تقارير الهيدروجينسلايدر الرئيسيةهيدروجين

تكلفة واردات الأمونيا الخضراء والهيدروجين.. 6 دول عربية في دراسة حديثة

دينا قدري

تبرز الأمونيا الخضراء بوصفها وسيطًا إستراتيجيًا في سلاسل إمداد الطاقة النظيفة؛ حيث تُستعمل بكفاءة بوصفها سلعةً صناعيةً وناقلًا للهيدروجين.

فعلى سبيل المثال، تُقدّم واردات الأمونيا الخضراء حلًا واعدًا في ألمانيا؛ حيث يُتوقع أن يتجاوز الطلب على الهيدروجين الطاقة الإنتاجية المحلية بكثير.

لذا، قدّم باحثون ألمان تحليلًا تقنيًا واقتصاديًا لسلاسل إمداد الأمونيا الخضراء، وقارنوا بين المسارات الأكثر فاعلية من حيث التكلفة من الإنتاج العالمي إلى المستهلكين الأوروبيين، وجرى تقييّم الأمونيا جنبًا إلى جنب مع ناقلات الهيدروجين البديلة.

ووفق الدراسة التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يبقى الهيدروجين الغازي الخيار الأكثر اقتصادية للاستيراد بالنسبة لأوروبا، على الرغم من أن ميزة الأمونيا من حيث التكلفة تتقلص تدريجيًا مقارنةً بالهيدروجين المسال، من 16% في عام 2030 إلى 10% بحلول 2040.

وخلصت الدراسة إلى أن موردي الأمونيا التنافسيين، ولا سيما المغرب والإمارات والولايات المتحدة، يستفيدون من انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة، مع توقعات بانخفاضات كبيرة في الأسعار بحلول عام 2040، مدفوعة بتراجع تكاليف الكهرباء وأجهزة التحليل الكهربائي وتقنيات التحويل.

سلاسل إمداد الأمونيا الخضراء في أوروبا

تقدم الدراسة تحليلًا تقنيًا واقتصاديًا شاملًا لسلاسل إمداد الأمونيا الخضراء، تغطي العملية بأكملها، بدءًا من توليد الكهرباء في 10 دول مرشحة للتصدير في المستقبل (الجزائر وأستراليا وتشيلي والمغرب والنرويج وسلطنة عمان والسعودية وتونس والإمارات والولايات المتحدة)، وصولًا إلى مواقع الاستهلاك العامة والتجريبية في أوروبا.

ووصف الباحثون ورقتهم البحثية بأنها الأولى من نوعها التي تُقدّم منهجًا لحساب التكاليف من مواقع الإنتاج الدولية إلى مواقع الاستهلاك المحلية.

وعرض الباحثون نموذجين متميزين، لكنهما مترابطان؛ ما يتيح مرونة في دمج الافتراضات الخارجية:

  • أولًا: يغطي نموذج "من البئر إلى الحدود" إنتاج ونقل الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر دوليًا إلى حدود الدولة المستوردة.
  • ثانيًا: يركز نموذج "من الحدود إلى المستهلك" على التوزيع الداخلي، مع مراعاة معايير مواقع المستهلكين مثل مستويات الطلب ومسافات النقل.

ونظرًا إلى أن الهيدروجين الغازي لا يزال الخيار الأرخص للاستيراد؛ فقد أكد الباحثون أن إعطاء الأولوية لبنية خطوط الأنابيب التحتية يُسهم في تقليل تكاليف الاستيراد، ولا سيما بالنسبة لمستهلكي الهيدروجين على نطاق واسع.

ومع ذلك، لا تزال للأمونيا إمكانات كبيرة بوصفها سلعة أولية تعتمد على الهيدروجين الأخضر، ما يُسهم بشكل كبير في خفض انبعاثات الكربون في الطلب المباشر الحالي والمستقبلي على الأمونيا.

وينبغي لواضعي السياسات إدراك الأهمية الإستراتيجية للأمونيا في جهود خفض انبعاثات الكربون الفورية وتطبيقاتها المباشرة، مع الموازنة الدقيقة بين استثمارات البنية التحتية قصيرة الأجل ومخاطر الأصول غير المستغلة في مرافق تكسير الأمونيا على المدى الطويل.

علاوةً على ذلك، تُعد الأمونيا وسيلة استيراد أكثر مرونة: أولًا، يمكن زيادة تكاليف الاستثمار تدريجيًا لكل سفينة على حدة، وثانيًا، يمكن تغيير مسار السفن.

وفي المقابل، تتطلب خطوط أنابيب الهيدروجين تكاليف إجمالية أعلى وإمكانات محدودة للغاية لإعادة توجيه التدفقات.

الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء
أحد مواقع إنتاج الهيدروجين والأمونيا - الصورة من منصة Innovx

الدول العربية بقائمة أفضل المُصدّرين

تناولت الدراسة الافتراضات الرئيسة لإنتاج الهيدروجين في الدول المُصدِّرة، حيث تُفصِّل أولًا كيفية تحديد خصائص وإمكانات الطاقة المتجددة، ثم تصف المعايير التقنية والاقتصادية.

واختيرت 10 دول مُصدِّرة (الجزائر وأستراليا وتشيلي والمغرب والنرويج وسلطنة عمان والسعودية وتونس والإمارات والولايات المتحدة) لتغطية تنوع إمكانات الطاقة المتجددة، والمسافات، وسياقات التجارة الثنائية.

وبينما يُناسب المغرب والنرويج وسلطنة عمان النقل عبر خطوط الأنابيب أو الشحن لمسافات قصيرة، تستفيد الدول المُصدِّرة الأبعد، مثل أستراليا وتشيلي، من وفرة موارد الطاقة المتجددة، لكنها تواجه تكاليف نقل أعلى.

وقد أُدرجت الولايات المتحدة والإمارات لزيادة واقعية السيناريو، نظرًا إلى اتفاقياتهما المُبرمة مع ألمانيا.

الأمونيا

على الرغم من اختلاف عتبات الطلب في الاتحاد الأوروبي بمقدار 26 ضعفًا؛ فإن تأثير ذلك في أسعار الاستيراد ضئيل، إذ لا تتجاوز الزيادة 20%.

وتُعدّ تشيلي والإمارات والولايات المتحدة من أكثر مُصدّري الأمونيا إلى أوروبا فاعلية من حيث التكلفة.

وتنخفض أسعار استيراد الأمونيا بنحو 13% مع مرور الوقت، ويعود ذلك جزئيًا إلى انخفاض تكاليف الكهرباء (-12%) والبطاريات (-7%) وأجهزة التحليل الكهربائي (-18%) وعمليات التحويل (-4%).

علاوةً على ذلك، يُشجع ارتفاع الاستهلاك المتوقع في عام 2040 على زيادة الاستيراد من الإمارات والولايات المتحدة؛ ما يُعزز من تنافسيتهما الاقتصادية.

الهيدروجين المسال

كما هو الحال مع الأمونيا، يبقى العرض ثابتًا، مع زيادات طفيفة في التكلفة بنسبة 6% فقط عبر سيناريوهات الطلب المختلفة؛ ما يؤكد استقرار العرض.

أما المُصدّرين الأكثر فاعلية للهيدروجين المسال من حيث التكلفة، فهم المغرب والإمارات والولايات المتحدة.

وتؤدي تكاليف الشحن المرتفعة للهيدروجين المسال إلى تقليص مسافات النقل في بعض الدول المستوردة؛ فعلى سبيل المثال، يُخفض الاستثمار في المغرب عام 2040 تكاليف الشحن بنسبة 8%.

وبحلول عام 2040، من المتوقع أن تنخفض أسعار استيراد الهيدروجين المسال بنسبة 18%، مدفوعةً بانخفاض تكاليف الكهرباء (15%)، والبطاريات (19%)، والتحليل الكهربائي (18%)، والتسييل (15%).

الهيدروجين الغازي

يظل منحنى العرض للهيدروجين الغازي مستقرًا نسبيًا، مع زيادات طفيفة في التكلفة عبر سيناريوهات الاستهلاك المختلفة، حيث لا تتجاوز الزيادة 11%.

وقد تم تحديد المغرب بوصفه أكثر المُصدّرين فاعلية من حيث التكلفة، والقادر على تغطية كامل طلب الاتحاد الأوروبي بفضل إمكاناته العالية في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح البرية.

وهناك انخفاض إجمالي ملحوظ في أسعار الواردات بحلول عام 2040، بنسبة 15%، مدفوعًا بشكل أساسي بانخفاض تكاليف البطاريات (10%)، والتحليل الكهربائي (17%)، والكهرباء (13%).

مع ذلك، يُقابل هذا الانخفاض ارتفاع في تكاليف خطوط الأنابيب الداخلية والدولية (19% أو 1.78 يورو (2.08 دولارًا)/ميغاواط ساعة)، حيث تُستعمل مواقع إنتاج أبعد لتلبية الطلب المتزايد في عام 2040.

محطات تكسير الأمونيا
إحدى محطات تكسير الأمونيا - الصورة من منصة "هيدروجين إنسايت"

تكاليف واردات أوروبا من الأمونيا

أشارت الدراسة إلى أن تكاليف واردات أوروبا من الأمونيا تتأثر بمزيج من تكاليف الإنتاج والنقل، مع وجود اختلافات إقليمية كبيرة تؤثر في قدرتها التنافسية بوصفها سلعة طاقة متداولة عالميًا.

وتُقيِّم الدراسة -التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة- فاعلية تكلفة الأمونيا مع الهيدروجين المسال والهيدروجين الغازي، لتكشف عن عدة نتائج بالغة الأهمية؛ إذ تشير النتائج التجريبية إلى أن الاستهلاك النهائي هو الذي يُحدِّد إلى حد كبير وسيلة الاستيراد الأمثل.

ويُفضِّل مستهلكو الأمونيا استيرادها مباشرةً، على الرغم من أن الهيدروجين الغازي أرخص عند الحدود؛ ويعود ذلك في المقام الأول إلى فاعلية تكلفة الأمونيا في النقل والاستهلاك المباشر.

وفي المقابل، يُفضِّل مستهلكو الهيدروجين استيراده؛ حيث يختار المستهلكون على نطاق واسع النقل عبر خطوط الأنابيب للتوزيع الدولي والمحلي.

أما مستهلكو الهيدروجين الأصغر حجمًا، فيعتمدون عمومًا على الهيدروجين المسال المنقول محليًا، مع إمكان نقل كميات محدودة جدًا منه على شكل أمونيا في بعض الأحيان.

وعلى مستوى سلسلة التوريد "من البئر إلى الحدود"، يُعدّ الهيدروجين الغازي الخيار الأمثل من حيث التكلفة للاستيراد في عامي 2030 و2040.

وبينما ما تزال الأمونيا تتمتع بميزة سعرية مقارنةً بالهيدروجين المسال، فإن التطورات التقنية في مجال التسييل والنقل تُقلّص هذه الفجوة من 16% في عام 2030 إلى 10% في عام 2040.

ويستفيد موردو الأمونيا التنافسيون (وخاصةً المغرب والولايات المتحدة والإمارات) استفادةً كبيرة من انخفاض تكاليف الطاقة المتجددة وجاهزيتهم التقنية المتقدمة، بحسب ما جاء في الدراسة، التي نشرتها منصة "ريسيرش غيت" (Research Gate).

ومن المتوقع أن تنخفض أسعار الاستيراد بشكل ملحوظ بحلول عام 2040 نتيجةً لانخفاض التكاليف المرتبطة بالكهرباء (-13%)، وأجهزة التحليل الكهربائي (-17%)، وتقنيات التحويل (-4%).

ويُوضح تحليل سلسلة التوريد "من الحدود إلى المستهلك" أن طريقة التوزيع الأمثل تعتمد بشكل كبير على طلب المستهلك ومسافة النقل.

فالشاحنات هي الخيار الأمثل للطلب المنخفض، والنقل بالسكك الحديدية مناسب للمسافات المتوسطة والطلب المعتدل، في حين تُعدّ خطوط الأنابيب الأكثر فاعلية من حيث التكلفة للمسافات الطويلة وحالات الطلب المرتفع.

بينما تظل الأمونيا الخيار الرئيس لنقل الهيدروجين بالنسبة للمستهلكين، فإن دورها وسيطًا لنقل الهيدروجين محدود ويتضاءل بحلول عام 2040، وفق ما أكده الباحثون في دراستهم.

لذا، قد تكون فائدة الأمونيا بوصفها سلعةً وسيطةً لنقل الهيدروجين مؤقتة، وقد تنطوي الاستثمارات في البنية التحتية لتكسير الأمونيا على خطر تحولها إلى أصول غير مستغلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق