يشهد مشروع غاز الناصرية والغراف تقدّمًا لافتًا ضمن خطط العراق الرامية إلى تعظيم استثمار الغاز المصاحب، في إطار مساعٍ حكومية لخفض الحرق، وتعزيز إمدادات الوقود لمحطات الكهرباء، ودعم استقرار منظومة الطاقة الوطنية.
وبحسب بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فقد أعلنت شركة غاز الجنوب وصول جميع المعدّات التخصصية اللازمة لأعمال النصب والتركيب، مع المباشرة الفعلية بالتنفيذ الميداني، بالتعاون مع شركة بيكر هيوز العالمية ذات الخبرة الواسعة.
ويحظى مشروع غاز الناصرية والغراف بمتابعة مباشرة من وكيل وزارة النفط لشؤون الغاز الدكتور عزت صابر إسماعيل، وإشراف ميداني من مدير عام شركة غاز الجنوب علي سلمان مجيد، إلى جانب الإدارة العليا، ما يعكس أولوية إستراتيجية واضحة.
وأكدت وزارة النفط أن هذا التقدم ينسجم مع توجُّه حكومي أوسع لتطوير مشروعات الغاز في العراق، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتعظيم الاستفادة من الموارد الوطنية، بما يحقق قيمة اقتصادية مضافة، ويعزز أمن الطاقة على المديين المتوسط والطويل.
الأعمال التنفيذية والجدول الزمني
أكد عزت صابر إسماعيل أن مشروع غاز الناصرية والغراف دخل مرحلة تنفيذية متقدمة، مع انطلاق أعمال نصب وتركيب المعدّات التخصصية، عقب اكتمال وصولها، وبالتعاون الفني مع شركة بيكر هيوز العالمية.
وأوضح أن الأعمال تسير وفق الجداول الزمنية المخطط لها بدقّة، مع التزام الوزارة وشركة غاز الجنوب باستكمال جميع المتطلبات الفنية والإنشائية، تمهيدًا لتدشين التشغيل الابتدائي خلال الربع الأول من عام 2027.
وبيّن أن الطاقة الاستثمارية للمشروع تُقدَّر بنحو 200 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يوميًا، ستُستَثمَر تدريجيًا ضمن التصاميم المعتمدة، بما يعزز إمدادات الوقود للشبكة الوطنية، ويدعم استقرار منظومة الكهرباء.
يُعدّ مشروع غاز الناصرية والغراف من المشروعات الإستراتيجية ذات الأولوية القصوى، نظرًا لدوره في تقليل حرق الغاز المصاحب، وخفض الانبعاثات البيئية، وتحسين كفاءة إدارة الموارد الهيدروكربونية.
من جهتها، أكدت إدارة شركة غاز الجنوب، أن التنسيق المستمر مع الجهات الفنية والاستشارية يهدف إلى ضمان الالتزام بالمعايير العالمية، وتجاوز التحديات التشغيلية، وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة خلال مراحل التنفيذ المختلفة.
ويُتوقع أن يسهم اكتمال هذه الأعمال في تحويل كميات كبيرة من الغاز المحروق إلى مورد اقتصادي فعّال، يعزز منظومة الطاقة، ويدعم خطط التنمية المستدامة للاقتصاد الوطني، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
دور الحقول في منظومة الطاقة العراقية
يمثّل مشروع غاز الناصرية والغراف رقمًا مهمًا في منظومة الطاقة العراقية، إذ تعوّل عليه بغداد لخفض الاعتماد على الغاز المستورد من الخارج، وتوفير كميات ضخمة من الكهرباء، بما يحقق الاكتفاء الذاتي في البلاد.
ويُعدّ حقل الناصرية أحد الحقول العملاقة غير المطورة بالكامل، إذ اكتُشف عام 1973، وبدأ الإنتاج التجريبي في يونيو/حزيران 2009، وتشير التقديرات غير الرسمية إلى احتياطيات مؤكدة تتجاوز 4.4 مليار برميل من النفط الخام، بخلاف الغاز المصاحب.
وفي أغسطس/آب 2025، وقّعت وزارة النفط اتفاقية مبادئ مع شركة شيفرون الأميركية لتطوير رقع استكشافية ضمن حقل الناصرية، في إطار خطط توسعية تهدف إلى زيادة الإنتاج وتعظيم الاستفادة من الموارد المصاحبة.
أمّا حقل الغراف، فقد اكتُشف عام 1984 في محافظة ذي قار، ويُعدّ من الحقول الكبيرة التي لم تُستغل بالكامل، بسبب ظروف سياسية وأمنية سابقة، رغم ما يتمتع به من إمكانات واعدة من النفط والغاز الطبيعي.
وتشير بيانات التطوير إلى أن احتياطيات حقل الغراف ارتفعت من نحو 863 مليون برميل عند الاكتشاف، إلى قرابة 1.3 مليار برميل، بالإضافة إلى نحو 47 تريليون قدم مكعبة من الغاز المصاحب، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتمنح هذه الأرقام مشروع غاز الناصرية والغراف أهمية خاصة ضمن خطط دعم محطات الكهرباء، وتقليل فجوة الوقود، وتحقيق استقرار الإمدادات، في ظل الطلب المتزايد على الطاقة داخل العراق.
ويعكس دمج تطوير الحقول مع مشروعات استثمار الغاز توجّهًا إستراتيجيًا طويل الأمد، يستهدف بناء منظومة طاقة أكثر كفاءة واستدامة، تقلّل الهدر البيئي، وتدعم النمو الاقتصادي الوطني.
اقرأ أيضًا..
- احتياطي النفط الإستراتيجي في كوريا الجنوبية يصل لـ100 مليون برميل
- 5 حقول غاز عربية تشهد أحداثًا مهمة في 2025
- حقل نورس.. كيف تطور إنتاج أحد أهم حقول الغاز في مصر؟ (تقرير)
المصادر:
- بيان شركة غاز الجنوب
- خبر من وكالة الأنباء العراقية عن موعد انطلاق المشروع
- تقرير عن حجم الاحتياطيات في حقل الغراف ومراحل تطويرها، من "غلوبال إنرجي مونيتور"
- بيانات التطوير وزيادة إنتاج حقل الناصرية، من وزارة النفط العراقية
