التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةرئيسيةطاقة متجددةوحدة أبحاث الطاقة

شهادات الطاقة المتجددة في السعودية.. أداة لدعم الكهرباء النظيفة وتسريع الاستثمار

وحدة أبحاث الطاقة - سامر أبووردة

تُعدّ شهادات الطاقة المتجددة إحدى الأدوات السوقية المهمة التي تُوظّف عالميًا لدعم التوسع في توليد الكهرباء النظيفة.

وتمثّل كل شهادة وحدة مقدارها 1 ميغاواط/ساعة من الكهرباء المُولَّدة من مصدر طاقة متجددة، إلى جانب خصائصها البيئية غير المرتبطة بالطاقة نفسها، مثل خفض انبعاثات غازات الدفيئة.

ووفقًا لأحدث تقرير صادر عن مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية في السعودية (كابسارك)، حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، لا تقتصر وظيفة شهادات الطاقة المتجددة على توثيق مطابقة استهلاك الكهرباء مع توليدها من مصادر نظيفة، بل تمتد لتؤدي دورًا تحفيزيًا في تطوير مشروعات إضافية للطاقة المتجددة، إذا ما أدّى ارتفاع الطلب إلى زيادة أسعار هذه الشهادات.

وفي هذا الإطار، تبرز السعودية بوصفها حالة ذات خصوصية، في ظل مستهدفها رفع مساهمة مصادر الطاقة المتجددة إلى نصف مزيج القدرة الكهربائية بحلول عام 2030، ضمن تحوّل هيكلي واسع يشهده قطاع الطاقة.

ما هي شهادات الطاقة المتجددة؟

شهادة الطاقة المتجددة هي أداة تُثبت ملكية الخصائص البيئية والاجتماعية والكربونية للكهرباء المُولَّدة من مصدر متجدد، وتُصدر شهادة واحدة مقابل كل ميغاواط/ساعة من الكهرباء النظيفة.

ونظرًا لعدم إمكان تمييز الكهرباء داخل الشبكة وفق مصدرها، تؤدي هذه الشهادات دورًا محوريًا في تتبّع ملكية التوليد المتجدد ومنع ازدواجية الادعاءات، إذ لا يمكن لمستهلكين مختلفين المطالبة بالكهرباء نفسها.

وتُعدّ شهادات الطاقة المتجددة الأداة المعتمدة التي يستعملها المستهلكون لإثبات استهلاكهم للكهرباء النظيفة ضمن شبكة كهرباء مشتركة.

مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك"
مقرّ مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية "كابسارك"

أنواع شهادات الطاقة المتجددة

تنقسم أنواع شهادات الطاقة المتجددة إلى نوعين رئيسين:

  1. الشهادات الطوعية: تشتريها الشركات أو الأفراد لتحقيق أهداف الاستدامة أو المسؤولية الاجتماعية دون التزام قانوني مباشر، وغالبًا ما تكون أقل تكلفة.
  2. شهادات الامتثال: تُنشأ لتلبية متطلبات تنظيمية، مثل معايير مزيج الطاقة المتجددة، وتخضع لإطار تنظيمي أكثر صرامة، ما يجعلها أعلى تكلفة.

ويمكن لكلا النوعين أن يُكمّل الآخر عبر زيادة الطلب على الكهرباء المنتجة من المصادر المتجددة، بشرط ضغط الطلب على العرض.

شهادات الطاقة المتجددة في السعودية

تسعى السعودية إلى تحقيق توازن متساوٍ بين قدرات التوليد من مصادر الطاقة المتجددة والحرارية، مع تنويع التقنيات المتاحة، التي تشمل الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والطاقة الشمسية المركّزة، والطاقة الكهرومائية المعتمدة على ضخ مياه البحر، والطاقة الحرارية الأرضية، إلى جانب طاقة الرياح.

وتستحوذ الطاقة الشمسية الكهروضوئية على 93.5% من إجمالي توليد الكهرباء المتجددة في المملكة، التي تمتلك حاليًا 23 غيغاواط قيد التشغيل أو الإنشاء، إضافة إلى 28.5 غيغاواط من القدرات المتجددة المطروحة للتطوير.

ويمثّل هذا الزخم أساسًا ملائمًا لتفعيل أدوات قائمة على السوق، مثل شهادات الطاقة المتجددة، لدعم استمرار التوسع في المشروعات، وتخفيف الاعتماد على الحوافز المباشرة.

وتحظى شهادات الطاقة المتجددة باهتمام متزايد لدى صُنّاع السياسات في السعودية لسببين رئيسين، هما:

  1. دعم الشركات المحلية في تحقيق أهداف خفض انبعاثات النطاق الثاني المرتبطة بالكهرباء المستهلكة.
  2. تحفيز تركيب قدرات إضافية من الكهرباء المتجددة تتجاوز المستهدفات الحكومية.

غير أن تحقيق هذا الدور التحفيزي مرهون بتجاوز الطلب على الكهرباء النظيفة مستويات العرض المستهدفة رسميًا.

أمّا في حالة توافر فائض من التوليد المتجدد داخل النظام، فلن تؤدي الشهادات بالضرورة إلى استثمارات إضافية.

محطة الشعيبة 1 للطاقة الشمسية
محطة الشعيبة 1 للطاقة الشمسية - أرشيفية

الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة

تشير الدراسات إلى وجود علاقة إيجابية بين ارتفاع الطلب المؤسسي على الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة، وارتفاع أسعار شهاداتها، وزيادة الاستثمار في مشروعات الكهرباء النظيفة.

وتعزّز شهادات الطاقة المتجددة جاذبية السوق السعودية أمام المستثمرين الأجانب، خاصة للشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة، إذ تُظهر الأبحاث تحسُّن تقييم هذه الشركات عند شرائها للشهادات، نتيجة تعزيز قدرتها التنافسية في مواجهة التشريعات البيئية، مثل رسوم الكربون على الواردات، وتغيّر تفضيلات المستهلكين عالميًا.

في المقابل، لا تُظهِر الشركات منخفضة الاستهلاك للطاقة، مثل المؤسسات المالية، استفادة ملموسة من شراء الشهادات.

وفي السياق نفسه، أظهرت دراسات دولية أنّ توافر الطاقة المتجددة يجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما تدعمه أدلة كمية خاصة بالسعودية تؤكد الأثر الإيجابي للطاقة المتجددة في جذب الاستثمارات.

العلاقة بين الشهادات وسعر الكربون

رغم تشغيل السعودية سوقًا طوعية للكربون، لا يوجد سعر إلزامي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الشركات، ومع ذلك، تتوافق شهادات الطاقة المتجددة مع سياسات تسعير الكربون.

فارتفاع سعر الكربون يزيد جاذبية تقنيات الطاقة المتجددة مقارنة بمحطات التوليد الحرارية، ما يرفع المعروض من الكهرباء النظيفة ويُخفّض السعر اللازم لشهادات الطاقة المتجددة لتحفيز الاستثمارات الجديدة.

وقد أظهرت دراسات دولية أن الجمع بين تداول الشهادات الخضراء وتداول الكربون يؤدي إلى خفض تكاليف كل منهما مقارنة بتطبيق كل أداة على حدة.

أسعار شهادات الطاقة المتجددة في السعودية

اعتمد تحليل مركز كابسارك لأسعار شهادات الطاقة المتجددة في السعودية، على نموذج داخلي لنظام الطاقة، مع اختيار عام 2030 بوصفه سنة مرجعية لتحقيق مستهدفات القدرات المتجددة.

وتُظهر نتائج النمذجة أن السعر المتوقع لشهادات الطاقة المتجددة قد يبلغ نحو 25 دولارًا أميركيًا لكل ميغاواط/ساعة، وهو مستوى كفيل بتوفير إيرادات إضافية تدعم تطوير مشروعات جديدة.

كما يشير التحليل إلى أن نطاق أسعار يتراوح ما بين 24.6 و26.1 دولارًا أميركيًا لكل ميغاواط/ساعة يمكن أن يحفّز استثمارات تصل إلى 17 غيغاواط إضافية، متجاوزة القدرات المخطط تشغيلها حاليًا.

أمّا في حالة ارتفاع السعر إلى 35.4 دولارًا أميركيًا لكل ميغاواط/ساعة، فقد تُحفَّز استثمارات إضافية تصل إلى 51 غيغاواط، ما يعكس الإمكانات الكبيرة لهذه الأداة إذا ما فُعِّلت ضمن إطار تنظيمي مناسب.

شهادات الطاقة المتجددة في نظام الكهرباء السعودي

في ظل غياب أسواق بيع بالجملة أو التجزئة للكهرباء في السعودية، تُعدّ اتفاقيات شراء الطاقة الآلية الرئيسة لعمل منتجي الكهرباء المتجددة.

وغالبًا ما تشمل هذه الاتفاقيات نقل ملكية شهادات الطاقة المتجددة، التي تُستعمل لإثبات أن الكهرباء المشتراة وُلِّدت من مصدر نظيف، وتتعهد الشركة السعودية لشراء الطاقة "المشتري الرئيس"، بشراء الكهرباء بأسعار متفق عليها مسبقًا.

ويُنتج كل مشروع طاقة متجددة مسجّل شهادة واحدة لكل ميغاواط/ساعة من الكهرباء المولدة، ويمكن نقل الشهادات مع الكهرباء أو بشكل منفصل، وفق بنية الاتفاقية.

وتُراجع حاليًا النماذج العالمية لأسواق شهادات الطاقة المتجددة لتقييم إمكان تطبيقها في السعودية، ومن أبرزها النموذج التايواني، الذي تديره هيئة حكومية مركزية.

ويُلزم هذا النموذج المنتجين والمستهلكين بالدفع للمشاركة في المنصة، ويمنع ازدواجية الاستفادة من برامج الحوافز أو تداول الكربون، كما يعتمد آلية دقيقة لتسجيل الطلب والعرض، وتحديد الأسعار، وإتمام نقل الشهادات، بما يضمن الشفافية والانضباط.

محطة سدير للطاقة الشمسية
محطة سدير للطاقة الشمسية – الصورة من الشركة السعودية لشراء الطاقة

الخلاصة:

تشير نتائج التحليل إلى أن شهادات الطاقة المتجددة يمكن أن تشكّل أداة فعّالة قائمة على السوق لدعم التوسع في الكهرباء النظيفة بالسعودية، وجذب استثمارات إضافية تتجاوز المستهدفات الحالية، بشرط وضع إطار تنظيمي محكم يضمن النزاهة البيئية ويمنع ازدواج الاحتساب.

وفي ظل تسارع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، قد تمثّل هذه الشهادات رافعة مهمة لتعزيز تنافسية الاقتصاد السعودي وترسيخ موقعه في سلاسل القيمة منخفضة الكربون.

ورغم فوائدها، تواجه شهادات الطاقة المتجددة انتقادات تتعلق بفاعليتها الفعلية في خفض الانبعاثات، إذ أظهرت بعض الدراسات أن الإرشادات المحاسبية الحالية قد تؤدي إلى ازدواج احتساب خفض الانبعاثات.

كما تشير أبحاث أخرى إلى أن المطابقة السنوية بين العرض والطلب قد لا تحقق خفضًا إضافيًا ملموسًا للانبعاثات، مقارنة بالمطابقة على أساس زمني أدقّ، مثل كل ساعة.

موضوعات متعلقة..

نرشّح لكم..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق