المغرب يتفوق على الجزائر في مواجهة آثار تغير المناخ
تقرير دولي يرصد جهود الرباط في خفض الانبعاثات
ياسر نصر
يحتل المغرب مكانة مميزة بين دول العالم، في جهود مكافحة آثار التغير المناخي وخفض الانبعاثات، من خلال خطة طموحة للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، والتي تستهدف الاستحواذ على نسبة 52% من إجمالي قدرات الكهرباء بحلول عام 2030.
وفي هذا الإطار، أظهر تقرير أداء المناخ 2022، الذي نُشِر بالتزامن مع فعاليات قمة المناخ كوب 26، تحقيق المغرب مكانة مميزة بين الدول؛ إذ جاء ضمن قائمة أفضل 10 دول في إجراءات مواجهة الآثار الناجمة عن تغير المناخ.
جاء المغرب في المرتبة الثامنة بين دول العالم في نسخة 2022 من مؤشر أداء تغير المناخ، وفي المرتبة الثانية بعد الدنمارك والسويد والنرويج والمملكة المتحدة؛ إذ لم تُمنح المراكز الـ3 الأولى في التصنيف الجديد؛ نظرًا لأنه "لا يوجد بلد في العالم يؤدي أداءً جيدًا بما يكفي في جميع فئات المؤشر للحصول على درجة إجمالية عالية جدًا"ـ بحسب التقرير.
وصف الإصدار الأخير من مؤشر أداء تغير المناخ، الذي نُشر الثلاثاء الماضي، المغرب باعتباره "الرائد الطموح" في مفاوضات المناخ الدولية؛ إذ تصنف الرباط بأنها في صدارة مجموعة الدول التي تبذل أكبر قدر من الجهود للتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، وفقًا لاتفاقية باريس 2015.
من بين 68 دولة شملتها الدراسة، تشارك بنحو 92% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، يحتل المغرب المرتبة الثامنة في العالم برصيد إجمالي 71.64 نقطة، في المراكز الـ10 الأولى متقدمًا على فرنسا وألمانيا وإسبانيا والصين واليابان.
التفوق على الجزائر
على المستوى القاري، يعد المغرب إلى حد بعيد البلد الأفضل أداءً، متقدمًا على مصر (المرتبة الـ21)، وجنوب أفريقيا (المرتبة الـ39) والجزائر (المرتبة الـ53).
ويحتل المغرب مرتبة عالية في معظم الفئات، من بينها انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، واستخدام الطاقة، وسياسة المناخ، كما صُنِّف اتجاه الطاقة المتجددة في البلاد على أنه مرتفع.
وحدَّث المغرب مساهمته المحددة وطنيًا في عام 2021، والذي شهد تحسنًا طفيفًا في مستهدفاته من 42% إلى 45.5% لخفض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول عام 2030، وهي معدلات مرتفعة للغاية، كما يشير التقرير.
يرى خبراء مؤشر أداء التغير المناخي إمكانات ممتازة لإنتاج الطاقة المتجددة في المغرب؛ إذ يُنفَّذ حاليًا العديد من مشروعات الطاقة المتجددة واسعة النطاق في إطار المخطط المغربي للطاقة الشمسية.
وتهدف الخطة المغربية إلى زيادة قدرة الطاقة الشمسية المركبة من الخلايا الكهروضوئية ومن الطاقة الشمسية المركزة إلى 20% من السعة المركبة بحلول عام 2030.
ويهدف برنامج طاقة الرياح المغربي المتكامل إلى زيادة قدرة طاقة الرياح المركبة إلى 20% من إجمالي السعة المركبة بحلول عام 2030.
يسلط خبراء مؤشر أداء التغير المناخي الضوء على الإمكانات الممتازة لإنتاج الطاقة المتجددة في المغرب، مشيرين إلى أن هناك أيضًا فرصة لانتقال الطاقة اللامركزية.
وللرباط العديد من التجارب الناجحة في مجال تحول الطاقة؛ من بينها افتتاح أول قرية تعمل بالطاقة الشمسية بالكامل ومستقلة بالشبكة في أفريقيا في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وتحديد هدف إنتاج 52% من احتياجاتها من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، فضلًا عن مساعي خفض استهلاك الطاقة بنسبة 15% بحلول عام 2030، من خلال تعزيز كفاءة الطاقة.
يعد مؤشر أداء تغير المناخ -الذي يُنشَر سنويًا منذ عام 2005- هو أداة مراقبة مستقلة لتتبع أداء حماية المناخ في أكثر من 60 دولة، ويهدف المؤشر إلى تحسين شفافية سياسة المناخ الدولية ويجعل من الممكن مقارنة الجهود والتقدم الذي يحرزه كل بلد من حيث حماية المناخ.
تحول الطاقة
يقود المغرب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال مشروعات الطاقة المتجددة؛ إذ تشعر الرباط بشكل متزايد بآثار تغير المناخ.
ومن المتوقع أن يكون لتغير المناخ في المغرب تأثير كبير، وستظهر الآثار الرئيسة في النظام الزراعي ومصايد الأسماك، التي توظف نصف السكان وتشكل 14% من الناتج المحلي الإجمالي.
قالت زميلة أبحاث في مبادرة هارفارد الشرق الأوسط، ياسمين أبوالزهور: "يعتمد اقتصاد المغرب بشكل كبير على الزراعة ومصايد الأسماك والسياحة - جميع القطاعات التي تتأثر بتغير المناخ"، حسبما ذكر تقرير لقناة الجزيرة.
وحولت الرباط الأزمة إلى فرصة وأصبحت من رواد سياسة المناخ، ليس فقط في المنطقة ولكن على مستوى العالم؛ إذ وُضِعت خطط طموحة منذ سنوات موضع التنفيذ لتأمين مستقبل المغرب.
نفذت الحكومة العديد من الإستراتيجيات الوطنية لتعزيز إدارة المياه، وتعزيز استخدام موارد المياه غير التقليدية وتحديث أنظمة الري، كما استثمرت بكثافة في بناء السدود لنقل المياه من المناطق الشمالية إلى المناطق الجنوبية القاحلة.
تشير أبوالزهور إلى أنه بُذِلَ جهد كبير لتجديد الغابات، بما في ذلك إعادة إسكان أكثر من 130 ألف هكتار (320 ألف فدان).
الطاقة المتجددة
بحلول عام 2030، يخطط المغرب لتوليد 52% من الكهرباء من الطاقة المتجددة – 20% من الطاقة الشمسية ، و20% من الرياح، و12% من الطاقة الكهرومائية.
ورفع المغرب الدعم عن وقود الديزل والبنزين وزيت التدفئة، ويبذل جهودًا للتركيز على ممارسات مستدامة لطبقة المياه الجوفية والمحيطات.
تضيف أبوالزهور: "وفقًا للبيانات المتاحة، يمكن للمغرب أن يصل إلى هدفه المتمثل في توليد 52% من طاقته من الطاقة المتجددة بحلول عام 2024، أي قبل الموعد النهائي الأصلي بـ6 سنوات".
من جانبها، قالت الأستاذة المشاركة في جامعة محمد السادس متعددة التقنيات ونائبة رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فاطمة دريوش: "يحقق المغرب إنجازات عظيمة من خلال مشروعاته للطاقة المتجددة"، حسبما ذكرت قناة الجزيرة.
أزمة تغير المناخ
بالتزامن مع مساعي قمة المناخ كوب 26 -المنعقدة بمدينة غلاسكو في إسكتلندا، بحضور مسؤولين من نحو 200 دولة- لوضع حلول لمواجهة الاحتباس الحراري، أوضح أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن التغيرات الأخيرة في المناخ واسعة الانتشار وسريعة ومكثفة، وأن حجمها غير مسبوق منذ آلاف السنين.
وعلى الرغم من أن جميع مناطق العالم تتأثر بتغير المناخ؛ فإن التحدي الذي يواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مهم بشكل خاص؛ حيث تقول دريوش: "من المتوقع أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ظروفًا حارة أكثر من اليوم، وستكون التغييرات أكثر حدة في ظل سيناريوهات الانبعاثات العالية مقارنة بالظروف المنخفضة".
وأوضحت أنه من المتوقع أن يزداد الجفاف الزراعي والبيئي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكذلك في منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكملها وأجزاء أخرى من أوروبا".
موضوعات متعلقة..
- المغرب.. الطاقة المتجددة تتفوق على الوقود الأحفوري بدءًا من 2025
- كوب 26.. المغرب يرفع مساهمته لخفض غازات الاحتباس الحراري بحلول 2030
- المغرب الأول في الطاقة المتجددة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا
اقرأ أيضًا..
- مع قفزة أسعار النفط.. خزائن 5 دول عربية تنتعش بقوة (إنفوغرافيك)
- تحديث - وزير الطاقة السعودي يطالب العالم بدعم الدول النامية لمواجهة تغير المناخ (فيديو)