التقاريرتقارير الهيدروجينرئيسيةهيدروجين

قرية دوريس للهيدروجين الأخضر.. مشروع واعد في ناميبيا يبشّر بعوائد اقتصادية وبيئية (تقرير)

نوار صبح

تمثّل قرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا مشروعًا مجتمعيًا بأهداف بيئية واقتصادية واعدة، إذ تُسهم المجتمعات المحلية في تشغيلها وتستفيد من الوظائف المتاحة، إلى جانب دعم التنمية الاقتصادية في البلاد.

ومن كثبان إيرونغو الرملية الحمراء في ناميبيا إلى قاعات السياسة المناخية الأوروبية الصاخبة، تُجسّد هذه القرية جسورًا بين القارات والطموحات، بحسب التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وتُعدّ قرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا أول مشروع تجريبي مجتمعي متكامل في أفريقيا لتحقيق الحياد الكربوني، يمتد على مساحة 300 هكتار (3 كيلومترات مربعة)، ومن المقرر أن تُغرق الأسواق المحلية بالهيدروجين المحايد كربونيًا، وتُوسّع نطاق إنتاج الأمونيا الخضراء بحلول منتصف عام 2025.

وتعيد هذه القرية الهيدروجينية الخضراء صياغة مفهوم الزراعة المحلية، وتُوفّر أكثر من 1000 وظيفة مستدامة، وتُظهر كيف يُمكن لمشروع طاقة متجددة أن يُعزز النمو دون الاعتماد على الوقود الأحفوري.

داعمو مشروع قرية دوريس للهيدروجين الأخضر

يحظى مشروع قرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا بدعم من شركة إنرسنس إنرجي ناميبيا (Enersense Energy Namibia)، وحكومة ناميبيا، والوزارة الاتحادية الألمانية للبحوث والتطوير "بي إم بي إف" (BMBF)، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "يونيدو" (UNIDO).

ويشرف على المشروع أبرز الخبراء من جامعتَي ناميبيا وشتوتغارت. ويُعد هذا دليلًا على أن تحول الطاقة في ناميبيا ليس مجرد كلام، بل هو واقع ملموس.

وتمتد قرية دوريس للهيدروجين الأخضر على مساحة 3 كيلومترات مربعة من السهول منخفضة التنوع البيولوجي، على مشارف مجمع دوروب الوطني، وتواجه تحديات الريف بكل حزم.

عمليات بناء البيوت الزجاجية بقرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا
عمليات بناء البيوت الزجاجية بقرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا - الصورة من هيدروجين إنسايت

في منطقة إيرونغو في ناميبيا، التي يقطنها نحو 15 ألف نسمة، يبلغ دخلهم السنوي نحو 5 آلاف و80 دولارًا أميركيًا، كان الأمن الغذائي مصدر قلق دائم، وكل قطرة ديزل أو رطل سماد تُثقل كاهل موازنات الأسر.

ومن خلال إنشاء القرية على أرض قاحلة ذات حياة برية محدودة، تجنّب المخططون التحديات البيئية الكبرى، وحرصوا على تطبيق إجراءات حماية المياه، مثل مراقبة المياه الجوفية بدقة، وخطط تحلية المياه الذكية. ويمثّل ذلك عملية موازنة دقيقة، تضمن ألا تطغى الأفكار الكبيرة على النظم البيئية النادرة، بل أن تنسج الصحراء نفسها في قصة نمو مستدام.

قرية تعمل بالطاقة الشمسية والرياح

في جوهره، يُعدّ موقع قرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا مشروعًا مُحسّنًا للطاقة المتجددة، إذ تستقبل صفوف من الألواح الشمسية الكهروضوئية أشعة الشمس نهارًا، وتلتقط توربينات الرياح نسمات المحيط الأطلسي الهادئة ليلًا.

وتُغذّي كل هذه الطاقة مجموعة من أجهزة التحليل الكهربائي التي تُقسّم الماء إلى هيدروجين وأكسجين - محايد كربونيًا.

ومع وجود نحو 80% من التقنية قيد التشغيل حاليًا، يُسابق الفريق الزمن لإنتاج أول هيدروجين وأمونيا خضراء بحلول يوليو/تموز 2025، ما يُثبت أن "هيدروجين ناميبيا الأخضر" ليس مجرد شعار، بل هو نقلة نوعية حقيقية.

ولضمان استمرارية العمل على مدار الساعة، صمّموا المصفوفات لعوامل سعة عالية، تمزج بين دورات الشمس والرياح الساحلية.

بدورها، تُسهّل حزم البطاريات المتطورة وبرمجيات الشبكات الصغيرة عملية التذبذب، بحيث لا تُفوّت أجهزة التحليل الكهربائي أي فرصة لتغذية مصنع الأمونيا، وربما محطة لتزويد الهيدروجين بالوقود قريبًا.

وفي الوقت نفسه، يتعاون مهندسون وطلاب محليون من جامعة ناميبيا مع خبراء زائرين من جامعة شتوتغارت، لتبادل الخبرات وبناء مركز تدريب عملي، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

ويُذكر هذا بأن أفضل الشبكات الخضراء هي تلك التي تُسهم المجتمعات المحلية في تشغيلها.

الجهات الراعية والداعمة لمشروع قرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا
الجهات الراعية والداعمة لمشروع قرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا - الصورة من أوكسبيكرز

من الهيدروجين إلى السماد

يتجلى الإنجاز الحقيقي في تحويل الهيدروجين إلى سماد؛ فباستعمال نظام هابر-بوش النظيف والكهربائي، يتشابك هذا الهيدروجين المحايد كربونيًا مع النيتروجين المستخرج من الهواء لإنتاج الأمونيا الخضراء، وهي اللبنة الأساسية للأسمدة المحايدة كربونيًا.

ومن خلال استبدال آلاف الأطنان من الواردات، يحصل المزارعون على أسعار مستقرة ويخفّضون الانبعاثات المرتبطة بالنقل.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالأمونيا نفسها تتطلّع إلى أن تكون وقودًا نظيفًا للشحن أو مصدرًا احتياطيًا للطاقة.

يُضاف إلى ذلك منشأة معجون طماطم تعمل بالطاقة الشمسية، وتستعمل محاصيل مزروعة محليًا، وتغذّيها هذه الأسمدة الخضراء، لتحصل على نموذج متكامل يجمع الطاقة والكيمياء والزراعة في حلقة واحدة منظمة.

تجدر الإشارة إلى أن ما يُميّز قرية دوريس للهيدروجين الأخضر في ناميبيا هو تصميمها الشامل.

فمن خلال هيئة "دور دامان التقليدية" ومحمية "تسيسيب"، تمتلك المجتمعات المحلية حصة 10%، ما يضمن توجيه الأرباح إلى المشروعات الاجتماعية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق