خطط الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط.. خفض الانبعاثات ليس المحرّك الأبرز (تحليل)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- استثمارات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ترتفع 62% خلال 3 سنوات
- وكالة الطاقة الدولية ترفع توقعاتها لنمو قدرة الطاقة المتجددة في المنطقة بنسبة 25%
- أغلب دول المنطقة تستهدف التوسع في الطاقة المتجددة لأسباب اقتصادية وليست بيئية
- استعمال الطاقة المتجددة في تحلية المياه والزراعة يسيطر على خطط السعودية والمغرب
- التوسع في الطاقة المتجددة لن يؤدي بالضرورة إلى خفض إنتاج الوقود الأحفوري في المنطقة
شهد قطاع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توسعًا في الخطط المعلنة، بقيادة السعودية ومصر اللتين تخططان لإضافة قدرات كبيرة بحلول عام 2030.
ورغم التوسع، فإن أهداف أغلب دول المنطقة من تسريع نشر الطاقة المتجددة تبدو مرتبطة بالأمن الاقتصادي أكثر من خفض الانبعاثات، بحسب تحليل حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وتأخَّر قطاع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتطوير البنية التحتية المتصلة لسنوات طويلة، لكن دول المنطقة أصبحت أكثر إدراكًا لأهمية تنويع مصادر الطاقة مع تفاقم ضغوط تغير المناخ على الزراعة والمياه.
وانعكس الاهتمام على زيادة الاستثمارات الموجهة لمشروعات الطاقة المتجددة بالمنطقة بنسبة 62%، أو ما يعادل 8 مليارات دولار، خلال السنوات الـ3 الأخيرة، لتصل إلى 21 مليار دولار في عام 2024.
ومن المتوقع ضخ استثمارات جديدة في قطاع الطاقة المتجددة بالمنطقة تصل إلى 75 مليار دولار خلال المدة من 2025 إلى 2030.
أهداف الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط
بناءً على الاستثمارات المخططة، يتوقع التحليل الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS) -مقرّه لندن-، تضاعُف قدرة الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 4 مرات بحلول عام 2030.
كما رفعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو سعة الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 25% خلال السنوات الـ5 المقبلة، وهو أكبر تحديث إقليمي للتوقعات على مستوى العالم.
ومع ذلك، لا تمتلك جميع دول المنطقة القدرة نفسها لتنويع مصادر الطاقة وتأمين الطلب المتزايد على الكهرباء، فبينما تستهدف السعودية إضافة 20 غيغاواط من قدرة الطاقة المتجددة سنويًا والوصول إلى 130 غيغاواط بحلول عام 2030، تكافح دول أخرى تعاني من الصراعات أو عدم الاستقرار السياسي لمواكبة هذا التطور والتكيف مع ضغوط تغير المناخ.

كما تبدو حوافز دول المنطقة في التقدم بمسارات الطاقة المتجددة تتجاوز مسائل خفض الانبعاثات، حيث تشكّل آثار تغير المناخ في التربة وأنظمة المياه تهديدًا كبيرًا للزراعة والأمن الغذائي، ومن ثم لاقتصادات دول المنطقة.
لهذا السبب يُنظر إلى الطاقة المتجددة بوصفها مصادر للتكيف مع أمن الطاقة اللازم للحفاظ على الإنتاج الزراعي وإمدادات المياه في منطقة تعاني شح المياه، وليس بوصفها مصادر للتحول الطاقي بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وتشير توقعات التحليل إلى أنّ تفاقم مشكلة ندرة المياه قد يؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي في السعودية بنسبة 65% بحلول عام 2050، مقارنة بالمستويات الحالية، وهي أكبر الخسائر المتوقعة في المنطقة لهذا السبب، يليها اليمن التي سينخفض إنتاجها الزراعي بنسبة 35%، وسوريا بنسبة 13%.
وفي عام 2023، استعملت مصادر الطاقة التقليدية في تحلية مياه البحر أو ضخ المياه الجوفية لريّ 44.7% من الأراضي الزراعية في السعودية، مع الاعتماد على وقود الديزل بنسبة 98%.
وتسعى السعودية إلى تحويل مصادر الطاقة المستعملة في التحليل أو الضخ أو معالجة مياه الصرف الصحي إلى الطاقة المتجددة، لعدّة أهداف، أبرزها تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي، وخفض استيراد الأغذية، وتعظيم عائدات تصدير النفط عبر خفض استهلاكه في قطاع الطاقة المحلي.
كما يبدو تفكير المغرب في الطاقة المتجددة مشتركًا إلى حدٍّ ما، خاصةً أن اقتصاد الرباط غير هيدروكربوني، ويعتمد على الواردات، ما يشكّل نقطة ضعف اقتصادية ملحّة، خاصة مع ترابط العلاقة بين الغذاء والماء والطاقة.
ونظرًا لأن القطاع الزراعي المغربي يوظّف 40% من القوى العاملة في البلاد، فإن خطة البلاد لتطوير الطاقة المتجددة التي تستهدف إضافة 24 غيغاواط بحلول عام 2030، تتكامل مع الخطة الوطنية للمياه (2020-2050) التي تبلغ قيمتها 45 مليار دولار، وتستهدف استدامة النظام الغذائي، من خلال التوسع في محطات تحلية المياه العاملة بالطاقة المتجددة.
إضافة إلى ذلك، يسعى المكتب الوطني للكهرباء ومياه الشرب إلى دمج سلسلة القيمة الخاصة بتصنيع الأسمدة مع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتوسيع أنظمة التخزين بالضخ الكهرومائي، ما يقلل من التعرّض لتقلّبات سلسلة التوريد.
على الجانب الآخر، تواجه بعض البلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالات من النزاعات، وعدم الاستقرار السياسية، وسوء الإدارة المالية، ما أضعف قدرتها التنافسية على جذب الاستثمار الأجنبي وتطوير موارد الطاقة المتجددة على نطاق واسع.
ويُنظَر إلى العراق ولبنان بوصفهما حالات نموذجية لهذه الفئة من الدول، وهو ما ينعكس على ضعف قدرات الطاقة المتجددة العاملة في البلدين، فضلًا عن ضعف الاستثمار وزيادة التحديات التي تواجه المشروعات القائمة أو المحتملة.
الطاقة المتجددة لن تُخفض إنتاج الوقود الأحفوري
يبدو النهج الأساسي لتطوير قدرات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نهجًا جيوسياسيًا واقتصاديًا في جوهره، وليس بيئيًا، بحسب تحليل المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية.
ويستند التحليل إلى أن دول المنطقة ما زالت تتحكم في 30% من إمدادات النفط العالمية، كما أن إستراتيجياتها الوطنية لا تستهدف التخلص من الوقود الأحفوري، بل ترفض ذلك في مؤتمرات المناخ المتعاقبة، وآخرها قمة المناخ كوب 30 المنعقدة في البرازيل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وما يزال مزيج الكهرباء في المنطقة يعتمد على الغاز الطبيعي والنفط بنسبة 90%، رغم تسارع نمو قدرة الطاقة المتجددة في أكثر من بلد خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك السعودية.
ويوضح الرسم التالي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطور مزيج الكهرباء في السعودية خلال عامي 2023 و2024:

ورغم التوقعات التي تشير إلى أن الطلب على الكهرباء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيرتفع بنسبة 50% بحلول عام 2035، فإن التوسع السريع في قدرة الطاقة المتجددة لن يؤدي بالضرورة إلى خفض إنتاج الوقود الأحفوري في المنطقة، بحسب التحليل.
خطط الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط
تقود السعودية خطط الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط بمشروعات في مراحل تطوير مختلفة تبلغ قدرتها 51 غيغاواط بحلول 2030، تليها مصر والمغرب وعمان والإمارات.
وتوضح القائمة التالية قدرة مشروعات الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المخططة حتى عام 2030:
- السعودية: 51 غيغاواط
- مصر: 41 غيغاواط
- المغرب: 23.8 غيغاواط
- عُمان: 22.5 غيغاواط
- الإمارات: 20.6 غيغاواط
- العراق: 7.8 غيغاواط
- الكويت: 4.5 غيغاواط
- سوريا: 4.3 غيغاواط
- الجزائر: 3.4 غيغاواط
- قطر: 2.9 غيغاواط
موضوعات متعلقة..
- قدرة الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط قد تقفز إلى 200 غيغاواط بحلول 2030
- توقعات مزيج الكهرباء في الشرق الأوسط.. حصة الطاقة المتجددة قد تبلغ 35%
- الطلب على الكهرباء لتحلية المياه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يرتفع 3 مرات
اقرأ أيضًا..
- الطاقة المتجددة في المنطقة العربية خلال 2025.. السعودية تتصدر ومصر وعُمان تقودان التوطين
- حقل أفروديت للغاز يستعد للتصدير إلى مصر بقرار جديد
- مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر في السعودية يقترب من الإنجاز
المصدر:
تحليل أهداف الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط، من المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية





