حتى الأن.

ويبدو أن تأخر صرف الميزانيات تسبب في تراكم الديون على الشركات المشغلة، مع توقف تنفيذ دراسات هندسية وتأثر شركات خدمية. رغم أن ضعف التمويل سيدفع نحو تراجع الصادرات وزعزعة الدخل القومي للبلاد وخطط السلم والتنمية.

الموقف الدولي من عودة ليبيا

لاشك أن ليبيا المستثناة من اتفاقية أوبك+ لتخفيض إنتاج النفط، كانت مصدر قلق لدول منتجة أخرى؛ لأن المليون برميل التي أضافتها ليبيا تزيد المعروض، في ظل ضعف الطلب.

تعد ليبيا أحد الأسباب -وليست السبب الرئيس- في عدم استقرار أسواق النفط؛ لأن كورونا، وتراجع الطلب نتيجة الإجراءات الاحترازية، ونسب التزام اتفاقية أوبك+، كلها أسباب أخرى.

الوطنية للنفط وسياسة التخفيض والتهريب

هنا لا نُغفل دعوات سابقة للمهندس صنع الله بأن تظل ليبيا خارج اتفافية أوبك+، فقد استعرض صنع الله خلال اجتماع أوبك في فيينا مؤخراً، الكثير من المعوقات والتحديات التي تواجه القطاع النفطي الليبي وليبيا بالكامل.

وأكد صنع الله -وقتها- على حق ليبيا في تعويض ما فقدته؛ بسبب توقفات عشوائية، إلى جانب سعيه للحفاظ علي سلامة الأفراد والمنشأت بشكل مستمر.

وتسعى مؤسسة النفط إلى وضع علامات تعقب في الوقود المدعوم؛ لمساعدة الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون الليبي والدولي، ومن بينها المعهد الأوروبي للشرطة والإنتربول، في جمع الأدلة التي تثبت جرائم تهريب الوقود أو سرقته، وتطالب بتوسيع نطاق تفويض البعثة البحرية للاتحاد الأوروبي "عملية صوفيا"، لتشمل الوقود المكرر، بالإضافة إلى النفط الخام.

قطاع النفط اليوم -بتكاتف العاملين ومساعي الادارة- يسير بخطي ثابتة نحو رفع الصادرات، يبقى -فقط- دور السلطات بالبلاد في تعزيز ودعم هذه الجهود، لاستكمال الطريق، وتحقيق تطلعات الشعب للبناء والتنمية.

أما عن توقعات بعض المختصين بتعطل الإنتاج، فلا تتعدى كونها تخمينات؛ لأن القطاع النفطي أثبت نجاعته.

علي الفارسي

أخيرًا.. تعد ليبيا خط التماس مع أوروبا ومع أفريقيا، ويجب أن نفهم أن النفط سلعة في الصراع العالمي، وليس مجرد سلعة للحصول على إيرادات نجلس بعدها على طاولة لتقسيمها كلٌّ حسب توجهاته.

*كاتب متخصص في قطاع الطاقة الليبي

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق