التقاريرالهيدروجين في الدول العربيةحصاد 2025رئيسيةسلايدر الرئيسيةملفات خاصة

تراجع مشروعات الهيدروجين الأخضر عالميًا يصيب 3 دول عربية في 2025

سامر أبووردة

واجهت مشروعات الهيدروجين الأخضر حول العالم عامًا ثقيلًا في 2025، بعدما بدأت موجة التأجيلات والإرجاءات وإعادة التقييم تضرب أسواق الطاقة النظيفة، لتمتد آثارها سريعًا إلى الخطط العربية الطموحة.

وعلى الرغم من أن المنطقة كانت تراهن على عشرات الاتفاقيات والوعود الاستثمارية لاقتناص موقع مبكر في هذا القطاع، فإن التحولات العالمية في الطلب وتكاليف الإنتاج دفعت العديد من الشركات والحكومات إلى إعادة النظر في برامجها.

وتظهر المؤشرات أن الضبابية لا تزال مهيمنة على مستقبل القطاع، في ظل فجوة واسعة بين الطموحات والواقع التجاري الذي يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

ووفقًا لبيانات مشروعات الهيدروجين الأخضر في الدول العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن العديد من الشركات الدولية أعادت تقييم محافظها الاستثمارية على خلفية تراجع الجدوى الاقتصادية، ما تسبّب في تأخير خطوات رئيسة في المنطقة العربية، من بينها مشروعات ذات أهمية إستراتيجية لدى الحكومات.

وفي هذا السياق، يبرز مثال الإمارات ومصر وسلطنة عمان بوصفها نماذج لما يحدث عالميًا.

ولا ترتبط التحديات الراهنة بعامل واحد، بل بمجموعة من الضغوط السوقية والمالية والتنظيمية التي أعادت خلط الأوراق في أسواق الوقود منخفض الانبعاثات. فالتباطؤ الواضح في التزامات الشراء الدولية، إلى جانب التحول المتسارع نحو أنشطة جديدة كثيفة الاستهلاك للكهرباء مثل مراكز البيانات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، دفع الشركات المطورة إلى إعادة توجيه قدراتها نحو قطاعات ذات عوائد أسرع.

وتتجه الأنظار الآن إلى طبيعة الخطوات التالية في المنطقة، ولا سيما أن الحكومات العربية كانت ترى في مشروعات الهيدروجين الأخضر أحد أهم محركات التنويع الاقتصادي والتحول الطاقي خلال العقد المقبل، غير أن ما حدث خلال عام 2025 كشف حجم الفجوة بين التصورات النظرية والجاهزية الفعلية للسوق.

تأخير خطط "مصدر" الإماراتية

بدأت الإمارات تشعر بوضوح بآثار التباطؤ العالمي، بعد أن أعلنت شركة مصدر إعادة توجيه مليارات الدولارات من مشروعات الهيدروجين الأخضر نحو تعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات.

ويعكس التحول تغيرًا جوهريًا في أولويات الاستثمار، إذ بات الطلب على الكهرباء في مراكز البيانات ينمو بوتيرة تفوق التوقعات، ما دفع الشركة إلى إعادة تخصيص كهرباء مشروع شمسي ضخم بقيمة 6 مليارات دولار لصالح تلك المراكز بدلًا من تحويلها إلى جزيئات وقود نظيفة.

وقال الرئيس التنفيذي لـ"مصدر"، محمد جميل الرمحي، إن السوق العالمية لم تُظهر الطلب الكافي لتبرير المضي قدمًا في خطط إنتاج مئات آلاف الأطنان من الأمونيا الخضراء، مشيرًا إلى أن قطاع الهيدروجين يعاني انسحاب شركات كبرى، بينها شركة النفط البريطانية "بي بي" التي خرجت من مشروع قيمته 36 مليار دولار في أستراليا.

وبذلك، تبتعد الإمارات خطوة إضافية عن هدف إنتاج مليون طن سنويًا بحلول 2031، ولا سيما أن الشركة لم تحصل بعد على أي موافقة استثمار نهائية داخل الدولة.

ويوضح الرسم الآتي -من إعداد منصة الطاقة- ترتيب الدول العربية وفقًا لعدد مشروعات الهيدروجين المعلنة، اعتمادًا على بيانات منظمة أوابك:

مشروعات الهيدروجين العربية المعلنة بنهاية سبتمبر

مشروع سكاتك للهيدروجين الأخضر في مصر

في مصر، تجددت التأجيلات المتعلقة بمشروع شركة سكاتك النرويجية، الذي كان يُعدّ أحد أوائل مشروعات الهيدروجين الأخضر المخطط تنفيذها في البلاد.

ورغم أن المشروع بدأ باتفاقية عام 2021، فإنه لم يتجاوز نطاق التشغيل التجريبي بقدرة 15 ميغاواط حتى الآن، في حين أرجأت الشركة مرة أخرى اتخاذ القرار الاستثماري النهائي، إلى جانب مشروع آخر بقدرة 290 ميغاواط من الطاقة المتجددة.

وتشير تصريحات الرئيس التنفيذي لسكاتك إلى أن تسريع الإنتاج يعتمد على زيادة قدرات الطاقة المتجددة وتحسين الشبكات، وهو ما يثير تساؤلات حول سرعة التنفيذ مقارنة بالطموحات المُعلنة.

وفي سياق متصل، نفى وزير الكهرباء المصري، في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أن تكون تأجيلات مشروعات الهيدروجين نتيجة "عدم جدوى"، مؤكدًا أن جميع الدراسات مستمرة دون تعطّل، وأن البلاد لا تزال ترى في القطاع فرصة إستراتيجية.

ومع ذلك، لا تخفي الجهات الرسمية إدراكها للتحديات العالمية التي أثّرت في وتيرة انتشار مشروعات الهيدروجين الأخضر، لا سيما بعد تباطؤ الالتزامات في أسواق التصدير الدولية.

محطة الهيدروجين التابعة لسكاتك النرويجية في مصر
محطة الهيدروجين التابعة لسكاتك النرويجية في مصر - الصورة من موقع سكاتك

تأجيل مشروعَي هيدروجين في سلطنة عمان

لم تكن سلطنة عمان بعيدة عن موجة التحديات، بعدما أعلنت شركة هيدروجين عمان "هايدروم" تأجيل مشروعَيْن من أصل 9 مشروعات كانت الدولة تعوّل عليها لتأمين إنتاج سنوي يبلغ مليون طن من الوقود النظيف بحلول 2030.

وجرى التأجيل بالتوافق مع الشركات المطورة، بما فيها بي بي وإنجي وبوسكو، في ظل مخاوف تتعلق بعدم التوازن بين العرض والطلب عالميًا.

وجاء ذلك بالتزامن مع انسحاب "بي بي" من عدد من مشروعات الهيدروجين الأخضر حول العالم، وهو ما ربطته هايدروم بإعادة ترتيب الشركة أولوياتها الاستثمارية.

ورغم استمرار 7 مشروعات أخرى، فإن تأجيل مشروعَيْن رئيسَيْن يؤكد أن السوق لا تزال تواجه اختبارًا صعبًا في تحقيق الجدوى التجارية المطلوبة، ولا سيما في ظل تراجع التزامات المشترين الدوليين.

الهيدروجين الأخضر
صورة توضح محطة لتوليد الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان - الصورة من موقع enterprise

مستقبل مشروعات الهيدروجين الأخضر العربية

تشير الصورة العامة إلى أن العالم العربي يتأثر مباشرة بحالة عدم اليقين التي تخيم على مشروعات الهيدروجين الأخضر عالميًا.

وتجمع الدلائل على أن القطاع يحتاج إلى إعادة ضبط في التوقعات، وربما تسريع تطوير الحوافز والأسعار التنافسية، إلى جانب ضمان التزامات شراء مستقرة قبل المضي في استثمارات بمليارات الدولارات.

فالمنطقة تمتلك موارد ضخمة من الشمس والرياح تجعلها مؤهلة للريادة في قطاع الهيدروجين الأخضر، لكن التجربة العالمية خلال 2025 أوضحت أن الطاقة النظيفة -مهما كانت جاذبيتها البيئية- تظل رهينة اقتصادات السوق وقواعد العرض والطلب.

وقد يمهد استيعاب هذه الحقيقة لرؤية أكثر واقعية يمكن البناء عليها في الأعوام المقبلة، سواء للبلدان العربية أو لشركائها الدوليين في هذا المجال.

موضوعات متعلقة..

نرشّح لكم..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق