التقاريررئيسيةسلايدر الرئيسية

سد النهضة.. بين توفير الطاقة لإثيوبيا والضرر المتوقع لمصر

تأثيرات سلبية لأديس أبابا وتكلفة غير محسوبة

خاص-الطاقة

اقرأ في هذا المقال

  • السد يضاعف إنتاج إثيوبيا من الكهرباء البالغ 3 غيغاوات
  • هناك إمكانات ضخمة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا

تعتقد الحكومة الإثيوبية أن الطاقة الكهرومائية هي مفتاح مستقبل الطاقة في البلاد، وتخشى مصر من تأثيرها على إمداداتها من المياه، الأمر الذي قد يؤدي إلى بور جزء من أراضيها الزراعية الخصبة ويهدد حياة الملايين.

يهدف سد النهضة الإثيوبي الكبير إلى معالجة فقر الطاقة في البلاد، كما تقول أديس أبابا، وسوف يُنتج –عند اكتماله– طاقة أكثر من أي سد آخر في أفريقيا، ويجري بناء سد النهضة في منطقة بني شنقول- قماز في إثيوبيا، بعد الحدود السودانية مباشرة صوب المنبع، المقرر أن يبلغ ارتفاعه 145 مترًا، أي بقدر ارتفاع شلالات فيكتوريا مرة ونصف، مما يجعله أعلى سد في أفريقيا.

ويحتوي خزانه على 74 مليار متر مكعب من الماء، أي تقريبًا 13 ضعف استهلاك إثيوبيا السنوي من المياه، وتتوقع الحكومة الإثيوبية أن ينتج السد 6 غيغاوات من الطاقة عندما يبلغ الإنتاج ذروته، وهذا سيضاعف إنتاج إثيوبيا من الكهرباء –الذي يبلغ حاليًّا أقل من 3 غيغاوات– بثلاث مرات تقريبًا.

*تأثيرات سلبية محليا

وغالبًا ما ينقسم الرأي حول مشاريع الطاقة الكهرومائية، من ناحية، يمكنها توفير طاقة نظيفة وفيرة لنحو 50 عامًا دون صيانات مكلفة، وعلى خلاف مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، فهي تنتج الطاقة بشكل مستمر.

لكن التكاليف الأولية لتصميم السدود الكبيرة، مثل سد النهضة، وتأثير ذلك على السكان المحليين قد يكون قاسيًا، خاصة بالنسبة لأولئك المهجرين من منازلهم، وفي حالة سد النهضة، يمكن أيضًا أن تتأثر اقتصادات دول المصب والتنوع الحيوي فيها، يتضمن ذلك مصر والسودان.

تهجير متوقع للسكان المحليين في إثيوبيا لبناء سد النهضة

وأعربت وزارة الخارجية المصرية، السبت، عن رفضها "جملة وتفصيلاً" ما جاء في بيان وزارة الخارجية الإثيوبية الذي وصف قرار الجامعة العربية عن سد النهضة الإثيوبي بـ "القرار الأعمى". وقالت الوزارة المصرية في بيان لها إن البيان الإثيوبي "اتصف بعدم اللياقة، وافتقد للدبلوماسية، وانطوى على إهانة غير مقبولة لجامعة الدول العربية ودولها الأعضاء".

وكانت جامعة الدول العربية قد تبنت الأربعاء الماضي قراراً "يرفض أي مساس بالحقوق التاريخية لمصر، ويرفض أي إجراءات أحادية تمضي فيها إثيوبيا، ويؤكد ضرورة التزام أديس أبابا بمبادئ القانون الدولي". لكن وزارة الخارجية الإثيوبية أعلنت رفضها قرار الجامعة العربية، ووصفت دعم الجامعة موقف مصر بشأن مفاوضات سد النهضة بـ "القرار الأعمى".

وتستهلك مصر أكثر من 70 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، 55 مليارًا من مياه النيل (أي ما يتجاوز 80% من المياه العذبة المستهلكة)، ومن المياه المعاد تدويرها ما يقرب من 12 مليار متر مكعب، وتحل المياه الجوفية في المرتبة الأخيرة بواقع 6 مليارات متر مكعب. وبحسب البنك الدولي، يُستهلك 85% منها في الزراعة، التي تُستهلك غالبية منتجاتها في الأسواق المصرية. و3% من المياه تُستخدم في الصناعة، وما يقرب من 12% تستخدم في الشرب والاستخدام المنزلي.

تحل مصر في المرتبة الرابعة عالميًّا من ناحية الشح المائي للفرد

ويشكل نصيب الفرد من المياه العذبة 20 مترًا مكعب سنويًّا، وبذلك تحل مصر في المرتبة الرابعة عالميًّا من ناحية الشح المائي للفرد بعد الكويت والبحرين والإمارات، وبذلك تتذيل قائمة دول حوض النيل من ناحية نصيب الفرد في المياه، حيث تتصدرها الكونغو بواقع 49 ألف متر مكعب وإثيوبيا بواقع 1200 متر مكعب للفرد.

أما إذا احتسبنا نصيب الفرد من ناحية وفرة المياه في مصر، فيقترب من 550 مترًا مكعبًا وهي مرحلة الشح المائي، حيث يُحدد عالميًّا 1000 متر مكعب نصيب الفرد من المياه في جميع مجالات الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي، ويُعتبر حد الندرة المائي عالميًّا عند 500 متر مكعب للفرد، وهو ما تقترب منه مصر في المرحلة الحالية، مع تضخم عدد السكان وشح المياه المتوقع من وراء السد الإثيوبي، وتراجع هطول الأمطار بقدر يصل إلى 18% في دول المنبع بسبب التغيرات المناخية.

*الآثار المحتملة

يمكن أن يحد سد النهضة، إلى حد كبير، من افتقار ثلاثة أرباع الإثيوبيين تقريبًا إلى الكهرباء، وستخفف طاقة السد من إزالة الغابات، من خلال توفير بديل للوقود، كالفحم والخشب، وتنتج الطاقة الكهرومائية انبعاثات كربون أقل من مصادر الطاقة الأخرى، يتضمن ذلك الوقود الأحفوري والوقود الحيوي.

غير أن سد النهضة يثير توترات بين إثيوبيا من جانب، ومصر والسودان على الجانب الآخر، بشأن إدارة مياه النيل المشتركة، الغني بالطمي، وشكك خبراء في كيفية استيعاب السد لهذا الطمي؛ لمنعه من تعطيل التشغيل.

قلة البيانات المتاحة بشأن التنوع الحيوي للنيل تجعل من الصعب التنبؤ بتأثير سد النهضة على البيئة الطبيعية

ووفقًا للحكومة الإثيوبية، سيخفض السد من فقدان المياه، عبر التبخر من الأحواض التي تقع تجاه المصب، عن طريق خفض مستوى مياهها. لكن قلة البيانات المتاحة بشأن التنوع الحيوي الحالي للنيل تجعل من الصعب التنبؤ بتأثير سد النهضة على البيئة الطبيعية، وكجزء من المشروع، من المقرر إنشاء محمية طبيعية بالقرب من السد، لحماية التنوع البيولوجي، ويمكن أن يساعد السد في الحد من الجفاف والفيضانات، الناجمة عن تغير المناخ.

الزراعة الإثيوبية مطرية في الأساس، ومن شأنها أن تستفيد من منظومة ري تتحكم فيها سدود، من بينها سد النهضة، ويمكن أن يساعد سد النهضة على حل مشكلة الفيضان السنوي المدمر في السودان، الذي يسبب خسائر كبيرة للمحاصيل، غير أن الماء المحتجز من النيل أثناء ملء حوض السد قد يترك مصر غير قادرة على تعزيز زراعتها بالكامل. ووفقًا للحكومة الإثيوبية، سيطور السد، الصناعة المحلية ويوفر فرصًا للعمل، وقد يُهجِّر سد النهضة ومستودعه نحو 20 ألف شخصا.

*خيارات ملء الخزان

أحد التحديات الملحة، في المشروع، يتمثل في إدارة تدفق المياه عبر سد النهضة الإثيوبي الكبير؛ لضمان الوفاء باحتياجات إثيوبيا ومصر والسودان كافة. ويُجري علماء في منظمة حكومية دولية، المكتب الفني الإقليمي للنيل الشرقي في إثيوبيا، تقييمًا للآثار المحتملة لمختلف أوقات ملء الخزان على تدفق المياه باتجاه المصب؛ بغرض إطلاع صناع القرار في الدول الثلاث على كيفية تأثر ري المحاصيل وإنتاج الطاقة التي تعتمد على النيل.

*مستقبل الطاقة الكهرومائية في أفريقيا

بالنظر إلى ما وراء النيل، لا تزال هناك إمكانات ضخمة للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، فثمة ممرات مائية رئيسة أخرى لم يجرِ تسخيرها بعد في توفير الطاقة، يتضمن ذلك أنهار الكونغو والنيجر وأورانج والسنغال.

وعلى الرغم من أن التقدم في تطوير محطات الطاقة الكهرومائية كان محدودًا منذ عام 2010 –في أعقاب طفرة عام 2009، عندما شرعت عدة محطات في إنتاج الطاقة– ما زال كثير منها في طور التخطيط على أنهار أفريقيا الرئيسية، ويتضمن ذلك نهر الكونغو.

ولمجابهة هذه التحديات، تعمل منظمات الطاقة الكهرومائية الدولية وبنوك التنمية على تطوير معايير استدامة: وهي مبادئ توجيهية من شأنها تقييم الموارد المائية في القارة، وتقدير احتياجاتها من الطاقة، ويمكن أن تساعد كذلك على صياغة خطط الطاقة الكهرومائية المستقبلية في أفريقيا.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق