مصفاة البترول الأردنية.. توسّعات متدرجة لتقليص الاستيراد
سامر أبووردة

تمثّل مصفاة البترول الأردنية في الزرقاء المرفق الوحيد لتكرير الخام بالمملكة، لكنها تؤدي دورًا رئيسًا في تقليل فاتورة استيراد المنتجات النفطية.
ووفقًا لبيانات قطاع النفط الأردني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بدأت المصفاة عملياتها عام 1961 بطاقة محدودة، ثم توسعت عبر مراحل متعددة لتواكب الطلب المحلي المتزايد على الوقود.
وشهدت المصفاة منذ تأسيسها تطورات متتالية، إذ رُفعت طاقتها الإنتاجية من 7 آلاف برميل يوميًا إلى أكثر من 60 ألف برميل يوميًا، ما جعلها ركيزة أساسية في تأمين احتياجات البلاد من المشتقات النفطية.
ورغم ذلك، بقي قطاع مصافي النفط في الأردن يعتمد على الواردات جزئيًا لتغطية الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، في ظل توسع قطاعات النقل والصناعة.
وتواصل شركة مصفاة البترول الأردنية تنفيذ خطة تطوير شاملة لتحديث وحداتها وتحسين كفاءتها التشغيلية، مع التركيز على تقنيات المعالجة الهيدروجينية والتحطيم بالعامل المساعد لإنتاج وقود نظيف عالي الجودة.
وتسعى الشركة إلى تعزيز أمن الطاقة الوطني عبر مشروع التوسعة الرابعة الذي يُعدّ من أهم المشروعات الإستراتيجية في قطاع التكرير الأردني.
تاريخ مصفاة البترول الأردنية
بدأت مصفاة البترول الأردنية عملياتها في مدينة الزرقاء عام 1961 لتكرير النفط الخام وتأمين احتياجات المملكة.
ومنذ ذلك الحين توسّعت المصفاة عبر 3 مراحل رئيسة في أعوام 1970 و1973 و1982، رُفعت خلالها الطاقة الإنتاجية إلى 8.7 ألف طن يوميًا (61 ألفًا و770 برميلًا يوميًا).
*(الطن الواحد = 7.1 برميلًا من النفط الخام).
تكرر المصفاة حاليًا نحو 5 ملايين طن سنويًا من النفط الخام (خليط من النفط العربي الخفيف السعودي ونفط كركوك العراقي) عبر وحدات التقطير الجوي الـ3، لإنتاج مجموعة واسعة من المشتقات تشمل غاز النفط المسال (غاز الطهي)، والبنزين، والكيروسين (الكاز)، والديزل، ووقود الطائرات، وزيت الوقود، ومادة الأسفلت، والوايت سبيريت، والكبريت.

وحدات مصفاة البترول الأردنية
تضم وحدات مصفاة البترول الأردنية، مرافق متقدمة للتقطير والتحويل والمعالجة؛ إذ بدأت المصفاة الإنتاج من خلال 4 وحدات، هي:
- الوحدة الأولى لتقطير النفط الخام بطاقة 1000 طن يوميًا رُفعت لاحقًا إلى 2400 طن.
- الوحدة الأولى لتقطير المنتجات بالفراغ بطاقة 350 طنًا يوميًا، رُفعت لاحقًا إلى 1200 طن يوميًا من المتبقي السفلي لأبراج التقطير الأولي رقم 1 و2 و3.
- وحدة التكسير باستعمال العامل المساعد بطاقة 200 طن يوميًا، رُفعت لاحقًا إلى 600 طن يوميًا من المواد الثقيلة.
- الوحدة الأولى لإنتاج الأسفلت بطاقة 100 طن يوميًا، رُفعت لاحقًا إلى 300 طن يوميًا.
ومع تنامي الطلب المحلي على المشتقات النفطية في الأردن، استُحدثت الوحدات الآتية:
- الوحدة الثانية لتقطير النفط الخام بطاقة 1600 طن يوميًا.
- الوحدة الثالثة لتقطير النفط الخام بطاقة 10 آلاف طن يوميًا.
- الوحدة الثانية لتقطير المنتجات بالفراغ بطاقة 2400 طن يوميًا من المتبقي السفلي لأبراج التقطير الأولي رقم 1و2 و3.
- وحدة تهذيب النافثا بطاقة 2100 طن يوميًا.
- وحدة تحسين البنزين بطاقة 1400 طن يوميًا.
وتُعد وحدة التكسير الهيدروجيني من أبرز التقنيات الحديثة بطاقة 850 طنًا يوميًا، إذ تحوّل المواد الثقيلة إلى منتجات خفيفة خالية من الكبريت، ما يرفع جودة المشتقات المنتجة، في حين تنتج الوحدة الثانية لإنتاج الأسفلت نحو 500 طن يوميًا.
وتتضمّن المصفاة كذلك وحدات لإنتاج البخار والكهرباء، ما يمكّنها من تشغيل نفسها ذاتيًا. كما تمتلك منظومة متكاملة لمعالجة المياه وإعادة استعمالها في الري والأغراض الصناعية.
مشروع التوسعة الرابعة
تُعَدّ خطة التوسعة الرابعة من أهم مراحل تطوير المصفاة خلال العقد الحالي؛ إذ أعادت شركة مصفاة البترول الأردنية طرح المشروع في سبتمبر/أيلول 2025 بعد توقف دام 7 سنوات، بهدف رفع كفاءة وحدات التكرير وتقليل الاعتماد على الواردات.
وخُفّضت الطاقة المُخططة من 120 ألف برميل يوميًا إلى 73 ألفًا فقط، نتيجة المستجدات الجيوسياسية وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيات الصراع في غزة.

وبحسب بيانات المشروع لدى منصة الطاقة المتخصصة، يركّز المشروع في شكله الجديد على الاستدامة التشغيلية بوصفها بديلًا عن التوسع الكمي، مع مراعاة اتجاهات السوق العالمية نحو الطاقة النظيفة.
ويُتوقع أن يُسهم المشروع في تحسين نوعية المشتقات المنتجة وتوفير فرص عمل جديدة، بالإضافة إلى خفض كميات الوقود المستورد، ما يعزز أمن الطاقة الوطني ويقلّل الضغط على الميزان التجاري.
واردات الأردن من المشتقات النفطية
رغم أن مصفاة البترول الأردنية تغطي جانبًا كبيرًا من الطلب المحلي، فإن المملكة ما تزال تستورد جزءًا مهمًا من احتياجاتها النفطية.
وتأتي غالبية واردات الأردن من السعودية، بحسب اتفاقية موقَّعة بين مصفاة البترول الأردنية وشركة أرامكو منذ عام 2003، وبلغت الكميات 56 ألف برميل يوميًا في عام 2024، كما تستورد البلاد النفط الخام العراقي.
وتشير بيانات عام 2024 إلى انخفاض واردات السولار إلى 910 آلاف طن مقارنة بـ1.002 مليون طن في 2023، كما تراجعت واردات البنزين خلال العام الماضي إلى 756 ألف طن بعد أن كانت 893 ألف طن في 2023.
في المقابل، ارتفعت واردات غاز النفط المسال في 2024 إلى 489 ألف طن من 474 ألف طن في 2023، فيما استقرت واردات الكيروسين عند 22 ألف طن، في حين انخفضت واردات وقود الطائرات إلى 21 ألف طن فقط، مقابل 41 ألف طن في 2023.
الإنفوغرافيك الآتي -من إعداد منصة الطاقة- يستعرض حجم واردات الأردن من المشتقات النفطية (2018-2024):

على صعيد الاستهلاك، ارتفع الطلب على السولار إلى 1.52 مليون طن عام 2024، من 1.49 مليونًا في 2023، في حين انخفض استهلاك البنزين خلال العام الماضي إلى 1.285 مليون طن مقارنة بـ1.32 مليونًا في 2023، وتراجع استهلاك الكيروسين في 2024 إلى 81 ألف طن مقابل 98 ألفًا في 2023.
أما غاز النفط المسال فزاد استهلاكه العام الماضي إلى 562 ألف طن مقارنة بـ497 ألفًا في 2023، في حين ارتفع استهلاك وقود الطائرات خلال العام الماضي إلى 330 ألف طن، مقارنة بـ265 ألفًا في العام السابق.
الإنفوغرافيك أدناه -من إعداد منصة الطاقة- يستعرض استهلاك المشتقات النفطية في الأردن (2018-2024):

إستراتيجية مصفاة البترول الأردنية
تركز مصفاة البترول الأردنية في إستراتيجيتها الجديدة على تقليل الانبعاثات وتحسين كفاءة الطاقة، إذ أُنشئت وحدة لاستخلاص الكبريت بطاقة 23 طنًا يوميًا منذ عام 2015 لتقليل الغازات الضارة، فضلًا عن تبني سياسات لإعادة تدوير المياه واستعمال الطاقة المولدة ذاتيًا.
كما تسعى شركة مصفاة البترول الأردنية إلى تطوير منظومة التسويق الداخلي عبر 3 شركات رئيسة، أبرزها شركة تسويق المنتجات البترولية الأردنية التابعة لها، لتأمين إمدادات مستقرة للأسواق المحلية في المحافظات جميعها.
وتؤكد هذه الخطوات أن الأردن لا يكتفي بدور التكرير التقليدي فحسب، بل يتجه نحو نموذج تشغيلي متكامل يجمع بين الكفاءة البيئية والاقتصادية، مع مراعاة التحول العالمي في قطاع الطاقة.
ومع استمرار مشروع التوسعة الرابعة، تبدو المملكة على أعتاب مرحلة جديدة توازن بين تلبية الطلب المحلي وخفض الاعتماد على الواردات النفطية.
موضوعات متعلقة..
- أين يوجد النفط في الأردن وما حجم الاحتياطيات؟
- مصفاة البترول الأردنية تُخفض طاقة مشروع التوسعة لـ3 أسباب
- إنتاج النفط في الأردن خلال 2024 يتراجع 42%.. وهذه بيانات الغاز (3 رسومات)
نرشّح لكم..
المصادر:
- بيانات مصفاة البترول الأردنية، من الموقع الرسمي للشركة.
- واردات الأردن من المشتقات النفطية، من التقرير السنوي لوزارة الطاقة والثروة المعدنية 2024.





