المخاطر الصحية والبيئية لصناعة السيارات الكهربائية.. جدل يتصاعد في الغرب (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- دراسة ألمانيا تختبر الإشعاعات المغناطيسية في السيارات الكهربائية
- دراسة أميركية تختبر انبعاثات الجسيمات الدقيقة في محطات الشحن
- المجتمعات المحلية تشكو شركات التعدين التي تنتج معادن البطاريات
- 835 دعاوى قضائية ضد شركات المعادن النادرة خلال 14 عامًا
استحوذت مخاطر السيارات الكهربائية على اهتمام علمي غربي متصاعد خلال السنوات الأخيرة، وسط مخاوف من تفاقم الآثار المحتملة إذا توسّعت أسواقها حول العالم في المستقبل.
ورصدت وحدة أبحاث الطاقة دراسات علمية عدة تناولت موضوعات المخاطر الصحية لقيادة المركبات الكهربائية، والانبعاثات الصادرة عنها أو من محطات الشحن العامة، وصولًا إلى المخاطر البيئية والاجتماعية لإنتاج المعادن النادرة -المستعملة في صناعة البطاريات- لدى البلدان الفقيرة الغنية بتلك الموارد.
ونظرًا إلى أن طبيعة السيارات الكهربائية مختلفة إلى حد كبير عن نظيرتها التقليدية المألوفة تاريخيًا، فقد كثرت الشكوك المتداولة حول مخاطرها الصحية حتى بين المواطنين في الأسواق الغربية الرائدة.
وخلال السنوات الأخيرة، انتشرت شائعات في ألمانيا حول تسبب المركبات الكهربائية في إصدار إشعاعات كهرومغناطيسية ضارة تؤثر في الصحة العامة لسائقيها، ما دفع وزارة البيئة الفيدرالية إلى تكليف الباحثين بدراسة هذه الأقاويل علميًا واختبارها.
ورغم أن نتائج الدراسة -المعلنة مؤخرًا- جاءت مطمئنة بعض الشيء، بتأكيدها أن السيارات الكهربائية والهجينة والسيارات العاملة بالبنزين تنتج مجالات مغناطيسية أقل من معدلات السلامة المحددة، فقد أوصى الباحثون الجهات المعنية بتحديث معايير القياس لمراعاة الارتفاعات الكهرومغناطيسية القصيرة التي تتجاهلها اللوائح الحالية.
نتائج اختبار إشعاعات السيارات الكهربائية
اختبرت الدراسة 14 طرازًا من السيارات المطروحة في السوق الألمانية خلال المدة من 2019 إلى 2021، منها 11 سيارة كهربائية خالصة (أي عاملة بالبطارية)، وسيارتان هجينتان، وسيارة واحدة عاملة بالبنزين.
وشملت اختبار 4 مركبات ذات العجلتيْن، منها سكوتر كهربائي، ودراجتان ناريتان عاملتان بالبنزين، ودراجة نارية كهربائية، بحسب تفاصيل الدراسة المنشورة على موقع أوتو غايد المتخصص (Auto Guide).
وتوصل الباحثون -بعد اختبار كل المواضع المحتملة بمجسمات استشعار- إلى أن معدلات التعرض الكهرومغناطيسي في السيارات الحديثة، سواء كانت كهربائية أو تقليدية أو مزيج بين الاثنين، لم تصل إلى المستويات الضارة التي يحذّر منها العلماء حتى الآن.
ورغم ذلك، لاحظت الدراسة أن مستويات الإشعاع ترتفع أكثر عند التسارع الشديد أو الكبح أو تنشيط الأنظمة في أثناء بدء التشغيل، لكن لم يصل أي منها إلى العتبات الخطيرة.

على الجانب الآخر، لم تُظهر الدراسة -على غير المتوقع- وجود علاقة واضحة بين نظام الدفع وكثافة المجال الكهرومغناطيسي في مقصورة السيارات المختبرة.
بينما كان لسلوك القيادة تأثير أكبر من قوة المحرك، إذ أدى التسارع الشديد إلى دفعات قصيرة من النشاط العالي للموجات الكهرومغناطيسية، بحسب النتائج التي كشف عنها المكتب الفيدرالي الألماني للحماية من الإشعاع أوائل ديسمبر/كانون الأول 2025.
ورغم ملاحظات ارتفاع مستوى الإشعاع حول القابس عند بدء عمليات الشحن البطيء للسيارات الكهربائية مقارنة بالشحن السريع، فإن المستويات ظلّت ضمن حدود الإرشادات ولم تشكل خطرًا.
على الجانب الآخر، جاءت نتائج اختبار المركبات ذات العجلتَيْن مشابهة لاختبارات السيارات، إذ لم تصل مستويات الإشعاع الكهرومغناطيسي إلى أي حدود خطرة، بحسب نتائج تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وبوجه عام، دحضت الدراسة الشائعات المتداولة حول الآثار الكهرومغناطيسية للسيارات الكهربائية، حيث ظلّ كثيرون يعتقدون أن القيادة فوق البطاريات قد تكون سببًا للتعرض لإشعاعات خطرة تؤثر في القلب والمخ والأعصاب.
انبعاثات محطات شحن السيارات الكهربائية
تمتد مخاطر السيارات الكهربائية من القيادة إلى الشحن، بحسب دراسة أميركية حديثة اكتشفت أن محطات الشحن السريع للسيارات الكهربائية تُصدر تركيزات عالية من الجسيمات الدقيقة غير المرئية بالعين المجردة.
واستندت الدراسة الصادرة عن كلية فيلدنغ للصحة العامة في جامعة كاليفورنيا إلى تحليل الهواء في محيط 50 محطة شحن سريع بمقاطعة لوس أنجلوس التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة.
وأثبتت النتائج أن محيط الهواء في 25 محطة يحتوي على تركيزات عالية من الجسيمات الدقيقة تصل إلى 15.2 ميكروغرامًا لكل متر مكعب.
وهذا المستوى أعلى من مستويات انبعاثات الجسيمات الدقيقة في محطات البنزين العادية، كما يتجاوز إرشادات منظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى تجاوزه المستويات المرصودة في المناطق الحضرية الأخرى.

وعزت الدراسة السبب الرئيس لهذه الظاهرة إلى المراوح المستعملة للتبريد في وحدات توزيع الكهرباء بمحطات الشحن السريع؛ إذ تتسبب هذه المراوح في آثار جانبية غير مقصودة تتمثّل في تشتيت الغبار والجزيئات المتطايرة من تآكل الإطارات والفرامل في الهواء.
المخاطر البيئية والمجتمعية لإنتاج معادن البطاريات
لا تقتصر مخاطر السيارات الكهربائية على القيادة والشحن، وإنما تمتد إلى التأثيرات المجتمعية والبيئية لعمليات إنتاج المعادن النادرة المستعملة في صناعة البطاريات.
وأظهر تقرير حقوقي واسع النطاق -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- حقائق صادمة بشأن تزايد انتهاكات التنقيب عن المعادن النادرة لحقوق الإنسان والبيئة على مستوى العالم.
وبحسب التقرير، بلغ عدد الدعاوى القانونية الحقوقية المرفوعة على شركات تعدين المعادن الأرضية النادرة حول العالم قرابة 835 دعوى خلال المدة (2010-2024)، بسبب انتهاكات حقوق الأرض والمجتمعات المحلية أو تلوث المياه والهواء أو تدمير النظم الحياتية والبيئية.
واستحوذت أميركا الجنوبية على 41% من إجمالي الدعاوى (341 دعوى) خلال الأعوام الـ15 الماضية، تليها منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بعدد 181 دعوى، أو ما يمثّل 22%، مع استحواذ الكونغو الديمقراطية وزامبيا وحدهما على 75% منها.
وبلغ عدد الدعاوى في الكونغو الديمقراطية -أكبر منتج للكوبالت في العالم- 99 دعوى، فيما بلغ في زامبيا 36 دعوى، بحسب بيانات برنامج معادن انتقال الطاقة "Transition Minerals Tracker" التابع لمرصد الأعمال وحقوق الإنسان في لندن.
موضوعات متعلقة..
- هل انبعاثات السيارات الكهربائية أقل من التقليدية؟.. دراسة تكشف مفارقة أول عامين
- البصمة الكربونية لأصحاب السيارات الكهربائية أعلى من غيرهم.. الأغنياء محل اتهام (دراسة)
- هل يواجه عصر السيارات الكهربائية أفولًا مبكرًا؟.. الوعود الكبرى تتهاوى (تحقيق)
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: إنتاج النفط الأميركي يشهد مبالغات.. وهذه حقيقة خوف "لوك أويل" من ترمب
- قصة كنز غاز مشترك بين السعودية وإيران.. ماذا حدث في 20 عامًا؟
- أكثر الدول الأفريقية امتلاكًا لسعة الطاقة الشمسية العاملة.. هيمنة عربية (تقرير)
المصادر:
- نتائج اختبارات الإشعاعات المغناطيسية في السيارات الكهربائية من دراسة ألمانية.
- نتائج دراسة انبعاثات محطات الشحن الكهربائية من دراسة أميركية.
- خريطة الدعاوى القضائية ضد شركات المعادن النادرة من منظمة بريطانية.





