العداء يتزايد لـ "طاقة الرياح".. ولاية أميركية ترفض مشروعاً ضخماً
المواطنون يرفضون المشروع بسبب المشكلات الصحية والبيئية
أصبحت مشروعات توليد الكهرباء من طاقة الرياح تلقى معارضة متزايدة؛ بسبب ما تمثله هذه المشروعات من إزعاج للمواطنين، بالإضافة إلى عدم مشاركتها الفاعلة في جهود عالمية لتخفيض انبعاثات الكربون.
أحدث هذه المعارضات جاء من رفض ولاية وايومنغ الأميركية طلب شركة الطاقة كونكت جين، لبناء مزرعة رياح على أراضي الولاية بمقاطعة ألباني؛ لقلق المواطنين من تأثير المشروع على "مساحة الرؤية الخلابة".
وكانت شركة الطاقة الأميركية المستقلة، كونكت جين، التي تتخذ من هيوستين مقراً لها، قد تقدمت بطلب لاستئجار 4800 فدان من أراضي الولاية؛ لبناء جزء من مشروع طاقة الرياح بقدرة 500 ميغاواط، وما يقرب من 20% من إجمالي 26000 فدان سيكون على أراضي الولاية.
ووفقا لما قالته مديرة مشروع مزرعة الرياح، أماندا ماكدونالد، فإن الولاية كانت ستحصل على 480 ألف دولار سنويًا مقابل تأجير الأرض، وتوقعت الشركة -أيضًا- أن يؤدي إنشاء مزرعة الرياح وتشغيلها بأكملها إلى خلق 136 فرصة عمل مباشرة خلال عمرها الذي يبلغ 35 عامًا، وفقا لبيانات الشركة.
ليس أول رفض
الولاية الأميركية لم تكن الأولى التى عارضت إنشاء مزرعة طاقة رياح، ولكن سبقها إلى ذلك عدد من الولايات، حيث يتركز جزء كبير من معارضة توربينات طاقة الرياح في الغرب الأوسط، الذي يضم أكبر تجمع للتوربينات في الولايات المتحدة.
وتمكن المعارضون من منع مشروعات طاقة الرياح في 6 ولايات على الأقل، بما في ذلك نبراسكا وساوث داكوتا وإنديانا وميتشيغن، كما تدور النزاعات في ولايات آيوا ومينيسوتا وإلينوي وماريلاند، وهناك -أيضًا- معارضة في الشمال الشرقي، بما في ذلك ولاية مين ونيويورك وفيرمونت.
المعارضة تتخطى الولايات المتحدة
المعارضة لتوربينات طاقة الرياح لم تكن عادة أميركية خالصة، لكن، ووفقاً لما ذكرته جريدة كوبنهاغن بوست الدنماركية، فإن دونغ إنرجي -شركة الطاقة المملوكة للدولة- تخلت عن مشروع لبناء المزيد من توربينات الرياح البرية في الدنمارك، بعد احتجاجات من السكان الذين اشتكوا من الضوضاء التي تحدثها التوربينات.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة الرياح الدنماركية العملاقة، أندرس إلدروب؛ "من الصعب الحصول على موافقة الجمهور إذا تم بناء التوربينات بالقرب من المباني السكنية، وبالتالي فإننا نبحث الآن في الخيارات البحرية".
ويوجد في أوروبا الآن حوالي 400 مجموعة من مجموعات الطاقة المعارضة للرياح منتشرة بين 20 دولة أوروبية. بالإضافة إلى 12 مجموعة في كندا، ونحو 100 مجموعة بالولايات المتحدة مضادة للرياح.
لكن.. لماذا العداء لطاقة الرياح؟
خلصت العديد من الدراسات إلى أن "الكهرباء المولدة بواسطة الرياح لن تؤدي -على الأرجح- إلى أي انخفاض في انبعاثات الكربون، أو أنها ستكون صغيرة جدًا"، وفقا لما ذكرته صحيفة إنرجى تيربيون الأمريكية المتخصصة بشؤون الطاقة.
وقدرت وكالة الطاقة الدولية، أن قدرة توليد طاقة الرياح العالمية ستبلغ 500 غيغاواط بحلول عام 2030، وهو ما يمثل زيادة بمقدار 5 أضعاف عن عام 2007، عندما كانت السعة حوالي 94 غيغاواط، ووفقاً لهذه التقديرات فإن قطاع الرياح سيشكل 4% من إنتاج الكهرباء العالمي بحلول 2030.
وفى الوقت الذي يتسبب فيه قطاع توليد الكهرباء بنحو 40% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، فإن هذا التخفيض بنسبة 4% من الرياح -إذا حدث- سيكون ضئيلًا؛ فهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 1.5٪ تقريبًا من الحجم الإجمالي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية المنشأ.
لكن وفقاً لتوقعات المجلس العالمي لطاقة الرياح، الذي يقدر أن طاقة الرياح سترتفع إلى 2375 غيغاواط بحلول عام 2030. لتصبح 25 ضعفًا عن مستويات 2007، ووفقا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية، فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية في عام 2030 ستصل إلى 40.2 مليار طن، ولن تخفض طاقة الرياح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلا بنحو 8% فقط من إجمالي الانبعاثات العالمية المتوقعة.
منافسة الغاز الطبيعي
المشكلة الرئيسية الأخرى التي تواجه طاقة الرياح هي: أسعار الغاز المنخفضة؛ فعندما تكون أسعار الغاز منخفضة، تكون طاقة
الرياح في وضع غير مُواتٍ بشكل كبير في السوق، حتى مع الإعانات الفيدرالية الضخمة، مثل الإعفاء الضريبي الفيدرالي للإنتاج البالغ 0.022 دولارًا لكل كيلوواط/ساعة، وفقا لما ذكرته صحيفة إنرجى تيربيون الأمريكية المتخصصة بشؤون الطاقة.
وفي عام 2008، قال تي بون بيكنز، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة بي بي كابيتال مانجمينت b&b capital management، إن أسعار الغاز يجب أن تكون 9 دولارات على الأقل لكل مليون وحدة حرارية بريطانية حتى تكون طاقة الرياح قادرة على المنافسة في السوق، لكنه قال في مارس/آذار 2020، إن طاقة الرياح ستكون مربحة عندما تبلغ أسعار الغاز الطبيعي حوالي 7 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية".
لكن الأخبار السيئة لصناعة طاقة الرياح هي أن الغاز يُباع الآن بأقل من 4 دولارات في السوق الفورية.
مشكلات بشرية
المشكلات التي تواجه صناعة الرياح لا تتوقف على المعطيات الاقتصادية، لكنها كثيرة ومتنوعة. من بينها معارضة المواطنين
ويعتقد المعارضون أن طواحين الهواء مسؤولة عن متلازمة توربينات الرياح، وهو تشخيص طبي مثير للجدل يشمل الدوار والغثيان والصداع وآلام الأذن، وسرعة الانفعال وعدم القدرة على النوم.
ووفقا لشهادات عدد من السكان الذين يقطنون على مقربة من مزارع الرياح، فإن الضجيج والاهتزاز الناتج من الشفرات يجبرهم على إغلاق النوافذ والستائر، واستخدام الضوضاء البيضاء لإخفاء الأصوات الميكانيكية.
كما أنهم يريدون أن تكون المناظر من نافذة المطبخ عبارة عن أرض زراعية أو تلال، وليس آلات عملاقة لتسخير الرياح.
من يدعم طاقة الرياح؟
تحظى طاقة الرياح بالدعم من دعاة حماية البيئة الذين يقلقون بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري، وملاك الأراضي الذين يرحبون بتدفق جديد من الدخل الثابت، والحكومات المحلية التي تسعى للحصول على المزيد من الإيرادات الضريبية.