تقارير الغازتقارير النفطرئيسيةعاجلغازنفط

عبد المجيد عطار: أوبك+ لن تسمح بانهيار سوق النفط.. و80 دولارًا للبرميل سعر مثالي للجزائر (مقابلة)

وزير الطاقة الجزائري السابق أكد أن السوق تمر بحالة من الضبابية قد تستمر عامين

أجرى المقابة - عماد الدين شريف

اقرأ في هذا المقال

  • "أوبك+" تفوقت على السوق بفضل إستراتيجيتها.. أما كوفيد-19 فتفوق على البرميل
  • أسعار النفط مرشحة لزيادة كبيرة بعد 2022 لتراجع الاستثمارات والتحول إلى الطاقة المتجددة
  • العالم يمتلك ما يكفي من احتياطيات الغاز والنفط.. لكن هذه التحديات قد تحرمه من الاستفادة منها
  • استحداث سوق للغاز منفصلة عن سوق النفط قد نراه قريبًا مع استمرار الضغوط المناخية

أكد وزير الطاقة الجزائري السابق، عبد المجيد عطار، أن سوق النفط تمر بحالة من الضبابية قد تستمر لعامين مقبلين في ظل استمرار وباء كورونا وتراجع الاستثمارات في القطاع جراء الضغوط المناخية.

وأشار عبد المجيد عطار، الذي كان مشاركًا بارزًا في اجتماعات أوبك+ -في حواره مع "الطاقة"- إلى الدور الكبير الذي لعبه التحالف في ضبط أسواق النفط، خلال المدة الماضية، وكذلك الآمال المعقودة عليه في السنوات المقبلة من أجل تأمين الطلب على الطاقة، والحفاظ على سعر النفط في وضع مناسب للمنتجين والمستهلكين.

وأوضح أنّ معركة استقرار أسعار النفط لم تنتهِ بعد، بفعل تضافر عدة عوامل ومعطيات جديدة تؤثر بشدة على معادلة العرض والطلب، التي كانت إلى وقت قريب المعيار الرئيس في سعر الخام.. وإلى نص الحوار:

أسعار النفط سجلت خلال المدة الأخيرة أكثر من 70 دولارًا، كيف تقيّمون ذلك؟

أعتقد أنّ أسعار النفط تسجل في الوقت الراهن مستوى مقبولًا للغاية، إذا أخذنا بعين الاعتبار حالة الهلع التي خلفتها الموجة الجديدة لفيروس كورونا "أوميكرون"، من منطلق أنّ العديد من البلدان عبر العالم بدأت في اتخاذ إجراءات تنعكس على حالة النقل وجزء كبير من الأنشطة الاقتصادية، إذ لم يكن الطلب على النفط في منأى من الإسقاطات السلبية لأزمة كورونا.

دكتور عبد المجيد عطار.. هل تتوقع استقرارًا في الأسعار خلال المدة المقبلة؟

من المحتمل أن نشهد تراجعًا في أسعار البرميل في ظل حالة عدم اليقين بشأن متحور أوميكرون، وهو ما سيكون حاضرًا في اجتماع مجموعة أوبك+ المقبل المقرر عقده بداية يناير/كانون الثاني 2022، واحتمال إعادة النظر في إستراتيجيتها لمواجهة التحديات المستجدة في السوق النفطية العالمية، وبالتالي فإنّ الوضع الحالي يختزل في عبارة "أوبك+ تفوقت على السوق بفضل إستراتيجيتها، ولكن كوفيد-19 تفوق على البرميل".

ما المستوى المقبول لسعر النفط بالنسبة إلى الجزائر من أجل ضمان التوازن المالي للاقتصاد؟

توجد 3 مستويات لأسعار النفط، أهمها السعر المقبول والمعقول بالنظر إلى جملة المعطيات الحالية المحيطة بالسوق النفطية، التي من المتوقع أن تستمر على الأقل عامين مقبلين، والكثير من الضبابية وعدم الاستقرار لا تتعلق بتطور الحالة الوبائية فحسب، وإنما بحجم طلب السوق، كونها غير "مستعدة" في الوقت الحالي لتحقيق المستويات المسجلة في السنوات الماضية.

لقد أدى الوباء من جهة إلى تراجع في النمو الاقتصادي العالمي، ومن جهة أخرى التسبب في تغيّر بسلوك المستهلكين، ما أثر في إستراتيجية كل الفاعلين بمجال الطاقة عمومًا، وبالتالي العودة إلى الإجابة عن السؤال وهي استقرار سعر البرميل عند معدل 80 دولارًا خلال سنة 2022 سيكون مثاليًا بالنسبة إلى الجزائر، وأعتقد أنّ تحقيق هذا الهدف مرهون باستمرار "أوبك+" في إستراتيجيتها وتنسيقها بين المنتجين.

الطلب العالمي على النفط

ما توقعاتك لسعر النفط بعد 2022؟

بعد سنة 2022، من المحتمل أن يشهد سعر البرميل ارتفاعًا لسببين أساسيين:

  • الأول: أثر التراجع الكبير في استثمارات قطاع المحروقات، إذ سيكون القطاع غير قادر على الاستجابة إلى زيادة كبيرة وسريعة للطلب على الطاقة، على الرغم من ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أنّ هذه الزيادة ستكون لمدة قصيرة.
  • الثاني: إسقاطات تحوّل الطاقة نحو نموذج أقل انبعاثًا للغازات على الرغم من أنه غير موجود في جميع مناطق العالم على عكس دول آسيا وقارة أوروبا.

ومن هذا المنطلق التوجه أكثر إلى زيادة الطلب، وهو ما تؤكده المستويات القياسية لأسعار الغاز الطبيعي في سنة 2022.

بالحديث عن أسعار الغاز.. كيف تقيّم الأزمة الحالية في أسواق الطاقة؟

ارتفاع الطلب على الغاز لم تكن له انعكاسات إيجابية على أسعار النفط خلال سنة 2021، ومن المحتمل أنّ تستمر الوضعية في السنة المقبلة في حالة مواصلة "أوبك+" الإستراتيجية نفسها في مرافقة تحولات السوق، إلاّ أنه من غير المستبعد ارتفاع أسعار الذهب الأسود إلى ما يفوق 100 دولار للبرميل بعد انقضاء سنة 2022، وهو ما أصفه بالسعر المناسب لكل البلدان المنتجة للنفط، مع أنه لا بد من التذكير بأنّ هذه التوقعات لا تأخذ بعين الاعتبار العوامل "الجيوسياسية" المؤثرة على غرار الأزمات والصراعات المحتملة.

لنتحدث عن الجانب الآخر.. ما احتمالات تعرض أسعار النفط لأزمة مشابهة لما حدث في 2020؟

هذا ما يمكن أن نطلق عليه السعر غير الممكن تحمله على غرار ذلك المسجل في شهر أبريل/نيسان 2020، في حالة تردي الوضعية الصحية والاقتصادية العالمية واختلال في صفوف مجموعة "أوبك+" بداية من سنة 2022، وكنتيجة حتمية لذلك فلا يوجد سوى خاسرين إذا سجلت أسعار النفط معدلات 20 إلى 30 دولارًا.

هل هذا الأمر مرشح للحدوث؟

أستبعد حدوث هذا الأمر على المدى البعيد، كونه سعرًا لن يستفيد منه أي طرف بما في ذلك الاقتصاد العالمي.

حديثك يعوّل على "أوبك+" القيام بضبط سوق النفط العالمية وتوازنها.. كيف ترى دورها؟

منظمة "أوبك" ومجموعة "أوبك+" خصوصًا حققت نجاحًا خلال السنوات القليلة الماضية، وتبني الهدف ذاته خلال الاجتماع الأول من نوعه المنظم بالجزائر سنة 2016، وفي مرحلة ثانية في شهر أبريل/نيسان من سنة 2020 حين اعتمدت على إستراتيجية لا تتوجه إلى "ضبط" السوق النفطية فحسب، كما يعتقد البعض، وإنما إلى "مراقبة ومرافقة" هذه السوق لصالح المنتجين، والمستهلكين والاقتصاد العالمي على العموم، وتجنب المقاربة والتنسيق المعتمدة التي سمحت بتجنب الأسوأ، وبالتالي لا بد من المحافظة عليها.

لكن قرار تخفيض الإنتاج ينظر إليه البعض أنه كانت له نتائج سلبية على اقتصادات البلدان المنتجة للنفط.

يرى وزير الطاقة الجزائري السابق، عبد المجيد عطار، أن هذا الأمر له 3 معايير أساسية:

  1. الأول يتعلق بالسبب الذي فرض هذا التخفيض، إذا كان يتعلق بتفادي انهيار أسعار النفط كما حدث في شهر أبريل/نيسان 2020، أو العمل على ضمان استقرار السعر في مستويات مقبولة كما تقوم به مجموعة "أوبك+" حاليًا، فإنّ النتائج سلبية بالتأكيد، خاصة على البلدان ذات الاقتصاد الريعي 100%، ولكن تسمح بتجنب السيناريوهات الأسوأ وحث البلدان المعنية على تسريع وتيرة التحول الاقتصادي والخروج من التبعية للمحروقات.
  2. الثاني يرتبط بقدرات الإنتاج بالمقارنة مع الاحتياجات الداخلية للبلدان المنتجة، ومن ثمة فإنّ التأثير سيكون كبيرًا وواضحًا للعيان بالنسبة إلى المنتجين الصغار، لا سيما إذا كان اقتصادهم يقوم على الريع النفطي بصفة شبه كاملة، وهي الوضعية التي خلفت بعض المشكلات على مستوى مجموعة "أوبك+".
  3. الثالث يرجع إلى تسطير هدف محتمل لدفع سعر النفط نحو الارتفاع، وهو ما يحول المسعى إلى إستراتيجية حرب أسعار وليس حصصًا، وفي حالة نجاح هذه الخطوة من المفترض أن يعوض الانخفاض المحسوس في الإنتاج على المدى القصير والمتوسط أيضًا.

وتعكف أوبك+ في الوقت الراهن على بناء إستراتيجيتها قائمة على المعايير الثلاثة، من خلال اتخاذ القرارات المناسبة في كل شهر، فقد نجحت في القضاء على فائض في السوق يُقدر بـ9.6 مليون برميل، بالإضافة إلى حصة معتبرة من المخزون على الصعيد العالمي، ولكن تحقيق الانتصار في مواجهتها لـ"كوفيد-19" لم يتجسد بعد، وهو ما يعكس السياسة التي تتبناها "أوبك+" حاليًا.

كيف تقيّم حجم المخزون والاحتياطيات العالمية من النفط، وهل يمكن التنبؤ بناء على مجموعة المعطيات بمستقبل سعر النفط؟

كان من الممكن في وقت سابق القيام بهذا الأمر، ولكن ليس على سبيل الدقة، والسبب أنّ ساحة الطاقة العالمية كانت تخضع لجملة من المعطيات الأساسية:

  • العرض: وهو مرتبط بصفة وثيقة مع الاحتياطيات والقدرات الإنتاجية، بيد أنّه عادة ما يكون متأثرًا بالمنافسة بين المنتجين.
  • الطلب: يتعلق باحتياجات الدول الأكثر تطورًا والمستهلكين الكبار، وهو الأساس الذي يتأثر في الغالب بالممارسات المضاربة في السوق البترولية.

وتُضاف إلى هذه العوامل المستجدات الجيوسياسية والاقتصادية، كونها تفاجئ المعادلة وتسبب لها الاضطراب، ولكن خلال العقدين الأخيرين هناك عوامل جديدة لها علاقة مع القطاع الطاقوي أو حتى من خارجها بدأت في الظهور لخلط أوراق هذه المعادلة بين العرض والطلب.

هناك في البداية فاعلون أكثر في مجال الطاقة واحتياطيات جديدة من المحروقات التقليدية وغير التقليدية، غيّرت خارطة العالم الطاقوية من احتياطيات المخزون، وأفرزت حجمًا جديدًا من المنتوج أدى في نهاية المطاف إلى تذبذب في السوق، كما هو الشأن بالنسبة إلى الإنتاج الأميركي من الغاز والنفط الصخري، في حين يعتقد البعض أنّ هذا الأمر قد يمتد على مستوى مناطق أخرى من العالم.

وعلى هذا الأساس، يوجد في العالم ما يكفي من احتياطيات الغاز والنفط، ولكن بما أنّ الطاقة تُعد المحرك الأول للتطور، فلا يمكن إلاّ امتلاكها، وضبطها أو امتلاك الإمكانيات المالية والمادية لاقتنائها أو تطويرها من مختلف مصادر الطاقة المتوفرة.

وأعتقد بالمقابل أنّ السوق العالمية تفتقر إلى التوازن بين الوضعيات الثلاثة، فالطلب مصدره الدول المستهلكة المفتقرة إلى مصادر الطاقة، في حين توجد هذه الأخيرة في أيدي المنتجين الذين لا يستهلكون منها سوى النزر القليل، غير أنّ تبعيتهم شبه المطلقة إلى قطاع الريع، وبالتالي التأثير المستمر على وضعية السوق العالمية، أو التسبب أحيانًا في نزاعات تكون لها هي الأخرى تبعات على بورصة النفط.

ومن الناحية المقابلة، الكثير من الخبراء -إن لم نقل أغلبهم- لا يؤمنون بمستقبل المحروقات غير التقليدية (الغاز والنفط الصخري) لأسباب اقتصادية وبيئية، ويتوقعون تسجيل ذروة في النفط من ناحية الإنتاج والمخزون في آفاق سنة 2026، يضاف إليها الغاز الطبيعي بحكم أنّ المؤشرات تتجه لاعتباره مصدر الطاقة الأساس خلال هذه المدة وما بعدها.

يأتي ذلك مع تنامي مستويات الوعي بشأن تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، وترتفع الأصوات المطالبة بضرورة البحث عن مصادر جديدة للطاقة النظيفة، ومن ثمة التأثير على السياسة الاقتصادية للطاقة والسوق النفط العالمية تبعًا لذلك، كما يمكن أن تخلف هذه المعطيات في المستقبل استحداث سوق للغاز منفصلة تمامًا عن سوق النفط، وهو ما يلاحظ منذ الآن عبر ارتفاع مستوى تبادل الغاز الطبيعي المسال، في لا بد من أخذ مؤشر أسعار هذا المورد الطاقوي في أوروبا وآسيا حاليًا في الاعتبار.

ويُضاف إلى جميع هذه العوامل معيار الشك، جراء تداعيات الأزمة الصحية العالمية على بورصة المحروقات وسعر النفط، وهو ما يجعل من الصعب "التكهن" بمستقبل السوق خلال مدة أكثر من سنة أو على المدى المتوسط، على الرغم من أن بعض المحللين يعتقدون أنّ أسعار النفط سترتفع في سنة 2022، لتسجل متوسط 100 دولار للبرميل، في حين تبقى مرتبطة بجملة المعطيات المشار إليها في السابق.

من هو عبد المجيد عطار؟

عبد المجيد عطار، هو بروفيسور، ومستشار دولي وخبير اقتصادي جزائري، عينه الرئيس عبد المجيد تبون، وزيرًا للطاقة بتاريخ 23 يونيو 2020 خلفًا لمحمد عرقاب.

قبل توليه وزارة الطاقة، تقلد عبد المجيد عطار، مناصب عدة، منها الرئيس التنفيذي السابق لشركة سوناطراك، ووزير الموارد المائية في الجزائر

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق