دوائر الجن تتصدر تقنيات الطاقة في 2025.. ونتائج بحثية مثيرة
سامر أبووردة

تتقدم دوائر الجن واجهة الابتكار في تقنيات قطاع الطاقة خلال 2025، بعدما انتقلت من كونها ظاهرة جيولوجية غامضة إلى أداة علمية دقيقة تُستعمَل في استكشاف الهيدروجين الطبيعي، أحد أنظف مصادر الطاقة المرشحة لإحداث تحوّل مهم في مزيج الطاقة العالمي خلال العقود المقبلة.
ويأتي التحول في سياق عالمي يشهد سباقًا محمومًا نحو حلول طاقة منخفضة الانبعاثات، مع سعي الدول والشركات إلى مصادر طبيعية مستدامة تقلّ تكلفتها الرأسمالية والتشغيلية مقارنة بالحلول التقليدية.
وتشير تقديرات علمية حديثة إلى أن احتياطيات الهيدروجين الطبيعي غير المكتشفة قد تتجاوز 5 تريليونات طن، ما يفتح الباب أمام مورد طاقة قادر على دعم تحول الطاقة عالميًا إذا ما أُحسِن تحديد مكامنه واستغلاله اقتصاديًا.
ووفقًا لمسح لأبرز تقنيات الطاقة في 2025، أجرته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، شكّل العام نقطة انعطاف في التعامل مع المؤشرات الجيولوجية السطحية، بعد أن أثبتت دراسات ميدانية ونماذج حاسوبية متقدمة أن بعض الظواهر الطبيعية تحمل مفاتيح استكشاف موارد طاقة واعدة بأدوات منخفضة التكلفة.
تقنيات الطاقة في 2025
يكشف استعراض أبرز تقنيات الطاقة في 2025 مشهدًا متنوعًا تتقاطع فيه الجيولوجيا مع الهندسة والفيزياء النووية والابتكار البيئي، غير أن دوائر الجن تتصدّر هذا المشهد بوصفها أداة استكشافية واعدة قد تغيّر قواعد البحث عن الهيدروجين الطبيعي عالميًا.
ومع تزايد الاستثمارات في هذه المسارات المتوازية، يبدو أن 2025 لم يكن مجرد عام لتجريب أفكار جديدة، بل محطة تأسيسية لتحولات أعمق في طريقة إنتاج الطاقة واستعمالها، إذ تتقدّم الحلول منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة لتشكّل ملامح مستقبل الطاقة العالمي.
وفيما يلي، نتائج مسح منصة الطاقة، حول أبرز تقنيات الطاقة في 2025:
دوائر الجن.. بوابة جيولوجية للهيدروجين الطبيعي
أعادت دوائر الجن الزخم إلى ملف الهيدروجين الطبيعي خلال 2025، بعدما كشفت دراسة أعدّتها جامعة فيينا بتمويل من شركة "أو إم في" النمساوية (OMV)، ونشرتها مجلة “الجيولوجيا” في 30 مايو/أيار 2025، عن ارتباط مباشر بين هذه التكوينات الدائرية وتسرب الهيدروجين من أعماق الأرض.
وتعتمد الفكرة العلمية على أن تسرُّب الهيدروجين يتفاعل مع المياه الجوفية والرواسب السائبة، ما يؤدي إلى عملية جيوميكانيكية من مرحلتين:
- انتفاخ التربة بفعل ارتفاع الضغط.
- ثم هبوطها عند تراجع التدفق، مخلّفًا دوائر منخفضة خالية من الغطاء النباتي.
وأظهرت النماذج الحاسوبية تطابُق أبعاد دوائر الجن مع مواقع فعلية رُصِدت في روسيا والبرازيل وأستراليا، كما بيّنت أنّ اتّساع قطر الدائرة يرتبط غالبًا بمصدر هيدروجين أعمق وأكثر ضغطًا، وهو ما يمنح الجيولوجيين أداة تقديرية أولية قبل الشروع في عمليات الحفر المُكلّفة.
وتفتح هذه النتائج آفاقًا واسعة أمام استعمال دوائر الجن بديلًا أوليًا للمسوحات الزلزالية، لا سيما في البيئات الصحراوية عالية النفاذية، إذ يمكن رصدها بسهولة عبر صور الأقمار الصناعية، ما يختصر الزمن والتكلفة ويرفع كفاءة عمليات الاستكشاف.

أبرز تقنيات الطاقة في 2025
ضمن مشهد أبرز تقنيات الطاقة في 2025، لا تقف الابتكارات عند حدود الجيولوجيا، بل تمتد إلى حلول هندسية وكيميائية ونووية تعيد تعريف مفهوم إنتاج الطاقة واستعمالها.
وتبرز في هذا السياق مسارات جديدة تشمل مركبات البطاريات الهيكلية، وأنظمة الطاقة الأسموزية، والتقنيات النووية المتقدمة، وفي مقدّمتها المفاعلات المعيارية الصغيرة.
مركبات البطاريات الهيكلية
تقوم مركبات البطاريات الهيكلية على دمج وظيفة تخزين الكهرباء داخل المواد الحاملة للوزن، مثل ألياف الكربون أو راتنجات الإيبوكسي، بدلًا من الاعتماد على وحدات بطاريات منفصلة كما هو الحال في بطاريات الليثيوم أيون التقليدية.
ويتيح النهج تقليل الوزن الإجمالي للمركبات الكهربائية، وتحسين كفاءتها ومدى قيادتها، إلى جانب آفاق تطبيقية في قطاع الطيران، إذ يُعدّ الوزن عاملًا حاسمًا في كفاءة التشغيل واستهلاك الطاقة.
ورغم أن التقنية ما تزال في مراحل التطوير، فإن وضع أطر تنظيمية ومعايير سلامة واضحة قد يمهّد لاعتمادها تجاريًا، بما يحقق مكاسب بيئية واقتصادية مهمة ضمن منظومة أبرز تقنيات الطاقة في 2025.

أنظمة الطاقة الأسموزية
تعتمد الطاقة الأسموزية على استغلال الفارق في الملوحة بين مصدرين للمياه، مثل المياه العذبة والمالحة، لتوليد كهرباء نظيفة ومتجددة.
وعلى الرغم من أن الفكرة طُرِحت لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، فإن التطورات الحديثة في المواد المتقدمة وتصميم الأغشية قرّبتها من التطبيق العملي.
وتنقسم هذه الأنظمة إلى نوعين رئيسين: التناضح العكسي المؤخر بالضغط، والتحليل الكهربائي العكسي، وكلاهما يحوّل حركة المياه والشحنات إلى طاقة كهربائية مستقرة منخفضة الأثر البيئي، في تجسيد عملي لفكرة التوازن الطبيعي للأنظمة البيئية.
المفاعلات المعيارية الصغيرة
تشهد الطاقة النووية عودة قوية ضمن أبرز تقنيات الطاقة في 2025، مدفوعة بتطوير وقود بديل وأنظمة تبريد أكثر أمانًا، إلى جانب المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs)، التي تستهدف خفض التكاليف وتسريع وتيرة الإنشاء وتحسين معايير السلامة.
وقطعت شركة رولز رويس البريطانية خطوة جديدة عبر التعاقد مع شركة “بي دبليو إكس تكنولوجيز” الكندية لتصميم وتوريد مولدات بخارية نووية.
ويعتمد مفاعل رولز رويس على تقنية مفاعل الماء المضغوط بقدرة 470 ميغاواط لكل وحدة، مع عمر تشغيلي لا يقل عن 60 عامًا.
ويُصنّع نحو 90% من مكونات المفاعل داخل المصانع، ما يقلّص زمن البناء في الموقع، ويحدّ من المخاطر والتكاليف، في حين يضم كل مفاعل 3 مولدات بخارية، مستفيدًا من خبرات تراكمية تمتد لعقود في القطاع النووي العالمي.
ووفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، يمكن لكل وحدة من هذه المفاعلات توليد كهرباء تكفي لنحو مليون أسرة لمدة تصل إلى 60 عامًا، مع مستويات أمان مرتفعة بفضل التصميم متعدد الطبقات.

إنتاج الهيدروجين الأخضر من المخلّفات الزراعية
بالتوازي مع الاهتمام بالهيدروجين الطبيعي الذي تشير إليه دوائر الجن، برزت خلال 2025 تقنية هندية مبتكرة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من المخلّفات الزراعية بتكلفة تقلّ عن دولار واحد للكيلوغرام.
وطوّر فريق مركز أبحاث الهيدروجين الأخضر بجامعة السلام العالمية تقنية تعتمد على التحلل الحراري التحفيزي باستعمال محفز نباتي، ما يتيح إنتاج الهيدروجين دون انبعاثات كربونية، ودون الحاجة إلى أنظمة احتجاز الكربون المكلفة.
وتبلغ تكلفة الإنتاج نحو 83 روبية هندية للكيلوغرام (قرابة 0.94 دولارًا)، مقارنة بتكلفة أعلى بكثير لطرق التحليل الكهربائي التقليدية، مع تحقيق كفاءة تصل إلى 12%، مقابل 5-7% للطرق الشائعة لتحويل الكتلة الحيوية إلى غاز.
الإنفوغرافيك التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- يوضح أنواع الهيدروجين المعروفة عالميًا حسب طريقة الإنتاج:

تحويل طاقة الأمواج إلى كهرباء
ضمن أبرز تقنيات الطاقة في 2025، كشفت شركة "سيمفوني ويف باور" الهولندية عن مُحوّل مغمور تحت سطح الماء لتحويل طاقة الأمواج إلى كهرباء، محققًا كفاءة بلغت 500% خلال الاختبارات.
ويعتمد الجهاز على قاعدة مركزية مثبتة في قاع البحر وهيكل عمودي مرن، يفصل بينهما غشاء مطاطي يحتوي على سائل، ومع حركة الأمواج يتحرك الهيكل عموديًا، دافعًا السائل عبر توربين ثنائي لتوليد الكهرباء.
وتعوّل الشركة على بساطة التصميم، وانخفاض التكلفة، وتراجع الحاجة إلى الصيانة، بالإضافة إلى انخفاض البصمة البيئية، مع إمكان ربط 60 مُحوّلًا لتوليد نحو 6 ميغاواط من الكهرباء النظيفة.

موضوعات متعلقة..
- "دوائر الجن" وراء استكشاف الهيدروجين الطبيعي
- النفايات النووية تضاعف إنتاج الهيدروجين 10 مرات.. ابتكار إماراتي
- إنتاج الكهرباء من قطرات المطر.. ابتكار عالمي غير مسبوق
نرشّح لكم..
- تقارير وملفات خاصة من وحدة أبحاث الطاقة
- الطاقة الشمسية في الدول العربية
- تقرير مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية
المصادر:
- دراسة جامعة فيينا حول دوائر الجن، من "جيو ساينس وورلد"
- مولدات بخارية نووية لتطوير المفاعلات المعيارية الصغيرة من رولز رويس، من موقع شركة "بي دبليو إكس"
- ابتكار محول طاقة الأمواج إلى كهرباء صغير الحجم.. وكفاءة 500% في الاختبارات، من إنترستنغ إنجينيرنغ





