بسبب تغير المناخ.. 2024 أشد عام سخونة في تاريخ الدول العربية (تقرير)
محمد عبد السند
- يتعيّن على البلدان العربية تكثيف جهودها لمواجهة آثار تغير المناخ
- تسارع معدل الاحترار في البلدان العربية خلال العقود الأخيرة
- تغير المناخ أودى بحياة أكثر من 300 شخص في المنطقة العربية خلال 2024
- منطقة الشرق الأوسط تقع تحت ضغوط شديدة نتيجة ارتفاع الحرارة
- هناك تقدم تحرزه البلدان العربية لمواجهة تغير المناخ
تقف المنطقة العربية على الخطوط الأمامية لآثار تغير المناخ؛ ليصبح لزامًا على حكومات بلدانها تكثيف جهودها لمواجهة مظاهر الطقس المتطرف.
ووفق تقرير حديث صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية "دبليو إم أو" (WMO)، كان 2024 هو العام الأشد سخونة في البلدان العربية، نتيجة تسارع معدل الاحترار في العقود الأخيرة.
وشهدت دول المنطقة كافّة أشكالًا أخرى من الطقس المتطرف، مثل زيادة فترات موجات الحرارة والجفاف والعواصف والفيضانات، تزامنت مع تحدياتٍ اقتصادية واجتماعية مثل تسارع النمو السكاني والعمراني والصراعات والفقر.
وأثرت تداعيات تغير المناخ تلك في قرابة 3.8 مليون شخص في العام الماضي؛ إذ أودت بحياة أكثر من 300 شخص، بسبب موجات الحرارة والفيضانات، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ضغوط شديدة
تقع منطقة الشرق الأوسط تحت وطأة ضغوط شديدة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والطقس المتطرف، وفق تقرير حالة المناخ في المنطقة العربية، وهو الأول من نوعه الصادر عن "دبليو إم أو".
وقال التقرير إن عددًا من البلدان العربية قد رصدت درجات حرارة تزيد على 50 درجة مئوية في العام الماضي، في حين ارتفعت متوسطات درجات الحرارة الإقليمية في عام 2024 عن نظيراتها خلال المدة من عام 1991 إلى عام 2020، بواقع 1.08 درجة مئوية.
وفي معرض تعقيبه على البيانات، قال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيلستو سولو، إن درجات الحرارة المتطرفة التي اتسمت بموجات حرارة شديدة وطويلة الأجل "تضع المجتمع في مواجهة درجات حرارة لا يمكن التكيف معها".
وأضاف: "الصحة البشرية والنظم البيئية والاقتصادات لا يمكنها مواكبة الأوقات الطويلة التي تزيد فيها درجات الحرارة على 50 درجة مئوية".
وأشار إلى أن موجات الجفاف صارت متكررة وأشد من أي وقت مضى في إحدى أكثر مناطق العالم التي تعاني نقص المياه.
وتابع: "في الوقت نفسه شاهدنا فيضانات مدمرة".

مناخ عدائي
رصد تقرير "دبليو إم أو" ارتفاعًا نسبته 83% في الكوارث المسجلة في البلدان العربية خلال المدة بين عامَي 1980 و1999، وبين عام 2000 و2019.
بالإضافة إلى درجات الحرارة القياسية، تشهد 15 من بين أكثر البلدان التي تعاني شُح المياه في العالم، عواصف ترابية عاتية وموجات جفاف مطولة وفيضانات كاسحة.
وفي عام 2024 تفاقمت موجات الجفاف في البلدان الواقعة شمال أفريقيا بعد 6 فصول متعاقبة جافة من هطول الأمطار، لا سيما في المغرب والجزائر وتونس، حسب التقرير.
وفي المقابل تسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة بحصول حالات وفيات ودمار في بلدان أخرى مثل البحرين والإمارات والسعودية.
وزادت صدمات الطقس تلك الضغوط الواقعة على المجتمعات التي تعاني في الأصل صراعات ونموًا سكانيًا وعمرانيًا متزايدًا وهشاشة اقتصادية.
وحذّرت "دبليو إم أو" من أنه دون إجراءات تكيف قوية، ستتعاظم الضغوط تلك مع استمرار درجات الحرارة في مسارها الصعودي.
ويمكن تلخيص نتائج تغير المناخ الواردة في تقرير "دبليو إم أو" على النحو الآتي:
- 2024 كان العام الأشد سخونة في البلدان العربية على أساس سنوي.
- ارتفاع درجات الحرارة بنحو ضعف المتوسط العالمي.
- زيادة شدة الحرارة والجفاف والأمطار الغزيرة في العام الماضي.
- يمتلك قرابة 60% من البلدان العربية حاليًا أنظمة إنذار مبكرة.
- تحث المنظمة العالمية للأرصاد الجوية على إجراء تنسيق أكبر بشأن العمل المناخي.
وتعيد أشكال الطقس المتطرف تشكيل الحياة اليومية في البلدان العربية التي يزداد فيها شُح المياه، في وقت تسرّع فيه درجات الحرارة المرتفعة درجة التبخر، وتؤثر سلبًا في احتياطيات المياه الجوفية.
الحياة اليومية في خطر
تواجه المراكز الحضرية تهديدات متنامية بشأن إمدادات الطاقة وشبكات المياه والصحة العامة، لا سيما بالنسبة إلى الأشخاص العاملين في الخارج أو الذين يعيشون في وحدات سكنية غير رسمية.
وفي المناطق الحضرية تُسهم موجات الجفاف المطولة في تآكل إنتاج الغذاء، وتؤدي إلى خلل في التوازن بين الزراعة واستعمالات المياه محليًا والحماية البيئية.
وأكدت المسؤولة العلمية المساعدة في قسم مراقبة المناخ والسياسات بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كلير رانسومر، أن الحرارة الشديدة ليست سوى شكل واحد من أشكال تهديدات الطقس المتطرفة.
وتابعت: "العواصف الرملية والفيضانات العارمة وأشكال الطقس المتطرف الأخرى وضعت ضغوطًا متناميةً على المجتمعات في البلدان العربية في عام 2024؛ إذ أودت بحياة الكثيرين وأثرت سلبًا في ملايين الأشخاص".
كما أدت تلك الظواهر الجوية إلى خسائر اقتصادية فادحة وتشريد الأسر وتدمير المحاصيل وإرهاق أنظمة الاستجابة للطوارئ التي تتوزع بصورة غير متكافئة في أنحاء المنطقة.

تنسيق الجهود
على الرغم من التحديات التي يفرضها تغير المناخ على البلدان العربية، يسلط التقييم الذي أجرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الضوء على بعض مظاهر التقدم الذي أحرزته المنطقة في هذا الخصوص.
ووفق التقرير، وسّع العديد من البلدان أنظمة الجاهزية والاستعداد، وبدأت زيادة استثماراتها في وسائل التكيف مع آثار تغير المناخ.
وفي هذا الخصوص قالت كلير رانسومر: "ثمة تقدم، وهناك قرابة 60% من البلدان العربية لديها حاليًا أنظمة إنذار مبكر؛ بل يمنح العديد من تلك البلدان أولوية لإستراتيجيات أمن المياه، لمواكبة مخاطر المناخ المتصاعدة التي شهدناها في عام 2024 وما بعده".
وعلى الرغم من جهود التكيف الجارية على قدمٍ وساق، خلص التقرير إلى أن الجهود التعاونية والمستدامة والسريعة فقط ستكون كافية لمنع آثار المناخ المتطرف الذي ساد في عام 2024 من أن تصبح أمرًا عاديًا.
يُشار إلى أن تقرير حالة المناخ في المنطقة العربية 2024 قد أُعِد بوساطة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالشراكة مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا وجامعة الدول العربية.
موضوعات متعلقة..
- تغير المناخ يهدد الصحة النفسية في بريطانيا.. وهذه الفئات الأكثر تضررًا
- علاج تغير المناخ بنكهة نشارة الخشب (مقال)
- تبدل أنماط الإشعاع الشمسي يفاقم تداعيات تغير المناخ في جنوب شرق آسيا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قطر للطاقة تعزز أسطولها من ناقلات الغاز المسال بسفينتين جديدتين
- أسطول الظل يجدد دماءه بناقلات نفط مستعملة.. ويتحدى العقوبات الغربية (تقرير)
- موعد حفر أول بئر استكشافية بالمياه العميقة في ليبيا





