تقارير النفطرئيسيةسلايدر الرئيسيةنفط

لماذا لا يشعر المستهلك الهندي بانهيار أسعار النفط؟

نيودلهي تردّ على نزيف الأسعار بزيادة ضريبة الاستهلاك

اقرأ في هذا المقال

  • انخفاض الأسعار يوفر 38 مليار دولار من فاتورة استيراد النفط
  • الأزمة العالمية هدية من السماء لإنقاذ عجز الموازنة الهندية
  • العجز المالي 7% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي

إذا كانت أسعار النفط العالمية قد انهارت بشكل غير مسبوق، وشهدت أكبر تراجع منذ نحو عقدين، فلماذا لا يشعر المستهلك النهائي في الهند بهذا التراجع؟

يراود هذا السؤال أذهان كثير من المواطنين والعملاء الهنود، الذين يرون تراجعًا شبه يومي في أسعار النفط، مع انخفاض الطلب، بسبب تفشّي فيروس كورونا، والتدابير التي اتّخذتها الحكومات لاحتواء الفيروس، ناهيك عن حرب أسعار النفط الحالية، وكلّها عوامل أدّت إلى وفرة هائلة في المعروض العالمي، لتمتلئ خزّانات النفط لدى كثير من المنتجين، ولا يجدون بسهولة من يشتريه.

وبدلًا من أن تتعاطى نيودلهي مع هذا التراجع بتخفيف الأعباء عن كاهل الهنود، قرّرت السير في الاتّجاه المعاكس، بزيادة قيمة ضريبة استهلاك النفط.

وما تقوم به الهند ليس جديدًا، فقد قامت الكثير من الحكومات تاريخيًا بفرض ضرائب على المحروقات عندما انخفضت أسعار النفط، تحت شعار "أمن الطاقة" تارة، بهدف ترشيد الاستهلاك وتخفيف الاعتماد على واردات النفط، أو لتمويل الموازنة، لدرجة أن عائدات الضرائب على المنتجات النفطية في عدد من الدول الأوروبية حاليًا أعلى من عائدات النفط في الدول النفطية.

ربّما تكون فاتورة النفط في البلاد قد انخفضت في الماضي القريب، ويمكن أن تظلّ منخفضة حال فشل اجتماع أوبك+ يوم الخميس المقبل، دعت إليه السعودية لتوازن السوق، لكن العملاء النهائيين -الهنود- قد لا يستفيدون من كلّ هذه الجهود المضنية لوقف نزيف الأسعار، حيث ظلّت أسعار البنزين والديزل في الهند ثابتة تقريبًا، رغم كلّ ما يموج به العالم من اضطرابات.

بين مارس / آذار 2014 وأبريل / نيسان 2020، انخفض سعر برميل سلّة الخام الهندي من 107 دولارات إلى 21 دولارًا. وانخفض متوسّط ​​سعر البيع بالتجزئة للبنزين في دلهي بمقدار 1.82 روبية هندية فقط، من مارس 2014 إلى 69.59 روبية للّتر في فبراير / شباط 2020. ليس هذا فحسب، وإنما تضاعفت الرسوم التي تذهب إلى الحكومة المركزية -من هذا المبلغ- من 10.38 روبية هندية إلى نحو 23 روبية هندية.

في مارس / آذار الماضي، ردّت الحكومة المركزية على انخفاض أسعار النفط الدولية، برفع ضريبة الاستهلاك بنحو 3 روبيات على لتر الوقود المباع في الهند، بحيث لم يلحظ المستخدم النهائي تغييرًا طفيفًا، أو لم يطرأ أيّ تغيير على سعر البيع بالتجزئة. وكانت هذه فقط أحدث زيادة في سلسلة الضرائب التي فرضتها نيودلهي على مدى السنوات القليلة الماضية.

لماذا رفعت الهند ضريبة الاستهلاك؟

حتّى قبل أن يؤدّي الإغلاق الناجم عن الفيروس إلى شلّ الاقتصاد، كانت الحكومة تعاني عجزًا ماليًا كبيرًا، بلغت نسبته نحو 7 %من الناتج المحلّي الإجمالي، وهو ما يبعدها عن هدفها المعلن بتخفيض العجز إلى 3 %.

ولم تسفر ضرائب السلع والخدمات التي فرضتها الحكومة قبل أربعة أعوام تقريبًا، عن حصيلة كبيرة في الموازنة لسدّ العجز، وانخفض في المقابل طلب المستهلكين، لدرجة أن الخبراء نصحوا الحكومة بضخّ المزيد من الأموال في أيدي المستهلكين لتعزيز القدرة الشرائية، ممّا أثار توقّعات بتخفيض الضرائب.

غير أن الحكومة المركزية لم تستطع تحمّل تخفيض شامل في معدّلات ضريبة الدخل، ولكنها قدّمت لدافعي الضرائب خيار الانتقال إلى شريحة ضريبية أقلّ دون استقطاعات.

مع انخفاض أسعار النفط العالمية، تلقّفت الحكومة الفرصة للحفاظ على استقرار أسعار الوقود بالنسبة للمستهلك النهائي، مع زيادة احتمالات جمعها.

ومع تأثّر التضخّم إلى حدّ كبير بسبب ضعف المعروض من المواد الغذائية -وليس بالضرورة بارتفاع أسعار الوقود- اختارت الحكومة الحفاظ على أسعار وقود مع زيادة الضرائب لسدّ عجز الموازنة.

وقبل الإعلان عن سياسة الإغلاق في الهند، في 24 مارس / آذار، لاحتواء كورونا، كانت هناك تقارير تفيد بأن أحدث زيادة في الرسوم ستمنح الحكومة المركزية 43000 كرور روبية للسنة المالية 2020-21. والكرور هو وحدة في نظام الترقيم في جنوب آسيا، حيث يساوي الكرور الواحد عشرة ملايين روبية هندية.

استثمار الأزمة

وفي الوقت الذي تصرخ فيه الدول المنتجة والمصدّرة للنفط من انهيار الأسعار، تسعى الهند إلى الاستفادة من هذه الأزمة، حيث يرى خبراء أن ما يحدث بمثابة تحويل للثروة من الدول المنتجة إلى البلدان المستوردة للنفط. وسيؤدّي ذلك إلى ارتفاع نصيب الفرد في الهند والصين -مثلًا- مقارنةً بروسيا والمملكة العربية السعودية، وما إلى ذلك.

لن يظهر هذا التغيير في غضون سنتين أو ثلاث أو خمس سنوات مقبلة، ولكنه سيتبيّن خلال عقود. وفي حالة الهند، عندما تصبح ما بين 30و50 %من المركبات هجينة، سيكون هناك تباطؤ واضح في فاتورة استيراد الخام. كما ستنخفض الإيرادات الحكومية من رسوم المنتجات النفطية، بل سيصبح التضخّم أيضًا تحت السيطرة، ما يعني أن نيودلهي ستتحرّك تدريجيًا نحو نظام سعر فائدة منخفض لفترة أطول من الوقت. وهناك توقّعات بتعديل عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات من 6.45 %إلى 6 % قريبًا.

وكانت الحكومة المركزية -في أثناء تقديم مسحها الاقتصادي- قد توقّعت أن تبقى أسعار النفط الدولية في حدود 60-70 دولارًا للبرميل خلال السنة المالية 21.

والآن مع توقّعات المؤسّسات المالية بأن ينخفض سعر النفط بنسبة 30 % لبقية العام، فسوف تتمكّن الهند خلال هذا العام وحده من توفير ما بين 36 و 38 مليار دولار في فاتورة استيراد النفط. ومن ثمّ سيكون لهذا تأثير إيجابي كبير على أرقام التضخّم، وتخفيض سريع في أسعار الفائدة.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق